مقالات مختارة

كتب موفق محادين | حبيب الشرتوني.. قانون التاريخ

موفق محادين | كاتب ومحلل سياسي أردني

بين يدي كتاب صادر هذا العام تحت عنوان “قانون التاريخ لـ حبيب الشرتوني، وهو عبارة عن مجموعة مقالات وتعليقات سياسية سبق نشرها على موقعه الخاص كما جاء في المقدمة.

وقد وجدت من الملائم تقديم استعراض موجز لهذا الكتاب بالنظر إلى حجم الحدث الذي ارتبط بـالشرتوني، وهو اغتيال بشير الجميل فضلا عن حجم الحدث الذي سبقه بإيصال الجميل إلى رئاسة الجمهورية اللبنانية، بدعم دبابات العدو الصهيوني وتواطؤ الحكومة والبرلمان اللبناني آنذاك الممثلين لبرجوازية المصارف والكومبرادور وبقايا الإقطاع، في مشهد اجتماعي سياسي اختصره الشرتوني بالقول: “في لبنان يصبح الجزار بطلا والمجرم حكيما والعميل شهيدا والطائفي وطنيا والمقاوم إرهابيا”.

أولا، في السيرة الشخصية للشرتوني الذي بدأ حياته في صفوف الحزب السوري القومي الاجتماعي، نعرف أن جده كان مختارا لمنطقة رأس بيروت بالإضافة لعمله مع عائلته في تجارة الحرير، كما نعرف أن والده درس في كلية الطب في الجامعة الأمريكية وأن العائلة تنقلت بين مناطق مختلفة قبل أن تستقر في الأشرفية.

ثانيا، فيما يخص الحدث الذي ارتبط باغتيال بشير الجميل في 14 أيلول

  •  يؤكد الشرتوني مسؤووليته عن ذلك بالقول: “أنا حبيب الشرتوني، أقر وأنا بكامل أهليتي القانونية بأنني نفذت حكم الشعب بحق الخائن بشير الجميل وأنا لست نادما على ذلك، وأبشركم بأن هناك ألف حبيب لكل خائن عميل في بلادي”. صفحة 294
  • يعتبر قضيته قضية سياسية تخص سيادة كل لبنان واللبنانيين.
  • في الرد على اتهامه بالعمالة لسوريا يتساءل، إذا كنت عميلا لسوريا لماذا لم تفرج عني عندما كانت توصف بالآمر الناهي على غرار القوانين التي استصدرت فيما بعد للإفراج عن سمير جعجع.
  • كما يذكر في الصفحة 608 أنه، عند مقتل بشير الجميل قامت عائلة الجميل وحزب الكتائب باعتقال والد حبيب الشرتوني ومن بعد تعذيبه ثم إعدامه بالرصاص وقطع إصبع يده وإرساله إلى ابنته التي بدورها اعتقلت، أما والدة حبيب الشرتوني فقد تم إعدامها بإطلاق الرصاص عليها في منزلها في جل الديب.

ثالثا، يحفل كتاب الشرتوني بعشرات التعليقات المثيرة واللافتة للانتباه بانتظار تأكيدها أو التحفظ عليها أو نفيها من المتهمين فيها، مثل:

  1. اتفاق كميل شمعون مع الحكومة الأردنية عام 1964 لإعداد انقلاب يطيح بالرئيس فؤاد شهاب ويعيد شمعون للحكم. صفحة 481
  2. أن الدولة اللبنانية في أعقاب الاجتياح الإسرائيلي لجنوب لبنان 1978 هي التي أرسلت الرائد سعد حداد لتشكيل جيش لبنان الجنوبي لحماية الشريط الحدودي من عمليات المقاومة، وقد تولى أنطوان لحد هذه المهمة بعد وفاة حداد. صفحات 308 – 309
  3. إن اغتيال عدنان المالكي في سوريا تم على يد قوميين سوريين نفذوا أمرا صادرا عن رئيس الحزب، سواء كانت قيادة الحزب على علم بذلك أم لا. صفحة 329
  4. إن خالد علوان بطل عملية الويمبي ضد الاحتلال الصهيوني لم يستشهد لحظة العملية نفسها، بل هو كما يقول الشرتوني استشهاد غامض على يد عناصر من الحزب التقدمي الاشتراكي.
  5. إن الرئيس معوض لم يقتل لأنه ضد سوريا، بل لأنه يحتفظ بعلاقات تاريخية معروفة مع دمشق، وبدلا من أن تطالب عائلته بالتحقيق في اغتياله انضموا إلى قاتليه. صفحات 364 – 365.
  6. تعقيبات للشرتوني على العديد من العائلات والشخصيات اللبنانية، فـ باستثناء حزب الله والسيد حسن نصر الله (رجل مقاوم في الدين والسياسة والحرب من الطراز الرفيع، وضع حزبه في مقاومة العدو فيما كانت حركات إسلامية أخرى بدعم الولايات المتحدة تنخرط في تخريب مجتمعاتها)، يبدي الشرتوني تحفظات على الجميع.
    ومن ذلك بعد استعراضه لتاريخ آل جميل واستقرارهم في بكفيا في القرن السادس عشر، يستعرض الشرتوني مجموعة من الروايات حول أصولهم (مصر، قبيلة شمر النجدية ويهود اليمن) مرجحا الرواية الأخيرة. صفحات 474 – 480
    أما بالنسبة لمشيختهم والروايات حولها فيقول إنهم حصلوا عليها لدور ما من الأمراء الشهابيين عقب معركة عين داره. صفحة 480.
    ويواصل الشرتوني معركته ضد هذه العائلة بتوجيه اتهامات للرئيس أمين الجميل، منها علاقاته مع إسرائيل ومشاركته في خطف مئات الشباب اللبنانيين من بيروت بعد الاجتياح، وكذلك اتهامه بالضلوع مع جعجع في اغتيال رشيد كرامي. صفحة 247
  7. استعراضه لتحولات غسان وجبران تويني، انتقال الأول من الحزب السوري القومي إلى مؤسسة فورد فاونديشن الأمريكية، والثاني من ظلال الحزب التقدمي الاشتراكي عبر خاله مروان حمادة إلى الجبهة الانعزالية قبل تحالف الأخير مع هذه الجبهة. صفحات 339 – 340
  8. اعتقاده أن ما يحكم مواقف العائلة الجنبلاطية من كل القضايا اللبنانية، ذاكرة فخر الدين المعني والإمارة الدرزية على جبل لبنان كله.
  9. إشارة غير متداولة أو شائعة حول حضور مبكر للحريري في الحياة السياسية قبل اتفاق الطائف، وذلك عبر اتهامه بتجارة السلاح في لبنان وتزويد القوات اللبنانية بها. صفحة 377
  10. تحت عنوان قصة المخطوفين اللبنانيين في السجون السورية، يتساءل الشرتوني، لماذا لم يظهر أي موقوف سابق من الذين خرجوا من تلك السجون ويروي أمام العالم حقيقة توقيفه، ويضيف، ألم يسمع الرأي العام اللبناني أن هناك آلاف المفقودين والمخطوفين موجودون في 54 مقبرة جماعية قضوا بعد ايقافهم وإعدامهم في أقبية التعذيب عند القوات اللبنانية. صفحة 283
  11. فيما يخص قضية المرفأ، يتساءل الشرتوني، أليست الأمم المتحدة هي المسؤولة عن دخول أية مواد حربية أو شبه حربية، وذلك منذ عام 2006 وذلك وفق القرار 1701، وهو ما يضعها في دائرة الشك والاتهام أيضا. صفحة 677

رابعا، يسأل الشرتوني الذين يتهمون حزب الله بأنه حزب مسلح ومذهبي وله علاقة مع دولة خارجية هي إيران، ماذا عن أحزابكم، هل هي علمانية؟ ومن منكم ليست لديه علاقات خارجية؟ صفحة 265 – 266
وإذا كان سلاح حزب الله معروف للجميع وفي مواجهة التهديدات الإسرائيلية فإن أسلحتكم مكدسة في الأقبية للحرب الأهلية.

خامسا، كما يحفل كتاب الشرتوني بانتقادات شديدة للحزب السوري القومي نفسه ما بعد سعاده، وكيف نالته كل المظاهر البيروقراطية والفردية والفئوية التي نالت غيره، بالإضافة إلى أخطاء سياسية مكلفة خلال الصراع في سوريا أو لبنان، كما يتوقف بشكل خاص عند سيطرة البعد السياسي على الحزب مع انحسار البعد العقائدي وبوصلته، كما عند تخلي الحزب لغايات الترخيص في أكثر من ساحة عن مبدأ أساسي في عقيدته وهو العمل كحزب واحد موحد برنامجيا وتنظيميا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى