كتاب الموقع

كتب محمود بري | سعد الحريري: “كل شيء في وقته”!

محمود بري | كاتب وباحث لبناني
لماذا لم يعد سعد الحريري عن قرار انسحابه من الحياة السياسية…؟
السؤال يتجوّل على كل شفة ولسان في بلد يتمسك بأي قشّة في هذه العاصفة العاتية. فأن يعود الرجل يعني في اليقين العام عودة لبنان (بمعنى ما) من رحلة التّيه التي يتخبّط فيها.
فهل هذا صحيح…؟
يُشاع أن انسحاب سعد خارج السياسة اللبنانية كان لسبب وطني نبيل، على أساس ان الطرف الإقليمي الفاعل “عاقب” سعد على رفضه الانصياع لرغبة شريرة كانت تقتضي منه السير في مخطط تدميري خطير يستهدف البلد. وسواء كانت الشائعة صحيحة او لم تكن، فإن خروج سعد، أكسبه في السياسة ما لم يكن بوسعه ان يكسبه لو كان أذعن… بل ربما أنقذه من ضربة كانت ستقضي على زعامته من أساسها. فالزعيم الذي سبق له ان جرّب مركب الميليشيا، وغرق وحده دون حليفه الزئبقي، تعلّم الدرس وبات أكثر حذراً… وبالتالي أقل اندفاعاً للمغامرة من جديد في ان يجعل من نفسه وأنصاره عصا غليظة للآخرين، حتى لو كانت هذه إرادة حاضنته الإقليمية. وإن كان هذا صحيحاً فإن من اول واجبات أقوياء البلد اليوم احتضانه ورفعه على الاكتاف والمضي قدماً في تكريس زعامته والاعتماد عليها في سبيل إنزال البلد عن حبل المشنقة.
وهذا ما لم يحصل بعد… وكلمة أمين عام “حزب الله” الأخيرة التي لم تُشِر إليه ولو مداورة، تعني بطريقة او بأخرى أن الحل لم يأزف وقته حتى الآن. وهذا معنى قول سعد ” كل شي بوقته حلو”.
وإذا صحّ ما نقله موقع “أكسيوس” الإخباري الأميركي من أن “الخارجية الأميركية تدرس خيارات اعتراف محتمل بالدولة الفلسطينية”، فهذا، وفي أحسن الأحوال، لا يعني تحولاً حقيقياً في التفكير داخل إدارة الرئيس “جو بايدن”. فهذا كلام أميركي قديم ومكرر ولم يتخذ يوماً مساره إلى التحقيق. فالكذب كالرمل، يبدو ناعماً حين تتمدد عليه، وثقيلاً عندما تريد حمله. والرهان عليه لن يكون أكثر من المراهنة على أيدي الآخرين لالتقاط الأفاعي.
اما الحقيقة الوحيدة في هذه المتاهة فمؤداها أن اليوم هو يوم غزّة… ومعها الجنوب اللبناني. وما لم تتوقف رحلة الفتك الوحشي في جبهتيّ فلسطين ولبنان، فلن تنتهي رحلة التيه والدم والدمار في البلد المُسجّى بلا رئيس ولا جمهورية، ولن يُفتح باب السلام والأمن.
لذا، ومن دون أدنى شك، فكل النوبات العصبية لا تشكّل وجهات نظر.
إن المصدر الحقيقي للخطر واضح للعيان… والكل يعرف الدبّ، لكن الدّب لا يعرف أحداً. والرهان الحقيقي لا بد أن يُعقد على المقاومة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى