تقاريرمقالات مختارة

كتب د . علي عز الدين | التغريبة الفلسطينية :المتراس ما سقط ..

الدكتور علي عز الدين | كاتب وباحث لبناني

تروي قصة (معروف التايه)،من تأليف الكاتب المسرحي زياد كعوش والذي أهداها لروح والدته الراحلة ،قصة شخصيات متعددة ومتداخلة من صلب الحياة في فلسطين ابّان محاولة الإحتلال الإنكليزي السيطرة الكاملة ودعمه للعصابات الصهيونية التي أخذت كل ما أمكنها من سلاح متطور بالمقابل هناك البندقية القديمة التي يملكها المواطن الفلسطيني ،الذي ثار وقاوم ضد كل الدول الداعمة ،قاوم الطائرات بالفشكة،وصدّ أعتى الهجمات المتتالية بإرادة صاحب الأرض . عندما أغارت الطائرات الإنكليزية على معسكرات الثوار ودمّرت القرى تمهيداً لدخول عصابات الإجرام الصهيونية لطرد أهل الأرض وأصحابها ،سقط الإنسان نتيجة المذابح ولكن لم يسقط المتراس ،وها هو يعود من الشتات ،ومن الداخل ،ليبني متراسه و يقاوم وليعود إلى أرضه .. معروف المقاوم وإبن الشهيد ،حفيد الشهيد ،ما أورثه الأجداد للأحفاد ليس فقط مفاتيح العودة ،إنما البندقية التي قاومت الإنكليز ،عصابات الهاغاناه والآن الكيان الصهيوني المتهالك… لا نملك أي كلام يستطيع أن يصف ما قام به الفنان (وليد سعد الدين) ،عندما قدّم مونودراما معروف التايه ،وهو الممثل والمؤدي والمبدع بلعبة الصوت وحركة الجسد ،حيث استطاع أن يمتلك خشبة المسرح زهاء ساعة ونيّف ،بشخصياتٍ فاقت الثمانية ،وحوار ممزوج بالحنين ،الحميمية،الكوميديا ،الدراما ،الغناء أيضا ً….بساعة واحدة أخذنا مخرج العمل إلى حيفا،أحياء بلدة الشيخ،زلاغيط النسوة و مريم ام الجدايل ،والدة معروف التايه… برز التحكم بالصوتيات ،من مزج الموسيقى مع أصداء البنادق ،هدير الطائرات ،كلها كانت معزوفة بقطعة متوافقة ومترافقة مع نغمات صوت وليد سعد الدين،تنقّلت بالجمهور من القرية ،إلى المدينة ،من الفرح إلى الدموع ومن التائهين إلى العائدين… (انت تايه،انتِ تايهة،كلنا تايهين،كل واحد بعيد عن بلده تايه)،مشهد الختام والذي يحمل فيه معروف التايه بندقيته ،كوفيته والتي أصبحت رمز النضال ،رمز الثورة ،ويقرر أن يعود إلى بلاده عن طريق القتال … أستطيع أن أقارب مسألة امتلاك اي شعب للقوة ،للإرادة ،لجيش قوي و شعب مقاوم ضد العدوان ،ضد الأطماع ،هو وحده كفيل أن يكون شعباً يستحق الحياة كي لا تعاد قصة التائهين عن بلادهم بفعل الاحتلال الإسرائيلي الغاشم… من مسجد الصفصاف إلى مخيم عين الحلوة ،كانت مونودراما ساحرة ،أخّاذة ،تمتزج بها روايات القتال والمخيمات وأرقام وأشكال خيم المنظمات الدولية والتي لم يتغير دورها ،لم تمنع احتلالاً ولم ترد ظلما ً.. معروف التايه ووليد سعد الدين ،معروف التايه وكل من هو بعيد عن بلاده هو التايه….

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى