تحليلات و ابحاثكتاب الموقع

كتب حيّان نيّوف | هل تدخل أربيل اللعبة الكبرى ؟

حيّان نيّوف | كاتب وباحث سوري

“ثلاثة صواريخ كاتيوشا تسقط بالقرب من آبار ومصفاة للنفط تتبع لحكومة أربيل في شمال العراق” يبدو الخبر عاديا للوهلة الأولى ولا ينفصل عن الأحداث الدرامية التي يشهدها العراق والتي اعتاد العالم عليها منذ سنوات طويلة في هذا البلد .. غير أن المتابع لسير الأحداث لا يمكنه فصل الحادثة عن التصريحات الاخيرة لرئيس حكومة إقليم كردستان العراق “مسرور بارزاني” والتي أعلن فيها عن خطة أربيل في مجال الطاقة ( الغاز و النفط ) والتي تشمل تصدير الغاز إلى تركيا و منها أيضا إلى أوروبا : [ سنصبح مصدّرًا صافيًا للغاز لبقية العراق وتركيا وأوروبا في المستقبل القريب..نحن في كردستان لدينا القدرة الآن على تعويض بعض النقص في النفط في أوروبا، على الأقلّ، إذا استعد شركاؤنا في بغداد للعمل معنا ] بلا شك فإن تصريحات بارزاني وصل صداها إلى طهران وموسكو ، وأثارت حفيظة كل منهما في ظل ما يشهده العالم من حرب عسكرية دبلوماسية في “أوكرانيا و فيينا” تستخدم فيها الطاقة كأحد أهم الأسلحة في كلا المعركتين دبلوماسيا وعسكريا ، هذا بالإضافة إلى الجانب الجيوسياسي الاقتصادي الأخطر المتعلق بمرور خطوط الطاقة من الشرق إلى الغرب .. من هذا المنطلق يمكننا الاستنتاج أن أربيل اختارت الدخول على خط الصراع العالمي بتشجيع ودعم من الولايات المتحدة أولا ، ومن “إسرائيل” ثانيا والتي لم يعد خافيا ارتباطها بعلاقات وثيقة مع أربيل ومع برزاني نفسه وحزبه و دورها عبر رجال أعمال عدة في إنتاج النفط والغاز في شمال العراق ، وثالثا من تركيا التي على مايبدو أن ما طرحه البارزاني جرى تنسيقه معها خاصة بعد زيارة “هرتسوغ” لها وتصريحات أردوغان التي أعلن فيها أن ملف الغاز والطاقة شغل الحيز الأكبر من اللقاء مع “هرتسوغ”.. استنادا إلى ذلك يمكن القول إن الكاتيوشا التي سقطت بجوار آبار النفط في شمال العراق ليست سوى رسالة تحذير قد يتبعها رسائل ردع ، وهي تأتي عقب القصف الإيراني لمركز الموساد في أربيل والذي قيل في بعض التسريبات أنه استهدف مقرا لرجل أعمال مقرب من بارزاني ويرتبط بعلاقات وثيقة مع الكيان الصهيوني وينشط في مجال استثمارات الطاقة وكان يستخدمه عناصر الموساد الصهيوني ، وربما ليس من العبث أن تكون القذائف التي أطلقت من نوع “كاتيوشا” .. إن دخول أربيل على خط الصراع العالمي على الطاقة ، ومحاولة لعب دور يفوق حجمها في لعبة الشطرنج الكبرى سيكون له عواقب كبيرة على أربيل نفسها وعلى العراق أيضا ، وعلى المنطقة الممتدة من شرق الفرات إلى شمال العراق إلى شرق تركيا ، مما يجعلها منطقة مهيأة للتوتر مجددا وما يعنيه ذلك من انعكاسات ميدانية .. وإن مطالبة البرزاني لشركائه في بغداد بالاستعداد لهذا الأمر لا تنفصل ربما عن ما يجري التخطيط له مع كل من الحلبوسي “حليف الامارات” التي تسعى لخط تجاري يصلها بالعراق وتركيا ، ومع الصدر الذي يسعى لحكومة تجمعه مع الحلبوسي والبرازاني .. رسالة الكاتيوشا تؤكد أن محور المقاومة وحليفه الروسي يدرك تماما ما يعنيه دخول أربيل في اللعبة الكبرى إلى جانب الكيان الصهيوني وتركيا والولايات المتحدة ، وبالتأكيد فإن رده سيكون متسقاً مع حالة الهجوم التي انتقل إليها منذ مدة ..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى