كتاب الموقع

كتبت ليندا حمورة | رجل بالف قمة ، قصة رجل يحرك الأمة .

ليندا حمورة | كاتبة وباحثة لبنانية

ساعات قليلة تفصلنا عن إطلالة سماحته، ساعات يترقبها العالم بأجمعه، ودولًا بعظمتها. قد يكون الطريق إلى القدس بنظر البعض طويلًا، ولكن ساعات نعرف من خلالها خارطة الطريق. ستنتصر القبة الذهبية أمام تلك القبة الحديدية الفولاذية الحضارية، وسيعلم الذين ظلموا أطفال غزة أن على هذه الأرض من سيأخذ ثأرهم.
إخوتنا وأخواتنا في العالم العربي، لقد أثبت التاريخ أن الانتصار الحقيقي هو الذي يأتي فرديًا دون مساعدة أحد. نحن الشرقيون نتبع لذلك المثل الشهير: ‘ما بيحك جلدك إلا ظفرك.’ فكانت الحكمة والذكاء في السابع من تشرين الأول حين قرروا أبطال غزة تدمير وزعزعة قوة الكيان. ما دمّرته المقاومة الفلسطينية ليس تدميرًا عاديًا لجنود عاديين، بل إنها طحنت قوة صهيونية تعتبر الأقوى بين جيوش الكيان. فرقة غزّة هل تعرف ماذا تعني؟ مؤكد لا، لأننا العرب لا نمتلك المعلومات الحقيقية للأحداث، ونجهل ماذا تعني فرق الدعم والمساندة. لكننا لا نمتلك القدرة على الدفاع عن إخوتنا في فلسطين. كيف يمكننا أن نعرف ‘فرقة غزّة’ التي دربت بأقصى تدريب لتكون الحصن الحصين والفرقة الأقوى ونخبة النخبة المسؤولة عن حماية مستوطنات الكيان التي تعتبر الغلاف الأساسي لمدينة غزّة.

ماذا فعل أبطال المقاومة الفلسطينية؟ في السابع من تشرين الأول، قررت المقاومة الفلسطينية أن تغزو ذلك الفريق الصهيوني الذي بنظرهم لا يُهزم. كان رفاً من المقاومين يصل عددهم إلى الألف مقاوم، مثل الطيور التي تحلق في فضاء العزة والكرامة. تلك الطيور، بأجنحة مصنّعة يدوياً، غطت جيشًا يمتلك قدرات متطورة تسمح له برؤية الذبابة عن بعد. في مدة زمنية لا تتجاوز الثلاث ساعات، هبطت على ‘فرقة غزّة’ وسحقتها وشلت قدراتها بالكامل. حدث شلل غير مسبوق، ولكنه حصل فعلاً. وتدحرجت تداعياته على المستوطنات التي تحيط مدينة غزة. رأينا المستوطنين الجبناء كيف فروا من مستوطناتهم، هاربين كالفئران، غير آبهين بتلك البيوت المصنّعة تحت اسم مستعمرات. فريقهم القوي تحطّم، فوجدوا أنفسهم عراة أمام أصحاب الأرض المقاومين. كيف يمكن لكائنات هشّة نشأت على الدلال والوجبات السريعة أن تواجه أصحاب الحق المقاومين الذين يحملون أكفانهم على أكفهم ولا يبالون بفكرة الاستشهاد، إذ يريدون فقط استعادة حقهم الشرعي الذي سلبته منهم الصهيونية اللقيطة.
نتيجة للوعي التاريخي الأوروبي بخصوص “إسرائيل”. قيام دولة “إسرائيل” كان وما زال شكلاً من أشكال الهجوم الإمبريالي الأوروبي، الذي تكرر في الجزائر وجنوب أفريقيا وروديسيا، حيث حدثت حركات استيطان مماثلة. مع التغيرات في المشهد الدولي وتعزيز حقوق الشعوب في السيادة على أراضيها المستولاة من القوى الأوروبية الظافرة، أصبحت النظرة العربية إلى “الظاهرة الإسرائيلية” ظاهرة عابرة. لقد غزت العديد من الغزوات عالمنا العربي على مر التاريخ، وبعضها كان عابرًا. ولكن الأثر الذي خلفته قيام دولة “إسرائيل” لم يكن بالأمر السهل على صيغ التصورات المختلفة والنظم الإدراكية فيما يتعلق بالشرق الأدنى. هل كانت قيام “إسرائيل” على الإطلاق في صلب الديانة؟ بالاعتماد على الذاكرة الجماعية اليهودية؟ ظاهرة طبيعية جدًا وشبه بيولوجية.

الساحات العربية في ظل طوفان الأقصى.
تلك العملية النوعية التي شلت عزيمة الكيان وكبّدته خسائرًا فادحة، كان لها واقعًا هستيريًا على جيوش الكيان وعلى المستوطنين الذين باتوا يعيشون في رعب دائم. ناهينا عن الاقتصاد الإسرائيلي الذي انهار بشكل مفاجئ إنهيارًا لم يشهده من قبل. كل هذا جعل تلك الجيوش الشرسة فطريًا تزيد من حدة شراستها وتُبيد المواطنين العزل وهم في منازلهم نيام. وكان هذا على مرأى ومسمع زعماؤنا العرب الذين لم يحركوا ساكنًا ولم يطالبوا بوقف العدوان على أهالي غزة، باستثناء لبنان الذي لطالما كان وما زال داعمًا للقضية الفلسطينية والحاضن الرئيسي لحاملي الجنسية الفلسطينية. وما تشهده الجبهة الجنوبية من لبنان هو خير دليل على قيمة فلسطين وقدسيتها، التي باتت الطريق إليها قريبة جدًا. ولا ننسى أخوتنا في العراق الذين يحاربون من أجل قضية فلسطين وأطفال غزة، والمقاتلين في اليمن الشقيق الذين علت صيحاتهم تلك المشاهد المؤلمة لأطفال غزة. يبقى السؤال: هل ستتحرك باقي الدول العربية لإنقاذ ما تبقى من غزة؟

رجل بألف قمة، وقمة برجلٍ واحد…
شاء من شاء وأبى من أبى في وطننا رجلاً يتحدث فيفعل. اليوم قد يكون يومًا غير عاديًا بالنسبة للشرق الأوسط. اليوم، وعند الساعة الثالثة تمامًا، سنستحضر معًا ونحن في حضرة السيد نخوة العروبة وعزتها، سنستحضر في حضرته تعمق أمتنا وتقزمها، معه سنلامس عمق الجراح ونبلسمها، وسنستنير على حلكة الواقع وسنستشرف، وسنسدد الطلقة الواثقة نحو لعنة القوم وسنريدها، وسنحمل البوصلة نحو فلسطين معه، حتماً سيوصينا أن لا تضيع ونضيع معها، فليطمئن الجميع نحن شعب لا يقهر ومقاومون بالفطرة، لن تضيع لنا بوصلة ما دام على هذه الأرض مقاوم شريف يحمل بندقيته ويصوبها نحو الهدف الصائب…
إليك يا فلسطين، إلى شهدائك الأبرار، إلى أرضك المقدسة، قضيتك قضيتنا، لن يشق لنا غبار، ولن نزيح عن أرض الدفاع، فالنصر موعدنا، والقدس موئلنا، وفلسطين عروبتنا وعزتنا وضمائرنا .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى