اخبار عربيه و دوليه

د . احمد الدرزي : ” الاحتلال الأمريكي للعراق يستهدف إبطال المشروع الآسيوي في أذرعه الثلاث ” .

اكد المحلل السياسي السوري احمد الدرزي: ان الاحتلال الأمريكي للعراق تم لإبطال المشروع الآسيوي في أذرعه الثلاث” مبادرة الحزام والطريق والمشروع الأوراسي ومشروع محور المقاومة”.

وفي حوار خاص مع “شفقنا العربي” علق الدرزي على بقاء القوات الامريكية في العراق والقصف الامريكي الذي استهدف قوات الحشد الشعبي على الشريط الحدودي بين العراق و سوريا ولفت الى ان بقاء القوات الامريكية في العراق وسوريا يمنع إنجاز المشروع الآسيوي، كون الولايات المتحدة الامريكية تستند في بقائها إلى كتل وقوى سياسية حليفة لها، أو لم تحسم أمرها، ومازالت مترددة بسبب نظام المحاصصة السياسي الذي أتاح لها نهب مقدرات العراق، ومن هنا تأتي العمليات العسكرية التي يقوم بها خاصة على الحدود العراقية السورية رغم قرار البرلمان العراقي الذي اتخذ قراراً بخروجها، لكن السلطة التنفيذية التي تتلاعب على كل الأطراف يهمها بقاء الاحتلال الأمريكي لاستمرار مصالحها، ولا يمك الركون للقرار ولا للحكومة العراقية، ولا خيار إلا بتفعيل عمليات المقاومة للاحتلال وفرض خروجه من دون شروط.

*الدول العربية انقلبت على دمشق وفقا للدور الوظيفي لصالح الولايات المتحدة

وحول رغبة الدول العربية في اعادة علاقاتها مع دمشق اكد الدرزي: تنطلق دمشق في علاقتها مع الدول العربية انطلاقاً حساباتها الخاصة ، ورؤيتها لمستقبلها ومستقبل المنطقة، فهي تتعامل بعقلانية مع المواقف العربية التي تسببت لها بهذه الكارثة، التي لم تشهد لها مثيل منذ أن عرفت تدوين تاريخها منذ أكثر من خمسة آلاف عام، وهي تدرك بأن هذه الدول لابد لها من أن تتعاطى مع سوريا وفق متغيرات الميدان، الذي أثبت أرجحية كفة محور المقاومة، الذي استطاع أن يقلب المعادلة في سوريا والعراق واليمن وفلسطين ولبنان.

الأمر الآخر الذي تدركه دمشق أن هذه الدول لم تنقلب على دمشق من تلقاء نفسها، بل من طبيعة الدور الوظيفي الذي تؤديه لصالح الولايات المتحدة وأوامرها، والآن فإن الدولة العميقة فيها تصارع من أجل البقاء على سدة القطب العالمي الوحيد، بينما واقع الحال يدل على وجود انكفاء واضح لها، وصعود قوى دولية “الصين وروسيا”،وقوى إقليمية “إيران وتركيا”، وكل هذه الظروف دفعت بالدول العربية لإعادة التفكير في احتواء دمشق من خلال عودة سوريا إلى الجامعة العربية، ومواجهة كل من دور إيران في المنطقة ككل وفِي سوريا، وتهديدات تركيا لها في سوريا والعراق وليبيا، ولكن دمشق التي ستعود إلى الجامعة العربية، لن تعود إلا وفق شروطها باستمرار انتمائها لمحور المقاومة.

و فيما يتعلق بمنافسة كثير من الشركات الاجنبية للمشاركة في الاتفاقيات التجارية مع سوريا و المشاركة في اعادة بنائها و في المقابل اولويات الحكومة السورية في هذا المجال قال الخبير السياسي السوري: المشكلة التي وقعت بها سوريا هي بطبيعة الحجم الكبير للاحتياجات ومتطلبات إعادة الإعمار، والدراسات الأولية تشير إلى ما يقارب 400 مليار دولار، بالإضافة لمشكلة استعادة بقية المناطق المحتلة في الشمال السوري من قبل تركيا والولايات المتحدة، حيث تتركز الثروات السورية، والموقف السوري واضح تجاه خياراتها بإعادة البناء والإعمار للدول التي ساهمت بالحفاظ عليها سياسياً وعسكرياً، لكن السؤال الذي يطرح نفسه واقعياً إذا لم تخرج إيران وروسيا من إطار العقوبات، هل لديها القدرات المالية للمساهمة في إعادة الإعمار؟

لا شك أن الأولوية هي للشركات الصديقة في محور المقاومة إذا كانت لديها الإمكانية على تغطية الإستثمارات، وقد يكون هناك دور للصين في ذلك إذا ما تغيرت بيئة العمل الاقتصادي والتشريعات التي من المفترض أن تقوم بها دمشق.

وفيما يخص برامج الحكومة السورية لمعالجة المشاكل التي تعاني منها سوريا بما فيه تراجع سعر الليرة والبطالة و الفقر اوضح: الخطة القادمة ما بعد خطاب القسم تعتمد على إنعاش الاقتصاد السوري كأولوية مطلقة، وهي تضع في الحسبان احتمالية بقاء ظروف الحصار والعقوبات والاحتلالات، وبالتالي التوجه نحو إدارة ما تبقى من الموارد القليلة بيد الدولة السورية بمردود أعلى، وضبط الفساد المستشري في بنية الدولة السورية إلى الحدود الممكنة بما يخفف من آلام الناس بعض الشيء، أما في حال العودة للاتفاق النووي وما يمكن أن يشهد من انفراجات مقبولة، فإن الخطة الاقتصادية ستختلف، وواقع الحال يشير بأن الانفراجات الاقتصادية لا يمكن أن تتم إلا بالتوجه شرقاً ونزع العقوبات عنها، وتدفق الاستثمارات العربية وفق الشروط السورية، التي تؤكد على استمرار العلاقة الاستراتيجية بين سوريا وإيران، وقد تقدمت الدول العربية من قبل بتعهد لمساعدة سوريا في إعادة إعمارها مقابل الخروج من علاقاتها مع إيران وقوى المقاومة، فكان الرفض هو جواب دمشق.

وفي جانب اخر من الحوار استعرض الخبير السياسي السوري العقبات التي تعترض تعزيز العلاقات بين سوريا و لبنان قائلا: تعود العقبات المانعة من عودة العلاقات الاقتصادية بين لبنان وسورية لوجود انقسام حاد في المجتمع اللبناني بين الموالين للغرب، وبين العاملين على عودة لبنان إلى سياقه التاريخي الطبيعي بالانتماء للمشرق العربي، وخاصةً سوريا، ولا يمكننا أن ننسى دور العامل الإسرائيلي ومعه دولاً عربية وازنة اقتصادياً وسكانياً في دعم التيار المراهن على انفصال لبنان عن محيطه الإقليمي الطبيعي، وأعتقد بأن طبيعة الأزمة اللبنانية، وفقدان لبنان للدور الوظيفي لدى صانعيه الغربيين، سيدفعان باتجاه غلبة رؤية العودة إلى البيئة الإقليمية الطبيعية، خاصةً مع سوريا التي يعتبرها الجزء المنتصر في لبنان بمثابة الامتداد الطبيعي له، مقابل التخلي الغربي الواضح عنه وتركه لمصيره بالانهيار.

*احتمالات الملف النووي الايراني

وكان الملف النووي الايراني ضمن القضايا التي تطرقنا اليها في الحوار حيث قال احمد الدرزي مازلنا أمامنا خيارين يتعلقان بالاتفاق النووي،الأول هو نجاح العودة للاتفاق من دون ربطه بملفي الصواريخ الدقيقة، والنفوذ الإيراني في المنطقة وفقاً للمصطلح الأمريكي ومن يدور في فلكه، فإن الانعكاس سيكون سريعاً ومباشراً على الداخل الإيراني، خاصةً من الناحية الاقتصادية، وسيعزز من نجاح الرؤية الإيرانية ونظرتها للمنطقة، ما يجعلها لأبنائها بعد الانسحاب الأمريكي منها، أو الانكفاء بالحد الأدنى، واستمرار انهيار الدور الوظيفي الإسرائيلي.

أما في حالة عدم التوصل للعودة إلى الاتفاق، وهو احتمال كبير إذا ما أصرت الإدارة الأمريكية على ربط الملفين الذي ذكرتهما، فإن ذلك سيدفع إيران أكثر وأكثر نحو تمتين الروابط مع روسيا والصين وبقية الدول المعارضة للسياسات الأمريكية، والذهاب نحو توقيع مجلس الشورى الإيراني لتوقيع اتفاق التعاون مع الصين، وربط المنظومة الاقتصادية والسياسية الإيرانية ضمن المشروع الآسيوي الناهض كشريك كبير ووازن وكامل الصلاحية، بدون المس بالنزعة الاستقلالية، وهو الأسلم على المدى البعيد لإيران، وإن كانت نتائج ذلك ستتأخر بعض الوقت.

*منطلقات تغيير النظرة السعودية تجاه المنطقة

وبخصوص تغيير اللهجة السعودية تجاه ايران واستعداد العراق للوساطة بين الرياض وطهران اوضح الخبير السوري:  تغيرت النظرة السعودية إلى المنطقة وجمدت عملية التطبيع مع الكيان الصهيوني، انطلاقاً من أربعة مسائل أساسية:

الأولى فشل المراهنة على بقاء دونالد ترامب في الإدارة الأمريكية

الثانية فتتعلق بمجيء إدارة أمريكية جديدة ورؤيتها المختلفة عن ترامب لدور المملكة.

الثالثة تتعلق بتراجع وانكفاء الولايات المتحدة وبروز دور الصين وروسيا في المنطقة، خاصة بعد الدخول الروسي العسكري المتآزر مع إيران في سوريا، وقدرتهما على قلب المشهد السوري.

الرابعة وهي الأهم ترتبط بصعود محور المقاومة وهو ما دفعها للتفكير بإعادة تموضعها خشية تداعيات العودة المُحتملة للاتفاق النووي.

وسلط احمد الدرزي في جانب اخر من الحوار الضوء على الشأن الفلسطيني والانجازات التي حققتها المقاومة الفلسطينية في مواجهة الكيان الصهيوني خاصة خلال عمليات سيف القدس وقال: بالأساس هذا الكيان تشكل بدواعي وظيفية تخدم الغرب بمجموعة من الأهداف، وهناك تعبير متداول يؤكد بأنه جيش تم بناء دولة له، أو مصطلح قاعدة عسكرية متقدمة، أو مخفر له في المنطقة، ومنذ أن بدأت إنجازات محور المقاومة في جنوب لبنان بعد حرب عناقيد الغضب 1996، بدأ هذا الكيان بعملية تآكل الدور الوظيفي، ثم تتابعت الإنكسارات المتتابعة بالإنسحاب بدون شروط، وهزيمة حرب تموز وهزائم غزة المتتالية، إلى أن وصلنا إلى معركة سيف القدس، والتحام القوى الفلسطينة في الضفة والأراضي المحتلة عام 1948 وغزة، ومبادرة قوى المقاومة في غزوة لأول مرة بالبدء بالهجوم الصاروخي الشامل لكل الأراضي الفلسطينية المحتلة، وعجز الاحتلال عن فرض شروطه.

كل ذلك دفع لرفع سوية هواجس المجتمع الصهيوني وقلقه من مستقبل بقائه في دولة غير قادرة على حماية مواطنيها القلقين أصلاً بإمكانية بقائهم في دولة مستقبلها غامض ضمن بيئة إقليمية شعبية رافضة لها بحكم طبيعة تشكلها واستمرار تهديداتها، وكل ذلك دفع بالقيادات السياسية الغربية وقواه المدنية للبدء بمراجعة خياراتها تجاه مشروعها الذي أصبحت أعباءه أكبر بكثير من أرباحه، وخاصةً أن قوى محور المقاومة أثبتت أنها هي التي تتقدم في الإقليم، وتفرض على الغرب خياراتها.

وتعليقا على عمليات سيف القدس التي كشفت عن هشاشة القدرات الامنية والعسكرية للكيان الصهيوني قال:  بالأساس المجتمع الإسرائيلي قلق تجاه إمكانية بقائه واستمراره، ولذلك تعقد نخبته السياسية والعسكرية والأمنية ومفكريه مؤتمرهرتسيليا سنوياً، للتباحث في طبيعة التهديدات الوجودية المحدقة به من قبل بيئة معادية ورافضة لبقائه، وغير قابلة لإدماجه بالإقليم، كما أن امتلك كل الإسرائيليين لجنسية بديلة للجنسية الإسرائيلية تدلل على حجم القلق المتجذر، وقد بدأ هذا الأمر بالبروز من عام 2018 ،بعد أن أكدت الإحصائيات الإسرائيلية بأن عدد المغادرين للكيان أكبر من المهاجرين له ولأول مرة، ونقطة ضعف هذا الكيان هي بداخله التي كان يغطيها بقدرته على حمايته بقدرة الردع العسكرية الخارجية، أما وقد استطاعت المقاومة الفلسطينية بصواريخها التي أرهقت المجتمع الإسرائيلي، وأخرجته من وهم قدرة جيشه بالدفاع عنه بقبته الحديدية ومنظومات الباتريوت، ما دفع بإظهار هشاشة بنيانه الاجتماعي الذي تشكل بوجود لاصق أمني مزيف بين مكوناته الآتية من أصقاع الأرض، وكل ذلك سيدفع بظهور التباينات الحقيقية فيما بينها بانقسامات عمودية قد تتحول إلى حرب أهلية على المستوى الأفقي ليبعثره، واستمرار عمل المقاومة والمحور بتقدمه المستمر كفيل بذلك.

– الحوار من ليلا.م.ف

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى