تقارير

التصدّي للتطبيع تربويًا: خطوة من بيروت فهل تُؤسّس لمنهج دائم؟

لطيفة الحسيني

تصوير: موسى الحسيني

موجةُ التطبيع الجارفة في العالم العربي، والتي تُسابق الرياح العاتية في سُرعتها، أضحت تحدّيًا لا يُمكن إغفال مواجهته. الأنظمة العربية المُتخاذلة في وادٍ والشعوب في وادٍ آخر. قد تكون معاهدتا الذلّ اللتان وقّعتهما مصر والأردن مع كيان العدو مثالًا حيًا على رفض التعايش مع أعداء الأمة. قدر الشعوب المستضعفة مقاومة ورفض منطق الخيانة وخذلان القضية المركزية للأمة الاسلامية: فلسطين.

ما يجري اذًا يُحتمّ التحرّك. مواجهة كلّ قطار التطبيع والأهمّ ألّا ينسحب “منطقُه” وأدبيّاته على الأجيال الناشئة. من أجل ذلك، انبرى مركز الأبحاث والدراسات التربوية في بيروت لتنظيم مؤتمر إسلامي عربي لمناهضة التطبيع التربوي.

المؤتمر الذي يرعاه وزير الثقافة اللبنانية القاضي محمد المرتضى سينطلق الأسبوع المقبل في بيروت حضوريًا والكترونيًا، بالتعاون مع اتحاد المعلمين العرب وبمشاركة لفيفٍ من الأكاديميين من مُختلف الجنسيات العربية والهويات الإسلامية. هؤلاء سيُناقشون دور المؤسّسات التربوية والأكاديمية في مناهضة التطبيع وأهمية البحث العلمي لتحقيق هذا الهدف وأين هو الإعلام من هذا كلّه.

المدير العام لمركز الأبحاث والدراسات التربوية الدكتور عبد الله قصير تحدّث لموقع “العهد الإخباري” عن دلالة المؤتمر المُرتقب في ظلّ السياسات المتّبعة في بعض دول الخليج وشمال إفريقيا مع اتّساع رُقعة التطبيع، ولماذا هذا المركز بالتحديد يتصدّى للمهمّة؟

 

التصدّي للتطبيع تربويًا: خطوة من بيروت فهل تُؤسّس لمنهج دائم؟

 

يقول د. قصير إن “المركز دخل عامه الثامن بعد أن تأسّس عام 2013 وفكرته تقوم على تأصيل البرامج التربوية والفكر الإسلامي”، ويوضح أن “عشرين إصدارًا بات في عهدة المركز حتى الآن ككتب متنوّعة في الفكر والأساليب التربوية وربط التربية بالقيم الإسلامية والقرآن الكريم وفكر آية الله العظمى الإمام السيد علي الخامنئي”، ويُبيّن أن “للمركز أيضًا مجلة دورية تصدر كلّ ستة أشهر وهي الوحيدة في لبنان التي تُعالج الفكر التربوي. والمركز مؤلّف من 3 مديريات حيوية وناشطة وهي “الأبحاث العلمية والنظرية” و”الدراسات الميدانية” و”تطوير المناهج” وكلّها تضمّ نحو 60 كادرًا أكاديميًا وحوزويًا”.

بحسب د. قصير، التحضير للمؤتمر المقبل يعود الى أكثر من سنة، منذ أن بدأت أجواء التطبيع بالظهور في الدول العربية وغير العربية، فالعدوّ الاسرائيلي يُحاول أن يلتفّ على عُزلته ومُقاومة الشعوب العربية له من خلال فتح بوابات نفوذ وتسلُّل عبر الحكومات. سابقًا حصل في الأردن ومصر، واليوم ينتشر باتجاه الخليج وشمال إفريقيا”.

ويشير د. قصير في حديثه لـ”العهد” الى أن “المركز يعتبر نفسه معنيًّا بمواجهة هذا المسار حتى يضيء على فداحته من زاوية تربوية”، ويشدّد على أن “هناك خطورة قصوى في التطبيع التربوي الذي يجري بطريقة هادئة وناعمة ومن دون ضجيج، وجسامتها أنها تؤثّر على صناعة الأجيال القادمة وهويّتها الوطنية، خاصة أن التربية تُساهم في صناعة مستقبل المجتمعات”.

وينبّه الى أن “المناهج التربوية باتت تحت سيطرة الحكومات المطبّعة، وهو ما يفرض علينا مُجابهة هذا التوجه ومنعه من خرق البرامج المتّبعة في الدول العربية والاسلامية”.

 

التصدّي للتطبيع تربويًا: خطوة من بيروت فهل تُؤسّس لمنهج دائم؟

 

وعن قيمة المؤتمر، يؤكد د. قصير أنه “إسلامي وعربي ولا يقتصر على الساحة اللبنانية دفاعًا عن الشعوب”، ويُحمّل هنا مسؤولية ما يجري “للنخب الثقافية والتربوية التي يجب أن تقف في وجه الحكومات ومحاولة تشويه صورة المناهج التربوية في هذه الدول لتعويض هذا التواطؤ من خلال بثّ روح المقاومة ونبذ التطبيع”.

وفق د. قصير، “هناك شخصيات تربوية أكاديمية ستُشارك في المؤتمر كمُحاضرين رئيسيين من تونس والجزائر وإيران ولبنان والبحرين والعراق وسوريا، وذلك بالتعاون مع اتحاد المعلمين العرب، نظرًا لدورهم الأساسي في حماية البرامج والمناهج من موجة التطبيع”.

ويخلص د. قصير الى أن “الأساتذة والنخب والباحثين والأكاديميين أساس مصدر المعرفة للطلاب في المرحلتيْن الثانوية والمتوسطة لذلك يُعوّل اليوم عليهم فهم يُدخلون مفهوم مواجهة التطبيع ويستحضرون فلسطين كقضية محقّة ومركزية للعرب والمسلمين”.

 

العهد الاخباري

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى