اخبار لبنان

كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله (كاملة)

باسمه تعالى
3/1/2024

كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الل في الذكرى السنوية الرابعة لاستشهاد القائدين اللواء قاسم سليماني والحاج أبي مهدي المهندس ورفاقهما

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد الله ربّ العالمين، ‏والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا خاتم النبيين أبي القاسم محمد بن عبد الله وعلى آله ‏الطيبين الطاهرين وصحبه الأخيار المنتجبين وعلى جميع الأنبياء والمرسلين. ‏
السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته.
يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه المجيد بسم الله الرحمن الرحيم “إِن تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ”، الآن عندما ‏نسمع هذه الآيات منذ 1400 سنة الآن عينها تطبيقها بحياتنا ببلداننا بشعوبنا بمنطقتنا، “إِن تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُواْ قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِن قَبْلُ وَيَتَوَلَّواْ وَّهُمْ فَرِحُونَ، قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ، قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلاَّ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَن يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِّنْ عِندِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُواْ إِنَّا مَعَكُم مُّتَرَبِّصُونَ”.
ويقول تعالى: ” وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ ۖ إِن تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ ۖ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا ” صدق ‏الله العلي العظيم.‏
في هذا اللقاء المبارك كلمتي فيها مقاطع، المقطع الأول أسميه المقطع الأخلاقي يعني التعازي والتبريكات ‏وبعض كلمات المواساة، المقطع الثاني له علاقة بأصحاب المناسبة، المقطع الثالث له علاقة بالمعركة القائمة اليوم ‏في غزة وفلسطين والمنطقة، والمقطع الأخير هو الجزء اللبناني، المعركة في لبنان ومن لبنان وعلى لبنان ‏والإعتداء الأخير في الضاحية الجنوبية. ‏
أولاً: يجب أن نُجدد تبريكنا وتعازينا بشهادة أصحاب المناسبة في هذا اليوم، الشهيد القائد الكبير الحاج قاسم ‏سليماني ورفاقه من الشهداء الإيرانيين الذين كانوا معه واستشهدوا معه في بغداد والشهيد القائد الكبير الحاج ‏أبو مهدي المهندس وإخوانه ورفاقه من الإخوة العراقيين الذين استشهدوا معه أيضاً على طريق المطار في ‏بغداد، لِعائلاتهم جميعاً، لِعائلاتهم الشريفة نُجدد من لبنان تعازينا وتبريكنا، تعزينا لفقد الأحبة والأعزة وتبريكنا لحصولهم على ‏هذا الوسام الإلهي الرفيع، ما له صلة أيضاً بالمناسبة ما حصل اليوم في جوار المرقد الطاهر للشهيد القائد ‏الحاج قاسم سليماني في مدينة كرمان واستهداف الذين يزورون ويُحيون هذه المناسبة من الرجال والنساء ‏والأطفال حيث قضى عدد كبير من الشهداء، يعني بآخر متابعة لي تجاوز العدد الثمانين شهيداً وأكثر من ‏مئة وستين جريحاً، أيضاً نتوجه إلى عائلاتهم جميعاً بالعزاء، هؤلاء شهداء نفس الطريق نفس القضية نفس ‏المعركة التي كان يقودها القائد الحاج قاسم سليماني.‏
في أيامنا تختلط الأفراح بالأحزان ولكن هكذا عشنا وهكذا نبقى نعيش، نُبارك للمسيحيين والمسلمين جميعاً ‏ولللبنانيين خصوصاً عيد ميلاد السيد المسيح عليه السلام، الذي نرى إن شاء الله في عودته إلى هذه الدنيا ‏بشارة الخلاص لكل المظلومين والمستضعفين والمعذبين والمقهورين في هذا العالم، وأيضاً نُبارك للجميع ‏بداية العام الميلادي الجديد ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يُعين الجميع ليتغلبوا على تحديات الحياة المتنوعة ‏الأمنية والسياسية والإقتصادية والمعيشية والحياتية، وأن يقضوا هذا العام أفضل مما كانت عليه الأعوام ‏السابقة، أيضاً أُبارك لكل المسلمين والمسلمات وخصوصاً لكل السيدات في أمتنا مولد السيدة الزهراء عليها ‏السلام فاطمة بضعة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ابنة سيد الرسل والتي كانت وبقيت وستبقى سيدة ‏نساء العالمين وسيدة نساء أهل الجنة.
ونعود للتعازي، يجب أن أتوجه بالتعزية لمناسبة فقداننا لأخٍ حبيبٍ ‏وعزيزٍ وقائدٍ من جيل المؤسسين في مسيرتنا المباركة، فقيد الجهاد والمقاومة والمسيرة الإيمانية الجهادية ‏الحاج محمد ياغي الحاج أبو سليم، إلى عائلته الكريمة والشريفة فرداً فرداً، إلى كل إخواننا وأخواتنا ‏وخصوصاً إلى أهلنا في البقاع، حيث أمضى جُل عمره الشريف في خدمتهم، يجب أن أُلفت هنا أنه ‏باعتبار أننا في حزب الله سنُقيم إن شاء الله حفلاً يوم الجمعة بعد الظهر، وأنا سأكون إذا الله سبحانه وتعالى أبقاني ‏على قيد الحياة في خدمة الأخوة والأخوات وسأتكلم، وبالتالي هذا سيساعدني على تقسيم الموضوعات التي ‏كنت أود أن أتحدث عنها اليوم حتى لا أطيل عليكم كثيراً، فبعض الموضوعات سوف أقوم بتأجيلها إلى خطاب الجمعة، ‏يعني التي كنت أود أن أتحدث عنها بعد هذه الغيبة، التي تركنا فيها الكلمة للميدان، سوف أرجع لأقسمهم بين اليوم وبين ‏الجمعة إن شاء الله.
يجب أيضاً أن أتوجه بالتبريك والتعزية بشهادة الأخ القائد العميد السيد رضي الموسوي ‏الذي استشهد قبل أيام في دمشق بغارة صهيونية، هذا الشهيد العزيز القائد المجاهد التقي الرضي عرفناه أكثر ‏من ثلاثين عاما، كان معنا مجاهدا ومعينا ومساعدا ومسددا ومؤيدا، وكان يُحب أن يقال له أنه خادم هذه ‏المقاومة وخادم هذه المسيرة.
نتوجه بالتعزية والتبريك إلى إمامنا القائد السيد الخامنئي دام ظله، إلى عائلته ‏الشريفة، إلى الإخوة الأعزاء في قيادة حرس الثورة الإسلامية في إيران، إلى الشعب الإيراني العزيز المُضحي ‏والذي يُقدم الشهداء، لم يتوقف عن تقديم الشهداء منذ انطلاقة ثورته في بداية الستينات في القرن الماضي إلى ‏اليوم.
نصل إلى حادثتنا الأخيرة، حيث نتوجه بالتبريك والتعزية بأخينا الحبيب والعزيز القائد الكبير الشيخ ‏صالح نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس ورفاقه القادة والكوادر في القسام وفي حماس، الذين ‏استشهدوا في الأمس في عدوان إسرائيلي فاضح على الضاحية الجنوبية لبيروت، في ليلة استشهاد القادة ‏الحاج قاسم والحاج أبو مهدي، أتوجه للأخ الكبير رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الأخ إسماعيل هنية ‏ولكل إخواني في قيادة حماس وقيادة القسام وفصائل المقاومة الفلسطينية والشعب الفلسطيني والعائلة ‏الشريفة للشيخ صالح والعائلات الشريفة لكل الشهداء الذين كانوا معه واستشهدوا معه بالتعزية والتبريك ‏والدعاء لهم بالصبر والتوكل وهم أبدوا ذلك وأبدوا ذلك، وأن يتغمد كل هؤلاء الشهداء برحمته الواسعة إن ‏شاء الله، أنا سأعود في سياق الكلمة في المقطع الأخير إلى حادثة الإغتيال والإستشهاد، طبعا الشيخ صالح ‏هذا القائد الجهادي الكبير الذي أمضى شبابه وعمره منذ أن كان فتى صغيراً إلى ليلة الإستشهاد في الجهاد والمقاومة ‏والعمل والقتال والأسر والهجرة والجهاد، وختم الله سبحانه وتعالى له بهذه العاقبة الحسنة بهذه الشهادة ‏العظيمة، أنا أذكر عندما استشهد مولانا السيد عباس رحمة الله عليه البرقية التي أرسلها سماحة الإمام ‏الخامنئي دام ظله قال: إن من أعظم ما يمكن أن يتمناه الإنسان أو من أشرف ما يمكن أن يحصل عليه ‏الإنسان أن يكون موته قتلاً وعلى يد من؟ على يد قتلة الأنبياء وهذا هو حال شهدائنا في هذه الأيام، أيضاً في ‏هذا المقطع الأخلاقي يجب أن أتوجه مجددا لِنُعزي بكل الشهداء ونبارك لكل الشهداء من غزة المدنيين ‏النساء الأطفال الصغار الكبار والمقاتلين المقاومين البواسل الأشداء، إلى الضفة الغربية، إلى شهداء العراق ‏الذين استشهدوا بفعل العدوان الأميركي على مجاهدي المقاومة الإسلامية في العراق، إلى سوريا الشهداء ‏العسكريين والمدنيين الذين أيضاً يُستشهدون بالقصف الإسرائيلي في حاضنة المقاومة في سوريا، إلى اليمن ‏إلى شهداء البحر وما أدراك ما عظمة ودرجة شهداء البحر عند الله سبحانه وتعالى، إلى شهدائنا في لبنان ‏شهداء المقاومة بكل فصائلها، شهداء الجيش اللبناني والمدنيين وكل الجرحى، لكل هؤلاء الشهداء الذين مضوا ‏على طريق القدس، لكل عائلاتهم الشريفة التي تُعبّر عن ثباتها وقوتها وصلابتها وإيمانها وتوكلها، وهذا الحال ‏في لبنان، هذا الحال في غزة في الضفة في فلسطين، في سوريا في العراق في إيران في اليمن، نسمع نفس اللغة، في ‏آخر الليل واليوم كُنا نستمع إلى والدة الشهيد القائد الشيخ صالح، إلى أخواته، إلى إخوته نفس المنطق في كل ‏مكان التوكل والإحتساب والتسليم والرضا والإستعداد للتضحية والإعتزاز والإفتخار بهؤلاء الشهداء، هنا في ‏لبنان أيضا هذا حال ولسان أمهات شهدائنا، الآباء الأمهات الزوجات البنات الأبناء العائلات الشريفة، ‏الجرحى الصامدين في القرى الأمامية، النازحين من القرى الأمامية، والمقاتلين الشجعان الذين ما زالوا ‏يُقاتلون في الخطوط الأمامية، وأقول لكم خلافاً ما يدعيه العدو الإسرائيلي الذين ما زالوا يُقاتلون عند الحدود ‏عند الشريط الشائك، لكل هؤلاء نُوجه التحية والتقدير ونُعبّرعن محبتنا وثقتنا واعتزازنا بهم بإيمانهم ‏بصلابتهم بتضحياتهم، ونقول لهم: كونوا ثقة بأن دماءكم وتضحياتكم وصبركم لن يكون لها إلا النتائج العظيمة ‏والمباركة والمحمودة، التي ستعود بالخير على فلسطين وعلى لبنان وسوريا والعراق واليمن ‏وإيران وكل المنطقة وكل الأمة من شارك منها ومن لم يشارك.‏
انتقل الى المقطع الثاني، ان شاء الله يوم الجمعة نتكلم أكثر مع عوائل الشهداء ومع النازحين والصامدين ‏والمقاتلين لأن يوم الجمعة أُريد أن أتكلم في الأمور اللبنانية أكثر. ما نراه اليوم في غزة وفي كل ساحات وميادين ‏المقاومة يَحضر معنا الحاج قاسم سليماني صورةً واسماً وروحاً ونهجاً وعنفواناً وحماسة وحضوراً أقوى، ‏الشهداء اليوم في كرمان يُذكرونني ايضاً بكلمة للإمام الخامنئي يقول فيها: يبدو ان الشهيد قاسم سليماني، يعني قاسم سليماني الشهيد، ‏يُخيف قوى الاستكبار والصهاينة أكثر من قاسم سليماني الحي. اليوم قاسم سليماني الشهيد نراه ولذلك ‏يُلاحقونه حتى ضريحه يقتلون زواره، قاسم سليماني الشهيد الذي بشهادته أصبحت حياته اقوى وافعل واشد ‏واكثر حضوراً، نراه في كل ساحاتنا وجبهاتنا ووجوه قادتنا ومقاتلينا وشهدائنا، في بنادقنا وصواريخنا وقذائفنا ‏وعبواتنا، في دموع الأطفال في صبر النساء في هذا الصمود الأسطوري، اليوم قاسم سليماني حاضر في هذه ‏المعركة بقوة وما نراه اليوم هو من ثمار تضحيات هذا القائد الجهادي الكبير، تضحياته بالحد الأدنى على ‏مدى عشرين عاماً منذ ان تولى قيادة قوة القدس في حرس الثورة الإسلامية في ايران، والتي تتولى والتي ‏تتحمل مسؤولية التواصل مع حركات المقاومة وساحات المقاومة من قبل الجمهورية الإسلامية في إيران.‏
الحاج قاسم طبعاً في المناسبات السابقة تحدثنا كثيراً ولكنني أُريد ان أقوم بالتلخيص في عنوانين فقط هذه الليلة، ‏لأصل منه الى بقية العناوين، ومنه لأصل أيضاً الى أبو مهدي.‏
العنوان الأول، هو دعم حركات المقاومة في المنطقة ودول محور المقاومة ولكن كان التركيز بشكل أساسي ‏على حركات المقاومة في كل المنطقة، وكان ايمانه ومدرسته وثقافته ونهجه هو التالي: دعم حركات المقاومة ‏تقويتها، تعزيزها عدةً وعديداً خبرةً تدريباً تصنيعاً. ومن علامات الإخلاص الشديدة في عمله للمقاومة انه كان ‏يسعى لتصل كل حركات المقاومة الى الاكتفاء الذاتي، وتعرفون عندما تقوم دولة برعاية حركات، عادة بعض ‏الدول من اجل ان تبقى ممسكة بهذه الحركات، لا تسمح لها ان تصل إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي، لتبقى مسيطرة ‏على قرارها وعلى خياراتها. الحاج قاسم سليماني مع الكل كان يتكلم ويبرمج ويخطط ويعمل لتصل كل ‏حركة مقاومة الى مستوى الاكتفاء الذاتي، لتعتمد بعد الله سبحانه وتعالى على قدراتها وعلى امكانياتها، على ‏تصنيعها على رجالها على خبرائها على مدربيها على مُخططيها على عقولها، وتستغني حتى عن السند ‏والعون الذي تُقدمه الجمهورية الإسلامية في ايران. وهكذا واصل العمل، اليوم مثلاً لو اخدنا بعض الأمثلة ‏لأن بعض الساحات توجد محاذير ان نتكلم عنها. لكن مثلاً في فلسطين خصوصاً بعد ال 2000 حركة حماس ‏وحركة الجهاد وبقية فصائل المقاومة ولكن بشكل أساسي حماس والجهاد وهذا لم يعد من الأسرار، فالأخوة ‏في حماس والجهاد يُعلنون ذلك في كل مناسبة وفي كل يوم، الدعم التسليحي الدعم المالي نقل الخبرة القدرة ‏على التصنيع تبادل الخبرات ورفع الكفاءة والتدريب الى كل ما حصل. اليوم هذه البطولات وهذه ‏الإبداعات وهذه الإنجازات الميدانية في قطاع غزة هي ليست وليدة يوم ولا وليدة سنة ولا وليدة سنوات، بل هي ‏وليدة بالحد الأدنى عقدين من الزمن من العمل الدؤوب الذي كان يقوم بها الاخوة في حماس وفي الجهاد وفي ‏الفصائل الفلسطينية، وكان الحاج قاسم وقوة القدس والحرس معهم في كل ما يطيقون وفي كل ما يستطيعون. نموذج آخر ‏المقاومة في العراق المقاومة العراقية المقاومة الإسلامية في العراق، بعد سنة 2003 عندما بادرت فصائل ‏ومجموعات من الشباب العراقي واخذت خيار ان تقاتل قوات الاحتلال الأمريكي وبدأت بالقتال، وجدت في ‏الحاج قاسم سليماني وقوة القدس السند والعضد والعون والملجأ والملاذ والداعم، والذي لم يتردد في تقديم كل ‏عون ممكن من المال والسلاح والإمكانات والذخائر والتدريب ونقل الخبرة والمواكبة، وهنا كان الشهيد ‏القائد أبو مهدي المهندس رضوان الله عليه، وهنا نتكلم عن مرحلة ما قبل تأسيس الحشد، نتكلم بال 2003 وال 2004 كان ‏الشخصية المركزية الأساسية الى جانب الحاج قاسم سليماني في تنسيق عمل المقاومة وفصائل المقاومة ‏والتواصل معها واعانة الحاج قاسم في حركة المقاومة في العراق والتي انتجت نصراً عزيزاً مؤزراً تاريخياً. ‏في مثل هذه الأيام أيها الاخوة والاخوات خرجت قوات الاحتلال الأميركي من العراق عام 2011، صحيح ‏كان العنوان هو اتفاق مع الحكومة العراقية ولكن الذي الجأها الى هذا الاتفاق واجبرها على هذا الاتفاق ‏للخروج والانسحاب هو المقاومة من 2003 الى 2011، هذه المقاومة القوية المقتدرة أهلها معروفون ‏أصحابها معروفون وداعمها الأساسي معروف، ولم يتخلّ عن دعم هذه المقاومة مع انه في ذلك الحين وجه ‏الامريكيون تهديدات طويلة عريضة بانهم سيقصفون مقر قيادة قوة القدس في طهران، وانهم سيقصفون ‏معسكر لقوة القدس في مدينة كرج وانهم سيقتلون الحاج قاسم أينما وجدوه، ولكن الحاج قاسم لم يتردد لحظة ‏على الاطلاق في مواصلة دعم المقاومة العراقية التي صنعت هذا الانتصار وفصائل المقاومة العراقية التي ‏شكلت النواة الحقيقة للحشد الشعبي وللثورة الشعبية في العراق بعد فتوى المرجعية، عندما كادت داعش ‏صنيعة أمريكا ان تجتاح العراق انتقاماً لهزيمة أمريكا في العراق ومحاولة لِعودة وإعادة الاحتلال الأمريكي ‏الى العراق، هذه نماذج لبنان وغير لبنان معلوم.‏
الإتجاه الثاني أو العنوان الثاني في عمل الحاج قاسم وهو كان عملاً جديداً وابداعياً ومهماً جداً، وهو إيجاد هذا التشبيك، هذا ‏الإرتباط الوثيق، هذه العلاقات الصادقة والواثقة والعاطفية ايضاً بين حركات المقاومة في المنطقة، وأيضاً ‏هذا دليل اخلاص وصدق. بُني محور المقاومة وجبهة المقاومة في هذه السنوات الاخيرة، صار بإمكاننا أن نتكلم ‏عن جبهة المقاومة، محور المقاومة سموها ما شئتم. هذا المصطلح،هذا العنوان، هذا الإطار العام هذا لم يكن ‏موجوداً قبل سنوات طويلة، هذا تأسس وحضر ببركات أطراف هذا المحور، ولكن كان الحاج قاسم سليماني ‏هو الشخصية المركزية التي أمنت الاتصال والتواصل والترابط والتشاور والتعارف والتعاون والتناسق ‏والتنسيق بين هذه القوى. لماذا اقول ايضاً هذا شاهد الصدق والاخلاص؟ لأن أي دولة تُدير مجموعة مهمة ‏من هذه الحركات هو كقائد او جنرال مركزي وشخصية مركزية يمكن كان مصلحته ان تبقى العلاقة كلها ‏معه وان تبقى العلاقة من خلاله هكذا يفعلون من يديرون هذا العالم، ولكن الحاج قاسم سليماني لم يفعل ذلك، ‏كان حريصاً جداً ان تقوم علاقات مباشرة ووثيقة بين حركات المقاومة، بين اللبنانيين والفلسطينيين ‏والسوريين والعراقيين واليمنيين وغيرهم ايضاً، من خلال اللقاءات والتواصلات والتعاون والتنسيق وتبادل ‏الخبرات وتبادل الافكار والآراء، وتكوين رؤية استراتيجية واحدة للمنطقة ولمستقبل المنطقة وللصراع في ‏المنطقة، وهذا كان عملاً مبدعاً. ولذلك محور المقاومة ما لا يفهمه الكثيرون ليس على شاكلة غيره من ‏المحاور، أنه يوجد أحدٌ جالس وهو يقوم بإدارة هذا المحور، هو يعطي اوامر لفلان ولعلتان وأنتم وقفوا وأنتم ‏اهجموا وأنتم اقتلوا وأنتم سالموا وأنتم حيدوا وأنتم صعدوا وأنتم خففوا وأنتم سالموا وأنتم ادخلوا بالعمل السياسي، ليس هكذا. ‏
محور المقاومة أيها الاخوة لِنعطيه توصيف، لندخل الى المقطع الثالث، وهذه من ابداعات الحاج قاسم ‏سليماني، محور المقاومة يلتقي على استراتيجيات،على مفاهيم استراتيجية، على رؤية استراتيجية، ونؤيد هنا كاملاً ما قاله الأخ ‏العزيز قائد حرس الثورة الإسلامية الحاج حسين سلامي في تشييع الشهيد القائد السيد رضي موسوي في ‏طهران وهذا الفهم هو شرحه وقدمه. هناك مفاهيم ورؤية استراتيجية واضحة في محور المقاومة الأعداء ‏مُحددون الأصدقاء معروفون الأهداف واضحة، الى اين يجب انت تصل المنطقة؟ ما هي مصلحة شعوب ‏المنطقة؟ اين تكمن امنها وامانها وكرامتها وعزتها وحريتها وسيادتها واستقلالها؟ هذا كله واضح، في الرؤية ‏لأمريكا في الرؤية للمشروع الإسرائيلي في الرؤية لأوضاع المنطقة، ولكن كل حركة مقاومة وكل دولة في ‏محور المقاومة حيث هي تتصرف بقرارها، هي التي تقرر هي التي تحدد هي التي تفتح الجبهة او تُغلق ‏الجبهة، هي التي تهادن او تحارب، هي التي تتخذ هذا الموقف او ذاك الموقف انسجاماً مع الرؤية ‏الاستراتيجية ومواءمةً وانسجاماً مع المصالح الوطنية والملاحظات الوطنية، لأنه كل واحد منا يعيش في بلد، المقاومة ‏في لبنان تعيش في لبنان وسوريا في سوريا والمقاومة في العراق بالعراق والاخوة في اليمن في اليمن ‏والمقاومة في فلسطين في فلسطين بين أهلها، هذه الصيغة المبدعة لا يُملي احد على احد شيئا ولا يأمر احد ‏احداً، نتشاور نتبادل الآراء نتبادل النصائح نستفيد من تجارب بعضنا البعض، ولكن كل واحد يأخذ القرار في ‏بلده بما ينسجم مع الرؤية الاستراتيجية وبما ينسجم مع مصالح شعبه وبلده، وهذا ما يجري الآن في معركة طوفان ‏الأقصى الذي سوف أرجع إليه بعد قليل. طبعاً للأسف الشديد في العالم العربي بعض السياسيين بعض الكتاب ‏بعض المعلقين بعض الناس بعض الإعلاميين لا يستطيعون ان يستوعبوا هذا المشهد، ولذلك يظلون يُحللون ‏غلط ويأخذون مواقفاً غلط، لماذا؟ لأنهم يبنون على معطيات خاطئة، مباشرة يقول لك عندما مثلاً أنصار الله أو الاخوة في اليمن او سماحة ‏القائد الشجاع والعزيز السيد عبد الملك الحوثي حفظه الله يأخذ قرار ان يخوض معركة البحر الأحمر من ‏أجل فك الحصار عن غزة، هؤلاء عقولهم لا تستوعب ألا ان إيران هي التي طلبت من الأخ السيد عبد الملك ‏أن يفعل ذلك وهذا غير صحيح على الإطلاق، عندما يفتح حزب الله الجبهة في 8 تشرين اسناداً لغزة لا ‏يقدرون ان يستوعبوا إلا ان إيران اتصلت بحزب الله وقالت له افتح الجبهة اسناداً لغزة، وهكذا عندما بدأ ‏المقاومون العراقيون عملياتهم ضد قواعد الاحتلال الأمريكي في العراق وسوريا لا يقدرون ان يفهموا إلا ان ‏إيران هي التي طلبت كذا.. وكذا.. وكذا..، تعرفون لماذا؟ لأن الدنيا هكذا العالم هكذا يعني لا نعتب عليهم، في العالم أي دولة عندما تتبنى حركات ‏مقاومة أو حركات سياسية أو أحزاب سياسية أو حركات نضال وطني مثلاً وتقدم لها ‏المال والسلاح بالتدريج بقصد بغير قصد ولكن بقصد من اغلب الدول، يُحولون هؤلاء المقاومين ‏والمناضلين والمدعومين إلى اتباع إلى أدوات يتم ابتزازهم بالمال، بالدعم، بالسلاح، بوقف الدعم ‏عنهم إن لم تفعلوا كذا إن لم تكونوا كذا إن لم تستجيبوا إلى كذا، ولذلك يتحولون إلى عبيد، في تجربة ‏محور المقاومة لا يوجد عبيد لا يوجد إلا السادة الشرفاء القادة الشهداء الذين يصنعون النصر لأمتهم، ‏هذه هي الصيغة، ولذلك هم لا يستطيعون أن يستوعبوا أن ما تقوم به حركات محور المقاومة هي ‏قرارات ذاتية منطلقة من قناعاتها من ارادتها من إيمانها من اخلاصها من صدقها هي ليست أدوات، ‏وهذا النموذج اليوم في جبهة المقاومة في محور المقاومة في منطقتنا هو نموذج فريد في تاريخ ‏البشرية وليس فقط في العصر الحاضر هو نموذج فريد ليس له سابقة.‏
ولذلك هذا النموذج تُعلق عليه الآمال الكبيرة لصنع الانتصارات واستطاع بالفعل أن يصنع هذه ‏الانتصارات، في هذا الطريق الذي مشاها هذا المحور، ولذلك في الخطاب الأول بعد سبعة تشرين ‏خطاب يوم الجمعة الشهير عندما قُلت أنا ان طوفان الأقصى كان قرارا فلسطينيا وعملا فلسطينيا ‏ومشروعا فلسطينيا وهدفا فلسطينيا وأننا لم نكن على علم، لم يكن من أجل أن نأخذ مسافة من طوفان ‏الأقصى ونحن لم نأخذ منها المسافة، ودليلنا شهداءنا كل يوم وقتالنا في كل يوم، وإنما أردت منذ تلك ‏اللحظة أن أقول لا تدخلوا طوفان الأقصى وأهداف هذه العملية التاريخية العظيمة في تحليلاتكم ‏الخاطئة والتافهة عندما تربطونها مباشرة بالمشاريع الاقليمية والصراع الاقليمي وإيران وأمريكا ‏والنووي الإيراني و.. و.. و.. الخ.‏
هذا الطريق أيها الإخوة والأخوات هذا المنهج هذه المدرسة هذا الاسلوب الابداعي، والذي كان طبعا ‏يعود الفضل فيه بشكل أساسي إلى سماحة الإمام القائد السيد الخامنئي دام ظله الشريف ولكن الحاج ‏قاسم كان أمينا على هذه المدرسة وعلى هذه الفكرة وعلى هذه الثقافة وعلى هذا العمل وعلى هذا ‏التطبيق وعلى هذا النموذج، ولم يدخل فيه شيئاً من هوى النفس لأنه لم يكن لديه هوى نفس.‏
قاسم سليماني كان ذائبا في الاسلام وفي القدس وفي فلسطين وفي المعذبين وفي المظلومين، لم يكن ‏في جسد قاسم سليماني شيء اسمه قاسم سليماني هذه هي الحقيقة التي شهدناها ونشهد عليها من ‏قرب.‏
ولذلك مسار هذه الحركات كان مسار انتصار المقاومة الإسلامية في لبنان بال2000 وبال2006 ‏في حرب تموز، المقاومة في غزة تحرير غزة، الصمود في مواجهة الحروب التي شنت على غزة، ‏المقاومة في العراق، كما قلت هذه الأيام هي أيام ذكرى الانتصار التاريخي للمقاومة العراقية، التي ‏قلت فيما مضى وأعيد اليوم العظيم في تاريخ العراق الذي لا يحتفل فيه كثير من العراقيين وضاع ‏بسبب الخلافات والنزاعات الداخلية، ولكن هذا يجب أن يُعاد إلى الذاكرة وفاءً لشهداء المقاومة، ‏لاستشهاديي المقاومة في العراق الذين بذلوا مهجهم وأرواحهم من أجل تحرير تلك الأرض المقدسة، ‏الصمود الاسطوري والانتصار الكبير في اليمن، في سوريا هذه كلها من بركات هذا المحور وهذا النهج وهذه الثقافة وهذا الفكر وهذه الطريقة، لكن التجلي الأهم لمحور المقاومة والتجلي ‏والتحدي الأخطر لمحور المقاومة كان في هذه الأشهر القليلة الماضية في موضوع طوفان الأقصى ‏من هنا ادخل إلى المقطع الثالث.‏
طوفان الأقصى الذي بدأ في 7 تشرين وكما هو معروف بدأها الإخوة في كتائب عز الدين ‏القسام وتضامن معهم بقية الإخوة في الجهاد الاسلامي، في بقية الفصائل الفلسطينية، والأسباب التي ‏دعت إلى طوفان الأقصى هم ذكروها مسؤولو الإخوة في حماس في الجهاد في الفصائل، وأنا ‏تحدثت عنها أيضا في ذلك الخطاب بشكل مفصل وكل ما يرتبط بظلامات الشعب الفلسطيني خلال ‏‏75 عاما، بملف الأسرى المظلومين في السجون الصهيونية، بالإعتداءات والتهديدات للمسجد ‏الأقصى، لمخاطر تهجير أهالي وشعب الضفة الغربية، الحصار المستمر على غزة والدفع باتجاه ‏صراع داخلي شعبي في غزة، الآن تبين أن الهدف الحقيقي منه تهجير أهل غزة، ولكن من خلال ‏الصراعات الداخلية ومن خلال الضائقة الحياتية والمعيشية، على كل حال أسبابهم وأهدافهم كانت ‏واضحة ومعروفة. في 8 من تشرين دخل حزب الله إلى المعركة عند الحدود الشمالية لفلسطين ‏المحتلة الحدود الجنوبية للبنان في جبهة عرضها أكثر من 100 كيلومتر، بعدها دخل الإخوة في ‏المقاومة الاسلامية في العراق من خلال استهداف قواعد الاحتلال الأمريكي في العراق وسوريا، ‏وأيضا استهداف الكيان الغاصب مباشرة من خلال المسيرات باتجاه ايلات وغير ايلات، وأيضا ‏دخل الإخوة في اليمن من خلال استهداف الكيان الغاصب بالصواريخ والمسيرات ولكن كانت ‏الخطوة النوعية المؤثرة العظيمة الكبيرة جدا هو التحدي في البحر الأحمر، وبكل ما للكلمة من معنى هي خطوة شجاعة وحكيمة وعظيمة ومؤثرة إلى أبعد الحدود، مجريات ‏الأحداث معروفة لديكم حتى لا أُعيد لأتكلم وأكرر أموراً أنتم تواكبونها يوميا وكل ساعة، فيما يجري منذ ‏ثلاثة أشهر إلى اليوم لدينا مشهد تضحيات شهداء جرحى بيوت مدمرة أناس مُهجرون من بيوتهم ‏في داخل غزة وفي الضفة إلى حد ما وفي الجنوب أيضا في جنوب لبنان، مشهد الأثمان مشهد ‏الأخطار، إلى جانبه هناك مشهد الصمود والصلابة والثبات والشجاعة والقتال والمقاومة والتحدي ‏وإلحاق الخسائر بالعدو وعدم الانكسار وعدم الاستسلام وطبعا عنوانه العظيم والكبير بالدرجة ‏الأولى غزة ويليها بقية محور المقاومة وعلى ضوء هذين المشهدين هناك نتائج:‏ مرة ندخل ونغرق بهذا التفصيل وهذا التفصيل أنا سأحاول بهذا المقطع الخروج قليلا من التفاصيل ‏لفوق ونرى المشهد بشكل عام، عندما نرى حجم النتائج وأهمية النتائج وعظمة النتائج والانجازات ‏التي تحققت حتى الآن، وأضفنا إليها ما يمكن أن يتحقق لاحقاً، حينئذٍ سندرك وسنزداد تسليما ‏ورضا بحجم التضحيات التي تقدم سواء في غزة أو في الضفة أو في لبنان، أو العراق، أو سوريا، ‏أو اليمن، أو إيران وكل ساحات وميادين المقاومة.‏
اسمحوا لي باختصار العناوين سأقرأها سريعا وان كان كل بند هو يحتاج لحديث ساعة وشرح ‏ولكن تكفيكم الاشارة، وهذا بالحقيقة ليس كلامي أنا، أنا جمعت البعض وليس كل شيئ لأن الوقت لا ‏يتسع لكل ذلك، ما يقوله الاسرائيليون جنرالات ومسؤولون سابقون وحاليون وكتاب وخبراء ‏واستراتيجيون أمريكيون وفي عالمنا العربي وعالمنا الاسلامي وبعض ما ورد أيضا في خطب الإمام ‏الخامنئي ونخب كثيرة في العالم وفي الأمة.‏
لكن أنا سأقول فقط انظروا لهذه التضحيات هذه الدماء حتى الآن ما هي بعض النتائج التي سيكون ‏لها تأثير كبير جدا على مستقبل فلسطين على القضية الفلسطينية، على لبنان، وعلى كل المنطقة ‏وخصوصا على فلسطين وعلى لبنان وعموما على كل المنطقة.‏
امشي بهم عنوان عنوان بسرعة:
‏1- اعادة احياء القضية الفلسطينية بعد ان كادت تُنسى وتُصفى وفرض البحث من جديد في كل ‏انحاء العالم عن حلول، لذلك عادوا للحديث بحل الدولتين وما شاكل وإلا إلى ما قبل طوفان الأقصى ‏تقريبا تكاد القضية الفلسطينية أن تصبح منسية لولا حركات المقاومة والمواقف ويوم القدس سنويا ‏وما شاكل.‏
‏2‏- اسقاط الرهان الاسرائيلي على تعب الفلسطينيين ويأسهم وتخليهم عن قضيتهم، طوفان الأقصى ‏أثبت ان هذا الشعب عندما اقدمت المقاومة في غزة على هذا العمل وما لحقه أيضا من صمود ‏وثبات وتضحيات دليل على أن هذا الرهان الاسرائيلي ساقطٌ، خاب وسقط.‏
هذه قصة أن الفلسطيني ينسى ويتعب ويتخلى عن أرضه والجيل الجديد وجيل الانترنت وجيل لا أعرف ماذا، هذا كله انتهى، انتهى في الضفة وانتهى بالإنتفاضات وانتهى بالعمليات الاستشهادية، ‏ولكن جاء طوفان الأقصى ليضربه الضربة القاضية، الاسرائيلي أصبح لديه وضوح شديد الآن أنه ‏أمام شعب لا يمكن أن ينسى أرضه ولا تاريخه ولا حاضره ولا مستقبله ولا مقدساته، وهذا ما يعبر ‏عنه الاسرائيليون بآسى بآسى بعد 75 سنة، 75 سنة من القهر ومن العذاب والسجون والتشريد ‏والشتات وظروف العيش القاسية والصعبة.‏
‏3- ارتفاع مستوى التأييد للمقاومة ولخيار المقاومة داخل الشعب الفلسطيني وعلى مستوى الأمة رغم ‏المجازر، ومحاولة البعض تحميل مسؤولية المجازر في غزة للضحية للشريف للمقاومة وتبرئة ‏المجرم القاتل السفاك وهو الاسرائيلي، وهذا أيضا له تأثير عظيم على مستقبل فلسطين، بعد كلما ‏جرى في فلسطين ثم يأتون إلى استطلاعات الرأي هم كانوا يفترضون أن هذا الطحن وهذا القتل ‏وهذه المجازر في غزة سوف تجعل الفلسطيني يندم ويتخلى عن المقاومة ويعتب على حماس ‏ويعتب على الجهاد وعلى الفصائل وعلى المقاتلين، فإذا استطلاعات الرأي كلها تؤيد وتؤكد ان ‏ارتفاع نسبة التأييد للمقاومة ولحركات المقاومة وبالتحديد لحماس التي يُحمّلونها أكبر مسؤولية عن ‏طوفان الأقصى وعما يحصل، أعلى نسبة تأييد في تاريخ فلسطين والشعب الفلسطيني وحركات ‏المقاومة في فلسطين.‏ هذا له أثر عظيم جدا على مستقبل هذا الصراع.‏
‏4- سقوط صورة اسرائيل في العالم والتي عمل عليها الاعلام الأمريكي والاعلام الغربي وساعد ‏عليها الاعلام العربي، للأسف الشديد بالعشرين سنة الماضية جزء من الاعلام الرسمي العربي هو ‏في خدمة تلميع صورة اسرائيل وتقديم صورة إسرائيل دولة القانون، دولة الديمقراطية، الدولة التي ‏تحترم حقوق الانسان، في طوفان الأقصى وما بعدها وما يجري اليوم في كل الجبهات اسرائيل ‏سقطت بالكامل أخلاقيا، إنسانيا، قانونيا، اسرائيل اليوم في نظر كل شعوب العالم قاتلة الأطفال، ‏قاتلة النساء، مدمرة البيوت مُهجرة الناس من أحياءهم ومساكنهم مجوعة للناس قاهرة مخيفة مرعبة ‏مرهبة للمدنيين صاحبة أكبر ابادة جماعية في القرن الحالي.‏
هذا سقط هذا انتهى وهذا طبعا أيضا له تأثير كبير سيكون على الصراع وعلى معادلات الصراع ‏في منطقتنا، أيها الإخوة والأخوات نُشر في الآونة الأخيرة استطلاعات رأي في أمريكا بين الشباب ‏الأمريكي، يعني الشعب الأمريكي الذي لا يسمع لفضائياتنا، الذي دائما يعيش منذ الولادة وحتى الممات تحت ‏سيطرة الإعلام الأمريكي المسيطر عليه صهيونيا أو الجماعات المؤيدة للصهيونية، فإذا أمام هول ما ‏جرى في غزة هنا أثر دماء الأطفال والنساء والمظلومية الهائلة، وهنا طبعا بركة وسائل التواصل ‏الاجتماعي التي أرادوها لهدم الاسلام وهدم القيم وهدم المقاومة فإنقلب السحر على الساحر، هنا ‏يتجدد فرعون وموسى من جديد.‏
المشهد اليوم يجرون استطلاعات رأي الشباب الأمريكي، أكثر من 50 في المئة ليس فقط مع اعطاء ‏الفلسطينيين حقوقهم، أكثر من 50 في المئة يقول يجب تفكيك دولة اسرائيل وإعادة كل أرض ‏فلسطين للشعب الفلسطيني، هذا أين كان يمكن أن يحدث؟ من كان يصدق ان هناك هكذا تحول بالرأي ‏العام الأمريكي طبعا يجب أن يعمل عليه وأن يطور وهذا سيكون له تأثيرات هائلة وكبيرة في ‏أمريكا.‏
‏5- ما جرى في هذه الأشهر الثلاثة وجه ضربة قاصمة لمسار التطبيع الذي كان يستهدف إلى ‏الالتفاف على الشعب الفلسطيني وتصبح إسرائيل دولة طبيعية وتُنسى فلسطين.‏
‏6- توضح للعالم على طول يلحقوننا نحن في لبنان لدينا هذه النغمة دائما احترام المجتمع الدولي، ‏القرارات الدولية، يأتوا الأمريكان يُنظّرون علينا بالقرارات الدولية والآن آتون لينظروا ويأتوا ‏الأوروبيين والغربيين وبعض اللبنانيين المتأمركين والمتغربين، وأنه انتم لماذا تريدون ان تكونوا ‏غير شكل والعالم كله يحترم ارادة المجتمع الدولي والقانون الدولي والقرارات الدولية، في طوفان ‏الأقصى أكثر من أي وقت مضى ليس جديد ولكن طوفان الأقصى ظهّرتها امام العالم بصورة ‏أوضح.‏
من الذي يتحدى ارادة المجتمع الدولي؟ ماذا يعني مجتمع دولي؟ عندما 153 دولة في العالم ‏وبينها دول كبيرة وعظيمة ومهمة تطالب تأخذ قرار بالأمم المتحدة بوقف شامل لإطلاق النار في ‏غزة ويعارضه فقط عشر دول بينها أمريكا وإسرائيل ووبريطانيا وما شاكل، واسرائيل تضرب بهذا ‏القرار عرض الحائط من الذي يحترم المجتمع الدولي؟ من الذي يحترم القرارات الدولية؟ اي قرار دولي حتى الآن احترمته إسرائيل والكيان الغاصب؟ من أول قرار إلى الآن ولل1701؟ لم تبقي اسرائيل كما يقول أحد رؤساء المنظمات التابعة للأمم ‏المتحدة ذات الطابع الانساني يقول: لم تبقي اسرائيل قانونا دوليا إلا وداسته تحت قدميها في هذين ‏الشهرين لم يبقى شيئ.‏
طبعا أمريكا معها في تحدي ارادة المجتمع الدولي ومصادرة ارادة المجتمع الدولي.‏
‏7- لأذهب مباشرة للإسرائيلي وانظروا لهذه النتائج المهمة جدا، هذه نتائج مهمة جدا وعلى ضوئها ‏يجب أن نقرأ لاحقا تقدير الموقف.‏
تهشيم الردع الاستراتيجي الاسرائيلي الذي كانوا يتغنون به وقالوا انهم يعملون على إعادة ترميمه، ‏تذكرون جميعا ما قبل طوفان الأقصى وكل هذا الجدل، الاعتداءات على غزة من أجل ترميم الردع، قوة ‏اسرائيل هي قوة الردع، انها ترعب دول الجوار، تخيف دول الجوار، تخيف شعوب دول الجوار، ‏فالكل يقف ويستسلم ويتراجع ويخنع ويتخلى عن حقوقه ويتخاذل ويتنازل، هذه قصة اسرائيل هي ‏قوة الردع قوة الارهاب والارعاب التي لديها.‏
هذا الأمر بدأ منذ سنة 2000 يتراجع، مع غزة تراجع أكثر، في سنة 2006 تراجع أكثر، وبعد ال2006 ‏تحدثوا عن إعادة هذا الردع، لكن هذا الردع بعد طوفان الأقصى في غزة وبعد فتح جبهة لبنان وفتح جبهة اليمن خصوصاً ‏هذا الردع الإسرائيلي ينهار، لماذا ينهار؟ أي عندما أقدمت حماس ومعها الفصائل على طوفان الأقصى في سبعة تشرين الأول هذا يعني أنّها لم تكن مردوعة ولم تكن خائفة ولم تكن مرعوبة وكانت تعلم النتائج وكانت تعرف ردود الفعل الإسرائيلية، ولكن الأمر كان يستحق هذا المستوى من الإقدام، لم تكن مردوعة.
المقاومة في لبنان في 8 تشرين الأول عندما فتحت الجبهة لم تكن مردوعة وهي لم تكن مردوعة في يوم من الأيام وهي اليوم أكثر جُرأة واستعدادًا للمواجهة وللإقدام.
اليمن عندما أقدم على هذه الخطوة لم يكن مردوعًا، لم يكن خائفًا، لم يحسب لإسرائيل أيّ حساب. وهنا أيضًا يدخل تهاوي الردع الأمريكي، هذا الردع الإسرائيلي لم يكن كافيًا فاستعان بالردع الأمريكي، بالأساطيل الأمريكية، لكن حتى الردع الأمريكي لم يردع، لم يردع لا المقاومة في العراق ولا المقاومة في لبنان ولا رجال الله في اليمن، لم يردع أحدًا، ولذلك هو الآن يُغادر دون نتيجة.
إذًا انهيار، سقوط، تهشيم الردع الاستراتيجي.
8- إسقاط التفوّق الاستخباري، دائمًا هناك صورة وهي صورة غير صحيحة، أنّ إسرائيل تعرف كلّ شيء وتُحيط معلومات بكلّ شيء وعندها اطّلاع على كلّ شيء، هذا غير صحيح، طوفان الأقصى أثبت ذلك.
9- بعد حرب تموز ذهبوا وأنشأوا “فينوغراد” وأنشأوا لجان وأجروا تحقيقات ودراسات وأعادوا النظر بكثير من استراتيجياتهم وعقائدهم وأضافوا وعدّلوا، لكن لأنّ الوقت لا يساع، أريد أن أذكّر بجملة، في وقتها قالوا: “من الآن فصاعدًا نحن إسرائيل إذا دخلنا حرب سندخلها على قاعدة نصر سريع، حاسم، واضح، بيّن”، هذا “ايهود باراك” وكل وزراء الدفاع ورؤساء الأركان الذين جاءوا من بعده تبنّوا هذا الكلام. حسنًا، هذه ثلاثة أشهر، لنتحدّث فقط عن غزة، ثلاثة أشهر في غزة ليس هناك نصر ولا حاسم ولا سريع ولا بيّن ولا واضح، بل أكتر من ذلك، لا يوجد أحد في الكيان الصهيوني يدّعي أنّ أمامه صورة نصر حتى الآن، ليلة أمس يحاولون أن يُقدّموا صورة نصر من خلال الاغتيال الغادر للشيخ صالح، لكن في ميدان غزة أين هو النصر الحاسم الواضح البيّن السريع؟
10- فشل سلاح الجو في حسم المعركة، حتى في منطقة ضيّقة مثل قطاع غزة، هذا طبعًا مهمّ جدًا لنا ولكلّ الذين يفكرون لاحقًا بالاستراتيجيات الدفاعية.
11- وهو الأمر الأهم والأخطر، في نتائج طوفان الأقصى وما يجري في كلّ محاور وميادين القتال، انعدام الثقة بالجيش، أيّ انعدام ثقة شعب الكيان، بالجيش الإسرائيلي والأجهزة الأمنية والقيادات السياسية، هذا يمسّ جوهر وأساس بقاء إسرائيل. اليوم هناك أناس الآن لا أريد أن أستعمل تعابير غير مناسبة، يمكن عقولهم تستوعب بهذا القدر، عندما يسمعون أنّ الأخوة في حماس أو الجهاد أو بقية القيادات الفلسطينية يقولون أنّ طوفان الأقصى يُؤسّس بحقّ لزوال إسرائيل ويضعها على طريق الزوال يضحكون ويسخرون لأنّ عليهم الظواهر، لكن بالعمق، أنا سأقرأ لكم نص بالعمق، بالعمق إسرائيل دولة إن فقدت الأمن لا يمكن أن تبقى، أناسها وشعبها لا يبقون لأنّ الصلة بالأرض هي صلة كاذبة، هي صلة مُخترعة، هي صلة مُنافقة غير صحيحة على الإطلاق، كلّكم يعرف أنّه بالمشروع الأصلي للحركة الصهيونية بزمن “هرتزل” كان خياراتهم عندما أرادوا أن يُجمّعوا اليهود في بلد واحد أنّه إلى أين نذهب؟ أرجنتين أو أوغندا أو ذاك البلد الأوروبي أو فلسطين، فلسطين كانت واحدة من الخيارات، الإنجليز هم الذين أتوا بهم إلى فلسطين. في كلّ دول المنطقة هناك دول حقيقية، تحصل حرب أهلية في لبنان ثلاثين سنة يبقى لبنان وشعب لبنان، تحصل مصائب وحرب كونية في سوريا تبقى سوريا وشعب سوريا، يتعرّض العراق للحروب وللحصار يبقى العراق وشعب العراق، وهكذا اليمن وكذا، لكن إسرائيل ليست كذلك، إسرائيل كيان مُصطنع، إسرائيل شعب “ملزّق تلزيق” من كلّ أنحاء العالم وكل واحد معه جنسية ثانية وحقيبته جاهزة، الصلة بهذه الأرض قائمة على الأمن وأنّها أرض اللبن والعسل، عندما لا تعود أرض اللبن والعسل وعندما يفتقدون الأمن انتهى، لماذا أنا تحدّثت بالنقاط؟ المشهد الذي نراه لمستقبل إسرائيل هو هؤلاء الصهاينة الذين يجمعون حقائبهم ويرحلون من المطارات ومن الموانئ ومن الحدود ومن المعابر، هذا هو المشهد الآتي. طوفان الأقصى أسّس بقوة أو أكمل التأسيس لهذا المشهد. تريدون دليل؟ حسنًا، هذا وزير الحرب الحالي “غالانت” كثيرون تحدّثوا مثله لكن أنا سأقرأ ما قال، يقول: “دون تحقيق أهداف الحرب – التي أعلنوها والتي هي ماذا؟ القضاء على حماس واستعادة الأسرى أحياء بدون تفاوض، هذه الاهداف المُعلنة، والسيطرة أمنيًا أو سياسيًا أو إداريًا على غزة بالأهداف غير المُعلنة – دون تحقيق أهداف الحرب سنكون في وضع لن تكون المشكلة فيه أنّ المواطنين – أي مواطنيه – غير مُستعدّين للعيش – ليس فقط في غلاف غزة وليس فقط في الشمال عندنا على الحدود – يقول المشكلة عندنا ليس فقط أهل غلاف غزة والنازحين الذين هربوا من المستعمرات بالشمال، إذا لم نُحقّق أهداف الحرب الناس لن يكونوا مُستعدّين للعيش في هذا البلد، في هذا المكان، لماذا؟ لأنّنا لا نعرف كيف نحميهم”. يعني ماذا؟ يقول إذا لم نُحقّق أهداف الحرب يعني فقدنا المائز الجوهري الذي يقوم عليه بقاء دولة إسرائيل، وأنا أقول له إن شاء الله لن تستطيعوا أن تُحقّقوا أهداف الحرب، لن تستطيعوا أن تُحقّقوا أهداف الحرب.
هنا يسقط أيضًا مفهوم الملجأ الآمن لليهود في العالم، هي كلّ النظرية أنّه أنتم أيها اليهود في العالم لستم في أمان وأمانكم هنا في فلسطين المحتلة، في كيان إسرائيل. طوفان الأقصى وما يجري على كلّ الجبهات، وما يجري على كلّ الجبهات، لكن القيمة الأعظم لغزة، ما يجري في غزة، في الضفة، في لبنان، في العراق، في اليمن، في المنطقة، ضرب هذا الأساس وسيُسقط وأسقط نظرية ومفهوم الملجأ الآمن الذي على أساسه تقوم هجرة ملايين اليهود إلى فلسطين وبدأت الهجرة المُعاكسة، بدأت الهجرة المُعاكسة، مئات الآلاف غادروا فلسطين المحتلة من الصهاينة وأكثرهم من النُخب، من أصحاب رؤوس الأموال وما شاكل.
12- كسر صورة إسرائيل المقتدرة، إسرائيل التي تريد أن تُقدّم نفسها للدولة العربية الفلانية بدون أن أسمّي، أو الدولة العربية الفلانية نحن نحميكم ونحن ندافع عنكم، نحن نرسل لكم سلاح جو، نحن نرسل لكم قبّة حديدية، نحن الأمن، نحن المخابرات، نحن التكنولوجيا، هذه الصورة المُقتدرة سقطت وباتت في الموقع الذي تحتاج إلى من يحميها، تصوّروا واقع حال إسرائيل لو لم يأتِ الأمريكيون والأساطيل الأمريكية إلى المنطقة، هي احتاجت حتى إلى هذا التدخل الأمريكي منذ الأيام الأولى.
13- حجم الخسائر المباشرة على أكثر من صعيد ولم يسبق لها مثيل، الخسائر البشرية، القتلى، الجرحى، المعاقين، الأعداد التي يتمّ الإعلان عنها هي أقل من الواقع، في جبهتنا اللبنانية مع شمال فلسطين المحتلة لا يعترفون لا بالقتلى ولا بالجرحى ولا بالإصابات وهي بالآلاف، إن شاء الله يوم الجمعة أتحدّث بالتفصيل بهذا الموضوع. عدد الآليات والدبابات التي يُعلن عن تدميرها كلّ يوم. الأوضاع النفسية، هذه صحيفة إسرائيلية “يديعوت أحرنوت” تقول أنّ من نتائج أحداث هجوم طوفان الأقصى حتى الآن أنّ هناك طلب 300 ألف شخص جديد انضمّوا إلى العلاج النفسي، 300 ألف شخص انضمّوا إلى العلاج النفسي، يعني لا يمكن أن تبقوا هنا، هناك خطر، هناك خوف، هناك قلق، لا يوجد أمن، هناك وضع نفسي صعب، تريدون أن تعيشوا طمأنينة أنت يا صاحب الباسبور الأمريكي إذهب إلى أمريكا وأنت يا بريطاني اذهب إلى بريطانيا وأنت يا فرنسي اذهب إلى فرنسا، أنتم الإسرائيليون ليس عندكم إلا هذا المستقبل، وأرض فلسطين من البحر إلى النهر هي فقط وفقط للشعب الفلسطيني، اللائق والمجاهد والصابر. الأوضاع النفسية، المغادرون، الهجرة العكسية، مئات الآلاف من النازحين، هم يخفون الأرقام، من عدة أيام يظل يقول لك من الشمال، هو يريد أن يُسخّف جبهة الشمال، 60 ألف و 70 ألف، من عدّة أيام نتنياهو أخطأ وقال 100 ألف وبعده بعدّة أيام صحيفة أمريكية نقلًا عن مسؤولين إسرائيليين تحدّثت عن 230 ألف نازح من شمال فلسطين المحتلة، كل هؤلاء يُشكّلون عبئًا على حكومة العدو.
الاقتصاد، تعطيل الاقتصاد، من ثلاثة أشهر سياحة لا يوجد، زراعة لا يوجد، صناعة لا يوجد، ماذا إسرائيل من دون اقتصاد؟ الكلفة المالية بعشرات مليارات الدولارات، لا يستطيع أن يُعالجها لها التمويل الأمريكي. طبعًا هنا البحر الأحمر كان له وخطوة الإخوة في اليمن كان لها تأثير عظيم على الاقتصاد الإسرائيلي.
14- الفشل في تحقيق أيٍّا من الأهداف، الفشل في تحقيق أيٍّا من الأهداف، لا تتصوّروا اليوم عندما الأميركي يقول للإسرائيلي انسحب من المدن أنّه هو خائف على الفلسطينيين، بل هو خائف على الإسرائيليين، يمكن تكون رغبة الإخوة في المقاومة الفلسطينية أن يبقى الإسرائيليون حيث هم في المدن لينالوا منهم في كلّ صباح ومساء، تدمير لدباباتهم وآلياتهم وقنصًا وقتلًا. فشل في تحقيق الأهداف، لم يستطع استعادة أي أسير حيّ، لن يستطيع أن يفرض وهو لم يستطع حتى الآن أن يفرض إرادته السياسية على قطاع غزة وعلى شكل مُستقبل إدارة قطاع غزة. أيضًا من النتائج المهمّة على جسد الكيان تعميق الانقسامات الداخلية، طولوا بالكم عندما تتوقّف الحرب، كلهم الآن بدون استثناء، حتى في الحزب الواحد داخل الحزب الواحد، كلهم يضعون الخناجر ويخفونها خلف ظهرهم، وعندما تقف الحرب وتبدأ المُطالبات والمُحاكمات ولجان التحقيق سنرى أيّ إسرائيل ستخرج بعد طوفان الأقصى.
15- فضيحة أميركا، أميركا التي حاولت بعد المحافظين الجدد والمجازر المهولة التي ارتكبتها في أفغانستان وفي العراق وجاءت بأوباما أنّه اسود واسم أبيه حسين وأصوله من عائلة مسلمة وأفريقي، وعملوا على تحسين صورتهم في العالم العربي والإسلامي، وبالفعل استطاعوا، هذه اللعبة نجحوا فيها بمستوى مُعيّن، ولاحقًا جاءت فتنة الربيع العربي وفتنة داعش، هم صنعوا داعش وهم قدّموا أنفسهم حُماة للشعب العراقي في مُواجهة داعش، المهم اشتغلوا ليُحسّنوا الصورة. طوفان الأقصى من أهم نتائجه أنّه دمّر هذه الصورة الأمريكية وقدّمها بأبشع حقائقها، بأبشع حقائقها، لأنّ اليوم الذي يقتل في غزة هو الأمريكي والقرار الأمريكي والسياسة الأمريكية والصاروخ الأمريكي والقذيفة الأمريكية، الذي يمنع وقف الحرب على غزة هو الأمريكي، الذي يضع فيتو في مجلس الأمن الدولي هو الأمريكي، ووصلت وقاحة الأمريكي إلى حدّ أنّ الناطقين الرسميين عنده يقولون لا الإسرائيليون لا يتعمّدون قتل المدنيين، 22 ألف شهيد مدني أغلبهم نساء وأطفال هؤلاء بالخطأ يا شباب، هؤلاء أضرار جانبية، الجماعة لا تعمّدون لا قتل المدنيين ولا قتل الصحفيين. أظهرت أمريكا هي الخارجة على المجتمع الدولي وعلى القانون الدولي وعلى القرارات الدولية وعلى حقوق الإنسان وعلى القيم الإنسانية.
وآخر ما أعرضه في خدمتكم قبل أن ننتقل للمقطع الأخير، المقطع الأخير إن شاء الله ليس طويلًا، عبرة لنا جميعًا هذا الذي حصل في غزة، أثبت أنّ المؤسسات الدولية والنظام الدولي والمجتمع الدولي والقانون الدولي ليس قادرًا على حماية أيّ شعب، ليس قادرًا على حماية أحد، احفظوها، أيّها اللبنانيون، هناك بعض الناس ما زال في لبنان حتى الآن، هذه غزة 22 ألف شهيد، قريب 60 ألف جريح، ومجتمع دولي يتفرّج، وفي لبنان يقول لك سلّموا سلاحكم نحن يحمينا القرار الدولي، يحمينا المجتمع الدولي، اسمحوا لي أن أقول لم تعد القصة اختلاف في وجهات النظر، أنّ هذا رأيي وهذا رأيي وتُحترم الآراء، لا، هذا صار عمى قلب، عمى بصر، عمى بصيرة هذا، “إنّها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور”، أليست هذه هي الحقيقة الآن؟ هذه التجربة ماذا تقول؟ ومن هنا سأدخل للمقطع الأخير، هذه التجربة تقول إن كنت ضعيفًا لا يعترف بك العالم ولا يحميك العالم ولا يُدافع عنك العالم ولا يبكي عليك العالم، حتى البكاء لا يبكي عليك، الذي يحميك هو قوتك وشجاعتك وقبضاتك وسلاحك وصواريخك وحضورك في الميدان، إن كنت قويًا تفرض احترامك على العالم. رغم كلّ الحصار على غزة وكلّ المظلومية في غزة لو سقطت غزة في الأيام الاولى لانتهى كلّ شيء وما بكاها أحد في العالم، هذا المقدار من القوة المعنوية الهائلة والمادية المحدودة عند المقاومة في غزة وعند شعب غزة ورجال ونساء وأطفال غزة، هذا شكل من أشكال القوة، فرض نفسه على العالم، لهذا كل العالم بدأ يُغيّر رأيه ويعيد النظر ويفتّش عن حلول، لماذا؟ لأنّ هناك مشهد قوّة في غزة، رغم المظلومية الهائلة. من هنا أدخل إلى لبنان، طبعًا هذه بعض النتائج، هناك بعد ما شاء الله نتائج، وستأتي نتائج.
أنا أقول لكم ما جرى من 7 تشرين الأول إلى اليوم وما سيجري لاحقًا أضعف إسرائيل وهزّ كيانها وزلزل أُسُسها وبُنيانها، نعم، وكما يقول إخواننا الفلسطينيون بحقّ وضعها على طريق الزوال الذي سنشهده جميعًا إن شاء الله، ولن يستطيع أن يحميها أحد ولن يستطيع أن يُدافع عنها أحد. أما العروش العربية فلتحفظ نفسها في البداية.
من هنا أدخل إلى لبنان لأقول ما يلي، نحن عندما فتحنا الجبهة في 8 تشرين الأول، واقعًا ولأكون صادقًا وصريحًا جدًا معكم، قربةً إلى الله تعالى وإسنادًا لأهلنا المظلومين في غزة وتخفيفًا عنهم، هذا تحدّثنا به وشرحناه والجمعة نعود ونشرحه، لكن هذا الدخول الصادق والمخلص والذي كان مبنيًّا على ما ذكرت قبل قليل، قرارنا واءم ما بين الرؤية الاستراتيجية والحاجة إلى مساندة غزة ومُراعاة المصالح الوطنية اللبنانية، بالنهاية نحن نعيش في بلد فيه صعوبات وفيه تعقيدات وفيه ظروف وتحدّيات، واءمنا بين هذا كلّه وذهبنا إلى هذه الصيغة من القتال وهو قتال فعّال جدًا وقوي جدًا وكبير جدًا، مئات العمليات نُفّذت حتى الآن، أعداد كبيرة من الشهداء، من الجرحى، من التضحيات، مكاسب وإنجازات كبيرة مُهمّة في الميدان، سأحكي عنها يوم الجمعة إن شاء الله، هذا كلّه تشويق من أجل يوم الجمعة.
لكن هناك ما هو أعظم وأهم من بركات هذا الدخول في 8 تشرين الأول يجب أن أُلفت عنايتكم ونظر اللبنانيين إليه، والذي تبيّن فيما بعد ممّا انكشف من مُناقشات حكومة العدو وخصوصًا الحكومة المُصغّرة. انظروا إخواني وأخواتي يوم 7 تشرين الأول و8 تشرين الأول الإسرائيلي جنّ، صار عنده حالة جنون وحالة غضب شديد، طبعًا الخشية على الوجود هذا الذي سمّاه “غانتس” حرب البقاء الثانية، ترك نوع من الوحدة الوطنية والخروج فوق الانقسامات التي كانت سائدة، إذًا هذه فرصة، تمّ استدعاء الاحتياط، صار هناك ما بين عسكر نظامي واحتياط أكثر من 500 ألف ضابط وجندي، هذه فرصة، استنفر كلّ أسلحته وكلّ إمكاناته، والأمريكي جاء بسرعة على المنطقة، هذا طُرح بالحكومة الإسرائيلية، هذا تبيّن لاحقًا، هذه من بركات مُسارعة المقاومة في لبنان إلى فتح الجبهة -الآن سأشرحها – فتبيّن معهم أنّه نحن كإسرائيل الآن فرصتنا التاريخية لننتهي من التهديد، حماس والجهاد والفصائل في غزة فلنمسحهم، إذا بعد وهو ما زال موجودًا نواة وفصائل مقاومة في الضفة فلنمسحهم، لبنان فلنمسحهم، الآن فرصتنا لننتهي من تهديد المقاومة في لبنان، من تهديد حزب الله في لبنان، والآن العالم كلّه معنا والعالم كلّه جانٍ معنا ويعتبر أنّه نحن مظلومين ونحن منكوبين، الآن فرصتنا التاريخية. لكن هذه الحرب على لبنان منعها أمران:
الأمر الأول، مُسارعة المقاومة إلى فتح الجبهة أفقد العدو الإسرائيلي عنصر المفاجأة، لو كانت جبهة لبنان هادئة أيّها الإخوة والأخوات في 8 تشرين و9 و10و11و12 لاستيقظتم في وسط الليل وإسرائيل تُدمّر كلّ شيء في هذا البلد، لأنّ المجتمع الدولي معها وكلّ العالم معها وفرصتها التاريخية، وكانوا يُفكّرون جدّيًا في هذا، لكن المقاومة التي فتحت الجبهة واستنفرت وهو يعرف أنّه نحن في 8 و9 تشرين الأول استنفرنا كلّ قدراتنا الصاروخية واستنفرنا عسكرنا وأفرغنا مُعسكرات تدريب وأخدنا كلّ إجراءات احتمال الذهاب إلى حرب أسقط منه عنصر المفاجأة.
والأمر الثاني، قوة المقاومة في لبنان، عظمة المقاومة في لبنان، شجاعة وجرأة وثبات المقاومة في لبنان، هذا تعرفوه، وأنّه إذا دخل بحرب مع لبنان وهو ذاهب ليشن حربًا على غزة، هنا طبعًا إذا الأمريكي له عمل هو النصيحة أنّه يا جماعة “بتفوتوا بالحيطان”، ليس من أجل اللبنانيين بل من أجل الإسرائيليين، وأنّ الحرب مع لبنان ستكون مُكلفة وباهظة وقد تُهدّد وجود الكيان، ولذلك هم اعتبروا أنّ ما بدأوه بغزة قد يُرعب اللبنانيين، تعرفون أهم رسالة ارسلتها المقاومة في لبنان في 8 تشرين الأول و9 تشرين الأول عندما فتحت جبهة الحدود من البحر إلى جبل الشيخ أنّها مقاومة شجاعة، جريئة، قوية، لا تهاب أحدًا ولا تخاف من أحد وليست مردوعة وليست لها أي حسابات يمكن أن تقف في طريق الدفاع عن شعبها ووطنها، هذه هي الرسالة القوية..
ولذلك صار نقاش وصار خلاف ولم يستطيعوا أن يأخذوا قرار، هناك جنرال إسرائيلي واضح تكلم مرتين ‏وثلاثة قال: أنا ذهبت عند نتنياهو وجلست معه مرتين وقنعته بأنه وإياكم أن تفتحوا معركة مع لبنان لأن ‏هذا سيؤدي إلى تدمير منطقة غوش دان “بتعرف شو يعني وين غوش دان هذا المستطيل لعند تل أبيب لمجمّع ‏فيه ثلاث أرباع إسرائيل”، الذي منع إسرائيل حتى الآن من شن العدوان على لبنان هو أن في لبنان قوة ‏وأن في لبنان مقاومة وأن في لبنان رجال لله وهذا واقع الحال.‏
ما نقوم به على الحدود لو كانت هذه القوة للمقاومة ليست موجودة الآن ممكن أن يكونوا الشباب يتحدثون ‏بال700 عملية أو أكثر، عملية واحدة كانت كافية لتشن إسرائيل حرب على لبنان فيما مضى، لماذا لم تفعل ‏ذلك؟ هل لأن لبنان ضعيف؟ هل هي محترمة المجتمع الدولي والقرارات الدولية “وهالحكي السخيف” أم لأن ‏لبنان قوي ويرد الصاع صاعين؟ كل ما تسمعونه أيها الأخوة والأخوات من تهديد ووعيد، انظروا أمس ‏اعتدوا على الضاحية والذي صار أمس خطير جداً، يوجد عنوانين: يوجد قتل الشيخ صالح واخوانه وهذا بحد ‏ذاته جريمة عظيمة وكبيرة، ويوجد ضرب في الضاحية وهذا أول مرة يحصل في هذا الشكل بعد ال2006، ‏أمس ليلاً أتت رسائل وبعض المسؤولين الإسرائيليين تحدثوا عبر الإعلام أنهم لم يقصدوا لبنان ولم يقصدوا ‏حزب الله وحزب الله ليس معني بالذي حصل، نحن لدينا مشكل مع قيادة حماس صفينا حسابنا مع قيادة ‏حماس وأنتم ليس لكم خصة.‏
هذا الكلام على من يمرق؟ على الأطفال، على الجبناء، كل ما تسمعونه من تهويل وتهديد، طبعا أنا الآن لا أريد ‏أن أُهوّل ولا حتى هدد، أنا سأستند على كل الماضي لأقول جملتين في نهاية الكلمة.‏
الجملة الأولى: نحن حتى الآن نُقاتل في الجبهة بحسابات مضبوطة ولذلك ندفع ثمناً غالياً من أرواح شبابنا، ‏وسوف أفصّل يوم الجمعة، ولكن إذا فكّر العدو أن يشن حرباً على لبنان حينئذٍ سيكون قتالنا بلا سقوف بلا ‏حدود بلا قواعد بلا ضوابط وهو يعلم ماذا أعني، رجالنا صواريخنا قدراتنا إمكاناتنا تهديدنا كل ما ذكرناه ‏في السنين الماضية، الآن يمكن نتكلم فيه كتير وما يفيد، يكفي أن أُذكّر فيه لأقول: نحن لسنا خائفين من الحرب ‏ولا نخشاها ولا مترددين ولو كنا خائفين كنّا وقّفنا على الجبهة والأميركان هددونا وأتوا الفرنسيين بلغونا ‏رسائل طويلة عريضة والإنكليز والألمان ولم يبقى أحد، هل توقفنا؟ هل تراجعنا؟ هل ترددنا ؟ ‏أبداً.
من يفكر بالحرب معنا بكلمة واحدة سيندم إن شاء الله، الحرب معنا ستكون مكلفة جداً جداً جداً، إذا كُنا حتى الآن ‏نُداري الوضع اللبناني والمصالح الوطنية اللبنانية، فإذا شُنّت الحرب على لبنان فإن مُقتضى المصالح ‏الوطنية اللبنانية أن نذهب بالحرب إلى الأخير بدون ضوابط.‏
فيما يتعلق بالحادثة أمس المقاومة وعدت وإن كانت في ظروف مختلفة لم تكن هناك حرب وتغيير في كثير ‏من معادلات الصراع ولكن هذا لن يغيّر من الوعد شيئاً، الجريمة أمس هي جريمة كبيرة وخطيرة ولا يمكن ‏السكوت عليها والأمر لا يحتاج إلى الكثير من الكلام، وكما قُلنا في بيان حزب الله أمس: هذه الجريمة ‏الخطيرة لن تبقى دون ردٍ وعقاب لن تبقى دون ردٍ وعقاب وبيننا وبينكم الميدان والأيام والليالي، وإلى اللقاء ‏إن شاء الله.‏

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى