مقالات مختارة

نواب قلقون في 8 آذار: قد نخسر الانتخابات

 

رضوان عقيل | كاتب وباحث لبناني

لا همّ يسيطر على أولويات الكتل والاحزاب السياسية في الآونة الاخيرة اكثر من الانتخابات النيابية المقرر إجراؤها في الربيع المقبل، نظراً الى أهميتها الفائقة في حسابات محلية وخارجية يحتلها هذا الاستحقاق. وتبقى الانظار مشدودة الى جواب المجلس الدستوري عن الطعن الذي قدمه تكتل “لبنان القوي” بالتعديلات التي أُدخِلت على قانون الانتخاب في جلسة عاصفة بين الافرقاء، ولا سيما بين نواب “التيار الوطني الحر” وحركة “أمل”، وانتهت الى تطيير الدائرة الـ 16 ونوابها الـ 6 وحسم مسألة اقتراع المغتربين في الدوائر الـ 15 على غرار دورة 2018. وكانت النقطة الخلافية الابرز احتساب النصف زائدا واحدا على اساس 65 نائباً وهو ما يتمسك به العونيون، أم 59 نائبا. وتبقى هاتان النقطتان في صلب الطعن والجواب الذي سيخرج به “الدستوري”. ولن تقتصر ارتداداته على الطعن الحالي بل سيشكل سابقة يتم الرجوع اليها كلما وقعت ازمة من هذا النوع عند التطرق الى مسألة احتساب النصاب وكيفية التعاطي مع المادة 57 من الدستور التي تجيز لرئيس الجمهورية الحقّ في اعادة النظر في القانون مرة واحدة وردّه الى البرلمان. ويمكن النظر من منظارين الى اين ستصل خاتمة جواب المجلس الدستوري: الاول دستوري والثاني سياسي.

في السياسة، أخذت أكثر من كتلة افرادا يستعدون للترشح حيث يعملون على “تحسّس” رؤوسهم قبل تلك المعارك المنتظرة والخشية من وطأة اصوات المغتربين لأن معدلات التسجيل فاقت توقعات البعض. وعندما حسم البرلمان مسألة تصويت المغتربين في كل الدوائر نشطت ماكينات الاحزاب في الخارج، ولا سيما منها المسيحية، فضلاً عن حضور لابأس به في صفوف ناشطين في المجتمع المدني واكثرهم في سن الشباب. واذا كانت القوى المناوئة لـ “حزب الله” قد رحبت بالتعديلات، فان جهات في 8 آذار، ولا سيما في صفوف العونيين وجهات اخرى، اضافة الى نواب مستقلين، قد رفعوا الصوت عاليا عند اكثر من مرجع واطلقوا جملة من التحذيرات. ويردد نائب ناشط في جلسات ضيقة: “يا جماعة الخير احذروا… قد نخسر الانتخابات من جراء هذا الطوفان الاغترابي”. ويسمي هذا النائب مجموعة من النواب سيخسرون مقاعدهم اذا لم يقدم “الدستوري” على قبول طعن الفريق العوني. وثمة تحذير يستند هنا الى ارقام وصلت الى مرجعيات بأن عددا من النواب في صفوف 8 آذار سيلقون الخسارة المحتمة حتى لو كانوا يستندون الى قواعدهم في الداخل. وتبقى الخشية عند هؤلاء من ان العدد الاكبر من أصوات المغتربين التفضيلية سيوضع في سلة “القوات اللبنانية” وحزب الكتائب ووجوه مسيحية بارزة في جبل لبنان والشمال، وصولا الى دوائر ستشهد صراعا انتخابيا مثل دائرتي زحلة والبقاع الغربي وبعلبك – الهرمل. وثمة جهات توقفت عند ارقام المسجلين في دائرة بيروت الثانية وأكثرهم من السنّة من دون التقليل من مواجهة ساخنة ستدور في دائرة بيروت الاولى (الاشرفية).

وعندما وصلت تفاصيل ارقام المسجلين في الخارج الى مراجع ورؤساء كتل، سارعوا عبر ماكيناتهم الى الحصول على ارقام هؤلاء في كل دائرة، ولم يكتفوا بذلك بل طلبوا معرفة توزعهم على الاقضية والى اي مذاهب ينتمون. وعلى سبيل المثال، اذا تسجل ناخب مسيحي في دائرة صور (4 نواب شيعة) فان التعاطي معه يختلف عن المسيحي ابن كسروان (5 موارنة). واذا كان التباين الكبير بين “التيار الوطني الحر” وحركة “أمل” قد بقي على حاله، فان حليفهما “حزب الله” لن يقف متفرجاً على هذا الكباش مع خطورة استمراره الى يوم الانتخابات. وتخرج اصوات نيابية في 8 آذار تقول انه “من غير مصلحتنا” التفرج على تصفية الحسابات بين النائبين جبران باسيل وعلي حسن خليل، وانعكاس علاقتهما السلبية على فريقهما وعلى “حزب الله” ايضاً.

وبالعودة الى المجلس الدستوري، فقد انهى العضو المقرر إعداد تقريره وجرى توزيعه اول من امس على الاعضاء الـ 10 والمباشرة باعداد الملاحظات عليه. وستصبح جلسات المجلس مفتوحة بدءاً من الاثنين المقبل للتوصل الى تقديم جواب نهائي. وتبقى اكثر النقاط التي تجري مناقشتها والتعليق عليها كيفية احتساب النصف زائدا واحدا في الجلسات النيابية. وورد في متن التقرير دعوة الى “وقف تنفيذ” القانون مع عدم ميل العدد الاكبر من الاعضاء الى السير بهذه النقطة. وورد في التقرير ايضا التشديد على تثبيت ان النصاب المطلوب هو 65 نائبا وليس 59 كما ورد في التعديلات، مع الاشارة الى ان هذه المسألة حساسة جداً حيث لا يتم التعاطي معها من خلال التعديلات في قانون الانتخاب فحسب، بل سيصار الى الرجوع اليها في محطات مقبلة، ولا سيما ان قرارات المجلس الدستوري ملزمة ولا يمكن تخطيها او القفز فوقها. واستند المقرر في معرض تقديم رده الى دستور العام 1926 والتعديلات التي ادخلت عليه في 1927 مع المرور على وقائع في محطات “الجمهورية الثالثة” في فرنسا. ويؤكد المتحمسون لاحتساب النصف زائدا واحدا على اساس حذف النواب المتوفين والمستقيلين من الـ 128. ويعطون مثلا على ذلك: ماذا لو توفي او استقال خمسة نواب آخرين، عندئذ يستحيل الوصول الى 65 نائبا وتأمين “الغالبية المطلقة” من مجموع الاعضاء الذين يؤلفون البرلمان قانوناً. وجاء في متن التقرير الاولي ايضاً التوجه لتثبيت الدائرة الـ 16 وحصر انتخاب المقترعين في ستة نواب فقط. وفي حال قبول بند الطعن باقتراع المغتربين في الدوائر الـ 15 ستكون له جملة من الانعكاسات على توجّه المسجلين في الخارج.

[email protected]

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى