كتاب الموقع

كتب مفيد سرحال | القبَّةُ المثقوبةُ والرَّدعُ المعطوبُ والكيانُ الزائل

مفيد سرحال | كاتب وباحث في الشؤون السياسية

لم يكن الكيان الصهيونيُّ الغاصب منذ نشأته  أقرب من الاضمحلال المعنويِّ والزوال الماديِّ كما هو راهنًا،حيث يعيش أزمة وجودية  لم تفلح القيادة السياسية العبرية ويمينها الممتلئ عجرفة وغطرسة غفيرية (نسبة لبن غفير)   في إخفاء ملامحها الماثلة للعيان. ولا مجال في هذه العجالة من ذكر الكمِّ التراكميِّ للتعليقات والتصريحات الصادرة عن العسكر والساسة ووسائل الإعلام التي تدلل على حجم المأزق التاريخي وتداعياته الموسومة  بالنكوص الدراماتيكي للمناعة المجتمعية الصهيونية والتنابذ الحادِّ بين المكونات القائمة أصلا على تراتبية تعتمل فيها الدونية والتمايز الطبقي ،والأهم والأخطر الاهتراء المشهود في منظومة الردع إزاء هيبة و رهبة قوى المقاومة -سواء داخل فلسطين -التي تغلي على جمر حرب شعبية تحررية تجسدت في الضربات النوعية الجامدة في قلب المدن المسيجة بالأمن الإحترازي والتدابير الوقائية الصارمة أم خارج فلسطين ،مما حول فكرة الأمن الصهيوني التي شكلت شماعة كينونة (الدولة) وديمومتها إلى مهزلة للتندر  يتلاعب فيها شبان صغار لم ينسوا بعد موت الكبار أرض أجدادهم السليبة.وكما في الداخل المنتفض الراعب كذلك على حدود فلسطين الشمالية فالمشهد يشهد حيث انبرى قادة الاحتلال إلى التسابق إلى إعلان براءة حزب الله من بارود الثلاثين صاروخًا التي أطلقت من شمال لبنان دعمًا للمنتفضين في الأقصى وذلك تحاشيًا لخوض مغامرة غير مضمونة النتائج مع أسود الله في الميدان الذين سبق  وأذلوا بجدارة واقتدار  نخبة النخبة في عدوان 2006 واستعادوا حقوق لبنان القومية في البحر أثناء التفاوض حول حقول الغاز بإشارة من إصبع سيد المقاومة سماحة السيد حسن نصرالله تجاه منصات كاريش وما بعدها وإصبع الجليل وما بعده.ما تقدم يعني فيما يعني أنَّ قوة الردع المقاوم دفنت إلى الأبد سيكولوجيا الهزيمة التي عششت ردحًا من الزمن في الذهن العربي ودفنت معها العتو الصهيوني والعنجهية العسكرية للجيش الخائف المذعور من مفاجآت المقاومة وقدراتها  ،وما الاختباء خلف اتهام الفصائل الفلسطينية والرد على المناطق المفتوحة وبساتين الموز والليمون في لبنان وفلسطين سوى الدليل القاطع على انزياح الكيان وانزلاقه مُكرهًا من وضعية الرَّدِّ الفاعل  إلى الرَّدِّ الخُلَّبي العاجز من باب رفع العتب وحفظ ماء الوجه.ولعلَّ التشبيك المحكم بين قوى محور المقاومة والاستعداد التكافلي الصلب من إيران إلى اليمن وسوريا والعراق ولبنان وفلسطين مشفوعًا بالسؤال (ماذا لو تحركت منصات الصواريخ من دول المحور دفعة واحدة فأي مصير منتظر؟؟) تهيبه قادة الاحتلال إذ لم يسجل منذ عقود جهوزية عملانية تأخذ هذا الطابع الشمولي في الردِّ والمواجهة كما حصل مؤخرًا، وهذا ما جعل العدو المنهك بالفعل المقاوم داخل فلسطين والمتصدع شعبيًّا وسياسيًّا تحت تأثير الحركات الاعتراضية التي كادت توصل إلى احتراب دموي أهلي ،وإلى إعادة حساباته وقراءة خارطة الردِّ الصاروخي المتعدد الاتجاهات، والانكماش التكتي على الذات العاجزة .لقد أدرك القادة الصهاينة أن وجبة الصواريخ من الأراضي اللبنانية  إلى المستوطنات لم تكن مجرد حركة عسكرية عادية أو ردة فعل ظرفية انفعالية غايتها التنفيس عن غضب يحتقن في النفوس بقدر ما هي إشارة ضوئية لمعركة شاملة ستنفتح معها نار جهنم على الكيان المضطرب وفرصة استراتيجية في الظرف الملائم تتواءم مع الخلل الوظيفي الذي يعتريه جراء التصدع البنيوي ناهيك عن المجازفة القاتلة في حرب تخشى معها انقلاب المعادلات وبروز تحولات في الميدان تشكل ضربة قاصمة للكيان تتلاشى معه فكرة الدولة المستعمَرة المستمرة بمنشطات الغرب الجماعي وعلى رأسه اميركا. ومما ضاعف شعور القادة الصهاينة بأنَّ شيئًا ما مفصليَّ النتائج يُحضره محور المقاومة!!! لملاقاة الوعد الإلهي ….إضافة للحال الآنفة الذكر وبالتزامن مع ما تحدثت عنه وسائل إعلام وصحف عبرية عن أن الطيران المدني الصهيوني وإبان الغارات على سوريا الأسبوع المنصرم تعرضت راداراته للتشويش ما أجبر عددا غير قليل من الطائرات المدنية الصهيونية العودة إلى حيث انطلقت وعاشت (اسرائيل) حسب الصحف الصهيونية ساعات من الإرباك  والهلع غير المسبوقَين في تاريخها وهذا إن دلَّ على شيء فإنه يشي بوجود غرفة عمليات مشتركة لدى محور المقاومة تخطط وتمهد للمعركة الفاصلة.إنَّ تضافر جهود قوى المقاومة أمر حيوي يتجه إلى مزيد من التساند والتعاضد والتخطيط المحكم في أي مواجهة محتملة فالعدو الصهيوني الذي اعتاد على العربدة والاستعراض الدموي والحروب الخاطفة والنصر السريع الحاسم بات يلتحف القبب المثقوبة..ويتلطى خلف قرارات (الكابينت) المرتبكة ، ردعه مثقوب وأمنه مثقوب وبالتالي إمكانية دخول جمل من ثقب إبرة أسهل بكثير من نجاته واستمراره ومَنْ يعش يرَ…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى