كتاب الموقع

كتبت ليندا حمّورة | ومن الحب ما قتل

ليندا حمّورة | كاتبة وباحثة لبنانية

عندما تولد الجريمة، يسبقها عذرها، وتموت الضحية في حين تتكاثر السيناريوهات. تتغلب الأكاذيب على الواقعية، وتبقى الحقيقة في سُبات عميق، تطوى وتُنسى ويصغر حجمها كأيّ مصيبة حتى تتلاشى وتغيب عن مسامعنا.
استحضرتُ أمس تلك الوقائع التاريخية التي تحمل أسماء عشاق تركوا قصصهم خلفهم ورحلوا، وتساءلتُ! هل ما زلنا نشهد حبًا حقيقيًا يشبه حب روميو لجولييت؟
قمت برحلة بعيدة استكشفت فيها صفحات التاريخ العابقة بقصص الحب والهيام، وغمرتني ببحر الحب ومفاهيمه وأسسه. قمت بالتوقف للحظات قليلة أمام عتبة الجرائم الناتجة عن العشق والهيام، وجسدتُ خيالي في رواية “الجريمة والعقاب” للكاتب الروسي فيودور دوستويفسكي. تُسلط الرواية الضوء على تأثير الحب والعواطف في حياة الشخصيات، وكيف يؤدي الحب والمشاعر العاطفية إلى اتخاذ قرارات تؤثر على مسار الأحداث. وقدّم دوستويفسكي صورة معقدة للنفس البشرية وتأثير العواطف والمشاعر على تصرفات الأفراد.
عادت أفكاري إلى واقعنا المرير، ورأيتُ بعمق صورة تلك المرأة التي قتلها حبيبها أمام أعين والديها. تساءلتُ في نفسي، هل قتلها لأنها امرأة شرقية؟ أم لأنه يحبها بجنون ورفض أن تكون لأحد سواه؟ لا يمكن لعاشق من طرف واحد أن يقتل عشيقته ما لم يكن هنالك قصة حب كبيرة بينهما. لا أقوم بالدفاع عن صاحب الجريمة، لكني أحاول أن أفهم دوافعه ومشاعره التي أدت إلى ذلك.”علماً أنه في شتى الأحوال هو قاتل بمفهوم الحالة العاجلة (Heat of Passion): قد يكون القتل المتعمد نتيجة انفعال شديد يعرف باسم “الحالة العاجلة”، حيث يفقد الشخص السيطرة على عواطفه بسبب موقف مؤثر أو إهانة أو غيرها، ويقترف الجريمة على وجه السرعة بسبب هذه الحالة النفسية المشوهة، هذا هو التحليل الأكثر شيوعاً في مجتمعنا، حيث يبررون فعل الجريمة باسم الحالة النفسية المريضة. الجريمة حدثت ومات بطلاها ودُفِنَ سرهما معهما، ويبقى التأثير السلبي الذي خلّفته هذه الواقعة، وذيولها النفسية على عوائل الضحيتين ومعارفهما.
‎وفي سؤال آخر حول ما إذا كانت المرأة الشرقية مستهدفة ومستضعفة دائمًا، هل الخيانة مسموحة للرجل الشرقي وممنوعة على المرأة؟ وهل هناك خيانة ناتجة عن عبث أو مزاجية، أم أنها ردة فعل لفعل أكبر منها بكثير؟
‎أخيراً، يجب أن نتحد جميعًا كمجتمع عالمي للقضاء على جرائم القتل المتعمد للنساء وجميع أشكال العنف القائم على النوع الاجتماعي. يجب أن نتذكر أن المساواة بين الجنسين ليست مجرد حق طبيعي وأخلاقي، بل هي أيضًا أساسية لبناء مجتمعات قوية. وعلينا أن نعمل جميعًا نحو بناء مجتمع يحترم حقوق الإنسان ويضمن الأمان والكرامة للجميع بغض النظر عن جنسهم أو ثقافتهم أو خلفيتهم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى