كتاب الموقع

كتبت د . نازك بدير | الثّابت والمتغيّر في الانتخابات اللبنانية

الدكتورة نازك بدير | باحثة اكاديمية واستاذة جامعية

ماذا بعد عزوف الحريري عن خوض الانتخابات النيابيّة؟ هل ستكرّ السّبحة من بعده، ونشهد إعلان انسحابات، سواء من تيّار المستقبل، أو من غيره من الأحزاب اللبنانيّة؟ ماذا عن العازمين عن المضيّ قدمًا نحو هذا الاستحقاق؟ هل بقيت تحالفات يعوّلون عليها تضمن فوز لوائحهم الانتخابيّة؟ أم أنّهم لا يزالون يراهنون على قواعد شعبيّة أصيب معظمها بشرخ في البنية العميقة، نتيجة خيبة الأمل على خلفيّة سوء إدارة الأزمات الاقتصاديّة، والسياسيّة، والمعيشيّة، والاجتماعيّة،
والحياتيّة؟
صحيح أنّ الموعد المقرر للانتخابات هو في أيّار المقبل، لكن حتّى اللحظة، لا شيء يبدو محسومًا، الخيارات جميعها مفتوحة، سواء حصول الانتخابات، أو تطييرها من الدّاخل، بسبب معرفة بعض الأطراف أنّ النتيجة لن تكون لصالحها، أو من الخارج بالتعاون مع جهات داخليّة، لإغراق البلد في المزيد من الفوضى، وسحْبه مجدّدًا إلى أتون الفتن، وحروب
الشّوارع.
عند أوّل مفترق، وكما في كلّ مرّة، ما إن ينهي أحد الزّعماء كلمته الأخيرة، حتّى تكون الفوضى قد عمّت الشّارع، فالخطاب الفتنوي حاضر، الإطارات سرعان ما تشتعل، وتقُطع مفاصل العاصمة والمناطق. السّيناريو نفسه يتكرّر، والخاسر الأكبر هو الوطن، في الوقت الذي يقفل فيه الزّعيم باب مكتبه، ويتابع إجراء حساباته، ويصمّ أذنيه عن الأصداء المتناهية عبر الجدران.
على الرّغم من لعبة التّحالفات التي تقوم بها بعض الكتل في سبيل حفْظ ماء وجهها للمرحلة القادمة- هذا إن حصلت الانتخابات- وبعضها الآخر الذي يتغنّى بضمان الفوز، إلّا أنّ الثّابت، حتّى الآن، غياب الرؤية، والبرنامج لإنقاذ لبنان من الكوارث التي يغرق فيها. اعتادت غالبيّة القوى الحزبيّة اجتراح العناوين الخاوية من أيّ خطّة عمل واضحة، كونها تعلم أنّ جماهيرها تتلقّى ما يتمّ بثّه على أنّه برنامج متكامل. فالسّياسة باتت تشبه فنّ التّسويق لمنتج انتهت صلاحيته.
مع كلّ استحقاق انتخابيّ، قد تتغيّر أسماء المرشّحين، لكن، في الواقع السّياسي، الحال نفسه، يبقى على ما هو عليه. دمى تتحرّك على مسرح الأحداث، وخلف السّتارة، الثّابت الوحيد» قائد الأوركسترا» يدير البلد، إلى أن يقضي الله أمرًا كان مفعولًا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى