كتاب الموقع

كتبت د . رولا حطيط | متى تكون مقاوماً وحرّاً ومع الحق ؟

الدكتورة رولا حطيط | رئيسة المرصد العربي لحقوق الإنسان والمواطَنَة

عندما لا تقبل التقاضي مع المحتل في محكمته ….!

عندما لا تعترف بوجود المحتل وبكونه جديراً بالتحكيم معك بوصفك ضحية وليس صاحب أرض!

عندما لا توقع أوراقًا واتفاقات معه ، فهم جاؤوا إلى الأرض غصبًا وعليهم أن يرحلوا غصبًا ودون شرط!

عندما لا تتبنى منطق الضحية إنما منطق الاقتلاع ومعادلة الوجود بالوجود ، وبالتالي خوض صراع وجودي بين أن يكون المحتل أو أن تكون أنت على الأرض !

عندما يصير الألم والمعاناة جزء من وجودك هذا لتواجه قسوة الواقع ، ولعلها فرصة من أجل إعادة الترميم، ومواصلة البحث عن الذات وسط هذا العذاب الذي تسببه تجربة الوجود!

عندما تمتلك عقلاً صلباً يتحمل الخسارة في كل مراحلها، فهناك لحظات يجد فيها الإنسان نفسه مجبرًا على خوض تجربة الوجود المحفوفة بالألم، ولا يملك إلّا تحمل ذلك لو أراد الاستمرار وطلب المزيد، ولعل ما يميز الكائنات البشرية هو هذه القدرة على التحمل، وفيها يتضح أنّ البقاء للأقوى هو أحد قوانين الطبيعة، فأن يكون المرء قوياً يعني أن يكون مستعداً لممارسة وجوده بكل ما فيه من تحديات، وأن يتهيأ للخسارة باعتبارها جزء من اللعبة، وهكذا يمكن أن يتحملها إذا كان قادرًا عليها، وقد يستسلم إذا كانت وتيرة الانهيار واليأس بلغت حدودها، وكل فرد يستطيع إذا اتخذ القرار !

عندما تعلم أنّ الحياة ليست منصفة إلى درجة أن تمنحنا كل ما نشتهي، وليست جميلة لكي تزيح من طريقنا كل ما قد يعكر مزاجنا، وليست عادلة لتأخد حقنا ممن ظلمنا، وليست رحيمة لكي تأخذ ضعفنا بعين الاعتبار، هي أمور تندرج ضمن قوانين الحياة، وبالتالي لا ينبغي أن نتذمر من حصول هذه الأمور، أو أن نغضب إذا كان حظنا سيئا حتى لو صار الألم من نصيبنا!

عتدما تكون صامدًا في وجه الحياة، لتعيشها على النحو الذي يناسبك وبالطريقة التي تشتهي، فالصمود يعني تحمل الألم رغم قساوته، فأن تصمد في قمة يأسك، وأن تتحمل رغم ما فيك من انهيار، فذلك يدل على أنّك أقوى مما تظن، أنت أقوى من أن تُميتك الحياة قهرًا رغم ضعفك، ورغم قلة حيلتك، لأنك عرفت أنّ الصمود هو المفتاح أمام ما تختبرنا به الحياة من انتهاكات، والصمود هو الطريق الذي يقوّي ذلك الجزء الضعيف منك، وهو الذي يهيّئك للقادم من الضربات، وهو الذي يؤجل موعدك مع الانهيار، وبقدر ما يتأجل الانهيار يكتسب المرء قوة مضاعفة ترمم جانبه الضعيف، وتسعفه بما يكفي من القدرة على تحمل المزيد.!!!

وفي النهاية علينا أن نعلم بأنّ المرء يخوض صراعاً كبيراً بينه وبين نفسه كُل يوم مع ألف هَم وألف حُزن وألف ضَعف ليخرج أمامنا بكُل هذا الثبات!!!
دمتم أحرارًا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى