كتاب الموقع

قراءة في كلمة السيد الرئيس بشار الأسد إلى الشعب السوري

الدكتور حسن احمد حسن | باحث سوري مختص بالجيوبوليتيك والدراسات الإستراتيجية

تناولت الدراسة في الجزء الأول الذي تم نشره بالأمس مقدمة وعدداً من العناوين الفرعية المتعلقة بأهم الأفكار والمعاني والدلالات والرسائل التي تضمنتها كلمة السيد الرئيس بشار الأسد إلى الشعب السوري بعد إعلان نتائج الانتخابات، ونكمل في هذا الجزء تسليط الضوء على عناوين فرعية جديدة يجب التوقف عندها، ومنها:
• فضح النفاق عند الأعداء والخصوم:
القانون الدولي يتضمن سيادة الدول، والحق المشروع في الدفاع عن الأوطان، ولذلك كان السوريون يقدمون تعريفهم للوطنية في كل فصل من فصول الصراع المزمن، ولأن هذا التعريف يمنح السوريين الحق في قول “لا” لمن يريد استباحة الوطن كان المعسكر المعادي يستبعد التعريف السوري، ويرفض التعامل معه رغم أنه ينطلق من الواقع، لكنه الواقع المتناقض مع مصالح العدوان واستباحة الأوطان، فأصحاب القرار في المعسكر الآخر يدركون أن السوريين على حق، لكن يتعامون عن هذه الحقيقة التي تعري زيفهم وتفضح عدوانيتهم، فيعيشون ثنائية غريبة عجيبة، إذا أن الواقع الذي يبصرونه بأم العين ينسجم والخطاب السوري، لكن يتناقض وما رسمته العقول المغلقة على صورة مطلوبة يتم الانطلاق من افتراضية قيامها تمهيداً لفرضها على السوريين الذين أبدعوا في كل مرة بإثبات أن أعداءهم منفصلون عن الواقع، ويعيشون العمه العقلي بكل ما تعنيه الكلمة، وأمام هذا التناقض المركب لا يجد السوريون أمامهم إلا التمسك بحقائق الواقع التي تؤكد فشل السياسات التي يعتمدها أطراف المحور المعادي، والإخفاقات المتتالية والمتراكمة التي تمنى بها مشاريعهم، ومع ذلك يستمرون بالإنكار، لأن الإقرار بحقيقة ما هو قائم يفضح النفاق والكذب والتدجيل والتضليل الذي يمارسه المحور المعادي المدعي حرصه على حقوق الإنسان والديمقراطية، وتبين أنهم في الدرك الأسفل من الانحطاط الأخلاقي بعدوانيتهم المفرطة ضد إنسانية الإنسان، والضرب عرض الحائط بكل الأعراف والقوانين الدولية وقيم المجتمع الإنساني، وهذا يعني أن الشعارات المرفوعة ليست أكثر من كلام حق يراد به الباطل الصرف للتغطية على انحطاط المبادئ والأخلاق التي ينطلق منها أعداء سورية والإنسانية، ويحق للشعب السوري أن يفاخر بأنه كسر إرادتهم وأظهر حقيقتهم العارية من كل ما له علاقة بالإنسانية وحقوق الإنسان.
• السبات الإرادي والتفكير القسري:
على امتداد فصول المواجهة المفتوحة أدمن الأعداء تجاهل مضامين الرسائل السورية المستندة إلى الواقع والمنطلقة منه، وبقوا مصرين على تغييب الذهن وكأنهم في سبات عميق، لكنه السبات المفتعل بإرادة مسبقة لا تريد أن ترى الواقع، فكان لزاماً على السوريين إيقاظ أولئك من سباتهم الإرادي عبر الطوفان البشري الذي اجتاح الساحات والشوارع ومراكز الانتخاب، ولم يعد بإمكان من استمرأ نكران الحقيقة أن يشيح وجهه ، فحيثما نظر، وأنى التفت يرى الملايين السورية نزلت لتقول كلمتها، وأية ذريعة يتم تسويقها لنكران هذا الواقع القائم المعاش تصطدم بنقل مباشر بالصوت والصورة يلزم المتغافلين على فتح أطراف أعينهم فتأتي المفاجأة الصاعقة والصادمة، ويرغم المتناومون على الاستيقاظ وفتح الأفواه مشدوهين من الملايين تتلوها الملايين، والجميع يؤكد التفاف أبناء الوطن حول قائده المفدى السيد الرئيس بشار الأسد، وقد تنوعت الرسائل السورية بالشكل والمضمون، والجميع ساهم بشكل أو بآخر بإيصال الرسالة التي وصلت رغم الحواجز والعقبات، فلا قوانين الضغوط الأقصى والعقوبات والحصار استطاعت منع السوريين من النزول إلى الشارع والمشاركة بممارسة حقهم وواجبهم الدستوري بانتخاب رئيس الجمهورية، ولا قوانين السموات المفتوحة وتكريس الامبراطوريات الإعلامية المتخصصة بالحرب على الوعي استطاعت أن تخترق الوعي المجتمعي السوري الذي استطاع وبكفاءة عالية إيصال بعض معالم الصورة الحقيقية للعالم أجمع فأسقط في يد الذين ظلموا ونافقوا وكذبوا ودجلوا، ولم يعد بمقدورهم الهروب من الواقع الذي وصل الرأي العام المضطرب والمدهوش بعد رؤية الحقيقة التي عبر فيها السوريون عن إرادتهم الحرة، فأرغموا أعداءهم على التفكير القسري بالحقيقة المؤلمة التي تقول إن إرادة السوريين عصية على المصادرة أو التهميش أو التذويب، وهذه الإرادة تعبر بوضوح عن التفاف الشعب السوري حول شخصية السيد الرئيس، وتبنيهم كل مفردات السياسة التي يعتمدها دفاعاً عن الوطن، وتحصين هويته وثوابته.
• رسائل التحدي وقلب الموازين:عندما تخرج الملايين إلى صناديق الاقتراع، أو للاحتفال في الساحات والشوارع فالموضوع يتجاوز الاندفاع الوطني والعاطفة الشخصي، بل يتجاوز حتى أداء واجب وطني وهو المشاركة في الانتخابات الرئاسية، وبخاصة أن الخروج بمئات الآلاف وبالملاين كان قبل موعد الانتخابات، واستمر مع تنفيذ هذا الاستحقاق الدستوري، وبقي إلى أن أعلنت النتائج، ويمكن القول إنه بلغ الذروة بعد إعلان النتائج، وكأن السوريين يريدون أن يفهموا الخارج بأنهم يتحدون إرادته التي طالبتهم بعدم المشاركة في الانتخابات، وليس هذا فحسب، بل ويكسرون تلك الإرادة الخارجية سواء بنسبة المشاركين أو بنسبة الأصوات التي نا لها السيد الرئيس، ثم يرفعون السقف أكثر لتكون الصفعة أشد في أعراس وطنية مليونية شهدتها مختلف المدن السورية، ووصل بعضها إلى خارج سورية بما في ذلك بعض الدول التي حرمت السوريين من حق طبيعي مشروع لكل مواطن سوري، فخرجوا لكسر تلك الإرادة وإعلان التحدي في ذروته، وإلحاق هزيمة مدوية سياسية وأخلاقية ودبلوماسية بأطراف التآمر والعدوان وكل من يدور في فلكه الآسن النتن، ومثل هذا التحدي بهذا الوضوح هو كما وصفه السيد الرئيس في كلمته المتلفزة ” أعلى درجاتِ التعبيرِ عن الولاء الصادق والعميق للوطن”، وهنا أتوقف عند المدلول قليلاً، فإذا كان المطلوب من أقطاب المحور المعادي مقاطعة الانتخابات، وجاء الرد بهذه الذروة الجديدة من التحدي والنتائج التي أثبتت إنه تحدٍ نا بع من الثقة واليقين، وليس مجرد رغبة في التحدي، فهذا يعني تتالي الصفعات المؤلمة والأشد إيلاما على وجوه الأتباع والأزلام والأدوات، كما يعني الدرك الأسفل من الفشل والإخفاق لمن كانوا يخططون في الغرف المظلمة على تهشيم عظامنا، وجبل بنايات شرق أوسطهم المتوهم بدماء شهدائنا وجرحانا، وبكلام آخر يعني هزيمة المحور المعادي في محطة مفصلية وإستراتيجية من محطات الصراع المزمن والمستمر، وليس أمام أولئك متزعمين ومرؤوسين إلا ندب حظهم العاثر ، وتقاذف التهم وتبادل أسباب الهزيمة، وما يهم المواطن السوري أن كل ذلك يعني عنواناً واحداً، وهو إلحاق هزيمة نكراء بمخططات أعداء الوطن والإنسانية، ويعني تتالي الصفعات المباشرة والأشد إيلاما على وجوه المعتدين وأتباعهم بجميع مسمياتهم وانتماءاتهم، حيث لم تغن عنهم كثرتهم، ولم يفلح جبروت صناعة الموت والدمار من انتزاع إرادة السوريين أو التأثير عليها بل زادهم التحدي إصراراً على التمسك بأهداب الوطنية وتقديم درس جديد للبشرية جمعاء في حب الوطن والإرادة الوطنية، أي أن كل قواعد اللعب والاشتباك دخلت فرن الصهر السوري، وخرجت ممهورة بخاتم الشعب السوري، فهو وحده يلغي قواعد اشتباك كانت قائمة، ويفرض قواعد جديدة، ويدخل تعديلات جوهرية على أطراف معادلة الصراع في المنطقة، وهي تحمل عنواناً واضحاً لا لبس فيه ولا غموض، وقد كتب بخط واضح مبين تقول كلماته: “هنا سورية الأسد”.
…………
يتبع غداً القسم الثالث والأخير………

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى