مقالات مختارة

فلسطين و17 أيار لبنان

غازي العريضي | نائب ووزير سابق

في أخبار فلسطين: 

– جيش الإرهاب الاسرائيلي مستمر في حربه. يقوم بعملية تدمير مبرمجة للبنى التحتيـة والمؤسسات والأبراج والمنازل في غزة. يستقوي بترسانته العسكرية الهائلة. يمارس حقده. يهرب الى الأمام لأنه لم يحقق أي هدف سياسي حتى الآن!! 

– رئيس حكومة الإرهاب نتانياهو يؤكد أن العملية مستمرة وستأخذ وقتاً “وأن الولايات المتحدة معنا”. نذكـّر مجدداً ب حرب 2006 ضد لبنان. مدّدت أميركا الحرب 33 يوماً لتعطي فرصة لاسرائيل علّها تحقق هدفاً ما. فكانت النتيجة سقوط اسرائيل وأسطورة جيشها الذي لا يقهر وانتصار لبنان. اليوم أميركا تمدّد الحرب. وتعطي فرصاً لاسرائيل، وهي في ورطة، غارقة في مآزقها. كلما قصفت ودمّرت كلما تماسك الشعب الفلسطيني أكثر. غانتس وزير الحرب يقول: “دمرنا القدرة العسكرية ل “حماس”. 

والعالم كله يشهد على عكس  ذلك. “حماس” تزداد قوة وقدرتها على القصف بصواريخ نوعية لم تستخدم سابقاً لا تزال كبيرة. فشل الإرهابيون في الفصل بين غزة والضفة والقدس والشيخ جراّح والحرب داخل كيان الإرهاب تتوسّع. كل قرى 48 تقريباً تواجه الاحتلال. قرى مسيحة. إسلامية. مختلطة. الكل كلمة واحدة. ويصرّ الإرهابيون على اتهام “حماس” ومحاولة تحميلها المسؤولية. ونعيد السؤال الذي طرحناه منذ بداية الحرب وهذه المحاولة: هل “حماس” أصبحت المسؤولة، المحرّكة، القوة الأساسية، الحضور الفاعل في القرى المسيحية؟؟ هي التي تحرك الرموز المسيحية والأهالي؟؟ أهي القوة الفاعلة داخل بلدات وقرى 48 التي تواجه الاحتلال؟؟ إذا كان الأمر كذلك فهذا سقوط أمني سياسي معنوي لاسرائيل وجيشها ومخابراتها، إذ لم نقرأ كلمة أو تعليقاً او موقفاً أو تقريراً رأينا فيه أن أحداً كان يتوقع هذه الهبّة في داخل كيان الإرهاب!! واسرائيل تمارس سياسة الهروب من الحقيقة والواقع، وتدمّر مكاتب الاعلام وتضغط على الوسائل الاعلامية لمنعها من نقل ما يجري في أراضي ال 48 وحي الشيخ جراّح والقدس والضفة في ظل مواقف سياسية دولية وإسلامية وعربية، ولو كان بعضها نظرياً، تؤكد التمسك بالواقع القائم وتحمّل اسرائيل المسؤولية. 

– الفلسطينيون يفرضون واقعاً ويتحكمون باللعبة في وجه الإرهابيين الاسرائيليين الذين يتهمون بعضهم بعضاً. هذا يريد وقف العمليات لأنها حققت بنك أهدافها. وذاك يرفض لأنه لم يحقق أي مكسب، “وتايمز أوف اسرائيل” تقول: “اسرائيل تحقق انتصارات تكتيكية فيما حماس تحقق انتصاراً استراتيجياً وأسبقية في الوسط الفلسطيني، إضافة الى حشد آلاف الفلسطينيين في الضفة الغربية ولن تتمكن اسـرائيل من تحقيق نصـــر حاسم”!!

– الاسرائيليون يشاهدون النار في كل مكان. وهم محشورون في الملاجئ. يتهمون رئيس حكومة الإرهاب بأنه مستعد “لحرق الدولة” من أجل البقاء رئيساً للحكومة والهرب من المحاكمة بتهم الفساد!! 

– المطارات معطلة. حركة النقل معطلة  في البحر والبر وفي أكثر من مكان. 

– المظاهرات في كل أنحاء العالم تدين اسرائيل وتدعو الى وقف حربها على الفلسطينيين وعمال ميناء “ليفورنو” الإيطالي يرفضون تحميل أسلحة على متن سفينة متوجهة الى اسرائيل!!

في السياسة: 

– أميركا تمنع مجلس الأمن مجدداً من إصدار بيان يدين الحرب الاسرائيلية. أو يدعو الى المحافظة على الوضع الذي كان سائداً قبلها. ما زالت تعطي الفرصة لاسرائيل. موقفها واضح ومكشوف أمام كل أعضاء مجلس الأمن أركان الأمم المتحدة والدبلوماسيين المعتمدين فيها ووسائل الاعلام. دون أي مبالغة. هذه ورطة وهمّ للإدارة الأميركية في المرحلة المقبلة، لأن نتائج ما يجري لاسيما داخل كيان الإرهاب يؤسس لحالة جديدة لا يمكن لأي باحث أو قارئ سياسي أو محلل أن يتجاوزها في الوقوف عند خلاصات ونتائج الحرب سياسياً. 

– منظمة التعاون الاسلامي تعقد اجتماعاً بدعوة من المملكة العربية السعودية: “دعوة لوقف العدوان والتصعيد ضد الشعب الفلسطيني. جميع الإجراءات التي تمسّ الأقصى والقدس باطلة ولاغية. اسرائيل قـــوة محتلة وليس لهـــا أي حقوق في الأراضي الفلسطينية”. أمين عام المنظمة يوسف العثيمين يقول “الاعتداءات ومصادرة الممتلكات ودعوات إجلاء أصحاب الحق من أراضيهم هو إنكار لحقوقهم المشروعة ولا يخدم عملية السلام. نعم للتمسك بالمبادرة العربية (يعني عدم إقامة علاقات طبيعية مع اسرائيل قبل حل القضية الفلسطينية على أساس المبادرة وأساس المبادرة سعودي – مبادرة الملك عبدالله بن عبد العزيز) وقرارات الشرعية الدولية. 

– مصر تتحرك بقوة لوقف العدوان ووضع حد للانتهاكات الاسرائيلية. 

– رئيس حكومة المغرب: “ما يحدث هو عدوان ممنهج ضد الانسان الفلسطيني والجغرافيا الفلسطينية. القصف المتواصل على غزة جريمة حرب”!!

– المندوبة الأميركية في مجلس الأمن (رغم موقف إدارتها المنحاز لاسرائيل): “لا بد من احترام الوضع القائم في الأراضي المقدسة”.

– روسيا لمجلس الأمن: “محاولات تغيير الواقع الديموغرافي والجغرافي في القدس الشرقية لاغية قانونياً. وتطبيع علاقات اسرائيل مع دول عربية غير قادر على إرساء استقرار شامل في الشرق الأوسط”.

هذه بعض المواقف العربية والاسلامية والدولية المتقاطعة حول حق الفلسطينيين والعدوان الاسرائيلي عليه. أليست كافية، مع كل ما يجري ونتابعه ليقتنع بعض العرب لاسيما بعض “الاعلاميين” و”الكتاب” و”المحللين” الذين يسوّقون لأفكار تبرئ اسرائيل ويقولون “إن ثمة وقائع جديدة، والدول العربية تتجه للخروج من زيف الماضي  وتواجه كل المشاريع المعادية في المنطقة”؟؟ 

هل ما يجري في حي الشيخ جراّح والقدس والأقصى والضفة وغزة والداخل الفلسطيني معاد للفلسطينيين والعرب أم لا؟؟ هل الماضي زيف؟؟ هل الاحتلال زيف وكذبة؟؟ هل تاريخنا مزيف ومبني على أكاذيب خصوصاً ما يتعلق باسرائيل؟؟ هل ما نقلناه أمس عن الأمير فهد بن عبد العزيز زيف وحديث عن أكاذيب؟؟ وهل تربيتنا وذاكرتنا وثقافتنا ودماء شهدائنا منذ 48 وحتى اليوم كذب وزيف وادعاء؟؟ 

” اسرائيل ” قلقة على مصيرها بسبب ما فعلته وتفعله وبعض العرب ينظر للشراكة معها، والأنكى أنه يرفع شعار العروبة والحضن العربي وينظّر لاحتضان بعض العائدين الى العروبة!! 

المعركة مع ” اسرائيل ” معركة وجود وثقافة وتربية ووعي وذاكرة. للأسف هي معركة مع بعض العرب في قراءة الأمور. المذهبية قاتلة. والطائفية قاتلة. والفئوية قاتلة. هذه الأمراض أسقطتها فلسطين. أسقطها الشعب الفلسطيني داخل كيان الإرهاب وفي حي الشيخ جراّح والقدس والضفة وغزة وفي كل أنحاء العالم. 

كفى محاولات غسل أدمغة بمواد سامة!! نقول هذا واليوم 17 أيار. ذكرى توقيع اتفاق الإذعان والعار بين لبنان و” اسرائيل” . يوم اجتاحته وصولاً الى بيروت. أخرجت منظمة التحرير لكنها لم تخرج الوطنيين من انتمائهم والتزامهم، لم يذعنوا، قاتلوا من الجبل الى بيروت والضاحية رجال الحزب التقدمي الاشتراكي وحركة أمل والقوى الوطنية اللبنانية والفلسطينية، وكانت سوريا يومها في قلب المعركة  فأسقطوا الاتفاق. معركة الدفاع عن لبنان وعروبته الحقيقية وعن العرب جميعاً، وشهداؤنا وأبطالنا منعوا ربط لبنان ب ” اسرائيل ” ومشروع استفراد فلسطين. هم أسقطوا الاتفاق وليس غيرهم الذي أجبر على الخطوة. 

 هذه هي الحقيقة. في كل محطات الصراع لم يسقط جبروت ” اسرائيل ” ودعم أميركا لها، إرادة الشرفاء المؤمنين بحقهم. 

تحية مفتوحة لهم على مدى الأرض العربية والإنسانية أينما وجدوا. والتحية الأكبر لفلسطين المباركة التي لم تذعن ولا تذعن ولا تقبل ربط مصيرها بالإرهاب الاسرائيلي.  

الانباء

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى