مقالات مختارة

سقوط مروحية إسرائيلية .. من فعلها؟ .. القدر أم شيء آخر؟

تحطم مروحية عسكرية إسرائيلية قبالة سواحل حيفا

نارام سرجون | كاتب سوري

أنا لا أطلب من أحد أن يُفسّر لي الأشياء كما أهوى وأرغب .. لأن ما أهوى وأرغب به هو ليس أن يسقط كل سلاح الجو الإسرائيلي في البحر، بل أن يتم إسقاطه كُلّه في البحر .. وأن تسقط كل “إسرائيل” في البحر ..

ولكن من عادتي أن أسأل الأسئلة المنطقية.. ومن حقي أن اسأل:

ما سِر هذا التوقيت وهذه الصُدفة التي تلت قصف اللاذقية بأيام قليلة؟ .. ولماذا قطع رئيس الوزراء الإسرائيلي اجتماعه عند سقوط الطائرة ؟ فهل الحوادث العفوية تستدعي قطع الاجتماعات الهامة لرؤساء الحكومات؟

إلّا إذا كان الإسرائيليون يعيشون في حالة من الرُعب والهلع والترقُّب من أن أي شيء قد يحدث دون أي توقّع .. فيُصبح كل خبر سببا في الاضطراب والارتباك مما يعني أنهم جميعا يعيشون قناعة أنهم سيدفعون الحساب في أي لحظة مهما طال الانتظار ..

تقارُب زمن الحادثتين بين اللاذقية وحيفا إلى حد الالتصاق ربما يجب أن يُحرِّضنا على السؤال .. هل هو صدفة وقدر أم شيء لا يريد الإسرائيليون الاعتراف به كيلا يُحرج افيخاي ادرعي وهو يتنافخ على الفيسبوك ..

بل إن طريقة سقوط المروحية وفيها كتلة من النار بشكل يُشبه السقوط الحُر لا يعني أن هناك خللا طارئا .. فالإسرائيليون اعترفوا أن الطائرة هوت بسرعة فائقة وتحطّمت فوق الماء .. لأن الخلل الطارئ يترك فسحة للطيارين للتعامل معه وتوجيه الطائرة أو القفز منها ..

ولكن سُرعة الخلل الطارئ لم تجعل الطيارين يتمكنون من التصرّف إلّا وهم في الماء .. فكلنا نذكر أن الإرها*بيين عندما كانوا يُصيبون مروحيات الجيش السوري بأوامر من مُشغِّليهم الصه*اينة فإنها كانت تسقط بشكل شبه شاقولي وقلّما ينجو الطيارون بسبب سُرعة السقوط التي تستغرق بضع ثوان .. كما حدث مع المروحية الإسرائيلية ..

مع الانتباه إلى أن المروحية الإسرائيلية لم تواجه إرها*بيين كما كان حال سورية ..

لا أملك أي معلومات عن سبب سقوط المروحية .. وبالتأكيد لم يُصِبها صاروخ إس 300 .. ولكن هناك كم هائل من الاحتمالات كونها وقعت في منطقة حيفا في البحر فإن إطلاق أي مقذوف من البحر قد يكون مُحتملا .. أو فريق كوماندوس مُدرّب أو موالون وحلفاء تلقّوا أمر عمليات أو أو ..

ولكن ما أعرفه هو أنّ العُطل الفنّي لا يُحدِث سقوطا بهذه الطريقة .. رغم أن محطة الجزيرة ستقول أن الطيارين الإسرائيليين كانوا يشربون القهوة في الطائرة وهم يضحكون على السوريين.. ولكن سخّان القهوة حدث به ماس واندلقت القهوة على الطيار الذي فقد السيطرة على الطائرة وكان ما كان .. لأن الجزيرة معنيّة بأن تُبعِد عن الناس فكرة أن السوريين ومحور المقاwمة قادرون على إهانة إسرائيل، بل إن إسرائيل تُهين السوريين كما يحلو لها …

في مناسبة سابقة كانت الطائرات الإسرائيلية تُغير على الأراضي السورية قبل أن يتم إسقاط طائرة ال ف 16 عام 2018..

كانت الطائرات تخترق الأجواء السورية وتعود إلى أن سقطت ال ف 16.. ومن يومها تضرب كل الطائرات الإسرائيلية وهي خارج الأجواء السورية ..

ولكن في إحدى المرّات قبل سقوط ال ف 16 عندما كانت الطائرات تدخل المجال الجوي السوري وقعت مواجهة شرسة مع الدفاع الجوي السوري وتمكّن الصاروخ من إصابة إحدى الطائرات الإسرائيلية ولكنها تمكّنت من الإفلات بإصابتها وفرّت نحو الأراضي المحتلة وهي تحترق في جسمها ..

وأكّد ضُبّاط الدفاع الجوي إصابة الطائرة ولكن لأنها لم تسقط بشكل علني بل اختفت عن شاشات الرادار ولم يُعثر لها على حطام لا يمكن إخفاؤه كما حدث مع ال ف 16 فإن إسرائيل تكتّمت على الطائرة المُصابة ..

وعلِمت استخبارات الجيش السوري والمقاwمة أن الطيار كان قد أُصيب إصابة بالغة .. ولكن لم تتوفّر معلومات أكثر من ذلك .. وطوت إسرائيل الصفحة بهدوء وكأنّ ما قاله السوريون عن إصابة الطائرة كان تمنّيات وأوهاما ..

ولكن الطيار الذي أُصيب مات في المشفى .. فحارت وزارة الدفاع الصه*يونية في كيفية إخراج الخبر .. فتكتّمت عليه، وبعد أيام أعلنت أن طائرة لسلاح الجو الإسرائيلي سقطت في البحر بسبب خلل فنّي ولم تتمكّن من إنقاذ الطيار .. والطيار المسكين كان قد مات منذ أسابيع بسبب غارة في سورية وصارت عظامه مكاحل في المقبرة في تل أبيب وهي لا تزال تحمل شظايا الصاروخ السوري الذي أسقط طائرته ..

وسُجِّل الحادث في الإعلام العربي قضاء وقدرا .. وخللا فنّيا .. وأُخفِيت الحقيقة ..

ولذلك فإنّني لستُ من هُواة الهوى والرغبات .. بل أنا من هُواة الملاحظة والشك .. وملاحظتي تُحرِّضني على أن أسأل عن توقيت السقوط .. وملاحظتي تقودني إلى الشك في الرواية الإسرائيلية .. وتقودني إلى أن أضحك من حكاية الأعطال الفنية .. وتقودني لأن أرتاب كثيرا في سبب قطع الاجتماع الحكومي الإسرائيلي بسبب خلل فني في طائرة لولا وجود معلومات مُزعجة ومُربكة ..

مع أنّني مقتنع أن الإسرائيليين يعيشون هوسا غريبا في أنهم مُقبلون على انتقام في أي لحظة .. وكل هذه الشجاعة والاستعراض من أنهم لا يكترثون بالرد (المناسب في الوقت المناسب) هي شجاعة كرتونية .. وقلوبهم هذه الأيام مليئة بالقلق والترقُّب من مفاجأة تخرق هذا الاطمئنان …

رغم أنهم يعرفون أن صمتهم اليوم عن إعلان الحقيقة سببه أن السوريين والمُقاwمين لن يتبنّوا شيئا دون دليل قاطع، إضافة إلى أن أي إحراج للإسرائيليين سيعني اضطرارهم لإظهار البأس وخوض معركة ثأر .. والسوريون ومحور المقاwمة لديهم معارك أخرى يهتّمون بها أيضا غير الثأر الإسرائيلي ..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى