اخبار لبنانمشهديات

رحل ابو حسين ، الراعي الشجاع الذي قاتل في كفركلا الى جانب المجاهدين .

عندما دقت طبول حرب تموز التي شنها العدو الغاشم على لبنان في تموز ٢٠٠٦ غادر سكان القرى الحدودية بيوتهم نازحين حرصاً على سلامتهم من بطش العدو الإسرائيلي.
وشاء القدر ان يكون تكليف القيادة للشهيد محمد كمال “غريب” الالتحاق في بلدة كفركلا الحدودية.
وعند التحاقه بالمكان المحدد وجد أحد الإخوة يتناقش مع شخص يدعى علي حسين حلاوي “أبو حسين”، عندها تقدم الشهيد نحوهما ليعرف ماذا يجري وعند سؤاله المجاهد أخبره أن أبو حسين يرفض مغادرة أرضه ويريد القتال مع شباب المقاومة وهو غير مدرب أصلاً. عندها حاول الشهيد غريب ثنيه عن قراراه موضحاً له مدى خطورة الوضع ودقته، فما كان من أبو حسين الا أن يسأل الشهيد غريب_ الذي أدرك أنه ليس من هذه القرية_هل تعرف هذه الأرض كما أعرفها ؟ هل تعرف جبالها وهضابها؟ هل تعرف شعابها ووديانها؟ هل أنت أحق مني بالدفاع عنها؟ هل دمك أغلى من دمي ليسقي هذه الأرض وأنا الذي خُلقت فيها وترعرت فيها. أنا لن أغادر وافعلوا ما شئتم، وما كان من الشهيد غريب الا أن ابتسم معلناً بذلك إقتناعه بكلام أبو حسين.
كان أبو حسين رفيق الشهيد غريب في معركة قاسية وفي ظروف صعبة، كانا يكمنان للعدو سوياً ويراقبانه سوياً، ويضربون دباباته وجرافاته سويا ويأكلون سويّاً ما تيّسر….
بعد أن حطت الحرب أوزارها أخبرني الشهيد أنه كان معه “راعي شجاع” من كفركلا لم ير بمثل عزيمته وأنه عندما كان يريد أن يضرب إحدى دبابات العدو كان يجد أبو حسين خلفه حاملاً صاروخ الكورنيت؛ وما إن ينتقل إلى نقطة أخرى يجد أبو حسين خلفه حاملاً صاروخٍ ثانٍ دون تعب أو كلل أو خوف من العدو الذي أحاط بهم…
وفي موقف آخر كتب أبو حسين على إحدى الجدران رقماً، فسأله الشهيد غريب عن الرقم فقال هذا عدد الأغنام الذي أملكها فإن مت عوضوا أهلي عنها، فسأله غريب وإن أنا مت فقال له “الله بعوض” فسأله غريب وإن متنا سوياً قال له أبو حسين نلتقي عند الله.
بعد الحرب عاد أبو حسين إلى منزله وكأن شيئاً لم يكن، عاد إلى عائلته وعمله المعتاد.
تأخر اللقاء الذي اتفقا عليه إلى اليوم فغريب استشهد في ١٦-٤-٢٠٠٧، وانتظر أبو حسين الذي وافته المنية اليوم في ١٦-٦- ٢٠٢١…
اليوم رحل أبو حسين وأصبح من حقه أن يعلم الناس شيئاً قليلاً عنه، رحل أبو حسين دون أن يسأل الناس عن فضلٍ أو فخرٍ أو شكرٍ فهو كانت تجارته مع الله لا مع الناس ….
نعم أبو حسين لم يتدرب لقتال العدو ولكن رحيله علمني أن من يقاتل فينا هي الروح.
رحيله علمني أن الجهاد الأكبر هو جهاد النفس، وأن التدريب العسكري وإن كان مهماً وضرورياً إلا أنه صغيراً أمام إرادة الصمود وتحدي الموت والنفس.
اليوم يؤكد أبو حسين أن لله رجال مجهولون في الأرض ومعروفون في السماء وما أكثرهم..
اليوم يلتقي أبو حسين الشهيد غريب ليعوضه الله عن كل نقطة عرق وتعب في سبيل الله ودفاعاً عن الدين والأرض والعرض.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى