كتاب الموقع

خروجنا من عنق الزجاجة

نبيه البرجي | كاتب وباحث سياسي لبناني

جو بايدن … لا يستطيع أن يكون الديناصور , أو البهلوان , أو المرتزق الذي يبيع ظهره (ويبيع أميركا) لكل من يلوّح له بأكياس الذهب …
ثمة خط تراجيدي في حياة الرجل . قال “حين أرى الآخرين يتألمون … أتألم” . أميركا باتت بحاجة الى قلب . هكذا أوحى القس الذي تكلم في جلسة التصديق على نتائج الانتخابات .
مثلما انقلب دونالد ترامب على كل مافعله باراك أوباما , لا بد أن ينقلب الرئيس المنتخب على الكثير مما فعله سلفه (انقلاب أخلاقي بالدرجة الأولى) . العودة الى عقلنة العلاقات مع العالم عقب السنوات الأربع من العشوائية , ومن القفز فوق الحقائق الجيوستراتيجية , والحقائق الجيوسياسية .
هكذا ترك دونالد ترامب يرتكب الخطيئة الكبرى بدفع الرعاع الى غزو “الهيكل المقدس” على تلة الكابيتول . حتى أن صديقه السناتور لندسي غراهام لا يعرف الآن كيف يغتسل من ذلك العار . قال “لم تصدق عيناي , وأنا أشهد أميركا تسقط بأيدي الحثالة” !
مدهش وصف السناتور بيرني ساندرز له بـ”الدجاجة العارية” بعدما غرق في الوحول حتى أذنيه …
هل يمكن لسكان الشرق الأوسط , أن يغادروا الملاجئ ؟ منذ 20 كانون الثاني 2017 , لم تعرف المنطقة يوماً واحداً من الاسترخاء . دائماً على فوهة البركان . بايدن له رؤيته , وله فلسفته , التي يتشارك فيها مع أوباما : الأولوية للصراع مع التنين لا مع آيات الله …
الفريق الديبلوماسي , أو الفريق الاستراتيجي , الذي شكّله يرصد بدقة كل ما يفعله الصينيون في المجال العسكري . مستشار الأمن القومي المعيّن جيك سوليفان قال ان الادارة الجديدة تريد اعادة ايران “الى الصندوق” من خلال العودة الى الاتفاق النووي .
تابعنا السيرة الذاتية للرجل .غداة اعلان دونالد ترامب الخروج من اتفاق فيينا , في 8 أيار 2018 , غرّد سوليفان على التويتر “انه يوم الفضيحة . رئيسنا أعطى آية الله خامنئي الضوء الأخضر لصناعة القنبلة” .
اذ تحدث عن “قضيتنا الكبرى مع الصين” , لاحظ حساسية الموقع الجيوستراتيجي لايران كنقطة تقاطع بين الشرق الأدنى والشرق الأقصى , حتى اذا ما اندلع صراع القرن , لا بد من أن يمد الايرانيون أصدقاءهم الصينيين بالنفط والغاز . ربما ايضاً بخدمات لوجستية يكون لها تاثيرها الخطير على مسار الصراع .
سوليفان يمكن أن يضطلع بدور محوري في اخراج العلاقات الأميركية ـ الايرانية من عنق الزجاجة , ودائماً لمقتضيات الأمن الاستراتيجي لبلاده . أكثر من مرة اشار الى ضرورة وقف التراجيديا اليمنية في الحال “لأنها تستنزف الأطراف سياسياً , ومالياً , وأخلاقياً” .
الاوديسه الديبلوماسية يمكن أن تنطلق من جبال صعدة الى ضفاف المتوسط , مروراً بالخليج , مع ما لذلك من تداعيات على المشهد الاقليمي العام , دون اغفال ما يمكن أن يفعله بنيامين نتنياهو للحيلولة دون ردم الخنادق , واعادة التوازن الى العلاقات , كما الى المعادلات , على امتداد المنطقة .
الأميركيون يعلمون أن البرلمان الصيني أعطى الحكومة صلاحية ادارة المصالح الاستراتيجية خارج الحدود , بعدما أقر الخطة الخاصة بتطوير القدرات العسكرية لتحاكي الأرمادا الأميركية , حتى في ما يتعلق بالقاذفات العملاقة والبعيدة المدى .
صحيفة “لوموند ديبلوماتيك ” نشرت , في عدد كانون الثاني , مقالة للعالمة السوسيولوجية آليسيا بورتو ـ لوفوبور تحدثت فيها عن تحول في تفكير شين جينبينغ الذي كان يزدري القيم الغربية . وهاهو يتبنى برنامج جامعة هارفارد لتكوين الادارة الصينية .
الأولوية للتنين في أجندة جو بايدن . اعادة التوازن بين ضفتي الخليج لم تعد مستحيلة بعد سنوات من الاستنزاف العبثي للامكانات المالية والاقتصادية .
سوليفان يعتبر أن من مصلحة تل أبيب تطبيع العلاقات بين واشنطن وطهران . وجهة نظر … !

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى