كتاب الموقع

تقرير سياسي / تونس طلقة الرحمة على الاخوان المسلمين وتعلن مصر قادمة….

ميخائيل عوض | كاتب وباحث

شهدت تونس حدثا نوعيا مميزا في دلالاته وفي ما سيترتب عليه من نتائج.
تونس كانت اول من اشعل فتيل الحريق العربي اواخر عام ٢٠١٠ واطلقت ما سمي بالربيع العربي وما حل من فوضى مازالت مقيمة وتتمدد وتستعد لغزو الساحات التي لم تضربها بعد.
فالحدث التونسي يفاجئ ويبشر بما بعده، وما جرى اخيرا يحمل دلالات ومؤشرات كما يطلق نتائج على درجة عالية من الاهمية ورسم سيناريوهات المستقبل ليس في تونس وافريقيا العربية بل في عموم العرب والمسلمين.
ادارت تونس الشعب والمؤسسات ازماتها السابقة بحكمة وتؤده وبوطنية وبوعي جمعي وذكاء مجتمعي، فانحاز الجيش للشارع واسهم بترحيل بن علي، وتامين الانتقال الدستوري والانتخابات ولم يقبض على السلطة واستمر حارسا للوحدة الوطنية والاستقرار والسلم الاهلي وامن تونس من محاولات الارهابين وحرمهم من التوطن بها.
تمكن حزب النهضة الاخواني من الاستيلاء على السلطة وامسك بمفاصلها بإسناد ودعم من حركة الاخوان العالمية ومن قطر وتركيا وامنت النهضة منصات لتركيا للتسلل وتمكين الاخوان والمرتزقة المسحوبين من سورية وسبق للنهضة والاخوان ان صدروا الاف الاسلامين الارهابين الى سورية والعراق وتميز التوانسة في الساحات بكثرتهم وبطشهم وتطرفهم.
فتونس كانت من بين اهم نقاط ارتكاز المشروع الاخواني في افريقيا والعرب، الا ان امساك النهضة لتونس لم يجلب لها الا الديون والفساد والخراب الاقتصادي والاجتماعي والمؤسساتي والارهاب والاغتيالات والتفرد ومحاولات فرض هيمنة الاخوان على السلطة واجهزتها لإقامة امارة بقواعد حكم الاخوان ودمويتهم، وتوريط الشعب التونسي بحروب وتحالفات الاخوان وهذا ما دفع بالأغلبية الشعبية الى التمرد على النهضة ومن قواعد وبيئات النهضة نفسها وادخل تونس في ازمة سياسية ودستورية برفض  الغنوشي التنحي عن رئاسة البرلمان وتعطيل تشكيل المحكمة الدستورية للبت بالخلافات بين الرئيس قيس سعيد والحكومة ورئيسها والغنوشي رئيس البرلمان، وبعد ان بلغت الازمة ذروتها مع تفشي فيروس كورونا وعجز وارباك الحكومة والقطاع الطبي، انفجرت تظاهرات عنيفة ضد النهضة في غالبية المدن التونسية، وتم حرق عدد كبير من مقراتها والاعتداء على نوابها وكوادرها، ما حفز  الرئيس قيس لاعتماد المادة ٨٠ من الدستور التي تعطيه الحق الدستوري بتعطيل مجلس النواب لشهر واقالة الحكومة والطلب من الجيش والامن ضبط الامور لتسيير البلاد وتشكيل حكومة وقد يذهب الى استفتاء الشعب والدعوة الى انتخابات مبكرة واو تعويم البرلمان بعد اخضاع الغنوشي والاتفاق على الادارة الى حين استحقاق الانتخابات.
اعتبرت النهضة والاخوان ذلك انقلاب غير دستوري وناشد قادتها الشعب لمناصرتها في الشارع وتطويق البرلمان والقصر الرئاسي بينما الشعب والقاعدة الاجتماعية للإخوان وللنهضة لم تستجب للنداءات،  ما يعني عمليا ان النهضة خسرت الجولة وانفض عنها الشعب وباتت ضعيفة ومعزولة ومتهمة، وتتحمل المسؤولية عما الت ايه تونس الخضراء، والتجربة العربية الديمقراطية المميزة،  ولاسيما وان الرئيس سعيد استاذ القانون الدستوري وانتخب كمستقل غير حزبي ولا عقائدي تصرف بحكمه وادار الازمة السياسية والحكومية بوطنية ومسؤولية عالية وعندما حان وقت التحرك والحزم لإنقاذ تونس،  تحرك بجرأة وحسم بتطبيق ما نصت عليه المواد الدستورية ومرة ثانية ينحاز الجيش للشعب ويحمي التغير ويصطف الى جانب الدستور ويحمي الوحدة الوطنية والاستقرار.
الجولة الجارية في تونس، فاصلة والنهضة في اخر ايامها وعدم استجابة الشعب لنداءات الغنوشي لإسناده في البرلمان مؤشر على انحسار نفوذ النهضة وتراجع دورها ووزنها وكأن الاجراء الدستوري اطلق عليها طلقة الرحمة والاهم ان النهضة حكمت وفشلت وتسببت في الازمات ما يفسر الانحسار الشعبي والضعف ومن باب التجربة والاختبار لا الانقلابية والاجراءات القمعية الظالمة او السافرة.
بسقوط النهضة بعد حكمها لسنوات عشر ونيف وثبوت افلاسها تكون حركة الاخوان التي شكلت علامة بارزه منذ تأسيسها وعلى مدى قرن لاسيما العقود الاربع الاخيرة قد شارفت على الافول بعد ان انكشفت حقائقها واختبرت في مختلف الساحات ومارست مشاريعها وكلها اكدت لا وطنيتها ولا قوميتها وكشفت انخراطها بعمق في مشاريع تدمير العرب والمسلمين وتشويه الاسلام وتخريب المجتمعات والولاء الاعمى للاردوغانية والتساوق مع المشاريع والمخططات الامريكية الاوروبية لإعادة هيكلة الاقليم لتامين وتجديد السيطرة الغربية على العرب والمسلمين.
سقوط النهضة يسقط اخر اوراق التين عن عورات الاخوان المسلمين وينذر بأفولهم وانحسار دورهم بحدة
فقد سقطوا في مصر ولم يدم حكمهم سنة واحدة وانكشفوا في سورية وليبيا على دور تخريبي وتعاوني مع امريكا واسرائيل واعداء العرب والمسلمين وسقطوا في السودان وتأتي ضربة تونس مؤلمة لهم وسقوط لا نهوض بعده.
تقدم الدور المصري من التحالف الرباعي مع الخليج على اولوية محاربة الاخوان والارهاب والاردوغانية ثم اسقاطهم في وادي النيل وطرد الاخوان من السودان الى اسقاطهم في تونس ومحاصرتهم في ليبيا ولمصر في المعارك كلها دور اساسي وموقع بارز ومتقدر وكل خسارة للإخوان ترصد مكاسب لمصر ولسورية وخسارة لتركيا وايران ومشاريع الاسلام السياسي واستغلال الدين والتدين.
تونس الخضراء انجزت ربيعها وتحولاتها وتجربتها بسلامية واحاطة بالوحدة الوطنية وبالحرص على السلم الاهلي وتحقيق التحولات بسلاسة حك وبالدستورية.
تونس في حقبتها الجديدة وانجازها الدستوري-الشعبي هل تنجو من ارهاب الاخوان وادواتها وبناتها كداعش والنصرة واخواتها.
لم تحسم المعركة بعد فالإخوان المسلمين يأخذون السلطة بالصناديق والانتخابات ولا يتركونها الا بالدماء والحروب والتدمير. فهل تبقى تونس تجربة مختلفة وتتألق بأسقاطهم واحتوائهم وحرمانهم من اخذها الى الدم والدمار، في الواقع وموازين القوى وسقوط النهضة شعبيا وبالتجربة وبعد تجربة ليبيا وسورية والعراق ولأهمية تونس الجيوبوليتكيه وطبيعة القوى الاقليمية والدولية المعنية يمكن ترجيح احتمال ان تنجو وان تستطيع احتواء ومنع فلول الاخوان من اخذ تونس الى الاحتراب والتدمير.
في تونس وبدور مشبوه للإخوان والنهضة ورط الاف التونسيين بالإرهاب وبالانضمام الى داعش والنصرة والقاعدة وهؤلاء يملكون خلايا نائمة وحاولوا في تونس اكثر من مرة والمنطقي انهم سيحاولون مرات اخرى وسيسعون بناء قوة وحشد مرتزقة بعد سقوط النهضة المدوي وقد تتحول قاعدة ومنظمات ومناصري النهضة المهزومة الى بيئات حاضنة للإرهاب ما قد يهدد تونس او بعضها بأعمال الارهاب والتخريب ما يوجب على الحريصين على تونس من تعرية الارهاب وحشد القوى لمنعه من استهداف تونس بالإرهاب الاسود.

كيفما جرى البحث والتحليل للحدث التونسي يمكن الاستنتاج ان الاخوان وانظمتهم وتنظيماتهم في طور ازمة الافول واستنفاذ الدور وسقوط التجربة، وستكون انعكاسات اسقاط النهضة في تونس تأزيم للدور التركي في العرب وفي شمال افريقيا، وتقدم نوعي وتمكن للدور المصري الذي يحقق ويراكم الانجازات وعناصر القوة في مختلف الساحات والمحاور وبالإجمال على حساب الاخوان المسلمين والدورين التركي والايراني من غزة الى السودان وتونس ويحاول التمدد الى الشام والرافدين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى