كتاب الموقع

اللامسؤولية في إدارة الأزمة

علي حكمت شعيب | استاذ جامعي

بين الحين والآخر تخرج إلينا الصحف بكلام منسوب الى مصادر نيابية ومالية تدّعي الخبرة وتحاول رسم صورة الوقع المستقبلي للبنان بطريقة تشاؤمية استسلامية أمام رياح الأزمة الاقتصادية التي تعصف به، مبشرة بانهيار الليرة اللبنانية الى مستويات قياسية في نهاية أيلول القادم ومبررة ذلك بأمرين رئيسيين:

١- رفع الدعم المتوقع الذي سيجعل التجار، لا سيما المنتمين الى كارتيل النفط، يلجأون الى السوق السوداء لجلب الدولار من أجل الاستيراد فيزداد الطلب عليه ليرتفع سعره.

٢- إعطاء جزء من أموال المودعين من قبل أصحاب المصارف تنفيذاً لتعميم مصرف لبنان، وهؤلاء سيؤمنون الدولار بالطريقة نفسها للتجار عبر اللجوء الى السوق السوداء أيضاً.

في الواقع ذلك الاستشراف والتبرير للأمور، التي تنحدر في مسارها السيء، من قبل مصادر نيابية ومالية هي سلوكات غير مسؤولة بحد ذاتها.

حبذا لو ركزت تلك المصادر على:

سبل ترشيد سياسات الاستيراد وتعزيز سياسات التصدير عبر الحد من الاستيراد للكماليات من خلال تشريعات مستعجلة من المجلس النيابي تتضمن سياسات مقترحة من قبل الحكومة تقلل من الاستيراد وترشده وتلغي الوكالات الحصرية فيه وتعزز التصدير وتمنع التهريب.

وكذلك على سبل حث الحكومة للموافقة على اتفاقات تجلب العملة الصعبة الى البلد وتخفف من النزف المالي للدولار كتلك المقدمة من روسيا في مجال النفط وتكريره والمرفأ وإعادة بنائه والكهرباء وإنتاجها، أو من إيران في مجال المحروقات والكهرباء وتبادل السلع بالليرة اللبنانية.

ثم إن مسألة ضبط سعر الصرف ليست بالأمر الصعب في بلد معروفة أدواته المتلاعبة بالدولار.

فهلا قامت تلك المصادر النيابية والمالية الرسمية بحركة في هذا الاتجاه للرقابة على أداء الحكومة في مجال السياسة النقدية بدلاً من الاستسلام للواقع وتبريره.

هذه آراء ضعيفة ومن يتكلم بها من المسؤولين هو إما جاهل لا يفقه المعالجة وإدارة الأمور أثناء الأزمات أو متآمر يتعمد الفشل في ذلك لينشر القلق واليأس لدى الناس خدمة لأغراض باتت معروفة.

ولا نستثني تلك الصحف من دائرة عدم الجدارة في تحمل المسؤولية عندما تقوم عن جهل أو عمد بنشر تلك الآراء على صفحاتها.

 

 

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى