تقارير

التقرير السياسي اليومي | 27 تشرين الأول 2021

استدعاء رئيس حزب القوات سمير جعجع إلى اليرزة للتحقيق معه في مجزرة الطيونة والموقف من المحقق العدلي قي قضية انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار كانا الدافع وراء تحرك البطريرك الماروني بشارة الراعي ولقاءاته بالرؤساء الثلاثة والملفات التي حملها والتي غلب عليها الجانب القضائي.

 صحيفة الأخبار كتبت تقول : هل اقترح البطريرك الماروني بشارة الراعي المقايضة بين قضيّتَي المرفأ والطيّونة، على قاعدة وقف ملاحقة الوزراء والرؤساء من قبل القاضي طارق البيطار في مقابل وقف ملاحقة رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع من قبل القضاء العسكري؟ في النص، لم يُسجّل على الراعي في جولته الرئاسية أمس النُطق بذلك. لكنّ جولته الرامية إلى حماية جعجع فتحت الباب أمام تسويات.
تسوية ملف الاشتباه بتورّط رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع في الأحداث التي تسببت بمجزرة الطيونة، يتولّاها شخصياً البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي. وهو تولى شخصيا على مدى الايام الماضية كل الاتصالات مع جهات أمنية وسياسية رسمية وحزبية بهدف حصر التحقيقات بأشخاص من الصف الحزبي الذي لا يقترب من القيادة المركزية لحزب القوات، وذلك لضمان عدم المس بجعجع شخصياً. وهو يرى ان الاقتراب من قائد القوات بمثابة «مغامرة» ستؤدي إلى «تداعيات غير محسوبة النتائج في الشارع».
على ان الاتصالات التي لم تحل دون استدعاء جعجع للاستماع إلى إفادته من قبَل مديرية المخابرات في الجيش، بقرار من مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية، القاضي فادي عقيقي، دفعت بالراعي الى التحرك على مستوى أعلى، فقرر القيام بجولة على الرؤساء الثلاثة، بدأها بزيارة عين التينة للقاء رئيس مجلس النواب نبيه برّي، وتخلّل اللقاء مأدبة غداء. ثم زار رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، قبل أن يختتم جولته بزيارة قصر بعبدا للقاء رئيس الجمهورية ميشال عون.
وعلمت «الأخبار» أن البطريرك تحدّث مع بري عن الوضع السياسي العام في البلاد، وتعطّل عمل الحكومة، و«فائض القوة الذي لا تستقيم معه الحياة السياسية»، قبل أن ينتقل إلى مسألة استدعاء جعجع، معتبراً أن «الأمر لا يجوز كونه زعيماً مسيحياً من الصف الأول»، مقترحاً «البحث عن إخراج للتراجع عن هذا الاستدعاء». إلا أن «رئيس المجلس أكد أن قضية الطيونة كبيرة، وهناك شهداء سقطوا ظلماً… والدم بعدو على الأرض»، مشيراً الى أن «جعجع مستدعى كشاهد ليس إلا. وعندما استدعى القاضي فادي صوان وزراء ونواب كشهود، لبّوا طلبه. فلماذا لا يذهب جعجع؟ هذه قضية كبيرة ونحن نريد كشف الحقيقة وسنتابع القضية حتى النهاية. ونحن رفضنا الانجرار إلى استخدام القوة، واحتكمنا إلى القضاء، وعلى القضاء أن يكون موضوعياً وجدياً. وأعتقد أنكم تؤيدون أن يكون القضاء موضوعياً وجدياً وغير مسيّس».
ولفت بري الراعي الى ان «المشكلة اليوم في البلد هي في مكان آخر. وتتعلق بأداء (المحقق العدلي في جريمة المرفأ) القاضي طارق البيطار». فرد الراعي مدافعاً عن المحقق العدلي، وسائلاً عن سبب «هذه الهجمة عليه والتدخل في عمله والاعتراض على قراراته وإجراءاته والمطالبة بإزاحته». فما كان من بري الا ان وضع على الطاولة نسخة من الدستور وأخرى من القانون 13/1990 (أصول المحاكمات أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء)، مشيراً إلى المواد التي يرى أن البيطار يخالفها، ومؤكداً أن «مجلس النواب لا يمكن أن يقبل المس بصلاحياته». وبعد مطالعة بري، رد الراعي بأنْ وافقَ رئيسَ المجلس على مقاربته، ومشدداً على وجوب «احترام الأصول الدستورية والقانونية». وعندما سأل عن كيفية الخروج من المأزق وإعادة إطلاق العمل الحكومي وضمان الحفاظ على الاستقرار، قال بري إن الحل يبدأ من مجلس النواب، عبر محاكمة الرؤساء والوزراء المشتبه فيهم في انفجار المرفأ أمام المجلس الأعلى، وفقاً لما ينصّ عليه الدستور والقانون. تلقّف البطريرك ما قاله رئيس المجلس، مشيراً إلى أنه سيعرض الفكرة على الرئيسين عون وميقاتي.
رئيس الحكومة سمع الراعي الذي لم يضع قضية الطيونة في مقابل قضية المرفأ. فردّ ميقاتي بأنه يؤيد أي حل من ضمن الأطر الدستورية، يسمح بتخفيف حدة التوتر. أما رئيس الجمهورية، فسأل الراعي عما إذا كانت مبادرته المبنية على اقتراح بري تتضمّن مقايضة بين الطيونة والمرفأ، فأجاب البطريرك بأن بري قال له إن الملفين منفصلان، لكن حلّ قضية محاكمة الرؤساء والوزراء، برأي الراعي، سيترك مناخاً إيجابياً على باقي الملفات. الرئيس عون ردّ على «المبادرة» بتأكيد جاهزيته للسير بأي حل، «شرط أن يكون من ضمن الأطر الدستورية، وألّا يتضمّن مسّاً بمبدأ فصل السلطات أو تدخلاً بعمل القضاء». وشدّد عون على وجوب الاطلاع على تفاصيل المقترح، قبل إبداء رأيه النهائي فيه.
وبحسب ما رشح من اللقاءات البطريركية، فإن الفكرة المقترحة تتمحور حول مبادرة مجلس النواب إلى تحريك دعوى الحق العام في وجه رؤساء حكومات ووزراء، في جريمة المرفأ، على ان يبقى سائر المدعى عليهم ملاحقين من قبل المحقق المحقق العدلي.
جولة الراعي وتصريحاته أمس فتحت الباب واسعاً أمام الحديث عن تسوية ما يجري طبخها، سواء كمقايضة بين الطيونة والمرفأ، بحسب ما يروّج له مقربون من البطريرك، او لحل معضلة قرارات القاضي البيطار، لإعادة إطلاق العمل الحكومي. في الاولى، يجزم المعنيون بأن المقايضة غير مطروحة، فيما المسألة الثانية تواجهها عقبات شتى:
– أولاً، لا يزال أي حل لأزمة البيطار بحاجة إلى غطاء من رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر. وأداء القضاة المحسوبين على التيار في مجلس القضاء الاعلى يوحي بأن عون والنائب جبران باسيل لن يخوضا في معركة لتنحية البيطار. ويبقى اي تغيير في الموقف رهن تبدل الوقائع السياسية او القضائية.
– ثانياً، تواجِه مبادرة الراعي اعتراضاً على مستوى فريق الادعاء السياسي – الإعلامي المواكب لعمل البيطار، والذي يحظى بدعم غير مسبوق اميركياً وأوروبياً. وحيث يرجح ان تصدر ردود فعل رافضة لهذه التسوية حتى ولو تمت بمباركة بكركي.
– ثالثاً، لا يوجد اي مؤشر يقول بان مجلس القضاء الاعلى في صدد اتخاذ أي إجراء بحق البيطار، إلا في حال طلب وزير العدل، عملاً بمبدأ «توازي الصيغ»، اي الدعوة الى إلغاء تعيين المحقق العدلي واختيار بديل عنه.
– رابعاً، يجزم عارفو البيطار بأنه سيستمر بعمله، من دون أي تغيير، وسيلاحق وزراء ورؤساء حكومات، حتى لو اتخذ مجلس النواب قرار محاكمتهم أمام المجلس الأعلى، ليخلق بذلك تنازعاً «إيجابياً» على الصلاحية. وحتى لو كانت قرارات البيطار، في هذه الحالة، من دون أي نتيجة قانونية أو إجرائية، فإنه سيتصرّف كما لو أن شيئاً لم يكن. وسيكون المحقق العدلي، في اليومين المقبلين، أمام اختبار التعامل مع كل من رئيس الحكومة السابق حسان دياب، ثم الوزيرين السابقين النائبين نهاد المشنوق وغازي زعيتر اللذين سيتقدّمان بمذكرتي دفوع شكلية، علماً بأنه سبق أن رفض طلب وكيل النائب علي حسن خليل المحامي محمد مغربي الاستمهال لتقديم الدفوع.
وقال مصدر سياسي مواكب، ان المناقشات السياسية الجانبية اشارت الى احتمال تسريع القاضي البيطار في اصدار قراره الظني واحالة الملف الى المجلس العدلي، الذي يجري البحث في امكانية ان يقبل بطعن مجلس النواب في اختصاصته محاكمة الوزراء والنواب، وعندها يكون الفصل من جانب المجلس العدلي نفسه.
وكان البطريرك الراعي استبق جولته أمس بمبادرة لتخفيف الضغط عن جعجع، مقترحا ذهاب ضابط من استخبارات الجيش للاستماع إلى إفادة جعجع في مقر إقامته في معراب، وهو ما رفضه كل من الجيش ومفوض الحكومة القاضي فادي عقيقي. مع الاشارة الى ان البطريرك يأمل في أن يتدخّل بري لدى عقيقي، نظراً للقرابة العائلية التي تربطهما (عقيقي هو زوج القاضية ندى دكروب، ابنة شقيقة بري).

صحيفة البناء كتبت تقول : تحرك البطريرك بشارة الراعي بصورة تعبر عن تموضع مخالف للمسار الذي كان قد رسمه خلال الفترة الماضية، سواء تحت عنوان أولوية المواجهة مع حزب الله وتوصيفه كمصدر لكل الأزمات، أو تحت عنوان أولوية موازية لدعم غير مشروط لاستدعاءات المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت، القاضي طارق بيطار، خصوصاً ما يطال الرؤساء والوزراء الذين يلاحقهم بيطار ويطالبون ومعهم جبهة نيابية سياسية روحية، بحصرية حق الملاحقة بالمجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، واستطراداً تحت عنوان أولوية ثالثة للبطريرك حضرت خلال اليومين الماضيين عنوانها رفض استدعاء رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع للمثول أمام القضاء للإدلاء بإفادته، واعتبار الدعوة لمجرد الاستماع استهدافاً للرموز، بخلاف توصيف اتهام رئيس حكومة بصفته مسار قضائي نزيه.
التموضع الجديد للبطريرك يتم تحت عنوان البحث عن تسوية تعيد مجلس الوزراء للانعقاد، وتسحب فتيل التأزم الناتج من الاستقطاب الحاد الذي بلغ حد المخاطرة بالانزلاق إلى الحرب الأهلية، انطلاقاً من الملف المتفجر الذي يمثله تمادي المحقق العدلي خارج نطاق صلاحياته، من دون رادع، بالعودة بالتحقيق إلى المسار الدستوري، بما يمثله ذلك ضمناً من تراجع عن أولوية المواجهة مع حزب الله، وصولاً إلى الدفع باتجاه حصر الاعتراض على استدعاء جعجع بدفعه للمراجعة القانونية بدلاً من رفع السقف السياسي للمواجهة، وعلى هذا الأساس توجه البطريرك الراعي إلى عين التينة لينطلق بعد سماع رأي رئيس مجلس النواب نبيه بري المستعد للسير فوراً بهذا المسار الذي سبق ودعا إليه مراراً، التقى الراعي رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ورئيس الجمهورية العماد ميشال عون معلناً أن هناك حلاً سيبرز اليوم، ما يعني أنه ضمن انطلاق مسار الملاحقة النيابية وفقاً لنص الدستور في قضية انفجار مرفأ بيروت عبر إطلاق لجنة تحقيق نيابية، تبلغ للنيابة العامة التميزية يتم على أساسها كف يد القاضي بيطار عن الملاحقات التي بدأها بحق رؤساء ووزراء، وحصر مهمته بما عداهم، وهذا يفترض ضمناً أن يسير نواب التيار الوطني الحر على الأقل بهذا الخيار، إذا تمنع نواب القوات اللبنانية بداعي بقاء قضية استدعاء رئيس حزبهم أمام القضاء، لأنه من دون نواب التيار الوطني الحر لا يتوافر عدد النواب اللازم لتوجيه الاتهام وتشكيل لجنة تحقيق قضائية وهو نصاب ثلثي أعضاء المجلس النيابي.
التسوية المرتقبة ستعني الإفراج عن إمكانية مجلس الوزراء في معاودة اجتماعاته، واستطراداً ستتزامن مع تسوية حول قانون الانتخابات، تحول دون ذهاب نواب التيار الوطني الحر إلى الطعن بالقانون، في حال إقراره، وهذا يستدعي تلبية مطالب أساسية لرئيس الجمهورية وللتيار بات معلوماً أنها تطال موعد إجراء الانتخابات ودائرة المغتربين الخاصة.
في ملف استدعاء جعجع قدم وكلاؤه مراجعتهم القانونية التي تتضمن اعتراضاً على شروط التبليغ، وينتظر أن يبت بها القضاء وأن تسير الأمور في مسار قانوني منفصل بعد سحب شحنات التصعيد السياسي تدريجاً من الملف، بينما أكدت مصادر حركة أمل أنه من غير الواراد عند ثنائي أمل وحزب الله الدخول في مقايضة بين تصويب مسار القاضي بيطار ورد الاعتبار للدستور من جهة، والسعي لكشف الحقيقة وتحقيق العدالة في قضية دماء شهداء مجزرة الطيونة، وأن الحزب والحركة يتابعان الأمر مع القضاء المختص، وليس لديهما مجال لأي مساومة في هذا المجال، ولديهما ثقة بالمسار القضائي، خصوصاً في ضوء ما تم حتى الآن.
وفيما نجحت الاتصالات واللقاءات بين الاتحاد العمالي العام واتحادات قطاع النقل البري مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بتجميد الإضراب العام الذي كان مقرراً اليوم، وذلك بعد التوصل إلى شبه اتفاق على تنفيذ مطالب اتحاد النقل، بقي ملف استدعاء رئيس حزب القوات سمير جعجع للاستماع إليه في مديرية المخابرات في وزارة الدفاع في واجهة المشهد الداخلي نظراً لتفاعله على المستويين القضائي والسياسي، وسط تأكيد مصادر القوات بأن جعجع لن يحضر اليوم ويضع شروطاً ويعترض على طريقة التبليغ، فيما تقدم وكلاؤه بمذكرة إلى مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية فادي عقيقي يُبيّنون فيها أن تبليغ جعجع غير قانونيّ. كما تقدم وكلاء بعض الموقوفين بطلب تنحي عقيقي، فرفض تسجيل طلب التنحي، مما دفع بوكلاء هؤلاء الموقوفين إلى طلب رد القاضي أمام محكمة استئناف بيروت التي ستنظر بالطلب خلال الأيام المقبلة.
وعلمت «البناء» أن جعجع لن يحضر إلى وزارة الدفاع وقد يوفد محامين إلى وزارة الدفاع لتقديم اعتراضات لتأخير موعد الاستدعاء لإتاحة المجال أمام الوساطات السياسية التي تقوم بها بعض المراجع الدينية والسياسية وعلى رأسهم البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، ومن جهة ثانية لبلورة حل قضائي سياسي لأزمة ملف المرفأ. وأفادت قناة «أو تي في» نقلاً عن مصادر قواتية أن جعجع لن يحضر اليوم إلى وزارة الدفاع، وأوضحت المصادر أن «محاميي القوات شرحوا بشكل أوسع هذه المسألة، وبأنها غير قانونية».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى