اخبار لبنان

التقرير السياسي اليومي

لا تزال تداعيات الاحداث الدامية التي حصلت في طرابلس تلقي بثقلها على الواقع اللبناني المتأزم اصلا اقتصاديا وماليا ومعيشيا وتربويا وصحيا ، في ظل رفع المتاريس بين بعبدا وبيت الوسط في ملف تأليف الحكومة ، وسط حرب بيانات مستعرة ، فيما تستمر المساعي الداخلية والخارجية للوصول إلى نقاط مشتركة تخرج الحكومة من عمق الزجاجة ، وعلمت مصادر “المنار” أن فرنسا تسعى لإحياء مبادرتها ، وقد تواصلت مع دولة عربية للمساعدة في تذليل العقبات.
وفي شأن آخر أعلن المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم عن أنباء سارة بشأن قرب إطلاق الامارات عددا من المعتقلين اللبنانيين ، الذين اعتقلوا بتهم ارتباطهم بحزب الله ، دون اي ادلة.

صحيفة الأخبار كتبت تقول : إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون زيارته للبنان يُعدّ الخرق الوحيد في المشهد السياسي المُتّجه إلى المزيد من التعقيد. خرقٌ يبقى «حذراً» طالما أنّ المعطيات الأخرى لتأليف الحكومة لم تشهد أي تعديل إيجابي، ولا سيّما العلاقة بين الرئيس ميشال عون والرئيس المُكلّف سعد الحريري. لا يزال الرجلان يتبادلان الاتهامات عبر البيانات، من دون أن تنجح أي وساطة أو مبادرة أو مسعى لإعادة قليل من الثقة إلى علاقتهما
خلال الشهرين الماضيين، ارتفعت أعداد اللبنانيين المُقيمين في الإمارات الذين جرى توقيفهم، من دون وجود «دليل» بحقّهم أو «ملفّ». جرت الاعتقالات في سياق الضغوط السياسية والأمنية التي تُمارسها الإمارات على لبنان، بالتزامن مع إعلان الاتفاق الاستراتيجي بينها وبين «إسرائيل»، فكان الاستهداف من الخاصرة التي تعدّها الإمارات «رخوة»: التعاون مع حزب الله. مجموعة من اللبنانيين اعتُقلت من داخل أحد ملاعب كرة القدم، «والتهمة» كانت تداول فيديوات على تطبيق «واتساب» للأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله! لا رقم مُحدّداً للبنانيين الذين جرى اعتقالهم ومحاولة «تركيب ملفّ» لهم، فالإمارات عتّمت في هذه الموجة من الاعتقالات على الموضوع، بالإضافة إلى غياب المتابعة الرسمية والجدية من جانب الدولة اللبنانية، ممثلة بسفارة لبنان في أبو ظبي، إلى أن جرت متابعة الملف من قِبل الأمن العام، بعد تواصل الأهالي مع اللواء عباس إبراهيم. تُفيد المعلومات بأنّ بعض اللبنانيين اعتُقلوا وأطلق سراحهم من دون أن تُعرف قضيتهم. ليلة أمس، كشف المدير العام للأمن العام أنّ عدد المعتقلين وصل إلى 30، من دون أن يوضح ما إذا كان الرقم يُعبّر عن العدد الإجمالي للمُعتقلين حالياً، أو لكل الذين اعتُقلوا في الفترة الماضية. وقال إبراهيم في مقابلة مع قناة «الحرّة»، أمس، إنّه بعد ساعات (فجر اليوم) «قرابة نصفهم سيعودون إلى لبنان»، مُضيفاً إنّه يتواصل منذ سنتين مع مسؤولين إماراتيين «لحلحلة هذه الملفات». وبحسب المعلومات، فإنّ عائلات 11 من الموقوفين تبلغوا إطلاق سراح أبنائهم، وهم من الذين لم يُحكم عليهم، أي أنّ المُعتقلين أحمد صبح وحسين بردى وعبد الرحمن شومان وعلي المبدر وعبد الله هاني عبد الله وأحمد مكاوي المحكومين بالإعدام، ليسوا من بين الذين سيُطلق سراحهم. ملفّ اللبنانيين الستة مُعقّد ولم يجد طريقه إلى الحلّ بعد، مع التضييق المُستمر عليهم من جانب السلطات الإماراتية، التي منعت منذ قرابة الشهر أي اتصال مباشر بينهم وبين عائلاتهم.
الخرق الإيجابي في ملفّ «معتقلي الإمارات»، لم ينسحب على المشاورات لتأليف الحكومة الجديدة، على الرغم من إشاعة أجواء عن قُرب صدور التشكيلة. الفريق الذي يُشيع هذه المعلومات يتحدّث عن ضغوط تُمارسها فرنسا لإيجاد حلّ، وقد فعّلت قنوات التواصل مع الجانب الأميركي لإقناعه بضرورة تأليف حكومة لبنان، «وقد سُجّل كلام مُتقدّم بينهما». يُحاول هذا الفريق أن يوحي بتجدّد «زخم المبادرة الفرنسية، هذه المرّة بالتنسيق مع الإدارة الأميركية». وقد تزامنت هذه المعطيات مع إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لقناة «العربية» أمس زيارته للبنان، من دون أن يكشف عن التاريخ. وقال ماكرون إنّ «خريطة الطريق الفرنسية للبنان لا تزال مطروحة على الطاولة، وليس هناك حلول أخرى متاحة لحلّ الأزمة اللبنانية غير الخطة الفرنسية». رئيس فرنسا الذي يتخبّط بأزمات داخلية عديدة، صحية واقتصادية وسياسية واجتماعية، «وعد» بأنّه سيفعل «كلّ ما باستطاعته للمساعدة في تأليف الحكومة»، برئاسة سعد الحريري. لكنّ ماكرون غرق في تضارب أقواله. من جهة، يُريد إنعاش المُبادرة التي أطلقها في الـ 2020 بحضور كل من: حزب الله، التيار الوطني الحر، تيار المستقبل، القوات اللبنانية، حزب الكتائب، تيار المردة، الحزب التقدمي الاشتراكي، حركة أمل، أي الأحزاب السياسية الأساسية التي سيطرت على المشهد السياسي في الثلاثين سنة الماضية، مع تفاوت انغماسها في الإدارة وتولّيها مسؤوليات تنفيذية. اتفق معها على خريطة طريق لإنعاش النظام القائم، وشكل الحكومة الجديدة، وغيرها من العناوين السياسية. وفي الوقت نفسه، أعطى ماكرون لنفسه حقّ وصف النظام اللبناني بأنّه في «مأزق بسبب الحلف الشيطاني بين الفساد والترهيب».
إعلان ماكرون زيارته للبنان، وتسريب معطيات عن اقتراب تأليف الحكومة، لا يجدان أرضية حاضنة في الداخل اللبناني. السجال بين رئاسة الجمهورية والرئيس المُكلّف سعد الحريري يتصاعد يومياً، مع تعمّق اللاثقة بينهما، وعدم رغبة أحدهما في التعاون مع الآخر. يعتمد الفريقان سياسة «عضّ الأصابع» بانتظار من يصرخ أولاً، فيما البلاد في حالة انهيار عامّ، وأمام خطر انفلات الوضع أمنياً.

صحيفة البناء كتبت تقول : “تسارعت المواقف الأميركية بعكس ما ترغب الرياح السعودية والإسرائيلية، مع تعيين الخبير في الأزمات الدولية روبرت مالي مبعوثاً رئاسياً أميركياً خاصاً في الملف الإيراني، كتعبير عن سعي أميركي لطمأنة المخاوف الإيرانية من عدم الجدية الأميركية برفع العقوبات، ومعلوم أن مالي كان شريكاً في صناعة الاتفاق النووي مع إيران كمفاوض في اتفاق 2015، كما أن مواقف مالي حافظت على نظرة تدعو للتمسك بالاتفاق وتندّد بالتصعيد ضد إيران، خصوصاً ما خصّ عمليات الاغتيال التي استهدفت قادة إيرانيين وخبراء وعلماء نوويين، وحافظ على التواصل مع المسؤولين الإيرانيين، متميزاً بمواقف تدعو لأخذ وقائع المنطقة بالاعتبار في الأزمة السورية وبالتعامل مع القضية الفلسطينية، ما جعله عرضة للاستهداف المبرمج من “إسرائيل” والسعودية وشخصيات جماعات تدور في فلك كل منهما. وفي وقت لاحق لتعيين مالي أعلنت إدارة بايدن تجميد صفقات السلاح لكل من السعودية والإمارات كتعبير عن الضغوط الهادفة لوقف الحرب على اليمن.
بالتوازي كان الرئيس الفرنسي امانويل ماكرون يخرج فجأة على قناة العربية المملوكة من ولي العهد السعوديّ والمعتمدة من قبله، ليعلن تبني الموقف السعودي من القيادات اللبنانية، في إشارة فهمت كرسالة سلبيّة للرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري، بالحديث عن سقوط الطبقة السياسيّة، كما أطلق ماكرون موقفاً مسانداً للدعوة السعودية للمشاركة في التفاوض المقبل مع إيران. وتساءلت مصادر سياسيّة متابعة لأحداث طرابلس ما إذا كانت مواقف ماكرون بنتيجة رسائل التفجير والفوضى التي شهدتها عاصمة الشمال، والتي تقول إن التفويض الأميركي لن يكفي ماكرون للإقلاع بمبادرته، من دون شراكة سعودية تملك قدرة التعطيل، إذا صحت التقديرات التي حملتها معطيات ما شهدته طرابلس لجهة استهداف زعاماتها التي أظهر غضبُها شعوراً بالضيق، خصوصاً ما صدر عن الرئيس الحريري والرئيس نجيب ميقاتي، ووصل بهما الضيق حد اتهام الجيش بالتقصير وتحميله المسؤولية، وتلويح الرئيس ميقاتي بالأمن الذاتي.
الاعتقاد بالدور السعوديّ يستند بالنسبة للمصادر إلى الإجماع السياسي والأمني على رفض رواية الأحداث العفويّة، والتأكيد على وجود أيادٍ خارجية تملك ذراعاً محليّة، في ظل استبعاد الفرضية التركية وتصدّر بهاء الحريري للمشهد الشمالي منذ 17 تشرين ضمن جماعات الساحات الطرابلسية كمموّل، بينما ظهرت علاقته المميّزة بولي العهد السعودي مع تفاقم الأزمة بين ولي العهد والرئيس الحريري منذ احتجازه في فندق الريتز في الرياض وطرح اسم بهاء بديلاً له، وجاء الدعم السعودي لبهاء بمنحه هواء قناة تلفزيونية وازنة ليؤكد أنه عنوان المشروع السعوديّ بدلاً من شقيقه.
في ظل هذا التوتر السياسي والقلق من وجود مخططات تستهدف لبنان من عاصمة الشمال، نشر الجيش اللبنانيّ فوج المغاوير ليلاً في المدينة، وبدا الوضع ميّالاً للهدوء، بينما كان المسار الحكوميّ يشهد سجالاً عالي الوتيرة بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري ليجدّد التعقيدات على مسار الحكومة المعقد أصلاً.
وفيما كان تركيز الدولة ومؤسساتها وأجهزتها الحكومية والصحية والأمنية منصبّاً على مواجهة وباء الكورونا وإعلان خطة اللقاح والاستعداد الميداني واللوجستي والطبي لوصول الدفعة الأولى من لقاح «فايزر» إلى لبنان منتصف الشهر المقبل، خطفت الأحداث الأمنية الخطيرة في طرابلس الأضواء واهتمام المسؤولين لما تُخفيه من أهداف ومخططات خارجيّة مبيّتة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى