مقالات مختارة

كمين خلدة .. ماذا لو لم يتريّث الحزب ؟

محمد عساف | باحث في العلوم السياسية والإستراتيجية

يقول الكاتب الصيني “سون تسي” في كتابه الذي يحمل عنوان “فن الحرب”: “المُخطط الجيد يُخضع العدو من دون قتاله”
مما لا شك فيه أنه عند حصول الإستهداف في كمين خلدة علت أصوات كثيرة على وقع هول المشهد الذي لم نشهده من قبل وهو فتح الرصاص على مدنيين عزّل يحملون جنازة شهيد. حيث خلّف هذا الإعتداء عدداً من الشهداء والجرحى.
كان هناك تمني قوي للتدخل العسكري من قبل حزب الله لتحرير من احتجز تحت الرصاص، ورد الغدر الذي تعرضوا له هؤلاء الأبرياء.
هذا المشهد كان بحاجة إلى قرار حكيم لأنه سيحدد وجهة لبنان خصوصاً في الظروف التي تمرّ بها البلاد. علماً أن حزب الله يملك تجربة كبيرة في معركة الوعي وقراءة الأحداث والتروّي في اتخاذ القرارات رغم كل القوة التي يملكها، ومعركة عبرا خير دليل على صبر الحزب على الارهابي احمد الاسير وجماعته.
لأنه وبحسب التحقيقات الجارية والاعتقالات تبين ان بعض الذين شاركوا في الجريمة هم من خارج المنطقة وتم استحضارهم لتنفيذ المخطط.
لنفترض سوياً هذا السيناريو ولكم التعليق
المشهد الأول حزب الله يرسل مجموعة من الآليات بداخلها مقاتلين من قوات النخبة يصلون الى مكان الكمين وينهال عليهم الرصاص من كل جانب والقذائف الصاروخية فسيقع المزيد من الشهداء وسيعم غضب شعبي عارم ما سيسبب بحمل كل الناس السلاح وستعم الفوضى كل المناطق اللبنانية.

المشهد الثاني يصل مقاتلو الحزب من خلال تغطية نارية ويدخل الأحياء التي يقطنها “نور خلدة” فسيتم النشر على وسائل الاعلام الجاهزة ان حزب الله الشيعي يقتل الاطفال السنة ، وسيعم غضب عارم في الشارع السني على مستوى لبنان وتعم الفوضى البلاد.
في المشهدين السابقين نجد أن الفوضى هي من المشتركات وهذا ما تجنبه حزب الله في التريث بأي ردة فعل. هذا التريث جعل الكثير من السياسيين والاحزاب تعلن رفضها هذه الجريمة وهذه الطريقة حتى بيان العشائر العربية أكد أن هذا التصرف ليس من شيم العشائر وعاداتهم.
وأصبح هناك صورة عامة على التالي:
ـ ان المنفذين هم عصابة إرهابية يجب تصفيتها .
ـ عدم التستر عليها وتبنّيها من قبل أحد.
ـ تأكيد الحزب على أن الدولة بكامل أجهزتها هي التي تفرض الامن والاستقرار ولديها القدرة وهذا واجبها في ظل السعي الى تظهير الجيش بالضعف وإذلاله في مشهد رمي الحجارة عليه لإضعاف هيبته.
– ارسال رسائل الى كل من يعنيه الأمر أن حزب الله لا يهوى الحروب والاقتتال وهو من أشد الداعمين لضرورة عمل مؤسسات الدولة وقيام الدولة القوية
– وقف الفتنة التي كانت مجهزة لتعم البلاد.
بناءً على ما تقدم لا يمكن أن نغفل عن أمر هو موضوع الصبر والتحمل والبصيرة . هناك أمر يجب تبيانه للناس أنه هناك فرق بين الصبر والتحمل بسبب الضعف وعدم القدرة ، وبين الصبر والتحمل رغم كل القدرة والقوة.
فالأولى تكون دائمةً ويحكمها القدر، أما الثانية فتكون محددة وتحكمها الظروف
فبنفس الصبر الذي يملكه الحزب أزاء هذه الجريمة لن يسمح بأن تمر مرور الكرام ، ودماء الشهداء الأبرياء التي سقطت ستؤسس لمعادلة جديدة فرضها غباء المُشغّل وتهوّره.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى