تحليلات و ابحاث

تحليل : في الخطاب والمصطلح الصهيوني

مركز الإتحاد للأبحاث والتطوير .

حاول الخطاب السياسي العربي أن يتعامل مع الظاهرة الصهيونية في تفردها وعموميتها، فقد كانت بالفعل ظاهرة جديدة كل الجدة على الشعب العربي سواء في فلسطين أم خارجها: أن تأتي كتلة بشرية تحت رايات الاستعمار البريطاني وتبدأ تدريجيً في احتلال الأرض إما بالقوة العسكرية أو من خلال شراء الأراضي، ثم تتحول الكتلة البشرية الغازية بين يوم وليلة إلى دولة تستولي على جزء كبير من فلسطين ثم تقوم بطرد السكان الأصليين يساندها في ذلك العالم الغربي بأسره.

وفي محاولة الخطاب العربي وصف الغزوة الصهيونية قي خصوصيتها وعموميتها، كان أول مصطلح استخدم هو “إسرائيل المزعومة”، وهو مصطلح ليس له أي مقدرة تفسيرية وكان تعبيرًا عن عدم التصديق العربي لما حدث. وظهرت مصطلحات مماثلة أخرى مثل “شذاذ الآفاق”، وهو مصطلح استخدم في فلسطين للإشارة إلى المستوطنين الصهاينة، يحاول التهوين بشكل مبالغ فيه من ظاهرة الغزو الصهيوني، وإن كان قد نجد في رصد ظاهرة عدم التجذر التي تسم المجتمعات الاستيطانية. ولكن مع منتصف الخمسينيات بدأ الحديث عن إسرائيل باعتبارها “مخلب القط” للاستعمار الغربي (وهو مصطلح استمرّ فيما بعد في عبارة “إسرائيل كحاملة طائرات”)، وباعتبارها “قاعدة الاستعمار الغربي”. وهي مصطلحات تقترب إلى حدّ ما من الطبيعة الوظيفية للظاهرة الصهيونية.

ولا يزال الخطاب العربي يتأرجح في محاولته تسمية دولة إسرائيل فهي أحيانًا “الدولة الصهيونية” وأحيانًا أخرى “الدولة اليهودية” وهناك من يشير إليها أحيانًا على أنها “الدولة العبرية”. ونحن لا نستخدم اصطلاح “الدولة اليهودية”، لأن ليس له قيمة تصنيفية أو تفسيرية، إذ لا يمكن تفسير سلوك إسرائيل استنادًا إلى التوراة والتلمود. كما لا نستخدم مصطلح “الدولة العبرية” لأنه لا دلالة له ولأنه يحاول تطبيع الدولة الصهيونية، إذ إنه يفترض وجود ثقافة عبرية وهوية عبرية ذات مصالح قومية محددة، وهو أمر خلافي إلى حدّ كبير. فالدولة الصهيونية تدّعي أنها دولة كل يهود العالم، وما هي إلا مجتمع مهاجرين غير مستقر ولم تتحدد هويته بعد، وهي لا تزال تحتل الأرض الفلسطينية وترفض عودة الفلسطينيين.

وهناك بعض المصطلحات مثل “فلسطين المحتلة” و”التجمع الصهيوني” و”الكيان الصهيوني” ذات مقدرة تفسيرية عالية، لأنها لا تعكس الإدراك العربي للظاهرة الصهيونية وحسب، وإنما تقترب إلى حدّ كبير من بنية الكيان الصهيوني.

سمات الخطاب الصهيوني المراوغ

الخطاب الصهيوني له سمات محددة أهمها المراوغة النابعة من تعدد الجهات التي يتوجه لها هذا الخطاب:

  • الصهيونية حركة تابعة يدعمها ويمولها الاستعمار الغربي، ولذلك يتوجه الخطاب الصهيوني إلى الدولة الاستعمارية الراعية.
  • لا تتوجه الصهيونية لهذه الدول وحسب أو لنخبها وحسب وإنما للرأي العام غير اليهودي فيها، والذي قد لا يدرك الأبعاد الاستراتيجية للتحالف بين إسرائيل والحضارة الغربية. وهو رأي عام غير متجانس، فهماك العلمانيون الليبراليون الذين يطالبون بفصل الدين عن الدولة ولكن أيضًا هناك المسيحيين الأصوليين الذين يرون الدولة الصهيونية باعتبارها إحدى علامات آخر الزمان.
  • لا بدّ أن يتوجه الخطاب الصهيوني للفئة البشرية المستهدفة، أي تلك الجماعات اليهودية في العالم التي تنتمي إلى تشكيلات ثقافية وحضارية واجتماعية مختلفة.
  • تعود الصهيونية إلى أصول ثقافية ودينية واجتماعية وطبقية متباينة وهو ما يجعل لكل فريق صهيوني رؤية وأولويات مختلفة.
  • تركت التيارات الصهيونية بعض القضايا الأساسية بدون اتفاق، فلم يتم الاتفاق على هوية اليهودي بل ولم يتم الاتفاق على هوية الصهيوني، كما لم يتحدد التوجه الاجتماعي أو الاقتصادي للعقيدة الصهيونية.

والمشكلة التي واجهها الخطاب الصهيوني هي كيف يمكن التوجه لكل هذه القطاعات في وقت واحد، إذ كان على الدولة الصهيونية أن تقدم نفسها باعتبارها دولة ديموقراطية تنبع من أيديولوجية ليبرالية وتنتمي إلى الحضارة الغربية العقلانية، ولكنها أيضًا دولة يهودية استعبادية حصرية، ولذا فهي تقوم بطرد الفلسطينيين وهدم قراهم وديارهم وخوض حروب توسعية. وكان على الدولة الصهيونية أن تقدم نفسها باعتبارها دولة علمانية متطرفة في علمانيتها، ولكنها في الوقت نفسه تدّعي أنها متطرفة في تديّنها، ورأسمالية مغالية في رأسماليتها، واشتراكية مغالية في اشتراكيتها. والحركة الصهيونية تقبل اندماج اليهود في غرب أوروبا (حتى لا تثير حفيظة يهود أو حكومات هذه البلاد)، ولكنها في الوقت نفسه تطالب بتهجير يهود شرقها.

ولإنجاز هذه، ولتحقيق هدفها في اغتصاب فلسطين وطرد أهلها وتجنيد يهود العالم لدعم مشروعها ومده بالمادة البشرية المطلوبة، طورت الصهيونية خطابًا مبهمًا هلاميًا غير متجانس بشكل معتمد، يتسم بدرجة عالية من عدم الاتساق، ويحتوي على فجوات كثيرة بهدف تغييب الضحية وتشويه صورته.

وقد كتب هرتزل قائلًا إنه “حقق شيئًا يكاد يكون مستحيلًا: الاتحاد الوطيد بين العناصر اليهودية الحديثة المتطرفة (أي اليهود المندمجين في غرب أوروبا واليهود غير اليهود)، والعناصر اليهودية المحافظة (أي يهود شرق أوروبا واليهود المتدينين) – وقد حدث ذلك بموافقة الطرفين دون أي تنازل من الجانبين ودون أي تضحية فكرية، كما تباهى هرتزل بمصالحة أخرى لأجراها بين الحضارة الغربية ويهود العالم.

وقد كان هرتزل محقًا تمامًا فيما يقول، فالخطاب الصهيوني المراوغ الذي وضع هو أساسه نجح في إخفاء كل التناقضات وفي التوجه إلى كل قطاع من القطاعات المعينة بصوت يرضيه. كما أنه تجاهل العرب تمامًا. وقد احتفظ هذه الخطار بتوجهه الأساسي من خلال التمسك بالصيغة الصهيونية الأساسية الشاملة والمهودة وإخفائها إلى حد كبير في آن واحد، على أن تعبّر عن نفسها من خلال تنويعات عليها تخبئتها بسحابة كثيفة من الاستراتيجيات والحيل البلاغية المتنوعة التي لا بد من درسها[1].

فك شيفرة الخطاب الصهيوني

  • إخفاء مرجعية المصطلحات والمفاهيم الكامنة وراءها:

الحيلة الأساسية في الخطاب الصهيوني المراوغ هو محاولة إخفاء المرجعية النهائية للمصطلح والمفاهيم الكامنة وراءه. فحينما يتحدث الصهاينة عن “السلام” أو عن “الحكم الذاتي”، فهم يخفون تمامًا مرجعية هذه المصطلحات، فهل مرجعية ها السلام هو قرارات هيئة الأمم المتحدة، أم المفهوم الإسرائيلي للسلام؟ وهل الحكم الذاتي للفلسطينيين يعني حق تقرير المصير أيضًا، أم أنه يعني قيام سلطة خاضعة لتوجيهات النظام لصهيوني؟

 

  • محاولة تجاهل الأصول التاريخية أو تزييفها:

من الحيل الأساسية في الخطاب الصهيوني محاولة عزل الظواهر والمصطلحات عن أصولها التاريخية والاجتماعية والثقافية بحيث يبدو الواقع كما لو كان مجرد عمليات وإجراءات وأحداث ليس لها تاريخ واضح ولا سياق تاريخي محدد، وبالتالي فليس لها سبب معروف أو اتجاه محدد. فالسبب لا علاقة له بالنتيجة، والنتيجة لا علاقة لها بسياقها التاريخي، والمعلومة لا تنضوي تحت نمط. ومن ثم يمكن أن يتحول الهامشي إلى جوهري والجوهري إلى هامشي، ويمكن فرض أي معنى على أية واقعة وأن توضع داخل نمط ما (نمط يهودي متكرر).

 

  •   تغليب عنصر المكان:

ويرتبط الاتجاه السابق نحو إنكار الجذور التاريخية للظواهر تغليب عنصر المكان على عنصر الزمان، فتتحول “فلسطين” من “أرض” إلى “منطقة”، وتبحث إسرائيل عن “الحدود الآمنة” الجغرافية التي لا تأبه بالتاريخ. وتعبر نظرية الأمن الإسرائيلية عن هذا التحيّز الشديد للجغرافيا والتجاهل الكامل للتاريخ. ولذا فإن أي حركة من العرب تذكر الصهاينة بوجود عنصر الزمان (كماضٍ وتراث مخزون للذاكرة وكحاضر وصراع وكمستقبل وإمكانية ومجال للحرية والحركة) تولد الذعر الشديد في قلوب المستوطنين الصهاينة وتسمى مثل هذه الحركة “إرهاب”.

 

  • استخدام مصطلحات تبدو محايدة ولكنها في جوهرها تقوم بتغييب التاريخ والواقع العربيين:

من الحيل الصهيونية البلاغية استخدام مصطلحات تبدو كما لو كانت بريئة محايدة تحل محل المصطلحات ذات المضمون التاريخي والإنساني العربي، ولعل أهم هذه المحاولات هو الإشارة إلى فلسطين باعتبارها ” أرضًا بلا شعب”، فهذه عبارة محايدة للغاية، ففلسطين قد لا تكون أرض الميعاد التي وعد لها اليهود ولكنها ليست فلسطين أساسًا وإنما هي مجرّد أرض والسلام، مكان بلا زمان ولا تاريخ.

 

  • إخفاء مصطلح معيًن تمامًا أو محوه من المعجم السياسي والحضاري أو استخدام مصطلحات تؤدي إلى تغييب العرب: يلجأ الصهاينة إلى محو بعض المصطلحات أو المفردات تمامًا من المعجم السياسي والحضاري حتى يمكن محو المفهوم أو الشيء الذي تشير إليه، وإخفاؤه من الخريطة الإدراكية. وهذه الاستراتيجية تضرب بجذورها في الخطاب الاستعماري الاستيطاني الغربي الذي يخدم ديباجات توراتية. ويبدوأن هناك اتجاهًا في هذه الأيام لمحو كلمة “مقاومة” من المعجم السياسي بحيث يهمين دال واحد هو كلمة “إرهاب”، وتصبح أعمال المقاومة التي لها جذور تاريخية ومعنى محدود وكأنها مجرد “إرهاب” أو “هجمات انتحارية” ليس لها سبب واضح ولا اتجاه ولا مفهوم.

 

  • الخلط المتعمد بين المصطلحات وفرض نوع من الترادف بينها:

يعمد الصهياينة إلى الخلط بين المصطلحات التي لها حدود معروفة. قهم يحاولون الخلط بين مصطلحات “يهودي” و”صهيوني” و”إسرائيلي” وأحيانًا “عبراني”. وذلك على الرغم من أن كلّ مصطلح له مجاله الدلالي الواضح. وقد جرى الخلط بينها لتأكيد مفهوم الوحدة اليهودية الذي يشكل جوهر الرؤية الصهيونية. وقد شاع الاستخدام الصهيوني في العقول حتى أصبح من الممكن الحديث عن “الدولة اليهودية” و”دولة اليهود” و”الدولة الصهيونية” باعتبارها عبارات مترادفة، وحتى أصبح من الشائع القول “إن كل يهودي صهيوني وكل صهيوني يهودي”، وأن كل اليهود يؤيدون الدولة الصهيونية، على الرغم من وجود يهود غير صهاينة وصهاينة غير يهود.

 

  • استخدام اسم يشير إلى مسميات مختلفة:

يستخدم اسم مثل “الشعب اليهودي” دون تعريف هذا الشعب اليهودي، و”إرتس يسرائيل” دون التحدث عن حدودها. وحيث إن لكلّ صهيوني تعريفه الخاص فإن الإسم هنا يشير إلى مسميات مختلفة، وتختلف باختلاف من يستخدم المصطلح: توطينيًا كان أم استيطانيًا، علمانيًا كان أم متديًنًا؟ وهذا الإبهام يعني أن الصهيوني يمكن أن يكون معتدلًا إن شاء فيصرّح بأن الشعب اليهودي هو من هاجر بالفعل إلى إسرائيل، ويمكنه أن يكون متطرفًا فيقول إن الشعب اليهودي هو يهودي أينما كان. وحدود “إرتس يسرائيل” هي حدود 1948 أو 1967 أو من النيل إلى الفرات أو من النهر إلى البحر، والأمر متروك دائمًا للاعتبارات البراغماتية.

 

  • استخدام مصطلحات لكل منها معنيان: معنى معجمي ظاهر وآخر حضاري كامن:

يمكننا أن ندرج مصطلح “السلام” أو “عملية السلام” تحت هذا التصنيف، فقد تُرِكت كلمة “السلام” مبهمة عامة وهي يمكن أن تعني “السلام الدائم” – “السلام العادل” – “السلام المؤسس على العدل”، ولكنها يمكن أن تعني أيضًا “السلام حسب الشروط الصهيونية/ الأمريكية” أو “السلام المبني على الحرب والذي يترجم موازين القوى القائمة”. وسلوك الإسرائيليين وحلفائهم الأمريكيين يدلّ على أنّ المعنى الأخير هو المعنى المقصود.

 

 

 

 

القاموس العالمي اللغوي للمشروع الإسرائيلي 2009

بحسب ما ورد في الوثيقة فإن معظم موادها تم تحديثها بالاستناد إلى أبحاث أجريت عام 2008 وعام 2009، وقول الوثيقة: “تم اقتطاف معظم “العبارات المجدية” من ممثلين أو ناطقين إسرائيليين، إلا أن استطلاعات الرأي، والتوجيهات والتوصيات الاستراتيجية تستند جميعًا إلى الوضع الحالي”. ويأمل معدّ الوثيقة فرانك لونتز “أن يستفيد الدعاة الإسرائيليين من الجهد الكبير الذي بذل من أجل هذا الإنجاز”. وأخيرًا يقول لونتز “تذكروا دائمًا ليس المهم ماذا نقول، بل الذي يسمعه الناس”.

إلى ذلك، تعرض الوثيقة مجموعة من الكلمات والعبارات التي تساعد الدعاة والسياسيين، “على التواصل الفعال من أجل دعم إسرائيل” تحت عنوان معجم لتعابير مجدية:

  • “المساءلة”: من المفاجئ أن القيمة التي يرغب الأمريكيون بها بشكل أساسي في حكومتهم، لم يتم استخدامها من قبل الناطقين باسم إسرائيل لوصف ما نحتاجه في الحوار الحال. أوقفوا استخدام تعبير “تدابير بناء الثقة” وابدأوا باستخدام تعبير “المساءلة” لوصف الحاجة الأبرز لدى الحكومة الفلسطينية.
  • “البناء”: لا تتحدثوا أبدًا عن “إعطاء” الفلسطينيين أي شيء، بدلًا من ذلك تحدّثوا عن “البناء”، لأن ذلك سيوحي بتطور الظروف خطوة بعد خطوة. إن استخدام تعبير “إعطاء” يذكر الناس أنكم في الموقع الأقوى وهذا سيؤدي إلى زيادة التعاطف مع أزمة الفلسطينيين.
  • الأطفال: حالوا قدر الإمكان، أن تجعلوا الهدف من إنجاز السلام هو تأمين مستقبل يمكن فيه للأطفال الإسرائيليين والفلسطينيين أن ينشأوا ويتعلموا من دون الشعور الدائم بالخوف من وقوع الهجمات.
  • “تعالوا إلى القدس من أجل العمل على السلام”: إن استخدام الرمزية الصورية لن يضيع من أسماع الأمريكيين.
  • “التعاون والتشارك والتسوية”: وهذا ما يعتقد الأمريكيون أنه يشكّل السبيل إلى حلّ النزاع، وعندما تعطي القليل تحصل على الكثير.
  • “القصف المتعمّد بالصواريخ على المجمعات السكنية”: اربطوا بين دافع الإرهاب وبين صور المواطنين، وعندها ستحصلون على التصوير الأفضل لما تواجهه إسرائيل في غزة ولبنان. إنّ تعبير “متعمّد” هو التعبير الأمثل للدلالة على “النوايا التي تقف خلف القصف” فيما يتعلّق بإطلاق الصواريخ على وجه الخصوص، إلا أنه مفيد أيضًا في أي نوع من الهجمات الإرهابية، وهذا أكثر فعالية بكثير من استخدام “القصف العشوائي”.
  • “الديبلوماسية الاقتصادية”: إن هذا التعبير هو أكثر قبولًا وشعبية من مصطلح وتعبير “العقوبات” السائد حاليًا، فهذا التعبير يلقى قبولًا لدى الأطياف السياسية، فالنهج القاسي على الصعيد الاقتصادي يلقى رواجًا لدى الجمهوريين والعنصر الديبلوماسي يرضي الديموقراطيين.
  • “الازدهار الاقتصادي”: متى تتحدث إسرائيل عن “الازدهار الاقتصادي” للشعب الفلسطيني، فإن ذلك يضعها في أفضل صورة إيجابية ممكنة، ففي النهاية من الذي يمكنه أن يعارض ذلك؟
  • “أمثلة على الجهود المبذولة من أجل السلام”: كرروا باستمرار الجهود الإسرائيلية السابقة وتضحياتها من أجل السلام، مع الزعماء العرب المعتدلين الذين كانوا يرغبون أيضًا في العمل من أجل السلام. لكيلا تغرقوا في الماضي. وإنما قدّموا هذه الأمثلة السابقة على أنها الأسباب الفضلى لاستمرار التزام إسرائيل بالعمل من أجل السلام في المستقبل.
  • “الحقوق المتساوية”: شددوا على أن اليهود الإسرائيليين والعرب الإسرائيليين يتمتعون بحقوق متساوية، وضمانات متساوية في ظل القانون الإسرائيلي. لكن لا تتوقفوا عند هذا الحد: بل أضيفوا “إن المأساة هي أن الفلسطينيين يحصلون على حقوق أقل بكثير من قبل حكومتهم مما يحصلون عليه في دولتنا”.
  • استخدموا النهج الإنساني: إنّ مخاطبة الفلسطينيين مباشرة بالنيابة عن الشعب الإسرائيلي تخرج المواضيع عن إطارها السياسي وتسيغ عليها الطابع الإنساني. مثل: “نحن نعرف أن الفلسطيني العادي والإسرائيلي العادي يرغبان بالاجتماع سويًا والعمل سويًا على تحقيق السلام، إنهما يرغبان في العيش بسلام. لقد اجتمع القادة الإسرائيليون مع قادة عرب من أجل صنع السلام في الماضي، لكن كيف يمكنك أن تتوصل إلى سلام مع حزب الله وحماس؟”
  • “الإسلام الميليشياوي”: إن هذا هو التعبير الأفضل لوصف الحركة الإرهابية. تجنبوا استخدام تعابير حقبة بوش على غرار “الفاشية الإسلامية”.
  • العيش معًا جنبًا إلى جنب: إن هذا هو السبيل الأفضل لوصف الرؤية النهائية لـ “حل إنشاء الدولتين”، لكن من دون استخدام تلك العبارة.

 بعض المصطلحات السياسية والحضارية

1 – إسرائيل

يعد من أخطر المصطلحات فمصطلح “إسرائيل” أو “دولة إسرائيل” أو “الكيان الإسرائيلي” يعني التسليم بوجود كيان شرعي تمثله دولة لها حدود معينة ويحظى بالاستقلالية، وهو بهذا المعنى تطبيع للمواطن العربي والمسلم، على تقبل ذلك التواجد الصهيوني في إطار من الشرعية.

2 – الفلسطينيون

ربما يستغرب البعض أن يكون ذلك مصطلحًا يدور في فلك التوظيف الصهيوني والحقيقة أن كل فلسطيني يتشرف بالانتساب لتلك الأرض المباركة، فحينما يستبدل “الشعب الفلسطيني” بمصطلح “الفلسطينيين” فالمغزى من ذلك أن الفلسطينيون ليسوا سوى شراذم ومجموعات تعيش في كنف العدو الصهيوني. وأن حقوقهم ينبغي أن تدرك في هذا الإطار. وهذه الدعوى الممجوجة أطلقتها من قبل – جولدا مائير التي تساءلت باستخفاف وعنجهية قائلة “أين الشعب الفلسطيني؟”.

 

3 – عرب إسرائيل

رغم أن هذا المصطلح من أكثر المصطلحات وضوحا في الدس والتدليس، فهو يصدق أولًا على قانونية ومشروعية الاغتصاب الصهيوني للأرض الفلسطينية، ثانيا فهو يجنح إلى استلاب حقوق المواطنة الأصيلة من الشعب الفلسطيني صاحب الحق في أرضه ومن ثم فهو ينزع عنه صفة المواطنة ويحوّله لشيء زائد على تلك الأرض، ينتسب بشكل هامشي إلى الكيان القائم على النهب والغصب.

 

4 – المطالب الفلسطينية

يتحدث الإعلام الصهيوني ويكرر الساسة الصهاينة مصطلح المطالب الفلسطينية. وهذا المصطلح لا يلقى جزافًا ولا يُطرح اعتباطًا، فـ “المطالب” كمصطلح يحمل في طياته الكثير من التهوين وازدراء الحقوق الفلسطينية، ويجعل إمكانية التنازل عنها أمرا مستساغًا. إذ ثمة بون شاسع ومسافة فلكية بين “الحق” و “المطلب”. فالحق ثابت راسخ لا يتغير ولا يتبدل ولا يجرؤ أحد على المساس به، وهو خارج نطاق التفاوض ودائرة المساومة. فيما يبدو المطلب محض رغبة لشخص أو فئة أو حزب قد تكون لها صفة المشروعية أو لا تكون كما أنه يحمل صفة ” الآنية ” وهو بذلك يختلف باختلاف الواقع، وتحول الرغبات. وهذا يضعه تحت طائلة المساومات والتنازلات ومن ثم نسمع حديث العدو الصهيوني عن عدم الاستعداد للتفكير “بمطلب” اللاجئين الفلسطينيين بالعودة إلى بلادهم، ووضع الحقوق الفلسطينية في مصاف المطالب يضيع تلك الحقوق الثابتة.

 

 

 

5 – النزاع الفلسطيني – الإسرائيلي

يهدف هذا المصطلح إلى التخفيف من وطأة الصراع والحرب المستعرة بين الأمة العربية الإسلامية وبين العدو الصهيوني، ويحاول ذلك المصطلح تقزيم الصراع، واختزاله بحيث يبدو وأنه ثمة خلاف على بضعة أمتار من الأرض، يتنازع عليها الفلسطينيون والعدو الصهيوني. وأغراض ذلك المصطلح تتصرف إلى تفكيك مفهوم الأمة وتحويلها إلى أقطار ودويلات منفصلة وكأن الصراع لا يعدو كونه نزاعا بين هذه الدولة أو تلك.

 

6 –المعتقلون الفلسطينيون

يعمل العدو الصهيوني جاهدا لإبعاد صفة الحرب عن الوضع القائم على الأراضي الفلسطينية، وإطلاق مصطلح “المعتقل” بدلا من أسير، والهدف من ذلك تصوير المقاتلين الفلسطينيين على أنهم خارجون عن القانون، وأنهم فلول مجرمة تستحق الملاحقة والمحاكمة. وإطلاق مصطلح معتقلين ومطلوبين على المجاهدين الفلسطينيين يعني محاولة تسويغ وتسويق الأكاذيب الصهيونية التي تدعي حق العدو الصهيوني في معاملة هؤلاء المجاهدين كمجرمين خارجين عن القانون وعدم معاملتهم كأسرى حرب.

 

7 – المستوطنون – المستوطنات

يحاول العدو الصهيوني سك مصطلحات تحمل قدرا من النعومة و بها من اللطف و الحسن الظاهري ما عساه أن يسهم في تجميل الوجه القبيح للاحتلال الصهيوني البغيض للأراضي الفلسطينية المغتصبة من ذلك مصطلح “المستوطنون” والذي يعني ضمن ما يعني إعطاء الحق للدخلاء والغاصبين بالعيش على الأرض الفلسطينية، وإبعاد صفة الاغتصاب عنهم. ومن البديهي أن يترافق مع ذلك إطلاق مصطلح “المغتصبات” و ليس “المستوطنات” فهذا المصطلح بدأ بالذيوع منذ العام 1966 مشتق من كلمة الوطن.

 

 

8 – جيش الدفاع

هذا المصطلح رائج وكثيف في الإعلام الصهيوني. يحاول إعطاء انطباع بأن العدو الصهيوني يدافع عن نفسه وأن الفلسطينيين والعرب هم في وضع التعدي. ويرتبط بالمصطلح مصطلحات أخرى فرعية مثل “وزير الدفاع” و “وزير الدفاع الإسرائيلي” فجيش الدفاع ليس سوى قوات احتلال تمارس أبشع الجرائم بحق الشعب الفلسطيني.

 

9 – العمليات الإرهابية

إن الكيد الصهيوني يستهدف خلط الأوراق ويحاول تصوير العمليات على أنها إرهاب. وأن الانتفاضة برمتها ليست الا عنفًا وسفكًا لدماء الأبرياء. كما يستهدف العدو الصهيوني الحصول على غطاء ومشروعية لما يقوم به من أعمال بربرية ضد الشعب الفلسطيني، باعتبار أن ما يقدم عليه من جرائم يقع في خانة مكافحة الإرهاب والدفاع عن النفس.

 

10 – الشرق أوسطية

مصطلح “الشرق الأوسط” من المصطلحات التي غزت ديارنا واقتحمت حصوننا. هذا المصطلح غربي النشأة، ارتبط في صياغته برؤية الغرب المركزية لذاته، وتقسيمه للعالم جغرافيًا نسبةً إلى تلك الرؤية وارتباطًا بما يلبي المصالح الغربية. ومنذ البدء كان المصطلح متلبسًا بفكرة إضعاف المشروع الإسلامي وتفكيك منظومته، ووضع العراقيل. الواقع أن الشرق أوسطية نقيض المشروع العربي الإسلامي فهدفها الأساس تمرير القبول بذلك العدو حتى يبدو في صورة منطقية وطبيعية في عين وعقل المواطن العربي وهدفها التالي تمكين العدو الصهيوني من إحكام السيطرة على المنطقة والنفاذ إلى الثروات العربية والتحكم بها. إن الجهود الأمريكية المحمومة لإعادة رسم خارطة المنطقة تدور في ذلك الفلك وها هو مصطلح ” الشرق أوسطية ” يبين عن مكنونه وهو بكل هذا لا يستحق سوى التجاهل والتغافل وأن نصرّ في مقابله على مألوف مصطلحاتنا، من قبيل العالم العربي وكل تلك المصطلحات التي تؤكد على روابط هذه المنطقة.

 

11 – التطبيع

يعوّل العدوّ الصهيوني كثيرًا على التطبيع كمدخل لاستقرار وجوده في المنطقة، ومجال التطبيع الأبرز الذي يرنو إليه العدو الصهيوني يرتبط بالواقع الاجتماعي والذهنية العامة فحلم العدو الصهيوني وشاغله الأكبر ليس فقط التطبيع السياسي الفوقي بل التطبيع المرتبط بالمجال المجتمعي وانتشار فكرة القبول بذلك العدو بين جموع أبناء الأمة. ولهذا السبب يصر العدوّ الصهيوني في اتفاقاته ويلح بالطلب من أجل التدخل من قبل الحكومات في مناهج التعليم.

 

12 – السلام الشامل والدائم

يدّعي الصهاينة أنهم من دعاة السلام، ولكن كلمة “السلام” كلمة مطاطة للغاية يختلف مضمونها باختلاف السياق الذي ترد فيه، وفي الإطار الصهيوني الاستيطاني/ الإحلالي، فهو يولّد الصراع بطبيعته لأنه ينكر حقوق الفلسطينيين الذين طردوا من بلادهم، ويؤكد حق يهود العالم في الأرض الفلسطينية.

13– الحوار والحوار المسلح

الحوار مصطلح يعني حرفيًا حديثًا يجري بين شخصين. وكلمة “حوار” تفترض شكلًا من أشكال الندية والمساواة ويدعو الصهاينة إلى الحوار والتفاوض وجهًا لوجه. مثل هذه الدعوة للحوار دون تحديد المنطلقات والأطر والمرجعيات هي في واقع الأمر دعوة لمحو الذاكرة والتخلي عن القيم والتعري الكامل، وفي غياب الندية فإن ما يحسم الحوار هو السلاح، أي أنها دعوة إلى التطبيع من الجانب العربي دون أن يقوم الجانب الصهيوني بإزالة استيطانيته الإحلالية التي تسبب شذوذه البنيوي، أي أن يبدأ هذا الحوار بالاعتراف بشذوذ إسرائيل البنيوي وشرعية المقاومة وبالوجود الفلسطيني.

 

14- الشعب اليهودي: 

“الشعب اليهودي” عبارة تفترض أن اليوهود شعب واحد بالمعنى القومي أو العرقي للكلمة، كما تفترض أن لديهم قوميتهم اليهودية المستقلة وهو أمر يتنافى مع الواقع التاريخي. والأولى هو استخدام “الجماعات اليهودية”

 

15- الشعبان:

مصطلح صهيوني يشير إلى كل من الشعب الفلسطيني و”الشعب الإسرائيلي” أو اليهودي، وهذا المصطلح يتضمن شكلًا من أشكال الاعتراف بوجود شعب فلسطيني وبالتالي حقوق فلسطينية في أرض فلسطين، ولكنه يؤكد أيضًا وجود شعب يهودي له حقوق بفلسطين، كما يتضمن المصطلح شكلًا من أشكال التكافؤ بين الفلسطينيين والمستوطنين الصهاينة وشكلًا من أشكال المساواة في الحقوق، وكأن الغزاة الصهاينة لا يختلفون عن السكان الأصليين، فمصطلح “الشعبين” يضفي شرعية على عملية الغزو الصهيوني.

 

 

مصطلحات الأماكن

1 – حائط المبكى

يتخد العدو الصهيوني مسمى “حائط المبكى” أو “الحائط الغربي” حيث يزعمون أنه يمثل الجزء المتبقي من هيكلهم المزعوم والمصطلح العربي الإسلامي هو (حائط البراق). يقع حائط البراق في القطاع الجنوبي الغربي من جدار المسجد الأقصى، وحائط البراق من المقدسات الإسلامية ولم يكن لليهود أي ارتباط به حتى القرن السادس عشر. حيث اعتبر الحائط مقدسًا لدى اليهود بعد خروج يهود إسبانيا إثر سقوط غرناطة ونهاية الحكم العربي الإسلامي. وقد أقرت الهيئات الدولية بأن حائط البراق تعود ملكيته إلى المسلمين، فعندما حدث الخلاف على ملكيته بين المسلمين واليهود أكدت عصبة الأمم في عام 1929 ملكية الحائط تعود للمسلمين وحدهم، وهو جزء لا يتجزأ من ساحة المسجد الأقصى التي هي من أملاك الوقف الإسلامي.

 

2 – هيكل سليمان

يطلق العدو الصهيوني مسمى “هيكل سليمان” على المسجد الأقصى، حيث يزعم العدو أن المسلمين أقاموا المسجد الأقصى على أنقاض المعبد الذي يعتقدون أن سليمان عليه السلام قد بناه.

 

 

3 – القدس الكبرى

يستعمل الإعلام الصهيوني “القدس الكبرى” أو “القدس الموحدة” للإشارة على اتساع القدس بشقيها الشرقي والغربي، وازدياد المساحات التي تضاف يومًا بعد يوم بفعل مخططات الإستيلاء. حيث يهدف العدو الصهيوني إلى التمدد غربًا باتجاه تل الربيع “تل أبيب” وحتى حدود أريحا شرقًا، بهدف إعادة صياغة المدينة، حتى تنمحي معالمها الإسلامية. والشيء الثابت والراسخ رسوخ الجبال أن هذه المدينة بكافة أبعادها وكل مكوناتها وعلى اتساع مساحتها، هي مدينة عربية إسلامية ولن تكون غير ذلك.

 

وهناك العديد من المدن والقرى والبلدان العربية التي حاول العدو الصهيوني إزالتها من جدار الذاكرة الفلسطينية والعربية، من خلال تغيير ملامحها الجغرافية وتبديل أسمائها العربية بأخرى عبرية وتلموديه

[1] عبد الوهاب المسيري، في الخطاب والمصطلح الصهيوني: دراسة نظرية وتطبيقية، دار الشروق، القاهرة، ط2، 2005.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى