ناصر قنديل: ستبقى دمشق عاصمة المنطقة ، وهل يمكن في 2022 تخيل حكومة في لبنان تخاصم سورية ؟
كما كانت البداية من دمشق ستكون النهاية منها، فالذين شنّوا الحرب على سورية كانوا يعلمون أن مشروعهم أبعد منها بكثير، فهم يستهدفون روسيا في أمنها والصين في فرص وصولها الى البحر المتوسط، ويستهدفون إيران في دورها واقتصادها وصمودها وعلاقتها بحركات المقاومة، ويستهدفون المقاومة بكسر ظهرها وإغلاق خطوط إمدادها، وفي الطريق يضمنون أمن الكيان المحتل، وأمن الاحتلال الأميركي في العراق، وتسليم لبنان لجماعة «فيلتمان»، وقطع الطريق على نهضة المقاومة في اليمن وفلسطين والعراق ضمناً، وفيما الحرب تشارف على النهاية، وتفقد فرص الاستمرار من جانب صاحبها الأول في واشنطن، ولو بقي عالقاً بغياب استراتيجية الخروج منها، دق الأميركي أبواب طهران وموسكو، ومن بعده فعلت السعودية، ولما بدا أن الأمر يحمل تسليماً بتغيير قواعد الاشتباك، كان الجواب، كي نمضي قدماً عليكم بالتوجه الى دمشق، فهناك مربط الفرس.
– خلال سنوات امتلأت الشاشات والصحف بالتقارير التي تتحدّث عن مساومات وصفقات، قد حسمت مع طهران وموسكو محورها مستقبل الرئاسة في سورية، وكنا نقول إن أرادوا لن يستطيعوا وهم لا يريدون ولن يريدوا. وها هي موسكو وطهران تصطفان وراء الرئيس السوري بشار الأسد في الاستحقاق الرئاسي لولاية جديدة وفق الدستور القائم، قبل أي تفاهمات تؤدي لدستور جديد يفتح معه أمامه باب الترشح لولاية أولى ثم ثانية، لتصحّ مقولة «الأسد باق وهم يرحلون». وها هي الأنباء تتوالى عن الوفود التي تتسابق الى دمشق، والجواب الذي تواجهه الدول التي تورطت في الحرب على سورية له عنوان واحد، من دون إعادة ترتيب العلاقة مع سورية ستبقى المنطقة عالقة في منتصف الحفرة، فعلى واشنطن التي تجد الأعذار لربط احتلالها للعراق بمباحثاتها مع الحكومة العراقية وتشرعن عبرها وجودها، أن تسارع للانسحاب من سورية حيث لا شرعية لوجودها، وعلى تركيا التي تسعى للحفاظ على علاقاتها بمحور موسكو طهران أن تدرك أن زمن البقاء في سورية يقترب من النفاد، وعلى كيان الاحتلال الذي يريد تفادي تصعيد الموقف بعد صاروخ ديمونا أن يدرك أن وقف الغارات على سورية هو البداية، وعلى دول الخليج أن تبدأ من سورية إعادة رسم دبلوماسيتها الجديدة.
– المشهد للذين لا ينتبهون، متسارع نحو صورة دوليّة إقليميّة جديدة، تتوّجها قمة الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأميركي جو بايدن، ويصنع ركيزتها الاتفاق النووي مع إيران، وستتسارع وتيرتها بعد الانتخابات الرئاسية في سورية لفتح ملفات عديدة، أهمها التحوّلات على جبهات حسم مصير الاحتلال الأميركي والاحتلال التركي، وعدوان جيش الاحتلال، وملفات الانفصال الكردي، وصيغة الحل السياسي، وعودة النازحين وإعادة الإعمار، يواكبها التغيير الدولي والإقليمي بالانفتاح على سورية، وقبل نهاية العام ستكون تطوّرات قد لا تستوعب حدوثها عقول البعض الذين كانوا يتنمرون عندما كنّا ننبّههم كي لا يرفعوا سقوفهم العدائية كثيراً لأنها ستسقط على رؤوسهم، تطوّرات بحجم كافٍ للقول إن دمشق عاصمة المنطقة، وإن المقاومة هي القوة الصاعدة في الإقليم، ولبنان الجار والشقيق لسورية، ومركز حضور هذه المقاومة، سيعامله القريب والبعيد على هذا الأساس، بمعزل عن النظر لمصير الذين قدموا لهذا القريب وذاك البعيد أوراق اعتماد ولائهم، بدرجة عدائهم للمقاومة وسورية، وفي ساعة الحقيقة سيكون هؤلاء مجرد فرق عملة مع تغيّر أسعار الصرف، وسيرون كيف تعبر أسعار الصرف السياسية والمالية، عن تغير المشهد، ويدهشهم كيف صاروا مجرد فرق عملة في سوق الصرف بعدما تربّعوا على عروش المال والسياسة سنوات طوالاً.
– هل يمكن تخيّل حكومة في لبنان عام 2022 تخاصم سورية، أو لا تقيم أفضل العلاقات مع سورية، وهل يمكن تخيّل حكومة وانتخابات ورئاسات في لبنان 2022 لا تنطلق من معادلة أن دمشق عاصمة المنطقة وأن المقاومة صاحبة اليد العليا في معادلاتها، من يتخيّل سيعيش وحده مع خيالاته، والنصيحة بجمل، لا تكونوا في ذيل القافلة، فلن يستقبلكم أحد.