تباين وجهات النظر بين مؤيدي محور المقاومة حول حماس امر يجب الا يأخذ جانب التطرف عند البعض وخصوصا السوريين ، ذلك ان حماس تنقسم داخليا الى شقين سياسيين وشقين عسكريين .
الشق السياسي الاول هو الشق المنتمي الى الاخوان المسلمين تنظيما وفكرا وهو الشق الذي ثبتت عمالته وتبعيته وتنفيذه لاوامر ليس لها علاقة بقضيته ونضال شعبه ، والشق السياسي الثاني هو الشق المنتمي الى الاخوان المسلمين تنظيميا لكنه منتم الى فلسطين في الفكر وهدفه مقارعة الاحتلال والكيان الغاصب لكن مواقفه السياسية بحاجة الى تبلور ونضوج اكثر حتى يستطيع تمييز نفسه عن الشق الاخر الا ان الظروف الحالية مازالت تقيده وتمنعه من ذلك ، وقيادات حماس تحاول جاهدة عدم اظهار هذا الانقسام لكي لاتضعف من نفسها.
اما الشق العسكري الاول فهو الشق الذي انتقل من المواجهة العسكرية مع الاحتلال الى المواجهة مع دول محور المقاومة ووضع نفسه في عداد المرتزقة او البيادق التي يحركها ويتحكم بها التركي والقطري اللذان يقودان حركة الاخوان المسلمين ويتصدران زعامتها.
والشق العسكري الثاني هو الشق المجاهد المقاوم الذي لا تحيد بوصلته عن عدوه الحقيقي ، وهو الذي يصيب الاحتلال بالذعر والقلق ويرتبط مع حركات المقاومة في المنطقة ارتباطا عضويا ومصيريا .
من هذا التقسيم نستطيع ان ندرك الانقسام الشاقولي الكبير داخل حركة حماس ونستطيع ان نخفف من وطأة التعميم والهجوم على حماس ، ونستطيع ان نتفهم لماذا مازالت ايران على علاقة وثيقة بالحركة وداعمة لها ، ونستطيع ان نتفهم ماعناه السيد بالامس في لقائه مع قناة الميادين حول ضرورة الحفاظ على التواصل والتنسيق مع الحركة ..ونستطيع ان نتفهم عدم رفض الرئيس الاسد ارسال الكورنيت الى غزة ، ولماذا لم يضع فيتو على التعامل مع حماس ، ونستطيع ان نتفهم ايضا لماذا كانت القيادة السياسية السورية دائمة الصمت حيال ممارسات حماس في سوريا ابان الحرب الى اليوم .
ونستطيع ان نتفهم ايضا وهو السبب الاهم ان المحور المقاوم بزعاماته العملاقة في الفهم والحكمة لايمكنه ان يتخلى عن فلسطين حتى لو خانه الجميع وحتى لو تنازل الجميع بمافيهم الفلسطيني نفسه عن قضيته ، لان القضية الفلسطينية ليست قضية شعب او تنظيم او دولة ، انها قضية امةو كرامة وحرية وشموخ ومعتقد ووجود .
اخيرا اقول وارجو الا يؤخذ كلامي هذا على انه دفاع عن حماس او غفران وصك براءة لها عما اقترفته في سوريا ، لكن اقول هذا لاخفف من المغالاة والتطرف في المواقف عند بعض السوريين الذين جرحهم الغدر وقتلهم النكران :
ان من يمكنه ان يتسامح مع الارهابي السوري ويعيده الى حضن الوطن بعد قتله لاخوانه في الوطن ، يمكن له ان يتسامح مع حماس ويمكن له ان يتسامح مع الاخرين ممن شاركوا في الحرب على سوريا ، لان المصلحة الوطنية للدولة السورية سوف تقتضي ذلك في وقت لاحق ، ولان الارهاب واحد ولا جنسية له سواء كان سوريا ام غير سوري ، والقتل واحد ايا كان القاتل .ولاننا ننتظر حماس المقاومة المجاهدة التي بوصلتها فلسطين وقضيتها فلسطين ونضالها من اجل فلسطين والكرامة العربية .
بعد سنوات من الثقة بقيادات محور المقاومة والتي لم يثبت برغم طول كل السنوات الماضية لمعرفتنا بها ، خطؤها في التقدير وقيادة الدفة يجب علينا ان نتمثل اوامرها ونتبع خطاها ، فهي لاشك اعلم منا بحماس واكثر خوفا على مصلحتنا من انفسنا ، وهي اكثر استشرافا للقادم من المراحل المصيرية في المنطقة مما يعني ان التعميم على حركة حماس بمجملها والتخلي عنها امر مغلوط وبحاجة الى الكثير من المراجعة والانتظار ، الانتظار الذي سيؤدي الى نتيجة حتمية ..لاوجود في هذه المنطقة الا للشرفاء ، الواثقين بقدراتهم والعارفين لوجهتهم القابضين على زمام امورهم الشامخين الرافضين للانحناء الموقنين بحتمية النصر .