كتب ميخائيل عوض | هل تنجو ايران من السيناريو السوري؟؟
ايران والاضطرابات بين النموذج السوري ورفع التحدي لمنازلة الكبار لا الصغار ؟؟
ميخائيل عوض | كاتب وباحث
ذات السيناريو الذي اعتمدته امريكا وحلفها في سورية تحاول تكراره في ايران. وهذا يكشف عن عقم وهزال التفكير والتخطيط الامريكي بل الغباء على عكس المفترض ان امريكا ميكانزمات نظام وادارة خلاقة وقادرة على التكيف والتغير الابداعي في تكتيكاتها كما يؤكد حيث نجحت ان نجاحاتها لا تعود لفطنتها وابداعها بالقدر الذي يكشف عن ترهل وتخلف ولاعقلانية القوى التي استهدفها ومن المفترض انها على عداء لأمريكا فتبدو الاكثر تفاهة وصبيانية وعقم كونها لم تدرس تكتيكات امريكا المكررة والتي يجري اجترارها ولم تتحصن في مواجهتها والمبادرة الاستباقية لإجهاضها، وضلت تلهث خلف امريكا وتبحث عن قبولها وتسويات مع امريكا وعالمها وتتغابى عن الحقائق واولها ان امريكا تصافح ولا تسامح تهدئ لتغدر..
بين سورية وايران الكثير من عناصر التشابه في بنية النظم والسياسات واليات وقواعد التفكير وفي معاداتهم لأمريكا وسعيهما الاستقلالي والسيادي وفي مقاومة مشاريع تصفية القضية الفلسطينية واسقاط مشاريع تأبيد السيطرة الغربية على الاقليم.
تختلف التجربتين مع السيناريوهات الامريكية في الظروف والزمن والقدرات والخبرات.
فزمن استهداف سورية وظروفه مختلفة عن اليوم على كل الاصعدة والمعطيات وما كان صالحا عام ٢٠١١ وفي سورية ليس بالضرورة ان يصح وان يكتب له النجاح عام ٢٠٢٢ وفي ايران..
جرى تنويم سورية على حرير الوعود والعلاقات الحميمية مع تركيا وقطر وفرنسا والسعودية وتم تعظيم مكانة وشان الاتجاهات الليبرالية والتغريبية المتامركة والمتأوربة في البنية السورية والدولة والمجتمع، وكذا جرت المحاولة مع ايران في المفاوضات مع السعودية والامارات والنووي والوعود بإنجاز الاتفاق وتامين ايران وراهن الغرب على الاصلاحيين في المؤسسة وخادع اردوغان وقطر ايران طويلا وعندما حان وقت انفاذ السيناريو الامريكي لمحاولة تفخيخ وتفجير ايران من الداخل واعطيت الاشارة انكشف المستور.
المنطقي ان ايران لم تفاجئ ولم تؤخذ على حين غرة فلها باع وتجربة في المواجهات والتعامل مع التمردات وتعرف حقيقة التجربة السورية وما تبطنه اوروبا وامريكا والسعودية وقطر وتركيا وبأوامر من تأتمر ولصالح من تعمل، فالحرب السرية والسيبرانية والامنية على اشدها لم يهدأ اوراها يوما ومسارحها العالم وقلب ايران وخبرائها النوويين وضباط الحرس وتاليا فالأمن الايراني على جاهزيته وفي قلب الحرب وليس في حالة استرخاء.
قد تكون المفاجأة في الحدث بتوقيته وطبيعته، فقد نظمت الاجهزة الغربية توريط واغتيال الصبية مهسا اميني
واختيرت بقصد ككردية وسنية وغير محجبة وبعد حملة لسنوات على الحجاب وفبركة افلام التمردات النسائية في ايران مسنودة بحملة اعلامية هائلة الكلفة والتأثير. والحدث المدبر لهلسا وقع في اربعينية الحسين حيث غالبية قادة الدولة والاجهزة والكوادر منخرطون في المناسبة العزيزة وتم تنسيقها بالتوازي مع حملة الفبركات الاعلامية مع هجمات مسلحة محضرة مسبقا مع تحركات في الشارع وجرت محاولة للسيطرة المسلحة على مدن واسقاط مواقع للجيش والحرس والدولة الا ان يقضه المعنين وجاهزية القوى الامنية والعسكرية فوتت الفرصة وبددت المفاجأة، وقلصت حجم التطورات والاحداث التي اعدت لتكون عاصفة ومربكه ومدمرة.
فاحتوت ايران العاصفة وفككت المجموعات الامنية وهزمت المحاولات العسكرية في المناطق والمدن الحدودية وذات الاكثرية العربية والكردية والبلوشية والسنية، فتقلصت الاحداث وتحولت الى تحركات متباعدة وصغيرة وفبركات اعلامية واعمال ارهاب فردية بدأت تتولاها داعش والمجموعات المصنفة إرهابية في مجلس الامن والامم المتحدة والمنظمات ذات الصلة نفسها التي ارتكبت كعادتها المجازر والقتل المجاني والتفجيرات والاعمال الارهابية في المراكز الدينية والشوارع والاماكن المكتظة بالمواطنين المدنيين.
ثم بادرت ايران من فورها للرد ورفع التحدي فضربت بأكثر من ٢٠٠ صاروخ دقيق مواقع للجماعات الكردية في كردستان العراق وقواعد لداعش واخواتها المحتضنة واجتاحت قواتها مناطق بعمق ٣٠ كيلومتر ما دفع بسلطات كردستان لإعلان الخضوع والالتزام بالتوقف عن دعم المجموعات المسلحة والتزمت برفع الغطاء عنها ومنعها من العمل على الحدود الايرانية والتدخل بالشؤن الايرانية.
ثم سربت بانها تعد لضربة عسكرية كاسرة للسعودية والامارات عقابا على تبني وتمويل وادارة مجموعات الارهاب والمعارضة، وبادرت الى قطع المفاوضات التي كانت جارية واعلن عن قرب وصولها الى خواتيمها الايجابية، وصعدت ايران في لهجتها الدبلوماسية والاعلامية باتهام وكشف ادوار الاجهزة الامريكية والاوروبية العاملة بأمرتها مشفوعة بالتهديدات بالثأر والانتقام وعادت الى ايران لغة التشدد والعداء لأمريكا والاطلسي واسرائيل واعلنت عن تفكيك شبكات تعمل مع الموساد الاسرائيلي وبأمرته.
وتشير التقارير والاخبار الى ان القيادة الايرانية تنبهت لضرورة تطوير بنية النظام والياته واجراء تعديلات في الدستور الذي اقر منذ انتصار الثورة قبل ٤٣ سنة ولم يجري تطويره لمواكبة جديد العصر والحياة الانسانية في اشارة واضحة الى درجة مرونة المؤسسة الحاكمة واستعدادها للاستجابة للجديد والتعامل معه.
يضاف الى ما تقدم وتثبيتا للفوارق مع التجربة السورية، فايران تحسبت او اضطرت مسبقا فحسمت الثنائية في بنية الدولة والنظام وحسمت الامر واقصت التيار الاصلاحي في الانتخابات الاخيرة واجرت عمليات تحجيم له في الدولة والسياسات ما اهلها لمواجهة استهدافها بهجومية ودون تردد او ارتباكات، كما فان سورية عندما واجهت ازمتها لم تكن هي او محور المقاومة قد تعرض لثورة ملونه وتعامل معها.
اما ايران فتواجه السيناريو وقد اختبرته مباشرة في سورية وانخرطت في مواجهته ودفعت اثمان واستخلصت نتائج وعبر ودروس.
قرار ايران الاستراتيجي برفع التحدي ومنازلة الكبار اصحاب المشروع ومعدي وممولي السيناريو والمخطط يوفر لإيران الفرص للانتصار فمقارعة الكبار والانتقال الى الهجوم افضل وسائل الدفاع وفي السياق من المتوقع ان تتحول الضفة الغربية وفلسطين ال٤٨ لمسرح المواجهة والحرب الاعنف بين إسرائيل وحلفها وايران المستهدفة ومحورها.
فرص ايران للنجاة من السيناريو السوري كبيرة ووافرة والقيادة الايرانية حزمت امرها وقالت كلمتها ولن تخوض الحروب في بنيتها وفي قلعتها بل في حصون وقلاع اعدائها وهذه مؤشرات نوعية عن التمكن والقدرة لانتزاع النصر
قالها الامام علي؛ ما غزي قوم قط في ديارهم الا ذلوا
فكل المعطيات المادية والاحداث والتطورات تفيد بان لإيران القدرة على احتواء الازمة وتطوير نظامها وبنيتها ونقل الازمات الى دول تعاديها وجماعات تستهدفها بأوامر ولمصالح امريكية اطلسية، واسرائيلية، فمسارح الاشتباك تتسع وتعنف على عكس ما يشيعه تباع امريكا والاطلسي من ان ايران ستنعكف غربا وتتصالح مع امريكا واسراىيل وحلفهم العدواني.
السيناريو السوري في ايران… ربما ضارة نافعة ففي كل شر خير يجب ان نستثمره.
ومن غير المستبعد ان تعمل الجمهورية الاسلامية الايرانية بقول الامام علي؛ اذا هبت شيئا فقع فيه ..
وقد نضجت كل ظروف وشروط انهاء الغدة السرطانية التي تسببت وتتسبب بالأزمات والتوترات والحروب في البلدان والشعوب التي لم تخضع ولم تستسلم او تلقي السلاح وتطبع.