كتب كمال ذبيان | من سيتحرّك بوجه رفع رسم المكالمات الهاتفيّة؟
"الحكومة الميقاتيّة" إذا تشكّلت لن تقدّم خطة تعاف إقتصاديّة سريعة
كمال ذبيان | كاتب وباحث لبناني
حرّك رفع رسوم مكالمات الهاتف الخليوي ستة دولارات الشارع في وجه الحكومة برئاسة سعد الحريري ووزير الاتصالات محمد شقير، حيث بدأت ما سميت “ثورة 17 تشرين الاول” من العام 2019، التي كانت متعددة الاهداف والشعارات والخيم، اذ وصل عدد الجمعيات والهيئات الى اكثر من 200، وتوزعت على ساحات ومناطق، لكن “الثوار” لم يتوصلوا الى احداث تغيير في النظام السياسي الذي تكمن علته في الطائفية، بل كل ما جرى ان الانتخابات النيابية افرزت نتائجها فوز 13 نائباً سمّوا انفسهم “نواب التغيير”، الذين امام مسؤولية حل الازمات، غير المتوفر الا بافكار متفرقة، دون برنامج واحد له آلياته، للانتقال بلبنان من “دولة المزرعة” الى دولة القانون والمؤسسات والمساءلة والمحاسبة، وان كان عددهم قليلاً، الا ان المواطن سيسألهم عن “التغيير” الذي رفعوه شعاراً لهم.
فالتغيير يجب ان يبدأ بالنظام السياسي، بازالة الطائفية منه، وعبّر عدد من “نواب التغيير”، عن هذا التوجه لديهم، وفعل ذلك نواب في مجالس نيابية سابقة، لكن لم يحصل تقدم في هذا الاتجاه، سوى ان الطائفية تترسخ في النظام السياسي، وهي عائق اساسي امام الاصلاح الذي هو الشرط المالي والاقتصادي، كما يكشف مصدر سياسي، الذي يشير الى انه عندما يجري الحديث عن الغاء حصرية الشركات المستوردة مثلاً، كان الجواب ان التجار من الطائفة المسيحية سيتأثرون بذلك، فاخذ إلغاء الاحتكار طابعاً طائفياً، علماً ان الاستيراد هو لكل اللبنانيين وليس لطائفة او مذهب، وهذا ما يعمّق الانقسام الطائفي.
وهذا النموذج، ينطبق على غيره من القضايا، وهو ما يجب معالجته في الاصلاح السياسي للنظام، الذي هو مسؤولية “نواب التغيير”، الذين عليهم ان يثبتوا في الممارسة، انهم اهل للشعار الذي رفعوه، او سيتحولون الى “نواب تقليديين” وتنظير فقط.
فاركان السلطة، لن يغيروا في ادائهم، ولم ينتبهوا لما جرى في الشارع، ولم يقرأوا نتائج الانتخابات، التي كانت المشاركة فيها ضعيفة، او اقله لم تزد عن تلك السابقة في العام 2018 والتي بلغت 49%، وهذه رسائل الى الجميع، من هم في الحكم او المعارضون له او خارجهما، اذ ان الاوضاع تتدهور كل يوم، فانحلت الدولة الا من بعض مؤسساتها التي ما زالت فاعلة الى حد ما، كالمؤسسات العسكرية والامنية، التي ما زال قادتها يسعون الى ان تبقى صامدة، في حين ان ادارات القطاع العام شبه مشلولة، حيث لم تنفع سياسة الترقيع التي تقوم بها الحكومة، عبر “رشوات” للموظفين لاقناعهم او دفعهم الى مزاولة اعمالهم، وان بعض القرارات الوزارية لا يطبق، مما ادى الى اضراب عام مضى عليه اسبوعان في القطاع العام، والذي اذا ما استمر الشلل فيه، فان الانهيار سيتسارع نحو الكارثة المالية والاقتصادية والاجتماعية، مع فقدان الخبز وارتفاع سعره، كما مواد اساسية اخرى كالمحروقات التي شلت الدورة الاقتصادية، واقعدت الموظفين في منازلهم، والمواطنين في بيوتهم، الا من يملكون مدخرات، او يعملون بمهن حرة، او الذين يستندون الى مساعدات من دول الاغتراب، او ما يصل الى البعض من مال سياسي.
فالحكومة “الميقاتية” الرابعة، التي يسعى رئيسها نجيب ميقاتي، الى تنفيذ خطة التعافي الاقتصادي، اذا توفق في تشكيلها، لن تكون سريعة، ووعود صندوق النقد الدولي مشروطة، مما يضع اللبناني امام مأزق اقتصادي ـ اجتماعي.