كتب مفيد سرحال | ما هي مكيدة الكيان لطائفة الموحدين في فلسطين المحتلة؟
مفيد سرحال | مدير تحرير موقع المراقب
جرعة سم زعاف يجري تركيبها بفعالية في مختبرات العقل العنصري (اليَهوَهي… من يهوه) المغلق ليتجرعها على حين غرة ابناء الطائفة الدرزية العربية المندرجة حسب التوصيف القانوني للكيان المؤقت في خانة (اديان مختلفة) من دون تصنيف ديني لنحو 418 الف نسمة يبلغ عدد الدروز بينهم 143146 الف نسمة.
والحال انه ومنذ شهرين تقريبا يدور جدل محموم بين الجماعة الدرزية وسلطات الاحتلال الصهيوني حول الطبيعة الاجرائية والاغراض والمرامي المضمرة لاستصدار ما يسمى بوزارتي العدل والداخلية في الكيان العبري (الزائل) مسودات قوانين ومذكرة تقضي بتشريع ابواب الخلوات الدرزية والمقامات الدينية الدرزية والمزارات للطقوس والشعائر الدينية الخاصة في حرم الخلوات والمقامات والمزارات للحاخامات اليهود وغيرهم في خطوة غير مفهومة المقاصد، مثيرة للاستهجان وباعثة على القلق جراء هذا التعدي والانتهاك الوقح للخصوصية اضافة لجعل هذه المقامات مشتركة علما ان مزارات الدروز ومقاماتهم تعود ملكيتها المادية والمعنوية للوقف الدرزي.
نشير في هذا المضمار الى ان مقامات الدروز في فلسطين المحتلة كثيرة ابرزها: مقام النبي شعيب في حطين، مقام سيدنا سبلان، مقام سيدنا بهاء الدين، مقام سيدنا اليعفوري، مقام سيدنا ابو ابراهيم، مقام سيدنا ابو عبدلله ، مقام سيدنا زكريا، ومقام سيدنا الخضر والسلطان ابراهيم والست سارة.
وابرز المزارات مقام الست شعوانة ابنة السيد الحزوري في عين قنيا الجولانية ويزورها سنويا الموحدون من الجولان وفلسطين المحتلة لاقامة الشعائر والتلاقي بين الاخوان.
ان هذه الخطوة التي طالت الجماعة الدرزية تدخل في اطار تضييق الخناق على الدروز واقصر الطرق لاحكام الطوق هو التجرؤ والتطاول على اماكنهم المقدسة وانتهاكها وتحويلها الى صالات ريادة سياحية لا مساحة للمذاكرة والعبادة (كما هو الحال مع كنيسة القيامة ومصادرة ممتلكات المسيحيين واموال الوقف المسيحي في المصارف وغزو المسجد الاقصى بقطعان المستوطنين وآخرها مسيرة الاعلام والاعلان الصريح عن هدم قبة الصخرة)..
لا شك ان مطلبا صهيونيا على شاكلة مسودة مشروع أسود يجري تحضيره في الخفاء لاجبار الدروز على الخيارات المرة واختيار العدو للمقامات الدينية التي يشكل التعرض لها احد المرتكزات الوجودية للجماعة في الارض التي يتواجدون فيها له ما له وعليه ما عليه من تبعات.
هذا الاجراء يشكل ذروة التدخل الاكثر ايلاما وقهرا والاشد اذى وبالطبع توازيه شروط مطروحة وسياسات مزمعة التحقق ترسم هندساتها في الغرف المظلمة وليس الامر من فراغ او مجرد اجراء عبثي سطحي عابر.
ان هذه الخطوة ترجمة عملية لقانون الدولة القومية لليهود الذي أقره الكنيست في 19 حزيران/ يونيو 2018 والذي أجهض بصورة نهائية حل الدولتين، محددا الهجرة التي تؤدي للمواطنة لليهود كحق استثنائي لتقرير المصير حاملا سمات نظام الفصل العنصري “الابارتايد”، ما يضع الجماعة الدرزية في فلسطين المحتلة على تقاطعات مشاريع قديمة جديدة يعاد نفض الغبار عنها على طاولة الامم كلما سنحت السوانح ونضجت الظروف الموضوعية واعيد تشكيل الخرائط فوق مِزق أمة شلَّعها الاستعمار.
لقد استشعر الدروز المخاطر الوجودية والنوايا التهجيرية القسرية لقانون القومية اليهودي المؤسس لـ”ترانسفير” جديد وطالبوا بتعديله متمسكين بلغتهم الام رافضين الانسلاخ عن تراثهم الثقافي العربي الاسلامي.
ان هذه الحرتقة الصهيونية الخبيثة بتوقيتها ليست بعيدة عن مجريات الاحداث الصاخبة في الاقليم، لا سيما في الجنوب السوري والموقف الاردني المفاجئ المثير للجدل في هذا التوقيت والحامل لاهداف تتسق مع اطروحات المناطق العازلة في شمال سوريا وجنوبها، ويحمل نوايا تهجيرية لدروز فلسطين في ظل الحديث عن صيغة حكم ذاتي للجولان العربي السوري المحتل لزج الجماعة الدرزية في اتون مخططات قاتلة على حساب الحق القومي والقضايا القومية.
ان استفزاز الجماعة الدرزية بالمس باقدس مقدساتها من مزارات واماكن عبادة على يد المؤسسة السياسية الصهيونية وجعلها مشتركة مع الغير لا شك بأنه احد افرازات الديانة “الابراهامية” الجديدة وموجة التطبيع الشائعة والرائجة موضة عصر شائنة.
ان خير ما يستحضر في زحمة هذه الاحداث الجسام كلام المرجع الروحي الاول في المشرق والعالم للموحدين المسلمين الدروز الشيخ ابو يوسف امين الصايغ الغني عن كل بيان ويشكل الرد الوافي الحصيف الحصين الذي توجه به كوصية لابناء الطائفة: “لا فائدة ان يقوم ابناء الطائفة المعروفية وحدهم بمعزل عن ابناء وطنهم بمشاريع خاصة للتصحيح والتقويم فذلك لن يعود على ديننا بفائدة ولا على دنيانا بخير..”.
يتابع المرجع الروحي الشيخ أمين الصايغ: “وصيتي ان ترفضوا اي دعوة للتمايز تحت اي شعار من الشعارات بل آثروا الاجماع الوطني والاجماع القومي العام”.
خاص العهد الإخباري