المقاصه واحتضان الإقتصاد… بقلم: د.سعيد صبري
نابلس/مدار نيوز/
تحتضن السلطه الفلسطينيه أعداد كبيره من الموظفين العاملين لديها فقد بلغ عدد الموظفين العموميين نحو 136 ألفا ، ويرتفع الرقم إلى قرابة 210 آلاف مع إضافة ما تطلق عليهم الحكومة (أشباه الرواتب)، تمثل رواتب المتقاعدين والمخصصات الاجتماعية وذوي الشهداء والأسرى والمحررين، كما يضاف اليها 64 مؤسسه عامه ( شبه حكوميه) لديها ميزانياتها الخاصه ويعمل بها مئات الموظفين .
تقف كافه الحكومات في غالبية دول العالم أمام تحديات صعبة ، تتمثل في الاغلاقات الاقتصادية لفترات مختلفة لحماية صحة مواطنيها وتخفيف الضغوط عن أنظمتها الصحية، وقدرتها على تحمل التبعات الاقتصادية والحمائية لهذه الاغلاقات، وهذا ما يحدث فلسطينيا ، ولكن التحدي الفلسطيني مختلف نصاً ومضموناً, اذ تعجز السلطه الفلسطينيه بامكانياتها المتواضعه والمتعثره لتحمل التبعات الاقتصاديه والحمائيه لقرارت الاغلاق .
اولويات الوطن:-
ان اولويات الدول تتمثل في ثلاث قضايا رئيسيه : اولا: صحه المواطن ، ثانيا: حمايه الاقتصاد ثالثا: اقتناص الفرص الواعده في مجال الزراعه والصناعات الغذائيه والدوائيه . ولا نختلف فلسطينيا عن غيرنا بالعالم في الأولويات ، لكن نختلف في طرق الحمايه وتجنيد الجهود التكامليه نحو تطوير تلك الأولويات وتوجيهها لخلق مواطن محمي بالصحه مستقر اقتصاديا ولديه ايمان بمستقبل واعد.
المنتج الوطني الفلسطيني ، اولاُ:- يجب ان تتكاتف كافه الجهود الوطنيه لكي يكون لدينا منتجات محليه تلبي حاجة اوحاجات المواطنين من الخدمات والسلع بجوده عاليه ، وباسعار في متناول كافه شرائح المجتمع بتصنيفاتها الفقيره والمتوسطه الدخل. ثانيا:- استقطاب مستثمرين والمحافظه على المنتجين والمستثمرين الفلسطينين ، ودعم المنتجات والصناعه الوطنيه وحمايتها من اغراق المستورد ذات السلع المتدينه الجوده ، ثالثا: تشجيع الشراكات الحقيقيه وذلك دعما للقطاع الخاص نحو النهوض بالبنيه التحتيه والقطاعات الاكثر تخصصا كالمواصلات والتعليم والصحه. رابعا : الحد من مستوى الفقر والبطاله والعمل على ضبط الارتفاع المتزايد بمعدل التضخم ، وزياده مستويات تشغيل المرأه والشباب . خامسا: تعزيز الامن الغذائي وسلسله التوريدات في الصناعات الغذائيه .
ان حمايه الاقتصاد الوطني الفلسطيني ليست بالمهمه السهله ، لكن يجب ان نعتبره هدفا استراتيجيا، فتغير النمط في النظام الإقتصادي بحاجه الى استراتيجيه التغير، ونظام التغير الجذري مطلوبه في عمليه التطوير والاستدامه ، الاقتصاد الفلسطيني بحاجه الى اعاده صياغه وتصميم ضمن منهجيه تطويريه ، وليس العمل على التكيف بالنظام الحالي والتأقلم على الخطط السابقه. العالم يتغير، ونحن يجب ان نكون سباقون بالتغير ، فالتغيير يبدأ بالسياسات التى نحن بأمس الحاجه الى سياسات عصريه متنوعه تخدم الاهداف العالميه للتنميه المستدامه المرتكزه على ثلاث ابعاد : الاقتصاديه والاجتماعيه والبيئيه.
وبعد انتظار قرابه ستة اشهر، حيث توقفت الحركه الاقتصاديه او شُلت نتيجه ضعف القدره الشرائيه لدى المواطن الفلسطيني ، وقد تم الافراج عن الاموال المحتجزه لدي اسرائيل، وإعاده مجرى التعاون وأشكاله بين السلطه الفلسطينيه واسرائيل، السؤال:- ماذا قد حققنا في فتره الانتظار إقتصاديا ؟ وماذا قد أنجزنا ؟ وهل تم إعداد خطط إستثماريه قبيل الحصول على أمولنا كخطوه إستباقيه، باعتقادي المتواضع “لا”، وبتقدري لن نستطع الإنسلاخ عن الاتفاقيات المبرمه سابقا مع اسرائيل ، ولم نجد سبيلأ لخلق بدائل محليه للإستعاضه عن اعتمادنا للتنفس خارج إطار المقاصه، ولم نستطع ان نقلل المصاريف العامه .
إن أموال المقاصه هي أموال فلسطينيه جُبيت بالنيابه عن السلطه الفلسطينيه وتأتي من التقاص بين الجانبين كنتيجه للتبادل التجاري بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي ، إلا أن السلطه الفلسطينيه قررت ان تعيد ما قيمته 25% من أموال المقاصه المستحقه للشركات والمقاولين ، والموردين وهذا سيعيق دوران الإقتصاد وتقليل نسبه الإانكماش الإقتصادي الذي كان متوقعاً ان يٌحدث نمواً مع بدايه العام القادم2021
نحن بأمس الحاجه الى تنفيذ سياسات اقتصادية جريئة التى من شأنها ان تدفع النمو الإقتصادي نحو الأمام بشكل يشعر به المواطن وتتمثل في:-
اولا:- تخفيض معدلات الضرائب غير المباشرة – الضريبة العامة على المبيعات ثانيا:- الضرائب الخاصة والرسوم الجمركية – ويتم تعويض تراجع الإيرادات الضريبية الناجمة عن ذلك من خلال تنامي التصاعدي في حركه التبادل التجاري إن تخفيض الضرائب غير المباشرة ستؤدي الى تخفيض تكاليف مدخلات الإنتاج للعديد من القطاعات والأنشطة الاقتصادية، مما سيعزز صمود آلاف المنشآت الاقتصاديه الصغيره منها.
الزياده الملموسه في أعداد الفقراء في مختلف العالم وفلسطين تحديداً حيث وصل العدد في فترة جائحة كورونا الى 100 الف عائله ، جاء نتيجه لحالة اللامساواه الاقتصاديه بين ابناء الشعب الواحد مما ادى الى – تفاوت اجتماعي – بين فئات المجتمع وذلك لغياب العداله عن النظام الاقتصادي السائد والذي عكس جليا علىينا خلال فتره الجائحه ، وإن إعتماد سياسات إعادة الهيكلة التي تم تطبيقها بأعداد كبيرة من دول العالم، وإطلاق العنان للشركات المتعددة الجنسية للسيطرة على الاقتصاد العالمي، وتخفيض شروط العمل المختلفة لصالح تشجيع الاستثمار، ادت تلك الأسباب الى زياده نسبه الفقر فما علينا وطنيا الى خلق سياسات مرنه وخاصه تعكس وتتماشى مع اقتصادنا بدلاً عن الاستعانه بالمناذج العالميه.
إن نسبة القوى العاملة المشاركة ما نسبته (55% ) بفلسطين , وتمتاز هذه القوة العاملة بالكفاءة والمهارة، فقد سجلت محافظه الخليل بالضفه الغربيه اعلى نسبه بمعدل : (46.6%) حيث تدعمها 3 جامعات وكلية، تُخرج كل عام افواجا من المهندسين والفنيين والإداريين والمحاسبين وغيرها من التخصصات التي يحتاجها السوق، وحجم البطالة فيها لا يزيد عن 21% من حجم القوة العاملة فيما تراوحت حجم البطاله في باقي محافظات الوطن من 25- 45 % . وعليه يجب زيادة نسبه القوى المشاركه، بتفعيل وتنشيط ودعم الرياده ويجب العمل بشكل حثيث على تحضير حاضنات وطنيه وفتح الأبواب نحو إستيعاب اكبر قدر ممكن منهم.
والنصيحه للإصحاب القرار :-
بالقدر الذي يحتاج فيه اقتصادنا الوطني الى مزيد من الاستثمارات والصادرات، بالقدر الذي يحتاج فيه الى طلب استهلاكي محلي كبير للأفراد وللمؤسسات، ويمكن القول ببساطة انه دون قدرات شرائية محلية وازنة للمستهلكين الأفراد وعائلاتهم، لن يتحقق النمو الاقتصادي المنشود، ولن يتم بناء اقتصاد قوي مستدام .
ولكي نبني اقتصاداُ قوياً، يدعونا للمطالبة بإعادة النظر في الخيارات الاقتصادية للحكومة تجاه العمل على تعزيز الطلب المحلي، وهذا سيتحقق عندما نعمل على تقليص الفجوه بين طبقة الفقراء والفئات من العالمين الفقراء والذين يشكلون غالبيه العاملين بأجر في القطاعين العام والخاص وزيادة مستويات الأجور فقط ، وعندها سنبني اقتصادا قويا وليس العكس.
نحن بحاجه الى نشاهد ونلمس احتضان السلطه الفلسطينيه والقطاع الخاص للمبادرات وريادين بقدر احتضانها للموظفين العاملين بالقطاع العام، والعمل نحو بناء مجنمع منتج يساهم بالدخل القومي الفلسطيني، فمعاً نبني الوطن.
د.سعيد صبري- مستشار اقتصادي دولى- وشريك اقليمي لصندوق دعم المبادرات- فاستر كابتل –دبي
The post المقاصه واحتضان الإقتصاد… بقلم: د.سعيد صبري appeared first on وكالة مدار نيوز.
الكاتب : نور حميدان
الموقع :madar.news
نشر الخبر اول مرة بتاريخ : 2020-12-14 14:40:39
رابط الخبر
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي