هل الإنسان مسيّر او مخيّر ؟
ميراي الملحم | كاتبة لبنانية
مقولة جبران خليل جبران ” أولادكم ليسوا لكم ” من أهمّ الرّدود على هذا الطرح . هي تُؤكّد على خاصيّة الإنسان المخيّر وحاجته للحرية . أصعدتها تتنوّع وتتشعّب وأهمّها حريّة الفكر والكلمة والإختيار . رغم عدم انتقائه لأهلِه أو دينه أو بيئته ، يستطيع الإنسان أن يقرّر إمّا التقوقع بالموروث أو التحليق خارج السرب . وكل خطوة تُحدّد مصيره وما يُحيطه . هذه الخطوات هي بمثابة أفخاخ أو أجنحة . للأسف أغلب المواطنين اللبنانيين لم يتعلّموا الطيران ، وعاثوا في الوطن بأفكارٍ مُدجّنة .
البعض تمرّد بغية الوصول للحقيقة ولِواقعٍ أفضل . إنّما المحزن هؤلاء يعترضهم قطيع من الزواحف . قطيع اختار التنازل عن الحرية من أجل العبودية تحت أقدام الأكاذيب الرنانة . بالرّغم من الغرق في رمالٍ متحرّكة بلا نهاية ، لم يناضل للنجاة ، وكأنّ لا خيار غير الإستسلام للموت . فَتَلوّنت الإنتماءات والولاءات ، تعدّدت الأهداف تحت راية الوطنيّة ، وتطاير الحابل بالنابل إلى ما بعد المنطق والعلم والفلسفة . بيئات مسيحيّة إسلاميّة درزيّة علمانيّة منقسمة على ذاتها ، تختلف في وجهات النظر ، وسلاحٌ مافيَوي فاجر يتحكّم بها . تفرّق الأهل والأصدقاء بين فئة متواطئة مستكلبة ، وأخرى خاضعة ذمّية ، وثالثها صوت حرّ صارخ في البرية . صوتٌ يطمح بِبناء وطنٍ مزدهر لِجميع أبنائه الوطنيين دون التمييز . صوتٌ يناضل من أجل التحرّر والخروج من عباءة الزعامة الإقطاعيّة المتسلّطة . هذه الزعامات المتحكّمة بمفاصل الحكم ما هي سوى إمتداد للعديد من الأحزاب . وللأسف أغلبها ، ما عادت تصون الكفاءة والمناقبيّة ولا بنفسٍ ديمقراطي ليبرالي منفتح . لقد باتت صكّاً وراثياً .
لبنان أرض الرّب ، وكنعان والفلاسفة والحرف ولون الأرجوان ، أرض الصمود والثورات ضدّ جحافل العلوج ، هل انتهى ذكر زمانه ؟ هل ينتصر الحقّ أم يعمّ الظلام ؟
بعد مائة عام ، لبنان يحتضر على أبواب حقبة تاريخيّة مفصليّة . أبجديّة التغيير ما زالَت في طور الكتابة ، وسيف الفساد قنّاصٌ ماهر ، وحريّة الوطن في مهبّ الرياح .
طوبى لِهذا الصوت الحرّ الصّارخ في معركته ضدّ عزرائيل الوطن – كل عميل بثوبٍ مقاوم ضدّ الوطن .
معركة شيطانية لكنّ الملكة صامدة ، والضّاحك مَن يضحك أخيراً – كِشّ ملك ؛ ولبنان حرٌ وحرٌ وحرٌ ، يبقى ويستمر .