عمر معربوني ل ” مهر نيوز ” : السعودية تسعى لكسر إرادة وثني الروح المعنوية للشعب اليمني من خلال استهدافها للمدنيين
وكالة مهر للأنباء – القسم الدولي: بعد فشل العدوان السعودي على اليمن، وعدم تحقيقة لأهدافه السياسية والعسكرية، وفشله أيضاً في ثني عزيمة الشعب اليمني، فلم يجد العدوان السعودي امامه الا استهداف المدنيين العُزّل والاطفال الرُضّع لكسر ارادة الشعب اليمني الذي واجه هذا العدوان بعزيمة جبارة وبخطوات ثابتة، حيث لقّن الجيش الكرتوني السعودي درساً لن تنساه.
وبالنسبة الى الصمت الدولي تجاه الجرائم التي اُرتكبت بحق الشعب اليمني وما تقوم به السعودية وحلفائها وعلى رأسهم أمريكا، أكد الشعب اليمني أنه لا يريد من العالم تعاطفاً ولا دموعاً يذرفونها، فمن صمت عندما قتل الأمريكيون اكثر من عشرين مليون من الهنود الحمر، ومن صمت عند مقتل الملايين من الفيتناميين والصوماليين والافغان والعراقيين والفلسطينيين وغيرهم من الشعوب المظلومة لن يتحدث عن مظلومية الشعب اليمني.
وفي هذا الشأن أجرت مراسلة وكالة مهر، “وردة سعد” حواراً صحفياً مع الخبير العسكري ورئيس تحرير موقع المراقب الأستاذ “عمر معربوني”، وأتى نص الحوار على الشكل التالي:
* ما هي الأهمية الإستراتيجية لسيطرة اللجان الشعبية والجيش اليمني على جبال البلق، وما انعكاساتها على معركة مأرب بوجه الخصوص ؟
لا بد من التأكيد أن مسار المواجهة في اليمن بات مختلفاً تماماًً بعد مرور سبع سنوات على هذا العدوان الأثيم على اليمن العزيز، حيث انتقلت المواجهة من تلقي الضربات تحت عنوان ما سمي بالصبر الاستراتيجي لضرورات مختلفة، الى أن اتخذت اشكالاً مختلفة على المستوى العسكري تحديداً تتمثل بإعادة تموضع الجيش واللجان على الجغرافيا اليمنية بما يتناسب مع القدرات سواء اكانت عديدا بشريا او وسائل قتالية.
وقد انتقلت الان الى مرحلة توجيه الضربات الإستراتيجية في العمق السعودي لأهداف ذات طابع اقتصادي وعسكري تحديدا، وهو ما بات مزعجاً جداً للسعودية ولكل اطراف العدوان، هذا على المستوى الاستراتيجي، اما على المستوى التكتيكي المباشر بما يرتبط بمعركة مأرب حاليا فلا بد من القول أن مأرب اليوم تشبه حلب الامس، هناك تشابه كبير على المستوى المرتبط بالنتائج، فمأرب هي حلب اليمن.
حينما تحررت الأحياء الشرقية في حلب كنا أمام تحولات جيوسياسية كبيرة أحدثت تغيرات كثيرة في الجوانب السياسية والعسكرية، وأدت الى مسارات مختلفة كليا في النتائج، ما يحدث الآن في مأرب هو شبيه بما حصل في حلب حيث ننتظر بعد تحرير المدينة تغيرات جيوسياسية كبيرة، لان مأرب تُشكل عقدة الربط في اتجاهات مختلفة بإتجاه الجنوب والشرق والغرب ايضا، وتحريرها سيؤدي الى تلك المتغيرات السياسية الكبيرة.
وتأتي اهمية الجغرافيا في سير المعارك الحاصلة في اليمن، وهي بالمناسبة جغرافيا معقدة وذات تضاريس معقدة جدا، الانتصارات التي تحقق فيها تسجل للجيش واللجان الشعبية في اليمن، وبالتالي سيطرتهما على جبال البلق سيساهم مساهمة كبيرة في اختصار المدة الزمنية لتحرير مأرب.
* لماذا عاد تحالف العدوان السعودي الى التصعيد المسعور ضد المدنيين والمؤسسات الخدمية في صنعاء والمناطق الشمالية؟ وهل يمكن للسعودية أن تغير موازين القوى بهذه الجرائم ضد اليمنيين ؟
بتقديري هو أمر طبيعي، العدوان الآن وعلى رأسه السعودية يعيشون مأزق حقيقي بما يرتبط بتحقيق الأهداف التي أعلنت منذ بداية العدوان على اليمن، وبالتالي استنفذت قيادة العدوان كل بنك الأهداف الذي لا زالت تقصفه بشكل متتالي مئات المرات في محاولة لإحداث نوع من الضغط على الحالة الشعبية اليمنية، وهو الأمر الذي لن يحصل بتقديري لأن اعتماد هذا الأسلوب لم يجد نفعا، وما لم تستطع قوى العدوان من تحقيقه بسبع سنوات، ومستحيل ان تحققه بسنة او سنتين.
بالتالي هذا التوحش في توجيه الضربات على أهداف مدنية، هدفه إلحاق الأذى بالروح المعنوية للشعب اليمني وبالتالي محاولة الضغط على القيادة اليمنية لتقديم تنازلات لم تقدم، وهذا الأمر بات محسوما وبشكل كبير.
* هل يمكن العودة فعلاً الى القرار 2216 كما تطالب الرياض للتسوية في اليمن ؟
بالتأكيد محمد بن سلمان دأب منذ فترة طويلة على تسويق أهداف سياسية مزعومة من الحرب على اليمن. في هذه المرحلة بالتأكيد حيث يتعرض العمق السعودي لضربات متتالية من الطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية اليمنية، وحيث الإنقلاب العسكري الكبير في اليمن لمصلحة الجيش واللجان، من الطبيعي ان يقوم بتسويق بعض المسائل السياسية بهدف الضغط على القيادة اليمنية وهذا أمر يتم بالتفاهم مع كل قوى العدوان وعلى رأسها الولايات المتحدة لاجبار اليمنيين على تقديم تنازلات سياسية لم يستطع الميدان من ان يحققها، بالتالي هناك استبعاد من ان تستطع قوى العدوان انتزاع تنازلات جدية وحقيقية من القيادة اليمنية.
* هل لا تزال قيادة أنصار الله تراهن على المصالحات القبلية لإستعادة مأرب دون الخوض في قتال مباشر ؟ وما رأيك بهذه الإستراتيجية ؟
أحد المسارات الأساسية المطروحة في هذه المواجهة في اليمن هو المصالحات القبلية، لأنه معروف تماماً أن اليمن قائم على المستوى المجتمعي على القبائل وبالتالي يمكن اعتباره عنصراً اساسياً من عناصر الصراع القائمة في اليمن وقد اعطى نتائج مهمة في الكثير من المناطق من خلال الحوار المباشر مع القبائل ومشايخ القبائل بشكل اساسي.
وهو امر سيستمر في المرحلة الحالية وفي المرحلة اللاحقة لأن تحقيق هذه الإنتصارات ما كان ليتم لولا حصول هذه المصالحات القبلية، وهو مسار سيستمر به سواء الجيش او اللجان الشعبية في اعتماده لما فيه من فوائد كبيرة على مستوى النتائج الاساسية.
* هل ترى أن بإمكان السعودية إعادة بناء تحالف بين دول الخليج الفارسي تدعم موقفها في اليمن ؟ أم أن البيانات ليست الا استمراراً لعملية التكاذب وإخفاء الأجندات المتعددة لدول الخليج الفارسي وصراعاتها في ما بينها ؟
التحالف الخليجي قائم بالمعنى النظري، لكن شكل انسحاب قطر من هذا التحالف ضربة للسعودية انطلاقاً من الخلاف الكبير “القطري – السعودي” الذي كان حاصلا، وعلى الرغم من المصالحة “القطرية – السعودية” الا انه لا تزال قطر على موقفها من عدم المشاركة العسكرية في العدوان على اليمن، اضافة الى ان الامارات باتت اكثر انسحاباً من العمل العسكري في اليمن.
وذلك لأسباب ترتبط بالعمق الإماراتي، لأن العمق السعودي مختلف عن العمق الإماراتي، فالإمارات كناية عن دولة صغيرة مكشوفة، استهداف العمق الإماراتي قد يحدث خسائر كبيرة في الجوانب الإقتصادية والسياسية على خلاف العمق السعودي الذي قد يتحمل الى حد ما الضربات الموجهة من الجيش واللجان الشعبية في اليمن، الرهان السعودي الآن هو على إتمام إنهاء عملية التموضع، طبعاً تختلف في شكلها ومضمونها عن التحالفات السابقة لخدمة هذا الصراع وتحقيق نتائج ما في الجانب السياسي.
* رغم تسلمها قيادة المعارك في مأرب كما يقال، وعدم ثقتها بالقيادة السعودية لادارة ملف اليمن، الا ان واشنطن غائبة ديبلوماسيا عن المسرح اليمني ؟ ماذا تنتظر ادارة بايدن، وما هي مراهناتها الحالية في ضوء الهزائم المتتالية لأدواتها ؟
الولايات المتحدة الأميركية كانت الشريك الأساسي لا بل المدير الأساسي لكل ما يحصل في اليمن وهو الأمر الذي كان ملموساً ولا يزال، وما فعلته الولايات المتحدة على مدار السنوات على اليمن كان مُتمثّلاً بتغيير آليات المواجهة وآليات الضغط سواء في البعد العسكري او في البعد السياسي.
الآن الولايات المتحدة تطرح علناً ضرورة إنهاء هذه الحرب، لكن المعايير المُعتمدة لإنهاء هذه الحرب لا تتناسب مع متطلبات الشعب اليمني ولا مع سيادة اليمن ولا مع حقوق اليمن واليمنيين، وعلى هذا الأساس تنتظر الولايات المتحدة تحقيق هزائم في الجيش وفي اللجان، وهذا الأمر لم ولن يحصل بتقديري، لأننا أمام إنقلاب كبير في المشهد اليمني، وبالتالي على الولايات المتحدة وكل قوى العدوان ان تذهب الى عملية تقييم جدّية لإنهاء هذه الحرب، بما فيه خير ومصلحةلليمنيين.
وبداية هذا المسار يجب أن تكون بإعلان وقف الحرب وإنهاء الحصار، والدخول في حوار سياسي يمني – يمني، يذهب باليمن الى شكل جديد وبلد قائم على السيادة وعلى الحوار بين أبناء اليمن أنفسهم.