كتاب الموقع
حكومة القاصر والعرّاب
الدكتورة نازك بدير | اكاديمية واستاذة جامعية
هل ستصمد حكومة نجيب ميقاتي حتّى تتمكّن من إنجاز المهمّة المناطة بها، فيرضى عنها الأبعدون والأقربون؟ وفي ظلّ الأجواء المشحونة في الدّاخل والخارج والانقسامات الحادّة في المواقف السّياسيّة، هل ثمّة مَن يضمن نتائج
الانتخابات؟
حُكِم على لبنان أن يعيش الشّلل في مفاصل الحُكْم كافّة، وأن تكون حكومته صُوَرية، لا تقدّم ولا تؤخّر. يبرز ذلك بوضوح كلّما تعرّض البلد إلى خضّة جديدة، إذ تبدو الدّولة قاصرة عن لململة المشكلة، أو إيجاد مخرج لها، وتبقى تائهة تتخبّط، وغالبًا، لا تكون الحلول على المستوى المنشود. في كلّ مرّة تثبت عجزها، وحاجتها للوقوع تحت» وصاية» أو» انتداب» من نوع محوَّر كفيل بإيجاد المخارج لأزماتها اللا متناهية، وحفْظ ماء وجهها بين
الدّول.
ولعلّ ما يعمّق الشّرخ هو التّلازم الحاصل بين السّياسة والدّين، واتّخاذ الأخير قناعًا لخدمة أهداف سياسيّة. معظم رجال الدّين ليسوا خدّامًا للنّاس، بل سَدَنة للسّاسة ومصالحهم. لا يدافعون عن حقوق الفقراء، وعن شرائع وعقائد، إنّما عن زعماء طوائف، وعن مراكز وحسابات في الدّاخل والخارج. هم متاريس من نوع آخر، سرعان ما ترتفع ليسقط أمامها الوطن…
الأزمة التي يمرّ بها لبنان هي أزمة مركّبة ذات أبعاد متعدّدة، لن يكون حلّها سهلًا طالما أنّ القرار لا يعود إلى رأس الهرم وحده، إنّما ثمّة رؤوس متعدّدة تمسك بزمام الأمور، وكلّ منها يحاول شدّ الخيط إلى ناحيته. وعلى طريقة الدّمى المتحرّكة، تتداخل الخيوط، وتزداد الأزمة تعقيدًا إذا ما تضاربَتْ مصالح
الدّول.
تلوح مساع فرنسيّة وأميركيّة لإعادة حجارة اللعب إلى أمكنتها، لكن ما تعوّل عليه واشنطن اليوم هو المحافظة قدر المستطاع على أجواء قادرة على ضمان إجراء الانتخابات في موعدها مهما كلّف الثّمن. يبدو أنّ الأميركي يستغلّ الفراغ الذي ولّده تراجع الدّور الفرنسي على السّاحة اللبنانيّة، إذ لا تفتأ الولايات المتّحدة تفرض حضورها، تارة من خلال التّمثيل الديبلوماسي، وتارة أخرى من خلال ما يُسمّى بدعم الجيش.
ولكن، هل سيكون الدّعم على شاكلة» الكمامات» التي تمّ توزيعها من قبل السّفارة الأميركيّة بالتّنسيق مع الجيش اللبناني، لتُستخدَم في الانتخابات المقبلة؟