هل يُقدِم الحزب على إنشاء معامل كهرباء ومصافي النفط؟
ناصر قنديل | رئيس تحرير صحيفة البناء
– من المعلوم أنّ شركة كهرباء زحلة تعمل بموجب مرسوم يمنحها الترخيص بإنشاء معامل توليد للكهرباء وتوزيعها وجباية الاشتراكات وفقاً لتعرفة متفق عليها بمعايير يحددها المرسوم، تستند إلى تعرفة أسعار الطاقة، كما أنه من المعلوم أن كهرباء لبنان وفقاً للخطة الإصلاحية التي تعتزم الحكومة السير بها ستعمد إلى تصحيح التعرفة المعتمدة لتسعير خدماتها للمواطنين بما ينهي أسباب خسائرها بحيث تعبر التعرفة الجديدة عن سعر الكلفة مضافاً إليه خدمات الصيانة، ومن المعلوم أيضاً أنه من ضمن الخطة فتح الباب بموجب قانون الكهرباء المستند إلى الشراكة مع القطاع الخاص لقيام شركات خاصة أخرى على طريقة شركة كهرباء زحلة في إنتاج وبيع الكهرباء واستخدام شبكات النقل ومحطات التحويل التابعة لكهرباء لبنان، أو إنشاء المعامل وبيع إنتاجها لكهرباء لبنان وفقاً لتعرفة تضمن للشركات المستثمرة ربحية استثماراتهم المالية تخفيفاً لعبء التمويل اللازم الذي لا تقدر الدولة على تأمينه.
– من الواضح أن دخول حزب الله على خط الانخراط الاقتصادي ليس مجرد خطوة تحريكية لملفات الحصار المفروض أميركياً على لبنان مباشرة وعبر العقوبات على سورية، ولا هو مجرد خطوة اجتماعية لتخفيف المعاناة، فالهدفان ثابتان لكنهما لا يختصران أسباب حزب الله بالانخراط في الملف الاقتصادي، بقدر ما يشكل هذا الانخراط تعبيراً عن إدراك حزب الله لحقيقة تحكم ثنائية خارجية وداخلية بالنشاط الاقتصادي ستتكفل بإفراغ أي معالجة من مضمونها الإيجابي، هي ثنائية تجمعات مالية اقتصادية داخلية تحكمها العقلية الاحتكارية وسياسات الربح الفاحش والسريع، ومرجعيات خارجية تحكمها عقلية الاستتباع ومنع التنمية الحقيقية والتركيز على اقتصاد الاستهلاك، ما يجعل المنهجية الريعية القائمة على المضاربة والسوق السوداء التي استنزفت أموال مصرف لبنان المخصصة لدعم المحروقات والدواء وبعض المواد الغذائية، تتكفل بقطع الطريق على ظهور أي حلول إيجابية توفر فرص النهوض الاقتصادي.
– يطرح اختيار حزب الله لقطاع الطاقة قناعته بالدور المحوري لهذا القطاع في رسم هيكل الاقتصاد، والقدرة التي يوفرها دور فاعل في القطاع لتعديل توازنات ومعادلات الهوية الاقتصادية والاجتماعية، سواء لجهة ضرب حصرية القرار الممسك به من الشركات الاحتكارية الكبرى، أو لجهة القدرة على تحويل الدورالجديد للحزب في هذا القطاع مدخلاً لدعم قطاعات الإنتاج، بتخصيص الصناعة والزراعة بموارد الطاقة بأسعار مخفضة، وهو بالمناسبة نوع الدعم الذي تلقاه قطاعات الإنتاج في الدول المتقدمة، وبالتوازي توفير الرعاية التي يفترض بالدولة تقديمها للجهات الأكثر فقراً، من خلال الدخول على خط مولدات توزيع الاشتراكات والتحكم بتسعير خدماتها، أو لاحقاً من خلال تخصيص السائقين العموميين بالبنزين والدخول على خط تسعير أجور النقل، أو تأمين البنزين لباصات نقل الطلاب وربط ذلك بتسعير بدلات نقل الطلاب.
– ما جرى ليس إلا نقطة البداية، فإشارات الأمين العام لحزب الله لسقف مرتفع بحجم الاستعداد لتأمين شركات إيرانية للتنقيب عن النفط والغاز، يجعل توقع إقدام الحزب على استثمار الأطر القانونية القائمة، والعروض السابقة التي قدمها لتوليد شركات إيرانية للكهرباء، وعروض موازية لإنشاء مصافي للنفط، تعبيراً عن المسار الذي يمكن أن يشكل جوهر تعديل خريطة قطاع الطاقة الذي يتطلع الحزب لتحقيقه، فقانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص، واختصاصات المجلس الأعلى للخصخصة، يجعلان إنشاء القطاع الخاص لمصافي النفط ومعامل الكهرباء، أمراً متاحاً، كما يجعلان فرص تأسيس شركات يرعاها حزب الله ويدعمها، تحظى بالتعاون مع شركات إيرانية تتولى إنشاء معامل كهرباء ومصافي النفط، وبيع خدماتها للدولة أو للسوق مباشرة، ضمن التوقعات القابلة للتحقق في المرحلة المقبلة، فشركات للكهرباء في الجنوب والبقاع والضاحية، وتشغيل مصفاة الزهراني أو إنشاء مصفاة جديدة في صور، وتأمين الطاقة المدعومة للصناعة والزراعة، وتحويل خط البحر بين الموانئ الإيرانية والموانئ اللبنانية بعد رفع العقوبات المتوقع عن إيران، إلى مصدر لجلب النفط الخام وتكريره وتزويد معامل الكهرباء بالوقود، إضافة للبضائع الاستهلاكية والغذاء والدواء، وعبورها بصورة رسمية تسدد ما عليها من رسوم وضرائب، عناوين تحظى برعاية من حزب الله تقوم بها شركات تشغل آلاف العاملين والمختصين، لتقدم نموذجاً جديداً في الاقتصاد، تحت سقف القانون، تؤديه شركات خاصة تلتزم منهج الحزب وتحظى برعايته، لتحل مكان ما بدا أنه مجرد خطوة سياسية قام بها الحزب مباشرة اضطرارياً، وأدت وظيفتها في السياسة كما في الاقتصاد.