بين “السفينة” و”السفيرة”
معن بشور | مفكر عربي
في اللغة ليس بين “السفينة” و “السفيرة” إلا حرف واحد… ولكن في الواقع هناك مساحة واسعة يمكن لنا ان نقرأ في فضائها الكثير من فصول المحنة التي يمّر بها لبنان…
فما أن أعلن السيد حسن نصر الله عن “تحرك ” سفينة المازوت من الموانئ الإيرانية ، حتى سارعت سفيرة الولايات المتحدة الأميركية الى ” تحرك ” مقابل، حمل في العلن وعوداً عن استجرار الكهرباء والغاز الأردني والمصري عبر سورية الخاضعة بدورها “لقانون قيصر”، وحمل في السر، كما يقولون، “التهديد والوعيد” للبنان اذا استقبل السفينة الإيرانية وهو تهديد ووعيد أثمر تصريحات ” مرتجفة ” من وزير الطاقة ريمون غجر بأن ” لبنان لم يتلق أي طلب إيراني لإرسال محروقات الى لبنان..”
بين تحرك “السفينة” وتحرك “السفيرة ” انكشفت حقائق عدّة، حرص سياسيون واعلاميون، و”انجويون” عدة على إخفائها…
أولى الحقائق : ان هناك حصاراً للبنان له اهداف سياسية وابرزها ضرب المقاومة في لبنان، ومنع لبنان من التوجه شرقاً ، عربياً كان هذا الشرق أم ايرانياً، روسياً كان ام صينياً، وانه حين قام هذا الشرق ممثلا بالجمهورية الإسلامية الإيرانية بخطوة لفك الحصار النفطي عن لبنان، سارعت سفيرة “الغرب” الأمريكي بإبداء الاستعداد لرفع الحصار عن لبنان.
وثاني هذه الحقائق : ان اعلان السفيرة “شيّا” عن تحرك بلادها ومعها البنك الدولي لجلب الكهرباء والغاز من مصر والأردن عبر سورية ضاربة بعرض الحائط “قانون قيصر” الذي كان قانوناً اميركياً للحصار على سورية ولبنان معاً، يؤكد ان كل هذه “القوانين” و “القرارات” الامريكية والدولية صادرة بالأساس، وخاضعة دوماً، للمصالح الأميركية، وأن الحكومة الأميركية مستعدة في أي لحظة للقفز فوقها…
ثالث هذه الحقائق ان تأتي هذه التحركات من “السفيرة” ومن امتداداتها المحلية، وبعضها غارق في تخزين البنزين والمازوت، في زمن كشف جيشنا الباسل وقوانا الأمنية عن مستودعات الاحتكار وكارتيلات النفط يؤكّد ما قلناه دوماً ان لبنان هو ضحية تحالف غير مقدس بين الحصار الخارجي وأهدافه، والاحتكار الداخلي وحُماتِه من أركان المنظومة الفاسدة المتحكّمة بالبلاد والعباد….
فهل يستفيق البعض من أوهام مزروعة..وعصبيات ضيقة.