وجهة نظر في استعادة الشعوب التي دمرتها العولمة ، وسلب الفساد فكرها المنطقي .مراجعة تاريخية8
ملهم ابو زامل – باحث فلسطيني في الشؤون السياسية والإستراتيجية
كان العام 1988 عام الثورة الرقمية الحقيقية التي معها تغير العالم كله بشكل عام والعربي بشكل خاص .
وكان العالم العربي المنغلق على نفسه لجهة اطلاعه على مايجري في العالم ، المستهدف الاول وربما الرئيس في تلك الثورة الرقمية فبدأت تنتشر الصحون اللاقطة على اسطح المنازل في كل انحاء الوطن العربي ودخل الهاتف الخليوي اليه ، وظهرت المحطات الفضائية التلفزيونية ، وشهد اهتماما وانتشارا لاجهزة الكمبيوتر التي كانت مقتصرة على الطبقات الغنية في مجتمعاتنا ، وصار الخبر في اقصى الشرق يصل الى كل منزل في اقصى الغرب بفارق اجزاء من الثانية .
ولم تستطع الحكومات العربية منع دخول العولمة هذه الى كل بيت والى كل غرفة من غرف المنزل الواحد فيها ، فكان ذلك اعلانا ببدء مرحلة جديدة من الحرب على الادمغة ومن خلالها على الاوطان بالرغم مماتحمله العولمة من محاسن لسنا بصدد دراستها ، لكن مايهمنا في هذا البحث هو الجوانب السلبية التي اوصلتنا الى ماوصلنا اليه اليوم من تغيير في المفاهيم والمصطلحات والثوابت والمعتقدات والاخلاق وغيرها …
وكانت محطة الجزيرة الفضائية هي الرائد في هذا التغيير وفي نشر الافكار التي ارادها اعداء الامة ان تنتشر بيننا وبين ابنائنا خاصة اذا ادركنا ان نسبة الجهل والامية ، ونسبة الابتعاد عن القراءة والكتاب بلغت نسبة عالية جدا في مجتمعاتنا شكلت ارضية خصبة لزراعة الافكار والمعتقدات .
واولى هذه الاخطار كانت في ان يعتاد العربي على مشاهد القتل والدماء وخاصة في فلسطين المحتلة ، ولذلك لم يعد المواطن العربي المنهزم اصلا امام اتجاه السلام مع اسرائيل يتأثر حين مشاهدته للقتل الصهيوني لابناء فلسطين لكنه ظل متعاطفا معها وهناك فرق بين التأثر الذي يؤدي الى النهوض والمقاومة والدفاع والعودة لطلب الكفاح المسلح وبين التعاطف مع هذه المجازر والدعاء لاهل فلسطين بالتحرر والخلاص ، لان الوضع الاول ثوري تحرري حقيقي مقاوم والوضع الثاني استسلامي انهزامي . هنا لابد لنا ان نذكر بأن القوى الفاسدة من المتنفذين هي التي ساهمت مساهمة فعالة في ادخال وسائل العولمة الى كل بيت عربي تحت ذريعة التطور ومواكبة العصر لكنها كانت غطاء للبحث عن الاثراء السريع واغتنام الفرص مهما كانت النتائج.
ومع انتشار الانترنت في العالم العربي بدأ الضخ الاعلامي المدروس الذي تشرف عليه اجهزة عالمية كبرى متخصصة في علوم النفس والاعلام تبث سمومها وتنشر افكارها فتقلب الحق باطلا وتخون الشريف الذي يقف في وجه مصالحها وترفع الوضيع الخائن المتعامل معها لتجعل منه قدوة ومثالا يحتذى به .
وفي دخول الانترنت الى كل منزل والى كل جيب وحقيبة ومكان كان الخطر الاكبر في تفتيت اللحمة الاجتماعية في الاسرة الواحدة وهي البنية واللبنة الاولى في بناء المجتمعات ، وبدأ العمل على هدم اخلاق الامة والافراد ونشر الفاحشة والرذيلة من خلال المواقع الاباحية المجانية التي يستطيع اي شخص ان يصل اليها بسهولة عبر الفضائيات ومحركات البحث الالكترونية .
فاذا اردت ان تهدم امة عليك العمل على هدم ثوابتها واخلاقها ومعتقداتها .
يتبع في الجزء الحادي عشر.