هل تشكل شبكة حقاني القريبة جدا من جهاز المخابرات الباكستانية القناة الوحيدة لمرور مشاريع الحلول بعدما تعثر الحوار المباشر في قطر؟
العميد الركن الياس فرحات | باحث في الشؤون العسكرية والإستراتيجية
فاجأت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون البعض عندما اعلنت عن عقد لقاءات أميركية مع شبكة حقاني ولكنها لم تفاجئ الكثيرين الذين كانوا يتوقعون عودة الحرارة الى الاتصالات مع الحليف السابق ضد الاتحاد السوفييتي السابق، حيث قالت كلينتون خلال لقاء على مائدة مستديرة مع مجموعة من الصحافيين الباكستانيين في إسلام آباد في سبتمبر 2011 «ان واشنطن عقدت اجتماعا استكشافيا مع شبكة حقاني الأفغانية» التي تعتبرها الولايات المتحدة العدو اللدود لها، في الوقت الذي تطالب باكستان باتخاذ نهج أكثر حزما مع هذه الشبكة، وكشفت كلينتون «أن مسؤولي الحكومة الباكستانية ساعدوا في ترتيب هذا الاجتماع وان واشنطن تواصلت ايضا مع حركة طالبان المتضامنة مع تنظيم القاعدة لاختبار مدى صدقهم بشأن البدء في عملية من شأنها أن تؤدي الى مفاوضات فعلية»، لكن قائدا في شبكة حقاني قال إن الشبكة لن تشارك بمفردها في محادثات سلام مع الولايات المتحدة، وشدد على ان طالبان يجب ان تقود هذه المفاوضات واضاف القائد حسب جريدة الحياة الصادرة في لندن: «لن يستطيع الأميركيون ايجاد حل للصراع الأفغاني حتى يجروا محادثات مع مجلس شورى طالبان». ولا يبدو من قوله انه يأبه لتحذير كلينتون من ان اجراءات صارمة ستتخذ ضد المتشددين الأفغان والباكستانيين اذا لم يتعاونوا في جهود ارساء الاستقرار في أفغانستان، جاءت انباء فتح مكتب لحركة طالبان في قطر لتنعش الامال بحوار أميركي مع طالبان يعزز من فرص الحل السياسي في أفغانستان ويضمن خروجا امنا للقوات الأميركية في اواخر عام 2014 الا ان الاعلان الاخير لحركة طالبان باقفال المكتب طرح علامات استفهام حول مستقبل الوضع في أفغانستان، هل تشكل شبكة حقاني القريبة جدا من جهاز المخابرات الباكستانية القناة الوحيدة لمرور مشاريع الحلول بعدما تعثر الحوار المباشر في قطر؟وكيف سيكون الحوار بعد كثرة غارات الطائرات الأميركية من دون طيار والتي في كثير من الاحيان اخطأت هدفها وقتلت مدنيين ابرياء، وبعد انباء عن احراق نسخ من القرآن الكريم واطلاق احد الجنود الأميركيين النار على مدنيين افغان وقتل17 شخصا ما اثار غضبا عارما في أفغانستان قد يحول دون حصول هذا الحوار؟
ماهي شبكة حقاني؟
شبكة حقاتي سوف تلعب دورا محوريا مع انتهاء الوجود الأميركي في أفغانستان؟ وحقاتي هو جلال الدين حقاني ينتمي الى قبيلة جادان في اقليم باكتيا وخوست وهو من مواليد 1950 ومن ابرز قادة المجاهدين الافغان ضد الاتحاد السوفييتي في الثمانينيات، انضم الى نظام طالبان وكان وزيرا في حكومتها وإثر سقوط النظام عام 2001 حمل السلاح ضد حكومة كابول الحليفة للولايات المتحدة وقوات الناتو (ايساف) واسس التنظيم الذي حمل اسمه «شبكة حقاني» وهي جماعة من المقاتلين تتبع حركة طالبان تعمل انطلاقا من شمال وزيرستان في المناطق القبلية الخاضعة للحكومة الاتحادية الباكستانية، يجيد حقاني اللغة العربية، واحدى زوجتيه الاثنتين من الامارات العربية، وهذا ما سهل له التواصل وجمع التبرعات، وكان مقربا من زعيم تنظيم القاعدة الراحل اسامة بن لادن، تتألف شبكة حقاني من الابناء الثلاثة الكبار لمؤسسها ويتزعمها اليوم نجله سراج الدين الذي تصفه القوات الأميركية في أفغانستان بأنه احد ألد اعدائها ورصدت واشنطن جائزة قيمتها 5 ملايين لاعتقاله ومنهم ايضا ناصر الدين حقاني وبدر الدين حقاني رئيس عمليات الشبكة، ورغم انها جزء من حركة طالبان فإن الشبكة تحتفظ بخطوطها الخاصة لقيادة العمليات، وتعرف الشبكة بشراستها في القتال حتى بمعايير «التمرد الافغاني» ويعتقد انها اول من ادخل التفجيرات الانتحارية في أفغانستان.
ويقول مسؤولون عسكريون أميركيون ان شبكة حقاني تستقطب مقاتلين أجانب من باكستان وأوزبكستان والشيشان وتركيا والشرق الأوسط، ويتهمون الشبكة بالوقوف وراء معظم الهجمات التي وقعت في شرق أفغانستان في 2008، حيث عمل نجل جلال الدين حقاني سراج الدين الذي أعلن مرارا ولاءه للملا عمر، على توسيع العمليات العسكرية التقليدية التي كان والده يشنها في خوست وباكتيا وباكتيكا الى مقاطعات شرقية أخرى مثل غازني ولوغار وورادا وصولا الى كابول، ويرتبط سراج الدين بعلاقات وثيقة مع الحركات المسلحة في أفغانستان وكبار قادة حركة طالبان، ويعتقد هؤلاء المسؤولون ايضا أن الحركة شنت بالتعاون مع الاستخبارات الباكستانية هجمات على المباني الحكومية في كابول، ونفذت هجوما انتحاريا ضد السفارة الهندية في 2008، وحاولت اغتيال الرئيس الأفغاني حميد قرضاي في ابريل 2008، وذكرت الاستخبارات الأفغانية مرة أنها كشفت مجموعة مسؤولة عن شن 6 عمليات انتحارية في كابول مرتبطة بحقاني والاستخبارات الباكستانية.
العلاقة مع باكستان
شكلت العلاقة بين المخابرات الباكستانية وحركة طالبان والمنظمات المتحالفة معها ارباكا للأميركيين وقوات الناتو في أفغانستان، كانت باكستان والمجاهدون الافغان بمن فيهم مكونات طالبان حلفاء للولايات المتحدة في حربهم ضد القوات السوفييتية التي كانت تحتل أفغانستان آنذاك، وفي مطلع التسعينيات عندما انسحب السوفييت وانهار الاتحاد السوفييتي وسقط نظام نجيب الله المتحالف مع السوفييت، تغيرت العلاقة كليا وظهرت التناقضات الثقافية والسياسية بين المجاهدين والولايات المتحدة، بعد سنوات من الاقتتال بين منظمات المجاهدين والتنازع على السلطة حيث تشكلت حركة طالبان من طلاب المدارس الدينية بدعم من المخابرات الباكستانية وخلال اقل من سنة قضت الحركة على جميع امراء الحرب من المجاهدين واستولت على السلطة في أفغانستان، ووفرت حركة طالبان ملاذا امنا لتنظيم القاعدة برئاسة اسامة بن لادن، في 11 سبتمبر 2001 ثم حدث الانقلاب الدراماتيكي في العلاقات بين الولايات المتحدة وطالبان، الولايات المتحدة تريد تسليم بن لادن زعيم تنظيم القاعدة والمسؤول عن هجمات سبتمبر ونظام طالبان يرفض، الولايات المتحدة التي تدرك تماما عمق العلاقات بين حليفتها باكستان وطالبان، شنت هجوما على أفغانستان بتأييد من المجتمع الدولي الذي أخذ بالهجمات الارهابية في 11 سبتمبر، واطاحت بنظام طالبان الذي يحمي تنظيم القاعدة الذي ينتمي اليه الجناة، وفر عناصره الى وزيرستان وهي منطقة جبلية وعرة على الحدود بين باكستان وأفغانستان، هناك احتضن جلال الدين حقاني فلول طالبان واتخذوا من تلك المنطقة ملاذا امنا وتمتعوا بحرية الحركة على الحدود بين أفغانستان وباكستان ومن ثم سيطر الارباك على العلاقات بين الفرقاء، الولايات المتحدة عدوة لطالبان وصديقة لباكستان والتي بدورها حليفة لطالبان.
كيف بدأ حقاني نشاطه واقام علاقاته؟
بدأ جلال الدين حقاني مسيرته القتالية مع الحزب الاسلامي، وعندما انشق هذا الحزب في أواخر السبعينيات، انفصل عن قلب الدين حكمتيار وانضم الى جناح يونس خالص، وبعدما اجتاح السوفييت أفغانستان لمع نجمه ورفع الى مرتبة قائد ميداني، وفي ذلك الوقت كان حقاني في باكستان مع مجاهدين آخرين وتلقى دعما مميزا من وكالة المخابرات الأميركية «سي آي ايه» والمخابرات الباكستانية «اي إس اي» لينشئ ميليشياته الخاصة في منتصف الثمانينيات، ومع اندحار السوفييت عن أفغانستان، استمرت تلك العلاقة الحميمة بين «اي إس اي» وحقاني وتعمقت أكثر، وأصبحت شبكة حقاني احد الأبناء المدللين لباكستان، اضافة الى «حركة لسكر طيبة» التي تنشط ضد الهند في كشمير.
كيف تنظر الولايات المتحدة الى الشبكة؟
أصبح معروفا ان شبكة حقاني تشارك بفاعلية في الهجمات ضد القوات الأميركية وقوات الناتو(ايساف) في أفغانستان كذلك ضد قوات الحكومة الافغانية المدعومة من الولايات المتحدة، وفي اطار تحضيرها لسحب قواتها من أفغانستان تعمل الولايات المتحدة على انتقال السلطة الى حكومة قرضاي وعلى ان تتولى القوات التي تخضع لامرته الأمن في البلاد بعد انسحابها، ان التحدي الاكبر لهذا الهدف هو طالبان وشبكة حقاني، ولهذا توسع القوات الأميركية عملياتها العسكرية ضد هذه التنظيمات وتستخدم المعلومات الاستخبارية التي تحصل عليها وكالة المخابرات المركزية لشن هجمات بواسطة طائرات من دون طيار والتي تصيب اهدافها احيانا لكنها تخطئ اهدافها في احيان اخرى وتقتل مدنيين وتثير سخط الشعبين الافغاني والباكستاني مما يصعب مهمتها، تواجه الولايات المتحدة صعوبة كبيرة بسبب تحالف باكستان مع طالبان وشبكة حقاني ودعمها لهما، في مناسبات عديدة اعرب العديد من المسؤولين في مراكز الابحاث السياسية الأميركية عن اقتناعهم بخطر العلاقة الباكستانية مع شبكة حقاني على مهمة الولايات المتحدة في المنطقة.
السفير الأميركي لدى أفغانستان ما بين 1989 و1992 بيتر طومسون قال ان المخابرات الباكستانية «اي إس اي» عززت علاقاتها مع شبكة حقاني بعد الاجتياح الأميركي لأفغانستان في اكتوبر 2001، وبحثت معها تشكيل السلطة في أفغانستان بعد سقوط طالبان، وينقل مدير الاستخبارات الوطنية مايك ماكونيل في 2008 عن قائد الجيش الباكستاني أشفق كياني قوله انه يعتبر شبكة حقاني حليفا استراتيجيا لباكستان، وجاء في دراسة لـ «معهد دراسات الحرب الأميركي» ان شبكة حقاني تحظى بالدعم والتعاطف في صفوف القوات المسلحة الباكستانية التي تنظر اليها على انها وسيلة تضمن من خلالها استمرار تدخلها بالشأن الأفغاني الداخلي، ولذلك قامت الشبكة في السنوات الماضية باستهداف مشاريع ومنشآت هندية في أفغانستان للحد من النفوذ الهندي في ذلك البلد، واعتبر مركز «أميركا الجديدة للدراسات» أن شبكة حقاني هي أخطر تنظيم ينشط في وزيرستان حاليا ولديها جذور قوية في المنطقة منذ ان انتقل اليها جلال الدين حقاني قادما من مدينة خوست في سبعينيات القرن الماضي للمشاركة مع المجاهدين الافغان في القتال ضد القوات العسكرية السوفيتية في أفغانستان، اما الاميرال مايك مولن رئيس هيئة الاركان المشتركة الأميركية السابق فقال في كلمة القاها في معهد كارنيغي لابحاث السلام انه خلال محادثات مع قائد الجيش الباكستاني استمرت لنحو اربع ساعات طلب من باكستان قطع علاقاتها مع شبكة حقاني واضاف «بحثنا الحاجة الى عزل شبكة حقاني وتحديدا ان تقطع المخابرات الباكستانية صلتها بالشبكة ووقف الحرب بالوكالة التي تشنها، واضاف ايضا «ان المخابرات الباكستانية كانت تفعل هذا من اجل دعم وكلاء لها لفترة محددة، انها استراتيجية دولة واعتقد انه يجب ان يتغير هذا النهج الاستراتيجي في المستقبل».
وأشار مولن في شهادة امام الكونغرس الأميركي الى أن لديه أدلة تثبت تورط جهاز الاستخبارات الباكستانى في عدة هجمات استهدفت القوات الأميركية في أفغانستان، وأن شبكة حقاني هى التي نفذت تلك الهجمات، وهي طالما كانت متهمة بالوقوف وراء العديد من الهجمات التي تتعرض لها القوات الدولية في أفغانستان ووصف الشبكة بأنها الذراع الضاربة للمخابرات الباكستانية.
في مايو 2011 اعلنت وزيرة الخارجية الأميركية كلينتون ان بلادها وضعت شبكة حقاني على لائحة المنظمات التي توصف بالارهابية واتهمتها بانها مرتبطة بتنظيم القاعدة وبانها سمحت للقاعدة باقامة معسكرات تدريب في معاقلها في وزيرستان، وخلال زيارتها الاخيرة الى باكستان في سبتمبر 2011 علم ان كلينتون ضغطت على باكستان خلال محادثات استمرت ثلاث ساعات ونصفا مع وزيرة الخارجية حنا رياني خار لدفعها لمهاجمة شبكة حقاني التي تتهمها واشنطن بالهجوم على السفارة الأميركية في كابول وابلغ السفير الأميركي في باكستان كاميرون مونتر اذاعة باكستان بأنه يوجد دليل «يربط بين شبكة حقاني والحكومة الباكستانية»، وتوقع ان تكون كلينتون قد بحثت مع الوزيرة الباكستانية ادلة على مثل هذه الروابط وخطوات محددة يمكن لباكستان ان تقوم بها، لكن الاخبار حملت ان لقاء أميركيا مع شبكة حقاني قد حصل بحضور المخابرات الباكستانية وانه في غالب الظن لم يؤد الى نتيجة، مثل هذه اللقاءات تحمل بعض الايجابيات بمجرد حصولها، هل يحمل المستقبل القريب نتائج محددة؟
توتر أميركي باكستاني
العلاقات الأميركية ـ الباكستانية مرشحة لمزيد من التوتر على خلفية اصرار الولايات المتحدة على ان تقوم باكستان بضرب شبكة حقاني التي تتخذ من وزيرستان الباكستانية ملاذا آمنا، باكستان رفضت ذلك بشدة، لأن لديها رؤيتها الخاصة في جماعة حقاني فهي مادامت لا تستهدف باكستان ومواطني باكستان فهي لا تشكل خطرا، أما أمن أفغانستان فترى انه من مسؤولية الجهات الحاكمة في أفغانستان
ولكن أميركا لم تقتنع بالرؤية الباكستانية وهي تعتقد ان شبكة حقاني خطر على جنودها وعلى الأمن في أفغانستان، ولكن يبدو أن أميركا لم تعبأ هذه المرة باعتراضات باكستان فحشدت قواتها على الحدود الباكستانية وأعدت طائرات من دون طيار في مؤشر على هجوم وشيك على مقاتلي شبكة حقاني، باكستان بدورها حذرت من أي توغل للقوات الأميركية داخل حدودها، وان أميركا قد تخسر حليفا اذا استمرت في اتهامها لإسلام آباد بالقيام بدور مزدوج في الحرب ضد التطرف والارهاب، وفي تصعيد للازمة بين البلدين هددت وزيرة الخارجية الباكستانية حنا رباني خار ان باكستان يمكن ان تنهي تحالفها الاستراتيجي مع الولايات المتحدة اذا واصلت اتهامها بدعم مجموعات ارهابية وقالت خار «مررنا للولايات المتحدة الرسالة التالية، تخسرون حليفا، لا يمكن ان تسمحوا لانفسكم باثارة غضب الشعب الباكستاني» مضيفة «اذا اختاروا ان يفعلوا ذلك فسيكون على حسابهم».
وفي رد على الحشود الأميركية على الحدود الباكستانية الافغانية حذر رئيس الأركان الباكستاني أشفق كياني الولايات المتحدة من أن عليها «التفكير 10 مرات» قبل القيام بأي عمل عسكري من جانب واحد وأضاف أن على واشنطن التركيز على ارساء الاستقرار في أفغانستان بدل الدفع بباكستان لمهاجمة جماعات مسلحة في منطقة الحدود اي شبكة حقاني، وتحدث كياني في جلسة عقدها البرلمان في روالبندي «اذا ما أقنعني أحدهم بأن جميع المشاكل ستحل لو قمنا بعمل ما في اقليم شمال وزيرستان فسأقوم به غدا» وأضاف: «لو احتجنا القيام بعمل ما فسنقوم به وفقا لبرنامج نضعه نحن، ووفقا لقدراتنا»، مؤكدا أن اي سحب للمعونة الأميركية لن يؤثر على القدرات الدفاعية لبلاده ودافع خلال الجلسة عن الاتصالات الباكستانية بشبكة حقاني لأنها «مفيدة من حيث جمع المعلومات الاستخبارية».
ودخل الرئيس الأفغاني حامد قرضاي على خط التوتر وقال في حديث تلفزيوني في 22 اكتوبر 2011 أن أفغانستان ستقف الى جانب باكستان اذا هاجمتها الولايات المتحدة واضاف «اذا اندلعت حرب لا قدر الله، بين باكستان والولايات المتحدة، فاننا سنقف بجانب باكستان».
وأوضح «اننا أشقاء فقد وفرت باكستان لنا المأوى والحماية خلال احتلال الاتحاد السوفييتي سابقا لأفغانستان في 1989-97»، يبدو ان الولايات المتحدة علقت الهجوم الارضي وانها استعاضت عنه بغارات للطائرات من دون طيار على مواقع طالبان وشبكة حقاني وفقا لمعلوماتها الاستخبارية.
الهند الحاضرة
وفي اشارة بالغة الدلالة الى حضور العامل الهندي في هذا النزاع قال قرضاي عن احتمال تعرض باكستان لهجوم من الهند «فى حالة هجوم من أية جهة على باكستان فان أفغانستان ستقف الى جانب باكستان»، ونفى أن تكون أفغانستان والهند قد وقعتا اتفاقية شراكة استراتيجية بعد تدهور علاقات بلاده مع باكستان اثر اغتيال الزعيم الافغاني برهان الدين رباني الذي اتهمت شبكة حقاني بتدبيره وقال ان سياسات بلاده تجاه باكستان لن تمليها أية دولة أخرى، بما فيها الولايات المتحدة والهند، مضيفا «ان أفغانستان لها سياستها الخاصة، وموقفها الخاص، ووجهة نظرها الخاصة للاشياء ومن هذه الوجهة نتعامل مع أشقائنا في باكستان».
تحضر الهند في كل تفاصيل الازمات الباكستانية ـ الافغانية ولن ينفع السياسيين والمحللين تجاهلها، الهند خصم باكستان التاريخي منذ تقسيم شبه القارة الهندية في اواخر اربعينيات القرن الماضي، وهي منافس قوي للصين، لم تتمكن الولايات المتحدة من الاحتواء المزدوج للهند وباكستان الا في حدود ضيقة سرعان ما تدخل الصين على الخط وتعقد الموقف، المشكلة هي كشمير، لا يبدو ان باكستان سوف تتوقف عن المطالبة بكشمير وهي تدعم الحركات المسلحة فيها لاسيما لاسكر طيبة وغيرها، ولا يبدو ايضا ان الهند بوارد التخلي عن كشمير او التسامح حيال المنظمات الارهابية التي تعمل داخلها، المسلمون المتشددون بمن فيهم حركة طالبان وشبكة حقاني يتعاطفون مع مسلمي كشمير وهم منحازون ضد الهند والى جانب باكستان، تحرص باكستان على عدم ارتماء أفغانستان في احضان الهند لان ذلك يهدد امنها القومي ولذلك تتجاذب هي والهند السيطرة على النفوذ في أفغانستان.
يحتاج الخروج الأميركي من أفغانستان المقرر اواخر 2014 الى كثير من الجهد والتحضير ليجري بشكل آمن، لا يمكن لأميركا القضاء على طالبان وشبكة حقاني من دون مساعدة باكستان ولا يمكن ضمان مساعدة باكستان الا بوعدها لحل ما في كشمير ولا يمكن للهند ان تقدم تنازلات في كشمير الا مقابل اثمان باهظة في الاقتصاد والعلاقة مع الصين ولا يبدو في الافق اي تفكير هندي بالتنازل، ان محاولة الولايات المتحدة التقرب من شبكة حقاني في حال نجاحها تشكل خرقا كبيرا لصالحها لكن المؤشرات لا تنبئ عن حصول تقدم على هذا المسار، هل ترحل الولايات المتحدة من أفغانستان لتخلف وراءها مشاريع نزاعات وحروباً لا يمكن السيطرة عليها؟