ميقاتي: اين لبنان بين القِبلتين
مبارك بيضون | رئيس تحرير مركز بيروت للأخبار
من أصبح وأمسى ولم يهتم بأمور المسلمين فليس بكامل الإيمان”، هذه المقولة لا تنطبق على المملكة العربية السعودية التي من المؤكّد أن فضلها سابق على لبنان بمسلميه ومسيحييه، لا بل على العالم الإسلامي ككل دون أيّ تفرقة. ولبنان اليوم دولة عاجزة واقعة تحت وطأة الاحتلال من قِبِلِ منظومة سياسية عرّته من كل مقومات الصمود في وجه أدنى متطلبات العيش الكريمة.
ليس من باب الصدقة ولا العطف، بل من الواجب الإسلامي والديني أن ترى المملكة ما نحن فيه، وهي القادرة على المساعدة بشتّى الوسائل دون الاقتراب من الذين أساؤوا لها بشتى الوسائل السياسية – وإن كانوا من أهل الدار- فلا يجوز التعامل بمعيار واحد، والحالة الاجتماعية المزرية أخذت تتضخم، وهي تطال طبقة عريضة بات الفقر سيدها. وكلفة المساعدة هذه بسيطة لا تتعدى تكلفة ميزانية بلدة أو قرية لا تتعدى مساحتها الـ 10452 كيلومترًا مربعًا، أو جزء يسير من 47 مليار دولار ستنفقها المملكة على النفقات العسكرية.
الهبات السعودية والمساعدات المقدمة لدول العالم تتجاوز الـ900 مليون دولار في السنة الماضية، فلماذا لم يكن للبنان أيّ حصة من هذه المساعدات؟ هل أصبحت مساعدة لبنان وشعب لبنان خاضعة للحسابات السياسية الضيقة؟
ليس من الضروري أن تنفق الأموال على دولة عاجزة عن ضبط الإنفاق، ولا حتى على جماعات غير مؤهلين لذلك، فهناك طرق عدة سهلة لمساعدات باتت حاجة ملحة وأساسية، منها المساعدات الطبية والغذائية. ومن الممكن أن يتم توزيعها بواسطة مؤسسة الجيش اللبناني والهيئات الصحية المعروفة بصدقيتها.
هذه المساعدة للشعب اللبناني الشقيق تعد قليلة ضمن إطار المساعدات التي قدمتها المملكة للبنان حكومةً وشعباً، منذ اتفاق الطائف الذي حصل برعاية كريمة من الملك فهد بن عبد العزيز رحمه الله.
لطالما كانت أيادي المملكة ممتدة للخير والعطاء دون أي شروط، ولا تردّ من طَرَق بابها، خاصة أن المملكة كانت ولا زالت البلد الشقيق للبنان الذي يحظى برعاية خاصة من قبل، وطالما كانت قِبلة الرئيس نجيب ميقاتي هي المملكة العربية السعودية، وبالتالي وجهته السياسية أيضاً، فإن التسليم لها شامل كامل بكل المفاهيم والمعايير التي على أساسها تتعاطى الدول.
أيها السياسيون والمتحكمون بالمشهد اللبناني، اسمحوا لنا بالتفتيش عن حاجاتنا، لأننا شعب عنده كرامة دفع ثمنها الكثير من التضحيات المادية والبشرية، في سبيل الإبقاء على هويته العربية، وفي مواجهة شرسة للحفاظ على كرامة تعنى بها كل دولة عربية، لأنها من المبادئ والقيم الأساسية، فالكرامة مرتبة عُليا في مراتب الشرف.
كفى لبنان دفع فواتير باهضة الثمن! وهو ما زال يدفع ويصارع من أجل البقاء، وهو يوظف طاقاته الشبابية في دول عدة، ومنها المملكة مع مواكبة كل التحولات فيها، دون أن يبخل يومًا في بذل الجهد من أجل التقدم والازدهار.. فيما طعم الغربة يلاحق الأهل إلى حين العودة إلى الديار …
لبنان بناسه الطيبين يستأهل الدعم.. ولا ينبغي أن يُترَك بجريرة فاسديه.