مقالات مختارة

تنازلات تعكس مشهداً مغايراً… وانتصار يُحاكي بدايةً مختلفة

فاطمة شكر | كاتبة واعلامية

تبدلت كل الظروف مع انتصار المقاومة في فلسطين، أحد عشر يوماً كانت كفيلةً بحسم الحرب، غزة المحاصرة انتصرت على إسرائيل بكل قوتها وجبروتها، لا السلاح ولا القصف ولا الصواريخ دفعت المقاومة الفلسطينية الى التراجع.
احتفلت المقاومة في فلسطين ومعها محور المقاومة بالنصر، لكن في المقابل انهزم العدو ومعه الدول التي طبعت معه.

الى الأمام سر في ملف المفاوضات الإيرانية – الأميركية والإتفاق النووي، تقدم ملحوظ في العلاقات السورية – الإمارتية، يقابله تخبط في الداخل «الإسرائيلي» وفشلٌ ذريع لحكومة نتنياهو، بسبب سياسته الفاشلة و ادانته بملفات فساد عديدة.

3400 وحدة سكنية و1700 مركبة و آلية كانت كفيلة بتغيير الصورة النمطية المعتادة لتعيد الى الذاكرة قضية كانت شبه منسية في الصراع العربي – «الإسرائيلي»، تبقى الولايات المتحدة الأميركية الراعي الأساس لأي حلول ممكنة بعد تعرض الإدارة الأميركية لشروطها على أساس تسوية تحصل من خلالها على تنازلات، ومن هذه التنازلات ما قاله بايدن في تصريحاته عن تمكن حماس من إعادة ترسانتها من الصواريخ في مقابل إعادة إعمار غزة وفك الحصار مع التأثير المباشر على المبادرة المصرية.

في مقابل كل ذلك يبقى محمود عباس الخاسر الأكبر في كل ما يجري بعد تأجيل الإنتخابات وعدم قدرته على إدارة الأزمة السياسية الداخلية بينه وبين الفصائل الفلسطينية، مما أدى الى استفادة نتنياهو من الأزمة الداخلية وتحريض «جمعية الإستيطان» على إستعادت بعض الأراضي والممتلكات في أراضي الـ 48 وهذا ما فتح قابلية الكيان، فكانت مشكلة الشيخ جراح البداية، ولكنها اصطدمت بحركة احتجاجية لم تكن متوقعة من جيلٍ رابع حساباته تختلف وتبتعد عن كل المناكفات السياسية الداخلية للسلطة والفصائل.

مرحلة جديدة رسمتها المقاومة في فلسطين، التضامن والوعي لدى فلسطينيي الـ 48 غير المعادلة، كشف عن عزم و قوة الشعب الفلسطيني بأن قضية فلسطين ستبقى الى أن تصبح حرة.

أجبرت بعض الدول في العالم للتضامن مع القضية الفلسطينية حيث بذلت مصر الكثير من الجهود للبحث عن هدنة، و قامت بفتح معبر رفح للجرحى وفتحت المشافي المصرية للفلسطينيين على نفقتها وأرسلت سيارات الإسعاف من أجل نقل المصابين، و أنذر الجيش المصري بأن استهداف سيارات الإسعاف وطواقمها هو اعتداء على الجيش المصري، وأعلن الرئيس المصري تبرع مصر بـ 500 مليون دولار لإعادة اعمار غزة، وقدمت القاهرة 80 شاحنة مساعدات للغزاويين.

قطر وتركيا وقفتا الى جانب فلسطين في الحرب، لكن لم يكن لهما دورٌ في إدارة التفاوض من أجل وقف الحرب، أما مصر فتدخلت من أجل وقف الحرب ومصر والسعودية. محور المقاومة في ايران ولبنان وسوريا والعراق واليمن دعموا الفلسطينيين، وهذا ما عزز دور هذه الدول وجعلها أقوى بعد النصر الذي حققته المقاومة الفلسطينية.

الكل يريد العودة من أجل رافعة تستطيع من خلالها «إسرائيل» اجراء حد أدنى من المفاوضات للحفاظ على ماء الوجه بعد فشلها العسكري، فما كان أمامها سوى تفويض حلفائها العرب ولا سيما جمهورية مصر ورعايةٍ خليجية لدولٍ أقامت التطبيع معها. مشهدٌ مألوفٌ مشتركٌ وجامعٌ في مقابل جبهة منتصرة من غزة حتى فلسطين وما سمي بنصر 2021، ففي الماضي كانت الإملاءات واليوم تتمسك «إسرائيل» بحبال الهوى بعد سقوطها داخل هزيمةٍ لم تكن تتوقعها.

اكتمل المشهد تطابق النصر في لبنان مع النصر في فلسطين، الإنتصار المفصلي الذي أنجزه الشعب الفلسطيني في معركة «سيف القدس» أرسى مفاهيم جديدة، ورسم صوراً دقيقة عن تقدم المقاومة، ولغة التطبيع التي استندت عليها «إسرائيل»، والرهان عليها تراجع بقوة بعد هذه الحرب وانتصار فلسطين.

الديار

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى