لبنان؛ الكارثة حلت والفوضى جارية، فلسطين؛ تجدد وعدها، وتركيا؛ تتخبط وتتأهب للانفجار..
ميخائيل عوض | كاتب وباحث
ازمة المحروقات في لبنان استولدت توترات واشتباكات بالأسلحة وضحايا، ومبادرات دالة كإرهاصات عما سيكون فاحتجزت صهاريج ووزعت مجانا على الناس وكذا شاحنات الحليب المفقود في الصيدليات والمحلات الوافر كالمحروقات في المخازن وعند الاحتكارين المحمين بالنظام ومنظومته المافياوية.
انفراجه لثلاثة اشهر في المشتقات النفطية من حساب الناس وبأسعار خيالية بينما الاجور تفقد المزيد من قدراتها الشرائية والفقر يتسع ومعه يسود الجوع ويعمم، والمنظومة بكامل اركانها تلهو وتتلذذ باستعباد الناس التائهة بين معارضات وموالاة وحراك من ذات الطبعة والطبيعة.
وعد المشتقات النفطية الايرانية صادق وقد اتم حزب الله المستلزمات، والسيد نصرالله استجاب لاستغاثة باسيل ووعد الا يكون في الحكومة حلا ظالما لاحد من فصائل واركان الطبقة والمنظومة في توازنات ومؤسسات النظام، واعاد التذكير بمبادئ وقيم واولويات الحزب ووقوفه الدائم الى جانب الحق والشهادة له، لكن النظام نفسه افلس وانتفت اسباب استمراره….ماذا يستطيع؟؟ هل يصلح العطار ما افسده الدهر…؟
المعارضات ومجموعات ١٧ تشرين كالمنظومة منفصلون عن الواقع يحثون الخطى والترتيبات ويبنون الشبكات والماكينات ويغدقون الوعود والاعطيات وكان الانتخابات غدا. وان غدا لناظره قريب.
يشتد تقنين الكهرباء وتلتهم فواتير المولدات الرواتب والمدخرات والادوية مفقودة وان وجدت فمنالها صعب الا للأغنياء. فماذا ينفع الترقيع وكم تصمد رقعة المشتقات الايرانية والبطاقات والمساعدات المالية للأسر الاكثر فقرا مادام الدولار قادر على شفطها وابتلاع جدواها و كل التقديمات، وللدولار حاكم متفرد متسلط مفوض من اركان المنظومة لم تقوى عليه تحذيرات السيد نصرالله ومطالبته بلجم الدولار، ولا هزت عرشه التحقيقات والأدعاث الاوروبية وتهم السرقة وتبييض الاموال ولا اثرت فيه وبشركائه تهديدات العقوبات الاوروبية، فالأزمة اعمق واشد واخطر ولا يحلها الوف كمثل روبن هود، ولا اياد بيض تعطي يمينها ما لا تعرفه يسارها.
نداءات السيد نصرالله للمحتكرين وجدت صداها عراضة مداهمات لم تغني ولا تزبد ولا بنتيجتها تم لجم الاحتكار والتخزين وتبديد الودائع والاحتياطي ورفع الدعم ات عاجلا والبطاقة التمويلية وعد برشوة وشراء ذمم واصوات في الانتخابات او لا تكون….
الانهيار والتوحش والفوضى هو الوعد الوحيد القاطع والمصير المحتوم الجارية تفاصيله يوميا وهذه المرة بوادر الشارع وشرارته وقطع الطرقات واحراق الدواليب من الجنوب وفي بيئة الثنائي على طريق المطار واستراد صيدا صور وبلدات الجنوب والبقاع …
لا امل يرجى من تشكيل الحكومة، ولا امل بانقلاب العسكر ولا فرص لتفاهمات بين الحزب والتيار للإنقاذ بانقلاب القصر، فالقديم على قدمه والتفاهمات والتحالفات ثابتة لا تهزها اعقد واعمق ازمة، والازمة التي وصفها خبراء البنك الدولي بانها الاعنف منذ قرنين، وبرغم عسفها وعصفها لم تتبدل المواقف ولا اهتم احد لما كتبه خبراء وكتاب عالمين في صحف ومجلات شهيرة بوصفهم المنظومة بأخطر مافيا قبضت على بلد وبسفور ومافياوية غير مسبوقة.
احكام الواقع وحاجات الازمنة، وحقيقة الموت بعد الشيخوخة وان طالت ستقرر وحدها مستقبل لبنان والاتية من ايامه العصيبة، فلا امل يرجى مما هو قائم ومن فصائل وكتل وقوى المنظومة وحماتها ولا يغير في الحال كثيرا زيارة وفد نيابي وسياسي لدمشق لفتح بوابات للحدود التي حاصرها قيصر وبإرادة وموافقة المنظومة واركانها وبظل صمت وقصور من اطراف محسوبة على التحالف مع سورية وفي محور المقاومة وبعضه يزعم انه متمكن وقابض على جمر النظام وتامين ديمومته على اركانه وتحاصصه، ومن خلدة واجتماع القمة الدرزية انباء واشارات بان البلاد دخلت فوضاها والوليد عاد يغازل سوريا لترتيب اموره وتأبيد زعامته فهو العارف بشؤن الانقلابات والتغيرات والقادر او المفترض نفسه الكاسب دائما وحيث تميل الريح..
المواقف والاعلانات واللقاءات ونتائجها لا حاصل لها الا تأكيد افلاس النظام وبغي المنظومة وافتقاد الكيان لوظائفه وموت الحيوية والفرادة والشطارة اللبنانية.
وقد لا يكون القول خاطئا بان اطلالة السيد نصرالله الاخيرة كانت باردة، ودفاعية وكأن حزب الله قد ايقن عجزه عن تحريك المياه الراكدة وليس له باع طويلة في تخفيف حدة العواصف والنيران المشتعلة بين حلفائه وتناقضاتهم التي بلغت درجة الانفجار، ولا هو قادر الا على اغاثة الناس بما تيسر وبما تجود به ايران وايادي الخير والعطاء، فقد ايقن انه وحليفه التيار العوني لا يقومون على قوة او مفاصل او وزن في النظام بعكس ما تخيلوا يوما وتطوعوا وقالوا، ورفعوا شعارات الاصلاح ومحاربة الفساد وكسر منظومات المافيا والافساد، فكسرتهم المنظومة وحدت من قدراتهم وهمشت برامجهم وشعاراتهم، فالفساد دولة ونظام ومنظومة مافياوية متقنة التنظيم وصلبة كمتحد ولو تباينت انتماءاتها الطائفية والمذهبية والولاءات .
لبنان في هذه الحال وقد اعجزت المنظومة العهد وهمشته وبددت سنواته وقد تمردت واعجزت حزب الله ومقاومته وحنكته وحكمته، وهمشت الجيش بل افقرت المؤسسة العسكرية حتى باتت تمد يدها طلبا للمساعدة في العواصم الغربية، وافقرت القوة العاملة في القطاع العام وطردتها الى البطالة في القطاع الخاص. فلا امل يرتجى بعد ان بقي النظام واستمر حكم المنظومة ولم تكسر اياديها وتقطع اذرعها الاخطبوطية. فالسلام على لبنان الذي كان، وعلى شعب مبدع متفرد تغنى بخصاله وبجمال بلده فدمر البلد واكل مستقبل الولد.
بانتظار ما سيكون من انفجار وفوضى وما الذي ستولده الايام تجري والحاجات تزداد والمنظومة والقوى تفقد بريقها وقوى اسنادها وحواضنها المحلية والاقليمية والدولية، وتتهاوى وعودها وتنكشف على العجز والاحباط.
وتشير الواقعات والعودة الى الساحات والشوارع وهذه المرة من طرابلس الى صور والنبطية وبيروت والضاحية يمكن الاستنتاج ان الايام الماضية كشفت عن تحولات واو قدمت مؤشرات وارهاصات نلخصها بالتالي؛
١-ثبت بالوجه الشرعي وبناتج اجتماعات قصر بعبدا وبحاصل محاولات ادارة البلاد بالفراغ وبلجان المستشارين ومجلس الدفاع الاعلى ان المنظومة اقوى وافعل فقد انتهى اجتماع القصر لمعالجة تمويل المشتقات النفطية الى التسليم لأمر حاكم المصرف المفوض من المنظومة ومفتاحها الذهبي وقد الزم فخامة الرئيس ودولة رئيس تصريف الاعمال بالتوقيع على طلب تمويل المشتقات بسعر ٣٩٠٠ ليرة للدولار، وكان له ما اراد مرة بعد مرات وباق ويتمدد.
٢-اطلالة السيد نصرالله جاءت على غير عادته وطبيعته باردة ودفاعية، وبقصد ابراء الذمة، واخبار الناس ان الدعم سيرفع والبلاد عرضة للفوضى والانهيار الامني وان الحزب فعل وسيفعل ما يستطيع في خدمة اللبنانيين ولا يعيبه شيء في خدمة الشعب، لكن العين بصيرة واليد قصيرة، والحلول وفيرة، لكن الارادة والنظام وقواعده تعاند ويستمر الافلاس، وفي تأكيده على الجيش والمؤسسات الامنية وطبيعتها ووظيفتها اشارة قد تكون ذات دلالة مستقبليه الى انها صادمة لأمريكا وحلفائه اللذين راهنوا على صراع ابناء الشعب الواحد في الثلاثية الذهبية فطمن ان هذا لن يحصل ابدا.
٣-شارع اليوم والاتية من الايام اختلف وسيختلف عن شارع ما بعد سحب الكتلة الشيعية من ١٧ تشرين في حراكه ومطالبه وشعاراته فقد اختبرت الناس فرقاء ١٤ اذار في الشارع وتعرفهم في السلطة والفساد، واختبرت منظماتngos واخواتها من مجموعات واحزاب عنتريات الواتس اب واللاهثين خلف الانتداب والتسلق والانتهازية، والخلاف الجوهري يكمن بان اصحاب المصلحة الحقيقة في التغير والكتل الاجتماعية الاكثر تضررا هي التي ستسود وتقرر التحركات ومطالبها وشعاراتها وليس غرف سوداء وسفارات وموظفي شبكات التواصل.
٤-زمن الفوضى وتجلياتها قد ازف، والعين على بقاء وتماسك المؤسسة العسكرية والامنية فالإدارات المدنية وموظفي القطاع العام انقطعوا وسينقطعون عن الدوام لسبب الازمة والبنزين وتبخر الرواتب والمدخرات .
فلسطين تتناهب والضفة الغربية مفتاح الربط والحل؛
فلسطين على وعدها، الصمود والثبات والمقاومة وجاهزية القتال والانذار لستون يوما على لسان قائد حماس السنوار فلا مصر وجهودها اثمرت مصالحة فلسطينية فلسطينية ولا جولات مبعوثي القاهرة انتجت تحويل وقف النار الى هدنة ثابتة ومديدة والسبب ان حكومة بنيت مفككه وعاجزة ومازومة، ونتنياهو قرر اسقاطها واطلق العنان للمستوطنين والمتطرفين لزيادة اعتداءاتهم طلبا لمواجهة تسقط وريثه كما اسقطته وبذات النار والصواريخ والاسباب، وامريكا التي انشغلت بقمم بايدن تزيد من انسحاباتها وتسحب عسكرها وبطاريات الدفاع الجوي من العراق والاردن والخليج وتسرب ابناء عن عزم ادارة بايدن سحب اعترافها بضم الجولان السوري المحتل في اشارة قوية لتخليها عن الكيان الاسرائيلي وتركه يواجه مصيره بعد ان باتت كلفته اعلى بكثير من جدواه.
وغباء اجهزة دايتون وسلطة ادارة سجون ومعازل الضفة الغربية تؤكد انفصالها عن الواقع وانشغالها بالاستجابة لأوام الامن الاسرائيلي فتغتال بوضح النهار وبطريقة حمقاء واستفزازية احد رموز الحرية والثقافة الموسوعية في الضفة” الشهيد بنات” بمجرد انه ناقد يرفع الصوت، في وجه المحتل وادواته من مستعربي سلطة ابو مازن، ما استدرج ويستدرج نقمة شعبية تتضاعف اسبابها وعناصرها لتبلغ انتفاضة عاتية تقتلع سلطة ابو مازن ومؤسساتها الدايتونية فالشعب الذي قهر نتنياهو واعاد القضية الى جوهرها وكنس ٧٢ من عمر الكيان الاسرائيلي ومن نتائج الحروب والتسويات والصفقات والتطبيع والتحالفات لن يعجز عن سحق اشباه زعماء واشباه اجهزة ومؤسسات وهياكل خاوية من الوطنية انتدبت نفسها للخيانة والتآمر وبلغت فيها العدوانية القتل بدم بارد لإسكات الاصوات وقمع الحريات والراي وهذه حتى فتح والمنظمة وفصائلها لا تتحملها فكيف بشعب الجبارين.
فلسطين ال٤٨ مازالت لاهبة وتقاتل وتقاوم بصبر وثبات وايمان عميق بالنصر، وغزة تستعد وتهدد وتنذر بالأيام الستين، والشرارة تشتعل في الضفة والضفة بيضة القبان وانفجارها في وجه سلطة ابو مازن ستكون لحظة الشروع بتحقيق وعد فلسطين بالعودة الى عروبتها ولن يطول زمن تحقيق الوعد، فالضفة تتحفز وقد اختمرت وستنفجر.
تركيا؛ زمن الاوهام ولى والازمات تتزاحم
لم تفلح رهانات الرئيس اردوغان على قمة الصورة مع بايدن لتذليل العقبات وعودة المياه الى مجاريها في العلاقات التركية الامريكية، ومسالة اس ٤٠٠ وطائرات ال ف٣٥ على حالها، واردوغان عالق في المأزق الذي وضع تركيا في زاويته الضيقة. فان اطاع بايدن خسر بوتن وان اطاع بوتين خسر بايدن وبوتن وبايدن على ذات قواعد الاشتباك وقد يشتد وعرض اردوغان لإغراء بايدن وافتتانه بتلزيم تركيا وجيشها العثماني المسلح من المرتزقة ضمان كابول ومطارها بعد انسحاب امريكا والاطلسي مهزومان، والطالبان تجتاح افغانستان وتستعد لتحرير كابول صدمت اردوغان واوهامه العثمانية فأعلنت انها ستعامل القوات التركية كقوات اطلسية غازية ولن تنخدع بمزاعم تركيا الاسلامية السنية وكانت الصدمة اشد عندما رفضت باكستان ان تستضيف خبراء أمريكيين لتدريب الوحدات الخاصة الافغانية والصدمة الاهم جاءت من دعوة موسكو دول جوار افغانستان؛ باكستان وايران للبحث في مستقبل افغانستان بعد فرار أمريكا والناتو ولم يرد اسم تركيا بين الدول المدعوة ما دفع بوزير الدفاع التركي ومسؤولين برلمانيين لمحاولة سحب العرض الاردوغاني امام بايدن بالقول؛ ان التزام تركيا امن كابول ومطارها مرهون بموافقة طالبان ودول الجوار والاسناد المالي والعسكري الامريكي والدولي وايضا بقرار من البرلمان، القرار شبه المستحيل في واقع تركيا وازماتها وما يعانيه حزب اردوغان وانهيار شعبيته وشعبية الرئيس وتسارع انهيار العملة التركية وبلوغ قطاع السياحة حافة الافلاس والاقفال لولا مبادرة بوتن لإنقاذه بالإجازة للشركات السياحية الروسية بتنظيم الرحلات لتركيا، فمرة ثانية يهب بوتين لإمداد اردوغان بالأمصال والمهدئات بانتظار ما سيكون، ومن غير المعروف عن بوتين انه يقدم هدايا مجانية وخدمات بلا طلبات خاصة لمن غدر به مرة بعد مرة وناور وداور وماطل في الملف السوري والليبي وباق الملفات.