كتب محمود بري | شيء من التشاؤم
محمود بري | كاتب وباحث لبناني
إلى أين تمضي بنا مُجريات هذا الويل الناشط؟
الأوضاع تنزلق بنا نحو متاهات شديدة الخطورة في ظل انهيار كل ضوابط التحكم بالازمات المتنامية على خلفية الصراع القائم على ترشيح سليمان فرنجية. هذا الصراع الذي يُعبّد طريقاً جديداً لجلجلة احتضار التحالف بين الحزب والتيار، ما لا بدّ له إن حصل، أن يدفع بمشروع اختيار رئيس للبلاد إلى حفرة أعمق وأضد هولاً، في بلد زلزاله مُقيم فيه بانتظار إشارة الكارثة.
مع كل أسبوع يطلع ينتظر اللبناني بُشرى تبدو في دائرة الاستحالة. فالحرب مستعرة بين المصارف والقضاء، والناس “يتشدّقون” ، عُمّالاً وموظفين ومتقاعدين بالنزول إلى الشارع… بينما تتزايد سُرعة ويلات التمديد لحاكم مصرف لبنان في حين أن الحراك التسووي متعثّر و”الطلقة في بيت النار”، والأمور على مختلف المستويات خرجت عن سيطرة السلطات والأجهزة المعنية، نتيجة عجز فاضح عن المعالجة أو عن احتواء ما تزيد استحالة احتوائه. حجم الخلافات بين المكونات السياسية يتضاعف، والعنتريات الحمقاء تُذكي ما تحت الرماد، ولا عاقل يمدّ يداً خضراء أو يُطلق كلمة سواء في بلد فقد كل مقوّماته وتحلّلت دولته وانهار فيه منطق الخلاص. كل هذا ولا طرف يُبدي أي ميل “كاريتاسي” للتنازل ولو قيد أنملة عن مصالحه.
فإلى أين من كل هذا؟
ليس إلى حرب أهلية طبعاً ولا إلى مصالحة وطنية. وما بين الحدّين يتواصل الزلزال المُعتمل تحت أقدام الجميع، بينما الأجندات استدارت إلى إعلان نواياها السوداء بتركيز الهجمة على السياج الأخير الذي يمكنه حماية الوطن، متمثلاً بالجيش، وقد راح جنوده يتساقطون برصاص شُذّاذ الآفاق، بينما تستعر الحملة صراحة ضده كمؤسسة وكقيادة.