كتب كمال ذبيان | انتخابات رئاسة الجمهوريّة ستتكرر جلساتها الى أجل غير مُسمّى
تعويل لبناني على قمّة بايدن ـ ماكرون التي ينقصها شريك إقليمي
كمال ذبيان | كاتب وباحث لبناني
بات من المؤكد ان الشغور في رئاسة الجمهورية، سيطول الى اجل غير مسمى، اذ انتهت الجلسة الثامنة من الانتخابات الرئاسية كسابقاتها، مع تحديد رئيس مجلس النواب نبيه بري موعدا جديدا لجلسة تعقد في 8 من الشهر الحالي، وستنتج ما حصل في الجلسات السابقة، اذ يغيب التوافق الداخلي، الذي يدعو اليه الرئيس بري و «حزب الله» و»التيار الوطني الحر» ونواب آخرون، في وقت يصر كل من الحزب التقدمي الاشتراكي وحزب «القوات اللبنانية» وحزب الكتائب ونواب آخرين، على الاقتراع للمرشح ميشال معوض الذي لم يتمكن من الحصول على اصوات ثلثي مجلس النواب اي 86 نائباً.وليست المرة الاولى التي يحصل شغور في رئاسة الجمهورية، وتطول المدة التي سينتخب خلالها رئيس للجمهورية، كما حصل في الانتخابات الرئاسية السابقة التي حصلت بعد عامين ونصف العام من شغور منصب رئاسة الجمهورية، والتي تمت بتسوية داخلية، كان اركانها «تيار المستقبل» و»القوات اللبنانية» و «التيار الوطني الحر»، ولم يعترض عليها «حزب الله» الذي سمى العماد ميشال عون، واصّر عليه حتى انتخابه رئيساً للجمهورية، معتذرا من حليفه الثاني رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية، الذي كان متقدما في الوصول الى رئاسة الجمهورية بتأييد كل من بري وسعد الحريري ووليد جنبلاط، ومباركة فرنسا التي هنأه رئيسها فرنسوا هولاند في مطلع العام 2016، لكن عون انتخب في نهاية ذلك العام.من هنا، فان التطورات المرتبطة بانتخابات رئاسة الجمهورية، لا تبدو انها متجهة نحو التفاؤل، ففي الداخل اللبناني، كل فريق يقف عند شروطه حيث يرفع مؤيدو ترشيح النائب ميشال معوض، مواصفات «الرئيس السيادي»، في حين ان اطراف خط المقاومة يطالبون برئيس لا يغدر بالمقاومة ولا يطعنها في الظهر ولا يطلب نزع سلاحها، وقدم الامين العام «لحزب الله»، نموذج الرئيسين اميل لحود وميشال عون، ولن يكرر تجربة الرئيس ميشال سليمان الذي انهى عهده، بالخروج عن «اللغة الخشبية» المتمثلة بمقولة «الجيش والشعب والمقاومة»، كما وصفها.
كذلك فان الشروط المطروحة من كل فريق، لا توصل الى انتخابات رئيس للجمهورية، وتتكرر جلسات الانتخاب دون انتهاء الشغور الذي ينتظر الحوار الداخلي، كمدخل الى التوافق، لكن لا يبدو ان الاوضاع متيسرة لحصول ذلك، مع الرفض الذي جوبهت به دعوة بري الى طاولة حوار، وهو المبادر الدائم اليها، اذ رفضت الكتلتان المسيحيتان النيابيتان الحوار، لان رئاسة الجمهورية شأن مسيحي، فانكفأ رئيس مجلس النواب، تاركا لبكركي ان تتدبر امر رعيتها السياسية وفق ما تقول مصادر في «كتلة التحرير والتنمية»، التي لا تنفي ان بري متشائم في هذا الموضوع.ومع الانسداد السياسي الداخلي، في ايجاد حل او تسوية لرئاسة الجمهورية، التي كانت صناعتها تتم في الخارج، فان الانظار متجهة الى لقاء الرئيسين الاميركي جو بايدن والفرنسي ايمانويل ماكرون، الذي يضع لبنان في دائرة اهتماماته، كإرث فرنسي فيه، وان بلاده كانت وراء ولادة «دولة لبنان الكبير»، وهندسة نظامه السياسي عبر دستور 1926.وقمة بايدن – ماكرون، يجري التعويل عليها لبنانيا، ان تخرج بتسوية لرئاسة الجمهورية في لبنان، الا انهما لا يمكنهما ان يصنعا الحل، دون مقاربة الوضع الاقليمي، ورأي دول اقليمية فاعلة ومؤثرة في لبنان، كالسعودية وايران، اضافة الى رأي لدول اخرى كسوريا وقطر عربيا، اذ تحتاج التسوية الرئاسية، الى مناخ لبناني، يقابله قرار دولي – اقليمي، لاحياء تسوية، كما في استحقاقات رئاسية سابقة، التي كان القرار فيها للخارج، تنفذه قوى داخلية، وفق ما يقرأ مرجع سياسي وفق الانتخابات الرئاسية التي جرت من العام 1943، فلم يُنتخب رئيس للجمهورية، دون تسمية من الخارج، حيث يتم التداول باسماء كمرشحين محتملين، وما يمكن ان يتلقوه من دعم خارجي.فالرئاسة الاولى مؤجلة، حتى انقشاع الرؤية الخارجية، وان اللاعبين في الداخل غير مؤثرين فيها، بل هم متلقون لما سيتوافق عليه الخارج، لا سيما الدول التي لها افرقاء لبنانيون يدورون في محورها ويعملون وفق سياستها، وهذا ما يتجلى بين طرفي النزاع اللبناني – اللبناني، الموزعين بين محورين الفريق الاول، سعودي الاتجاه، الممثل بالذين يسمون انفسهم «السياديون»، وفريق ثان المسمى «بمحور المقاومة» وتدعمه ايران، ولكل من الفريقين حلفاء في الخارج.فالانتخابات الرئاسية ستتكرر كل خميس من كل اسبوع، الا في الاعياد، ولن يُفرج عنها، الا بتوافق داخلي، وهو غير ظاهر بعد او بتفاهم خارجي، وهو صعب المنال في المدى القريب.