كتاب الموقع

كتب عمر معربوني | ماذا تحقق من إملاءات مايك بومبيو في لبنان ، ومن هي مورغان اورتاغوس خليفة هوكشتاين وما هو دورها القادم ؟

عمر معربوني | باحث في الشؤون السياسية والعسكرية

ست سنوات تقريبا هي المدّة التي انقضت على زيارة وزير الخارجية الأسبق مايك بومبيو الى لبنان، ففي منتصف آذار/ مارس من العام 2019 حطّ بومبيو على أرض لبنان حاملاً معه برنامج اجتثاث حزب الله من خمسة بنود تحاول الإدارة الأميركية العمل الحثيث لتنفيذها. والبنود الخمسة هي خلاصة ما قاله بومبيو حينها للرؤساء الثلاثة ميشال عون ونبيه بري وسعد الدين الحريري مرتّبة على الشكل التالي:
1- استجابة لبنان لكامل شروط البنك الدولي وصندوق النقد الدولي عبر تنفيذ “برنامج إصلاحي” يتضمن رفع الدعم عن كل ما هو مدعوم وتحرير سعر الصرف وخصخصة القطاع العام وبيعه للقطاع الخاص.

2- ابداء لبنان كل أشكال التعاون في ملف الحدود البحرية والغاز عبر إيجاد صيغة تعاون مشترك مع الكيان الإسرائيلي وهو ما يمثل تطبيعاً مقنّعاً مع الكيان.

3- دمج النازحين السوريين في لبنان تمهيداً لتوطين جزء منهم وترحيل الجزء الآخر الى بلدان مختلفة.

4- توطين اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في لبنان بشكل نهائي.

5- اجتثاث حزب الله بشكل نهائي

حينها لم تتوافق المواقف الرسمية اللبنانية مع ما أعلنه بومبيو في تصريحاته ضد حزب الله، فقد أبلغ الرئيس ميشال عون وزير الخارجية الأميركي بأن “الحفاظ على الوحدة الوطنية والسلم الأهلي أولوية لنا” وأن “حزب الله لبناني منبثق من قاعدة شعبية تمثل واحدة من الطوائف الرئيسية” في البلاد.
وهو الأمر الذي شدد عليه أيضاً رئيس البرلمان نبيه بري الذي قال لبومبيو “حزب الله لبناني وموجود في البرلمان” وإن “مقاومته ناجمة عن الاحتلال الإسرائيلي المستمر للأراضي اللبنانية”.
وما بين موقفي عون وبري كلام مشابه قاله رئيس الحكومة سعد الحريري الذي بحث مع بومبيو ملفات أخرى غير ملف حزب الله، ومنها ترسيم خط الحدود البحري بين لبنان و”إسرائيل”، واللاجئين السوريين.
وفي تلك المرحلة كانت الإدارة الأميركية منقسمة الى قسمين:
1- قسم يدعو الى الفوضى المضبوطة (المنظمة) وهو ما لا يزال قائماً حتى لحظة كتابة هذا المقال.
2- قسم يدعو الى الفوضى الشاملة عبر مواجهة حزب الله من الداخل بشكل عنفي على ان يتم دعم فريق المواجهة الداخلية بقرارات أميركية وغربية.
والواضح أن فريق الفوضى المضبوطة (المنظمة) كان اكثر نفوذاً حيث أقنع فريق الفوضى الشاملة برأيه معللاً ذلك بأن احتمال هزيمة فريق اميركا في لبنان وفقدان اميركا لنفوذها هو أكبر بكثير من إمكانية الحاق الهزيمة بحزب الله.
حينها وبعد مواجهة بومبيو بالرفض الرسمي اللبناني كان جواب بومبيو: “إما القبول ببنوده وإما الذهاب الى جهنم” وهي العبارة التي استخدمها الرئيس عون للتعبير عمّا ينتظر لبنان واستخدمت ضدّه بشكل ممنهج ومدروس.
لم تمضِ شهور قليلة حتى كان لبنان مع “انتفاضة” او “ثورة” أو “حراك” بعناوين معيشية واهداف سياسية كان عمادها منظمات الـ “NGOs” التي ثبت ارتباط اغلبها بالسفارة الأميركية في لبنان وكانت تتحرك ضمن برنامج مدروس تمّت مواكبته من بعض أحزاب 14 آذار.
بعدها دخل لبنان في مرحلة بداية الإنهيار المتسلسل وصولاً الى ما وصلنا اليه من تدهور كبير لم يعد يصح من خلاله أن نقول أن لبنان لا يزال لبنان وتحديداً في الجانب التعريفي والوظائفي.
ولأن الكثير مما يجب أن يقال عن الإنهيار معلوم ومعروف من المفيد الآن مقاربة ما تحقق وما لم يتحقق من املاءات مايك بومبيو التي جاء بها الى لبنان.

– بما يرتبط بالبند الأول والحق يُقال استطاعت أميركا بمعاونة أتباعها السياسيين والإقتصاديين أن تحقق القسم الأكبر منه حيث تم تحت ضغط الإنهيار تحرير سعر صرف الدولار الأميركي ورفع الدعم عن كل السلع دون استثناء بانتظار البدء بتحضير ملف الخصخصة لبيع القطاع العام للقطاع الخاص المحلي والدولي تحت عنوان الإصلاحات السياسية والإدارية وهو امر متوقف بنتيجة التوازن السياسي الداخلي لكن توقفه مرتبط بإحداث الخلل في التوازن السياسي الذي سيكون المهمة الأولى والمركزية لمورغان اورتاغوس خليفة هوكشتاين .
ترافق ذلك مع عملية السطو على أموال المودعين وما ينتظرنا بما يرتبط بملف الخصخصة والذي قد يكون اكبر ضحاياه أراضي المشاعات التي تمثل 15% من مساحة لبنان وهو امر يحتاج الى مقاربة خاصة بكل تفاصيله سواء الأملاك البحرية والنهرية او الأراضي الواقعة في المدن والقرى وغيرها من الأراضي علماً بأن مساحة المشاعات في المدن ليست بالقليلة حيث يتجاوز سعر متر الأرض بين 5000 و8000 دولار أميركي والتي يمكن ان تُباع بأسعار بخسة وبشكل مفاجيء كون هذا الملف ليس تحت الضوء بشكل كافٍ .
– بما يرتبط بالبند الثاني المتعلق بالحدود البحرية والغاز جاءت الرياح بغير ما تشتهي سفن الأميركيين ومعهم “إسرائيل” حيث كان لدخول المقاومة على الخط وإرساء معادلة ردع واضحة آثار إيجابية على لبنان، وقلبت المشهد رأساً على عقب وتحقق ما تعتبره الدولة اللبنانية حقوقاً على الرغم من الإستخدام المضاد من فريق الهجمة على المقاومة، والذي يتطلب أكثر من أي وقت مضى تحصيناً لهذا الملف في الأبعاد السيادية هو بتقديري غير متوفر الآن بسبب الإنقسام السياسي العامودي الحاد ، والاعتقاد هنا ان من مهام مورغان اورتاغوس العمل مع الإسرائيليين على نسف اتفاق ترسيم الحدود البحرية والعودة من جديد الى مباحثات جديدة بعناوين جديدة ستأخذ وقتاً لكنها ستتم انطلاقاً من ابتزاز لبنان بمواضيع مختلفة ومنها على سبيل المثال لا الحصر ملف إعادة الإعمار لما تهدّم بسبب العدوان الإسرائيلي الواسع والمستمر حتى اللحظة .
– بما يتعلق بدمج النازحين السوريين في لبنان على عكس اعتقاد البعض بأن هذا البند لم يعد قائماً لا زلت اعتقد ان العمل عليه سيستمر على الرغم من التحول الكبير في سورية والتي تقع ضمن دائرة الزلزال الذي أصاب المنطقة حيث الاعتقاد الأميركي ان الوقت مناسب اكثر من أي يوم مضى في تنفيذ مشروع تفكيك سورية وتحويلها الى دويلات طائفية ، علما ان رغبة الإدارة السورية بالإبقاء على سورية الموحدة شيء وتعقيدات الناتج الحالي على الأرض شيء آخر ، ما يعني ان الاستقرار وهو ما نتمناه بعيد في المنظورين القريب والمتوسط ما يعني بقاء القسم الأكبر من النازحين في لبنان إضافة الى سبب آخر وهو ان عملية إعادة البناء ستأخذ وقتا طويلاً حيث يوجد اكثر من مليون مبنى مدمّر ، كما ان الدول الغربية لا ترغب في منح المساعدات للنازحين حال عودتهم لسورية ما سيجعل هؤلاء متمسكين بالبقاء في أماكن نزوحهم .
– بالنسبة لتوطين الفلسطينيين يتم العمل بشكل حثيث منذ عقود على إتمام الأمر وعلى الرغم من الكثير من التعقيدات التي تعترض المشروع الا انّه لا يزال يحمل أولوية الى جانب دمج النازحين السوريين تمهيدا لتوطين بعضم والهدف المركزي والاساسي هو تغيير التوازنات الديموغرافية واحداث خلل كبير فيها لتطويق حزب الله .
– بالنسبة لإجتثاث حزب الله يعتقد الأميركيون وقسماً من المراجع السياسية والحزبية المناوئة للحزب ان ما نتج عن المواجهة بين الحزب و ” إسرائيل ” يجب ان يشكل منطلقاً للبدء بعملية قد تكون طويلة ومعقدة لكنها يجب ان تبدأ للقضاء على الحزب عسكرياً وسياسياً وشعبياً من خلال نزع سلاح المقاومة وإخراج الحزب من الحكومة كمقدمة لتفكيكه وشل قدراته وهو أساس مهمام مورغان اورتاغوس الناطقة السابقة باسم وزارة الخارجية الأميركية في عهد مايك بومبيو ، والمعروف عنها التزامها امن الكيان الإسرائيلي والتي كان لها الباع الطويل سابقاً في مواكبة املاءات بومبيو مع اعتقاد من عيّنها انها تمتلك ما يفيض من الخبرة لإدارة ملف القضاء على حزب الله مستندة الى التحولات الحاصلة ، وهنا يكمن السؤال المركزي : هل لا يزال الأميركيون يعيشون مرحلة سوء تقدير الموقف ، ام ان الظروف مؤاتية لت؟ .
الجواب على هذا الأمر يرتبط بال 23 من شباط الجاري حيث سيتم تشييع السيد حسن نصرالله ما سيؤشر الى الأحجام والأبعاد التنظيمية في تنظيم التشييع وما اذا كان هناك ما هو متاح فعلاً لتحقيق سحق الحزب وانهاء قدرته على التأثير في كل الملفات .

عمر معربوني

رئيس تحرير موقع المراقب - باحث في الشؤون السياسية والعسكرية - خبير بالملف اللبناني

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى