كتب عمر معربوني | الدورُ الأميركيُّ في الاشتباكات بين قسد والعشائر
عمر معربوني | خبير عسكري خريج الأكاديمية العسكرية السوفياتية
انتشر يوم الأحد 3-9-2023 خبر مفاده أنَّ نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي، إيثان غولدريتش، وقائد عملية OIR “قوة المهام المشتركة – عملية العزم الصلب”، اللواء فويل، اجتمعوا الأحد، مع قوات ومجلس قوات سوريا الديمقراطية “قسد”، وزعماء العشائر العربية بدير الزور، لبحث التوتر بالمدينة والاتفاق على وقف العنف.
واتفقوا على أهمية معالجة مظالم سكان دير الزور، ومخاطر التدخل الخارجي في المدينة، وضرورة تجنب سقوط قتلى وجرحى في صفوف المدنيين، ووقف تصعيد العنف في أسرع وقت ممكن، وفقا لبيان ل ـ” السفارة الأميركية في سورية ” وأكد غولدريتش وفويل على أهمية الشراكة الأميركية القوية مع قوات سوريا الديمقراطية في جهود دحر تنظيم “داعش”.
كما إن عبارة لا يجب المرور عليها مرور الكرام وهي ” بيان السفارة الأميركية في سورية ” في إشارة إلى أن أميركا تعتبر ما تحتله من أرض ومن تتعامل معهم من أدوات هم سورية وليس الإدارة الرسمية السورية الممثلة بالدولة السورية كمرجعية لا تزال قائمة وفاعلة في كل المنظمات الدولية وعلى رأسها الأمم المتحدة ومجلس الأمن إضافة إلى عودة سورية للجامعة العربية.
الأمر الآخر الذي لا بدّ من التأكيد عليه وتثبيته هو أن كل من “قسد” و البعض من شيوخ وأبناء العشائر العربية يمثل أدوات متعاملة مع قوات الاحتلال الأميركي بدليل قبول هذه المرجعيات العشائرية بالجلوس مع “قسد” للتفاوض تحت السقف الأميركي ، مضافاً إلى هذا الأمر عشرات التصريحات ذات الخلفية العشائرية التي أكدت على كون ما يسمّى بقوات التحالف الدولي هي المرجعية الصالحة لأي حوار مع قسد.
انطلاقاً من هذه الوضعية لا بدّ من مقاربة الاشتباكات المستمرة بين “قسد” والعشائر بخلفية سلبية بما يرتبط بأهداف أميركا في سورية دون أن ننتظر إثبات عكس ذلك أو الرهان على أي تحوِّل في موقف ودور العشائر أقلّه لفترة ليست بالقصيرة، علماً أنه يجب التأكيد ايضاً على أن ” فزعة ” العشائر ” أتت كردٍّ على اعتقال رئيس مجلس دير الزور العسكري وهو فصيل يعمل بأمرة “قسد” تمّ توجيه اتهامات له ومن ثم تم اعتقاله وهذا كان المسبّب الرئيسي لاندلاع الاشتباكات.
قسد وللتأكيد على صحّة موقفها ووضعيتها أعلنت أن لا خلاف مع العشائر في دير الزور ونقاتل موالي تركيا، وأكدت القيادة العامة لتلك القوات المدعومة من الولايات المتحدة، في بيان يوم السبت 2-9-2023 أن محاولات تصوير الأمر على أنه قتال مع العشائر، لا يهدف إلا لخلق “الفتنة”.
وأضافت أن “عملية تعزيز الأمن تمت بناء على طلب أبناء دير الزور وشيوخ ووجهاء العشائر وهم مطلعون على مجرياتها”.
باعتقادي وعلى الرغم من العلاقة المتينة بين أميركا و ” قسد ” والتي تفضلها أميركا على العلاقة مع العشائر فإن سيطرة العشائر على مناطق واسعة كانت تحت سيطرة ” قسد ” ستُجبر الأميركيين على إعطاء دور أكبر للعشائر حتى لا يميلوا باتجاه الدولة السورية على أن يتم ذلك من خلال منحهم حصصًا أكبر من عائدات النفط كان رئيس وأعضاء قيادة مجلس دير الزور العسكري يحصلون عليها وهي سبب خلافهم مع قيادة ” قسد ” وأقصد هنا تجاوز الحصص المسموحة لهم أو المتفق عليها.
إعطاء دور أكبر للعشائر في المرحلة الحالية سيليه برأيي عملية تنظيم ل ” جيش عشائري ” طال الحديث عنه وأصبح تشكيله بعد هذه الاشتباكات أمراً أكثر واقعية وهو ما سيوكل إليه مهمة في غاية الخطورة وهي السيطرة لاحقاً على خط الحدود السورية – العراقية وهي مهمة كسيف ذي حدّين قد تؤدي إلى انقسامات عشائرية بحكم رفض بعض العشائر لهكذا مهمة وبحكم ارتباط العشائر بصلات قربى مع أخوة لهم في مناطق سيطرة الدولة بالتأكيد سيكون له تأثيره وإن كان نسبياً حتى اللحظة لكنه يمكن أن يتصاعد ويكبر في لحظة ما للعديد من الأسباب.
في الختام: لا شيء واضحًا بما يرتبط بالاصطفافات القادمة للعشائر المنضوية حتى اللحظة تحت سقف ” التحالف الدولي ” بقيادة أميركية، فقد تتبدل الاصطفافات مع أي تقدم في العلاقة بين سورية وتركيا المستمرة بينهما مفاوضات تطبيع العلاقات.
مسألة أخرى لا بدّ من الإشارة إليها وهي أنَّ الأميركيين لن يندفعوا إلى خوض معركة إقفال الحدود بين سورية والعراق بشكل متسرع قبل ضمان تنسيق عالي المستوى بين عشائر سورية وعشائر العراق بحيث تبدو المسألة وكانها مطالبة عشائرية بإقامة مناطق حكم ذاتي وهو ما يندرج في سياق مخطط الكيانات العشائرية والمذهبية الذي لا يزال حاضراً في عقل الأميركي وسلوكه من السويداء حتى الحسكة.
خاص الافضل نيوز