كتبت ليندا حمورة | هل ستقرع أجراس العودة بعد الطوفان المذهل ؟
ليندا حمورة | كاتبة وباحثة لبنانية
شهد العالم العربي اليوم حدثًا قد يكون الأكبر منذ تاريخ النزاعات الفلسطينية ( الإسرائيلية )، لم تغب عيون شعبنا اليوم عن شاشات الإعلام لمتابعة الحدث العظيم والمعركة الذكية التي أطلق عليها اسم ( عملية طوفان الأقصى ) . معركة مذهلة بكل ما للكلمة من معنى ولكن توقيتها أخذنا إلى تاريخ بعيد لمعركة مماثلة تحت اسم ” معركة أكتوبر / تشرين الكبرى ” فهل هذه صدفة أم تدبير ؟
في ٦ أكتوبر / تشرين من العام ١٩٧٣ قام المصريون والسوريون بهجمات مفاجئة على المواقع ( الإسرائيلية ) في سيناء والجولان وذلك سعياً لاستعادة الأراضي التي افتقدوها في الحرب مع ( اسرائيل ) عام ١٩٦٧، وبفعل هجماتهم تمكنوا من تحقيق تقدم كبير في المراحل الأولى من الحرب، وتدخلت آنذاك كل من الولايات المتحدة داعمة ( لإسرائيل ) والإتحاد السوفييتي الذي قدّم الدعم العسكري لكل من مصر وسوريا، حتى طلبت الولايات المتحدة من ( اسرائيل ) التهدئة ووقف عملياتها العسكرية، وانتهت الحرب في ٢٥ اكتوبر من عام ١٩٧٣ بعد نجاح المفاوضات والتسويات السياسية والعسكرية .
من منا لا يذكر اتفاقية كامب ديفيد بين مصر و( اسرائيل ) والتي أدت في نهاية المطاف إلى استعادة مصر لسيناء !
اليوم معركة غزة قائدها واحد ألا وهو الفلسطيني ممثلاً بحركة حماس وفصائل المقاومة الأخرى، وعلى ما يبدو أن هنالك أسلحة جديدة تمّ استخدامها في تلك العملية النوعية والذكية جداً ، والتي اسفرت عن مقتل اكثر من مئتي ( اسرائيلي ) وجرح أكثر من ألف مستوطن وأسر العديد من الجنود والمستوطنين والجنود … فما بين الماضي والحاضر طوفان بسرعة البرق، ست دقائق كانت كافية لإدخال الكيان الصهيوني في صدمة لا أحد يعرف عقباها، دقائق ست أدخلت ( اسرائيل ) إلى عالم جهنمي لم تكن تفكر مجرّد التفكير به، قوة وعظمة الكيان التي لطالما تحدث عنها سقطت وباتت تحت أقدام أبطال المقاومة الفلسطينية، أجل اليوم استُبدِل الحجر بالرشاش، وبدأ قانون العين بالعين والسن بالسن، فالبادي أظلم وليتلق ذلك الظالم عذاباته المدروسة في معركة طوفانها سيغرق ( اسرائيل ) ولكن هذه المرة سفينة النجاة ستُعترض قبل وصولها فأين المفر ؟
عبّر الاتحاد الأوروبي وعدد من العواصم الغربية، نهار أمس السبت، عن كامل دعمهم (لإسرائيل)، في ظل الهجوم الذي شنته حركة حماس عليها، عبر تسلل مسلحين وإطلاق آلاف الصواريخ.
وقال منسق السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، عبر حسابه على منصة إكس (تويتر سابقا): “ندين بشكل لا لبس فيه هجمات حماس” على إسرائيل. وفي موقف غير مسبوق دان الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله وزير الخارجية السعودي قتل المدنيين في غزة وأكّد رفض المملكة السعودية استهداف المدنيين العزّل وأشار إلى ضرورة تكاتف الجهود لتهدئة الأوضاع وتجنب مزيد من العنف . كما أن مصر بدورها دانت الإنتهاكات ( الإسرائيلية ) للشعب الفلسطيني، على أمل تكاتف عربي وتضامن جبار يكسر شوكة العدو الصهيوني ويبدد مساراته العدوانية .
طوفان الأقصى سيقلب مستقبل الأمة العربية رأساً على عقب، وقد يكون بوابة العبور وطريق العودة لجميع الفلسطينيين الذين يعيشون خارج أرضهم وممتلكاتهم، وهنالك تخوف من تدحرج رقعة الحرب وفتح نيرانها من الجنوب اللبناني والجنوب السوري، وهذا يعني إضعاف قوة ( إسرائيل ) وإرباكها وتخويف شعبها الذي تزاحم نهار السبت على المطارات طلباً للخروج من منطقتهم وهذا قد يهدد أمن ( إسرائيل ) أكثر فأكثر وهي الأوهن من بيت العنكبوت!
فهل ستغيّر أحداث القدس اليوم مسار التطبيع العربي ؟
إن ما تشهده غزة اليوم ما هو إلا انبلاج لفجر جديد تسطع فيه المقاومة بنورها لتضيء عتمة الظلم والاستبداد اللذين يمارسهما العدو “الاسرائيلي”على المواطنين، ويبقى السؤال هل طوفان الأقصى سيستطيع إزاحة ذلك الحجاب الذي يفصلهم عن القدس ويكشف جمال وجه الأقصى؟ فالقدس ما هي إلا اقتباسات من الإنجيل والقرآن ورغم تتابع النكبات فيها نرى أن الفلسطينيين لن يستسلموا لأنّهم أبناء الأرض المقاومة، وهم على يقين بأنّهم كالجبال الراسخة التي لن تزيحها الحروب فظلام الأمس ستجليه انتصارات متتالية ومماثلة لعملية طوفان الأقصى … أجراس العودة ستقرع وها نحن لها منتظرون.