كتبت ليندا حمورة | جنةٌ مؤجلة وجحيمٌ حاضر

ليندا حمورة | كاتبة وباحثة لبنانية*
شردت أفكاري مني، كجيشٍ انهزم في خضمّ معركة، ثم عاد يتقاتل في رأسي على جبهتين: الخير والشر.
رأيتُ شخصياتٍ تطفو في ذهني، لا وجوه لها، مجبولة بالدم والبارود، تقتل بلا رحمة، كأن الرحمة لم تُخلق قطّ في صدورهم.رفعتُ بصري إلى السماء، وناديتُ ربّي بلهفة المُستجير: يا من وسعتَ رحمتُك كلّ شيء، أأرضُك ضاقت بالرحمة حتى باتت مغمورة بالدماء؟
اضحينا نغرق في بحارٍ من دم، لا تغسلها مياهُ المحيط، ولا تُبخّرها شمسُ الظهيرة، بل تتغذى عليها الأرض، وتزدهر في شقوقها بذور الحقد والموت.
لم يكتفِ الإنسان بشرّ القتل، بل استعان بالحرق، كأن النار صارت لغةً جديدة للفهم، أو عقيدةً يستدلّ بها إلى “الحق”.
كأننا خُلقنا لنجرب الجحيم قبل أن نُحاسب عليه، وكأن الدنيا صارت مرآةً مُشققة للجحيم.
لماذا كلّ هذا الشرّ؟
هل تحوّلت الحياة إلى غابة، لكن ليس فيها حيواناتٌ، بل بشرٌ بأسنان الذئاب، وقلوبِ الحجارة؟
أما آن لهذه الغابة أن تستفيق؟
أما آن لهذا الليل أن ينجلي؟
أتساءل، وكلّي يأسٌ من الجواب، ليتني كنت أدري…
ليتني كنت أجهل التفكير، لعلّني كنت أنام قريرة البال، بعيدة عن صراعٍ لا ينتهي في عقلي، اسمه: الإنسانية
فكما قال دوستويفسكي: “الشيطان يُصارع الله، وساحة المعركة هي قلب الإنسان.”
وهكذا قلبي، لم يعد يحتمل وطأة الحرب، ولا زال يبحث عن سلامٍ يشبه النسيان… أو يشبه الرحيل
*نائب رئيس تحرير موقع المراقب