كتبت د . نازك بدير | ماذا بعد كرمان ؟
الدكتورة نازك بدير | كاتبة وباحثة لبنانية
لا يمكن قراءة تفجيرَي كرمان بمعزل عمّا يحصل في المنطقة، هذه المرّة تمّ الاعتداء على إيران داخل أراضيها بوصفها الداعم الرئيس لمحور المقاومة بعد ما يقارب أسبوع على استهداف أحد قياديها البارزين في سوريا. ولكن، ماذا حقّقت الجهة المنفّذة جرّاء استهداف زوّار الشهيد سليماني في التفجير الأوّل الذي وقع على بعد 700 متر من المزار، وما كانت نتيجة التفجير الثاني الواقع على بعد كليومتر واحد خارج مسار الزوّار وبوابات التفتيش؟
هذه الاعتداءات تأتي في سياق الحرب المفتوحة، لكن يبدو أنّ الطرف الآخر يفقد التوازن والسيطرة، نتيجة الضغوطات الداخلية التي يتعرض إليها في مجلس الحرب، يجد نفسه محاصرًا ومكشوفًا في الآن نفسه. الخسائر الفادحة التي تتكبّدها قوات الاحتلال، والخطر المحدق بنتنياهو وإدراكه أنّ مصيره” المحاكمة” ولا حلّ أمامه سوى محاولة إطالة أمد الحرب، والمضيّ في تضليل المستوطنين والجنود عبر إيهامهم أنّ أهداف الغزو هي القضاء على حماس، وتحرير الأسرى. بيد أنّ الهدف العميق الذي لا يصرّح عنه هو المحافظة على سلطته، في الوقت الذي تغرق فيه حكومة الاحتلال بالانقسامات العموديّة، إذ يعترف صراحة “يائير غولان” نائب رئيس الاحتلال السابق أنّ دولته تخوض حربًا من دون أهداف حربيّة، ولم تحقّق أي أهداف استراتيجية! ذلك كلّه، يدفع نتنياهو إلى توسيع رقعة الأهداف، رغبة في استدراج المحور إلى فتح المزيد من الجبهات، وتعميقها، وتسجيل ما يمكن أن يُسمّى انتصارات وهميّة.
قد يخطئ من يظن أنّ الجمهورية الإسلامية ستردّ على العملية بطريقة فوريّة، أو سيستطيع الجانب الإسرائيلي_ بتواطؤ مع الأميركي_ استدراجها إلى حيث يريد. هذا الشعب خبير في عجْن الصبر؛ الحائك الإيراني القادر على جعْل 1500 غرزة في سم واحد لن يصعب عليه الانتظار”لينسج” المكان والزمان الملائمَين.
قبل الأساطيل البحرية والمدرعات والميركافا 4 وصاروخ حيتس، والقنابل الذكيّة ، يبقى الصبر والثبات عاملان أساسيّان في تغيير مسارات الحروب ونتائجها.