سورية في قلب الصراع ليست لقمة سائغة في اسواق الابتياع .. الجزء 2
فهد ملحم | كاتب سوري
■ نعم لم تكن سورية لقمة سائغة فبعد نكسة حزيران جاء الرد ( في المكان والزمان المناسبين ) وكانت حرب تشرين ؛ ولم تكن لقمة سائغة عندما حاول حزب الإخوان المسلمين ” الذي زرعته بريطانيا عام 1928 من النيل بهذا البلد ؛ ولم تكن لقمة سائغة بعد انهيار المنظومة الاشتراكية حيث انهيار أكبر حليف دولي لها ؛ بل صمدت ( بأغصان لينة ذات جذور قوية أمام سيل جارف ابتداء من حرب الخليج الثانية والقرارات الصائبة التي تم اتخاذها ؛ مرورا بمسرحيات مدريد ” المعروفة نتائجها مسبقا من قبلنا لكن اضطررنا لدخول خشبة هذا المسرح لرمي الكرة بملعب الاخرين ؛ وخرجنا من هذا المسرح بزينا التقليدي وعلمنا الوطني ؛ في الوقت الذي نسي البعض كوفيته وارتدى ربطة عنق بقيت متحكمة بمسار حركته حتى تاريخه ….)
■ ظن البعض أنه برحيل حافظ الاسد حان الوقت لتكون فيه سورية لقمة سائغة لاسيما بعد استلام شاب ( ظنوه لينا مطواعا ) لكنهم ومنذ استلامه السلطة بدأوا بتلقي الصفعات :
ففي القسم الدستوري للرئيس بشار الاسد بتاريخ 17/ 7/ 2000 أكد على التزام سورية بالسلام الشامل على أساس قرارات مجلس الامن ومبدأ الارض مقابل السلام وهو خيار استراتيجي بالنسبة لسورية
■ جاءت أحداث ايلول 2001 كحدث ( يراه البعض مفتعل لتبرير الحروب الامريكية المقبلة وتكريس احاديتها القطبية ولتبرر للرأي العام كل ما ستقوم به من حروب استباقية بحجة الامن القومي الامريكي ) فظهرت مسميات جديدة وهي ” الحرب على الارهاب ” واغتنم شارون الفرصة لإقناع بوش والمحافل الدولية بأنها سورية مصدرة وراعية للحركات الارهابية !! وكلنا يتذكر ” وثيقة استراتيجية الامن القومي الامريكي ” الصادرة في ايلول لعام 2002 والتي وضعت خطط عريضة في كيفية توجيه ضربات وقائية لكل دولة ضد أمريكا ( من ليس معنا فهو ضدنا ) ومحاربة الدول المكدسة لاسلحة الدمار الشامل !! والراعية للارهاب !! و الانتقال من الردع الى الاستباق والحروب الاستباقية ..الخ
وفي الواقع إن الولايات المتحدة ومنذ ذلك الوقت ( كما يراه البض ) كانت تسعى لتطويق الصين وروسيا باعتبارهما منافسين محتملين للولايات المتحدة ؛ في حين يرى فريق آخر ان استراتيجية الولايات المتحدة بعد احداث ايلول هي محاصرة وعزل العالم الاسلامي تحت بند الحرب على الارهاب ذي الاصول الاسلامية ( بدليل الكيفية التي تم فيها معالجة الملفين الكوري الشمالي والعراقي ففي الحالة العراقية ثمة ثلاثة عناصر جوهرية واستراتيجية بالنسبة لأمريكا متوفرة في الحالة العراقية ويمكن الاستثمار بها وهي : النفط – اسرائيل – الاسلام وبناء عليه تم احتلال العراق الحائزة على أسلحة الدمار الشامل !! في حين تم المعاملة مع الملف الكوري الشمالي بالمفاوضات ….)
■ سورية كانت تعي تماما الخطورة المحدقة بها منذ مطلع الالفية الثانية ؛ وتعلم جيدا أنه ثمة ضباع غربية وشمالية تريد التهامها كل بطريقته ؛ لكنها تعاملت بذكاء وشجاعة منقطعتي النظير ؛ والحفاظ على الثوابت التي تعتبرها خطوط حمراء لجهة فلسطين والقدس وجق عودة اللاجئين الفلسطينيين بالاضافة للانسحاب الاسرائيلي الكامل حتى خطوط الرابع من حزيران لعام 1967 ( وهذا ما أكده الرئيس بشار الاسد في قمة بيروت التي عقدت في ربيع عام 2002 )
■ جاء احتلال العراق عام 2003 ( وكان ثمة تغير طفيف في موقف بعض دول الاتحاد الاوربي حيث عارضت بلجيكا وفرنسا والمانيا واللكسمبورغ هذا الغزو ثم ما لبث ان أطلق الكوبوي حبله على أعناقهم وأعادهم لحظيرته الاطلسية …..)
القوات الامريكية باتت بجانب الحدود السورية ؛ فجاء كولن باول مختالا ليفرض إملاءاته على الرئيس ( الذين اعتقدوه لينا ومطواعا ) لكن الصفعة هذه المرة كانت قوية جدا ؛ حيث قال لباول احتفظ بإملاءاتك وعد أدراجك ؛ فعلاقتنا بإيران ستبقى وحزب الله بعيوننا والقدس بوصلتنا ….
إنه قرار تاريخي وشجاع إنه قرار لا يطلقه إلا من جبلت طينته بأرض بلده وبدم شعبه ؛ تتعاقب الاحداث وتنشط أقبية المخابرات الغربية والموسادية لترتيب جديد يخرج سورية من لبنان ويحشرها في الزاوية فكان تفجير الحريري وتنشيط عملاء لبنان في الداخل لاتهام سورية واستحضار ” ميليس ” وعلى هذه الشاكلة عد وقس ؛ للوصول للقرار 1559 ؛ وبالفعل خرجت سورية من لبنان وزادت الضائقة الدولية على هذا البلد لإرضاخه وكان الاختبار الاول بعد خروج سورية هو حرب تموز ؛ فقادت سورية هذه الحرب عن بعد وأنجز رجال الله المقاومين مهمتهم بنجاح ومرغوا أنف الصهيوني بالوحل وبقيت المقاومة وبقي العرين في دمشق ؛ ولم ينجحوا في جعل سورية في خضم أقسى اللحظات الدولية لقمة سائغة …..
■ ليبدأ فصل جديد ومشروع ” برناردي ” جديد وهو مشروع لا يخدم إلا الصهاينة لاستكمال حلمهم في ترتيب نظامهم الاقليمي ؛ ولن ينجحوا بهذا المشروع إلا بضرب دمشق ؛ وليضربوا دمشق لا بد أن يخرجوها من نظامها الاقليمي العربي فبدأوا بجامعة الدول العربية وبشيوخ الفتنة كمداميك مساعدة لهذه المهمة ؛ وجيشوا الاسلامويين كوكلاء للقيام بهذه الحرب مع تسخير المنظمات الدولية ومجلس الامن وأطراف إقليمة للعمل على قدم وساق ليربحوا هذه الحرب ؛ وأهم ما كانوا يريدون تحقيقه ضرب العاصمة السياسية والعاصمة الاقتصادية لكنهم فشلوا بذلك ( الجميع يعلم ما حصل وبالتفصيل الممل خلال عشر سنوات خلت )
لكن الشيء الذي نريد تثبيته هو أن الرئيس الاسد لم يتخل عن قاسيون وقلعة حلب وأفاميا وحمص والجنوب ولن يتخلى عن الشمال ولا عن ادلب والزيتون فهي والجولان والاسكندرون ستعود مهما طالت السنون …. …
■ سورية ستبقى الصخرة الصلبة وسيعود كل شبر فيها بالنار لطالما الامين عليها القائد البشار .