بين الحياد والتفريط بالسيادة .
الدكتور رفعت بدوي | باحث في الشؤون السياسية والاستراتيجية – مستشار الرئيس سليم الحص .
اللجوء الى المراجع الدينية في لبنان بحجة انقاذ الوطن لن يؤدي الى تحقيق الدولة المدنية المنشودة، بل انه سيقودنا الى تعزيز اللعبة الطائفية والمذهبية المقيتة التي ما فتئت تفتيت الوطن.الشعب الذي يناصر المراجع السياسية التي افسدت ونهبت الوطن، او يتظاهر تأييداً للمراجع الدينية التي ما برحت وضع الخطوط الحمراء لحماية الفاسدين والمفسدين وبالاخص اولئك الذين امعنوا بسرقة وحرمان المواطن من مدخراته المصرفية والقبول بترك طلاب وشباب لبنان في بلاد الغربة مشردين على قارعة الطريق، هو شعب لن يستفز لمحاربة الجوع والفقر والفساد والسرقة، الا من منطلق طائفي ومذهبي، وهو شعب لن يكون بامكانه تحقيق التقدم والوصول الى دولة مدنية عادلة.
كم كنا نتمنى من المراجع الدينية اعلاء الصوت لاسترداد حقوق المواطن الطيب من المصارف الجائرة، ورفع ايديهم عن تغطية وحماية ومنع محاسبة الفاسدين من مدراء ونواب و وزراء ورؤساء ولاي طائفة انتموا، لا سيما حاكمية مصرف لبنان. بيد ان ما بدر من المراجع الدينية من اصرار على حماية الفاسدين وناهبي المال العام كل حسب انتمائه الطائفي امر يمنعنا عن ايلاء الثقة لتلك المرجعيات الدينية لتكون الجهة الصالحة لانقاذ لبنان.
وهنا يطرح السؤال
كيف يمكن لمرجع ديني المزج بين فكرة حياد لبنان وبين الدعوة الى عقد مؤتمر دولي لانقاذ لبنان ؟
اليست الدعوة الى مؤتمر دولي هي المعيار الى تدخل أجنبي في شؤون لبنان الداخلية الامر الذي يطيح بفكرة الحياد ويفسح المجال في التفريط بسيادة واستقلال القرار الوطني اللبناني.
ان الشعب الذي ينتفض لنصرة مرجع سياسي او ديني ومن اجل الاستقواء بقوى الاستعمار الخارجي ولا ينتفض من اجل كرامة الوطن وضمان حقوق المواطن فيه هو بدون شك شعب مشبع بالطائفية والمذهبية و بعيد عن الانتماء الوطني وهو شعب لا يأمل منه في انقاذ وطن من براثن الطائفية اسمه لبنان.