ازمة الرأسماليه
العميد الركن ناجي الزعبي – باحث أردني في الشؤون السياسية والإستراتيجية
تجابه الراسمالية ازمات شامله في الاقتصاد , والسياسة , والايدولوجيا ,ووضع النظام الراسمالي العالمي الذي يتميزبالتدهور وبتفكك اسلوب الانتاج الراسمالي والتمهيد لتوطد النظام الاشتراكي .
ان الخصائص المميزة للازمة الراسمالية هي انقسام العالم الى نظامين ، النظام الراسمالي ، والشعوب المستغلة الساعية للتحرر الوطني والقوى والتكتلات الصاعده والعالم الاشتراكي والصراع بينهما , وتفاقم قضية الاسواق , وعمل المصانع دون طاقتها بصورة مستمره , والبطالة المتزايده وازمة الرهن العقاري و المضاربات المالية المسعوره وبيع الوهم للعالم .
بدأت اول ازمات الراسمالية خلال الحرب العالمية الاولى , خصوصا بعد انهيار النظام الراسمالي الروسي ونتيجة لانقسام العالم الى نظامين ظهر تناقض جديد , بين الراسمالية المتداعيه ، والاشتراكية المتطوره .
اما الازمة الثانيه فقد ظهرت في الحرب العالمية الثانيه وخصوصا بعد انهيار النظام الراسمالي في العديد من بلدان اوروبا وآسيا التي اختارت نهج البناء الاشتراكي .
ان انهيار الراسماليه في العديد من البلدان وتحول الاشتراكية الى نظام عالمي , كان يعني الانحسار المضطرد للاستغلال الراسمالي والاضطهاد الامبريالي , وقد حرمت الراسمالية من اسواقها الواسعة في تصريف البصائع ومن مصادر المواد الخام وقوة العمل الرخيصه . ونتيجة الحرب العالميه الثانيه تكون سوق ديمقراطي عالمي جديد . وبالارتباط مع تكون السوقين العالميين الجديدين استمرت الازمة الراسمالية في التفاقم .
وقد اهتزت اكثر فاكثر اسس الامبريالية في المستعمرات والبلدان التابعه وتصاعدت الحركة التحررية لمستوى اعلى , ثم اصبحت مسالة الاطاحة بالنظام الكولونيالي ” نظام الاستعمار الامبريالي المباشر ” , وكان ذلك يعني مزيد من الانحسار لسيطرة الراسماليه واطراد وهنها وتفاقمت تناقضات الراسمالية للحد الاقصى .
ان افقار الشغيلة في البلدان الراسمالية والاثراء الاسطوري لحفنة من الاحتكاريين ادى الى تفاقم حاد بين العمل وراس المال , والى نمو هائل للحركة العمالية واشتداد قوة ونفوذ الاحزاب العمالية . كما اشتدت التناقضات بين بلدان المعسكر الراسمالي وادت الى صراع ضار على اسواق التصريف وميادين توضيف رؤوس الاموال .
واشتدت الرجعية التي يتميز بها عصر الامبرياليه , في جميع ميادين الحياة , الاجتماعية والسياسية في البلدان الراسمالية , وان سعي البرجوازية الاحتكارية لاقامة الديكتاتورية وتصفية مؤسسات الديمقراطية البرجوازية يعكس ازمة النظام السياسي للراسماليه . وتشهد الازمة العميقة للنظام الراسمالي العالمي على الزوال الحتمي للراسماليه .
دخلت الراسمالية العالمية في ازمتها العامة خلال الخمسينات . ان خصوصية هذه المرحلة الهامة هي التبدل الجذري الذي حصل في تناسب القوى على الصعيد العالمي لصالح النظام الاشتراكي العالمي . حيث تزايد انفصال بلدان عن الراسماليه وتعاظمت القوى المناضلة من اجل الاشتراكية والتقدم الاجتماعي . وازداد ضعف الامبريالية في المنافسة الاقتصاديه والسلمية مع الاشتراكيه افضى لنهوض لا سابق له في حركة التحرر الوطني ادت الى نهاية نظام السيطرة الاستعمارية المباشرة ” النظام الكولونيالي ” .
ثم نشات بعد تلك المرحلة ازمة لم ترتبط بحرب عالمية وانما في ظروف السلم والتعايش السلمي المشترك بين الدول ذات الانظمة الاجتماعية المختلفه فقد كانت سمة تلك المرحله تفاقم النقمة وعدم الاستقرار داخل دول الاقتصاد الراسمالي وتعفنه . فوتائرنمو الانتاج القلقه وعدم التشغيل الكامل للطاقات الانتاجية والازمات الاقتصادية التي تهز العالم الراسمالي دوريا” انما هي دليل ساطع على عجز الراسمالية المتعاظم عن استغلال القوى المنتجة الموجودة استغلالا كاملا ناهيك عن استخدامها الواسع لاحدث منجزات العلم والتكنيك .
بالطبع هذا لم يكن يعني ان الامبريالية كانت تراوح مكانها في حركتها الاقتصادية . فالطموح لكسب المبارة الاقتصادية مع النظام العالمي الاشتراكي , ومتطلبات التقدم العلمي التقني وبصورة رئيسية صراع المزاحمة حملت الراسماليين على تحسين الانتاج واستخدام احدث منتجات العلم والتكنيك .
اما الازمة الاخيرة فقد ابتدات منذ ظهور ازمة الرهن العقاري في اميركا مركزالراسمال المالي ومعقل الامبريالية وحصنها الحصين فقد دفع جنون وسعار السعي لزيادة الارباح البنوك الى اختيار خط مغاير لدورها الائتماني ودخولها سوق التمويل العقاري بشكل غير منضبط لا يخضع لقواعد ائتمانيه والانتقال لسوق المضاربة بسندات الدين وبالاسهم وببيع الاوهام لاسواق المال العالمية وقد سبق تلك المرحلة تطور لافت في توظيف ادوات راسمالية سعت لنهب الشعوب بعد نضوج المرحلة الراسمالية وتحالف راس المال الصناعي وراس المال المصرفي ليكونا راس المال المالي الذي استخدم المؤسسات الدولية لتسهيل تدفقه من والى هذه البدان موظفا قيم الراسمالية الليربالية مثل الديمقراطية البرلمانيه وحقوق الانسان والعدالة الاجتماعية وحقوق الطفل والمراة والحيوان والادوات كصندوق النقد والبنك الدوليين ومنظمة التجارة العالميه ومظمات المجتمع المدنييه ال ( أن جي اوز ) التي تمهد لمرحلة العولمه لتسهيل تدفق راس المال المالي من المصدر على شكل قروض ذات فوائد تفوق عوائد المنتجات الصناعية بكثير ,والى المصدر على شكل خدمة للديون ووفاء لها .
لقداستطاعت حفنة من اصحاب رؤوس الاموال من جني اموال شعب امريكا وشعوب الدنيا باسرها في اكبر عميلة خداع وبلف في التاريخ فقد وجد الشعب الاميركي وشعوب البلدان التابعة نفسهم فجاة مفلسين خاسرين لجهود سنين طوال من الكدح والرزوح تحت نير الاستغلال والفقر والعمل المضني ووجدت مؤسسات راس المال والمصانع الاميركية نفسها على قارعة الطريق فقد استطاعت ادوات راس المال من بيع الوهم وسرقة شعوبها وضخ الاموال لخزائن الطغمة مقابل عمولات وتنفيعات وحصص وعمالة ومناصب
كما ان سمات هذه المرحلة تعميق الازمة في السياسة الداخلية فقد زادت مساحة الفقر والبطالة والهوة بين من يملكون ومن لا يملكون وافلست مئات البنوك الاميركية المحلية وتفاقمت الرجعية السياسية في جميع الميادين وفي التخلي عن الحريات البرجوازية اما على المستوى الخارجي فقد اقامت الامبريالية انظمة فاشية ارهابية في العديد من البلدان وتورطت في حروب انهكت اقتصادها وزادت من حدة الازمه مثل افغانستان والعراق وقد اخذ الدور الامبريالي السابق في الشؤون الدولية في الانحسار .
كما ان الايدولوجيا البرجوازية تعاني هي الاخرى من ازمة عميقة فالتشاؤم والخوف من المستقبل والغيبة وعدم الثقة بالعلم وبقوى الانسان الخلاقة وامكانياته وانكار التقدم والافتراء على الثورية والدفاع عن نظام عبودية الاجر والاضطاد الممقوت من الشعوب فتلك الصفات المميزة لليدولوجيا الرجوازية ولم تعد الايدولوجيا البرجوازية في وضع يمكنها ان تقدم افكارا قادرة على جذب الجماهير الواسعة فهي ايدولوجيا طبقة تغادر مسرح التاريخ لذا فان افلاسها التام حتمي .